أثار مقتل القيادي في تنظيم داعش أبومحمد العدناني النقاش في واشنطن حول نجاعة عمليات اغتيال قيادات الجماعات الإرهابية، لا سيما “داعش”، في إلحاق الهزيمة بها وتقويض توجهاتها.
وينطلق المدافعون عن خيار تنفيذ الاغتيالات من مسلّمة تفيد بأن ذلك سيحرم تلك الجماعات من زعاماتها الأيديولوجية وقياداتها الميدانية.
إلا أن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن خبراء في مكافحة الإرهاب آراء تشكك في قدرة هذه العمليات على التأثير بشكل كبير على عمل المنظمات الإرهابية. ولم يجد البعض منهم أدلة كافية تثبت أن سياسة “قطع رأس” زعامات المجموعة الإرهابية ناجحة في إضعافها.
وتُرجع جينا جوردان، وهي أستاذة في جامعة جورجيا، عدم تأثّر المنظمات الإرهابية بتلك السياسة إلى عاملين؛ يتمثل الأول في الدعم الشعبي الذي تحظى به ويوفّر لها حاضنة مضمونة لجذب المزيد من القيادات، إضافة إلى ما توفّره هذه الحاضنة من تسهيل لحركتها وتأمين أماكن الاختباء واللجوء.
وترى جوردان أن قيادات الجماعات عادة ما تُقتل داخل حاضنتها الشعبية، ما يؤدي إلى المزيد من التأليب داخل هذه الحاضنات ضد القتلة على اختلاف هوياتهم.
وتستنج أنه رغم الضربات الكبرى التي تلقاها “داعش”، فإن التنظيم مازال يهيمن على مناطق واسعة، ويتدفق نحوه المتطوعون من شتى أرجاء العالم، بسبب دغدغة خطاب التنظيم لأهواء وهويات القيادات الجديدة.
وتعزو جوردان العامل الثاني إلى البيروقراطية، لأن أكثر المجموعات الإرهابية تعمل وفق نظام الشركات التعاونية ووفق قواعد إدارية وجداول رواتب.
يقطع رأس فتظهر رؤوس جديدة
وكلما كانت هذه التنظيمات مستقرة إداريا، استطاعت بسهولة تحمّل مقتل إحدى قياداتها. وكأي بيروقراطية، تعمل هذه الجماعات وفق تراتبية تنظيمية وتوزيع للمسؤوليات، ما يعني أن لكل قائد نائبا، وأن جهازها الكبير يمكن أن يعمل في حال تعطل جزء منه.
ويرى روبيرت باب، وهو أستاذ في جامعة شيكاغو، أن إسرائيل ودولا أخرى قضت أكثر من عشرين عاما مركّزة جهدها على قتل زعماء الجماعات ولم تجد النجاح المأمول. فـ”قطع رأس المنظمات الانتحارية قد يربك عملياتها بشكل مؤقت، ولكن ليس لأجل طويل”.
ويعتقد دانيال بايمان، وهو باحث في معهد بروكلين، وبعد دراسته للتجربة الإسرائيلية، أن “سياسة قتل القيادات قادت المنظمات الفلسطينية إلى اعتماد اللامركزية ما جعل خطرها أكبر”.
غير أن أحد الأبحاث التي قادها باتريك جونسون من معهد راند يدعم سياسة قتل القيادات، لكنه يجد أن تكرار الغارات ضد الإرهابيين قد يسبب في البعض من الحالات هزيمة للجماعات، لكنه يلفت إلى أن تلك الغارات لن تكون كافية لتحقيق الهزيمة.
ويدعو جونسون في دراسته إلى الانتباه إلى الجانب السياسي لدعوات الإرهابيين، بحيث لا يمكن التفرّغ تقنيا لضرب الفرع ضد مقاربة جذور الخطاب السياسي للإرهابيين.
وتلفت نيويورك تايمز إلى أن قيادي “القاعدة” في العراق أبومصعب الزرقاوي قتل عام 2006 بسبب تراجع التنظيم وضعفه،
ولم ينتج هذا الضعف عن مقتل زعيمه. وفي نفس الإطار فإن مقتل أسامة بن لادن عام 2011 جاء بعد عقد من الحرب المستمرة ضد “القاعدة”.
صحيفة العرب