ينتقل الحدث في الايام المقبلة الى الصين حيث ستنعقد قمة مجموعة العشرين، ومعه تتعاظم الآمال في إمكانية ظهور بشائر حلول لأزمات المنطقة وفي مقدمها الازمة السورية التي ستحضر بقوة، الى ملف محاربة الارهاب، إضافة الى قضايا المنطقة والعالم، في الاجتماعات التي سيعقدها كلّ من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما على هامش القمة العشرين. وإضافة الى اللقاء الذي سيجمع الرئيسين الأميركي والروسي، سيجتمع بوتين يومي السبت والاحد المقبلين، مع كل من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، ومصر عبد الفتاح السيسي، والصين شي جين بينغ. كذلك أُعلن انّ بوتين يخطط خلال مشاركته في أعمال القمة، لعقد لقاءين منفصلين مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. من جهته يعقد اوباما السبت اجتماعاً مع نظيره التركي، في وقت اعلن مسؤول عسكري اميركي انّ القوات التركية و»وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا توصّلتا الى «اتفاق غير رسمي» لوقف القتال بينهما. وتأتي هذه الاجتماعات عقب إقرار موسكو بعدم وجود تعاون حقيقي مع واشنطن بعد في شأن التسوية في سوريا، في وقت اعتبر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دو ميستورا «أنّ المشاورات الروسية ـ الأميركية التي من المتوقع أن تجري في جنيف هذا الأسبوع ستكون حاسمة في ما يخصّ استئناف نظام التهدئة في سوريا». وتزامنت هذه التطورات مع حديث مصدر أمني سوري لوكالة «سبوتنيك» الروسية عن انّ رئيس مكتب الامن القومي السوري اللواء علي مملوك سيزور موسكو الأسبوع المقبل.
في ظل هذه الأحداث السياسية الدولية، والتطورات المتسارعة في الميدان السوري، حافظ المشهد اللبناني على تعقيداته الرئاسية والحكومية، وبَدا انّ البلاد تنحو الى مزيد من التأزم في ضوء استمرار غياب ايّ خرق في عقدة انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصاً في ظل استمرار السجال بين «حزب الله» وتيار«المستقبل» والاتهامات المتبادلة بالتعطيل، من جهة، وتصلّب «التيار الوطني الحر» بمواقفه التي اضاف اليها أمس تلويحاً بمقاطعة اعمال طاولة الحوار الوطني اذا لم يتم توحيد المفاهيم الميثاقية وقواعد تطبيقها بين كل المكونات اللبنانية، وعزماً على الطعن بالمراسيم التي أقرّت في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي والتي تحتاج إلى تواقيع جميع الوزراء. كذلك فإنّ مشهد النفايات على حاله في انتظار نتائج اجتماع لجنة المال والموازنة مع اتحاد بلديات المتن وكسروان اليوم.

بري

في هذا الوقت، تترقب الاوساط السياسية ما سيعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطابه اليوم خلال المهرجان الذي تقيمه حركة «أمل» في مدينة صور بعد ظهر اليوم في مناسبة الذكرى الـ38 لتغييب الامام موسى الصدر ورفقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وينتظر ان يتضمن هذا الخطاب جملة مواقف محلية واقليمية يتوقع ان يكون لها صداها في الواقع السياسي السائد.

وعشيّة هذه الذكرى اكّد بري لـ«الجمهورية» «انّ الفرصة ما تزال متاحة أمام القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها لانتخاب رئيس جمهورية في اقرب وقت ممكن، وانّ على هذه القوى ان لا تضيّع هذه الفرصة مثلما ضيّعت سابقاتها».

ولفت بري الانتباه الى «انّ كل كلام عن ربط لبنان بتطورات المنطقة، وخصوصاً ما يجري في سوريا، هو ربط في غير محله، لا بل هو غير واقعي، لأنّ اللبنانيين، وكما أنا على يقين، في يدهم الحل والربط في هذا المجال، هذا مع العلم انّ تطورات المنطقة تتسارع وأكثر من ذلك هي مفتوحة على مدى زمني طويل في غياب الحلول، خصوصاً انه قد تثبت بالملموس لدى القوى الاقليمية والدولية انّ الحل في سوريا تحديداً لا يمكن ان يكون إلّا سياسياً».

ولاحظ بري «التداخل الحاصل في أداء ومواقف القوى الاقليمية التي رافقت التدخل العسكري التركي المباشر في سوريا، والذي كشف انّ من كان مع في السابق صار ضد اليوم والعكس صحيح».

وشدد بري على انّ الحكومة ستستمر في جلساتها المعتادة، رافضاً التعليق على توجّه تكتل «التغيير والاصلاح» الى الطعن بالقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الاسبوع الماضي.

«التكتل»

وكان تكتل»التغيير والاصلاح» قرّر خلال اجتماعه الاسبوعي أمس «الطعن لدى مجلس شورى الدولة بكل المراسيم الصادرة جرّاء قرارات جلسة مجلس الوزراء الاخيرة التي تحتاج لإمضاء جميع الوزراء».

ونَبّه الى «أنّ الفصل الجديد للأزمة السياسية الذي نعيشه اليوم على الصعيد الحكومي يستوجب أن يعطى موضوع تفسير مفهوم الميثاقية الأولوية في جلسة 5 ايلول المقبلة للحوار الوطني لأنه المدخل الى حلّ كل جوانب الأزمة».

وشدد على ضرورة «توحيد المفاهيم الميثاقية وقواعد تطبيقها لأنها الضمان لشراكة فعلية وحقيقية بين المكونات اللبنانية، وهي مفتاح الحلّ لكل بند من بنود الأزمة، وإلّا نكون تحت خطر فقدان الحوار قيمته وفائدته، وبالتالي الحاجة إليه أو لزوم حضور جلساته».

بو صعب عند بري

وكانت الاتصالات بين الرابية وعين التينة استمرت أمس في محاولة لاحتواء الازمة الحكومية، فزار وزير التربية الياس بو صعب رئيس مجلس النواب، وأطلعه على موقف «التكتل» خصوصاً بعد الازمة التي مرّت بها الحكومة ومقاطعته جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، مؤكداً «جدية التعامل مع هذا الملف وجدية القرارات التي يمكن ان تتخذ في حال لم يحل هذا الموضوع».

واوضح انّ بري شرح له الموقف الذي اتخذ في جلسة الحكومة الاخيرة، متمنياً أن تتّضح مواقف الافرقاء في جلسة الحوار، مشيراً الى وجود حرص على ان يكون الجميع مشاركين في الحكومة لكي تتفعّل، وقال: «اذا كنّا غائبين عنها فلا يمكن ان تعمل الحكومة بشكل طبيعي».

جريج

في غضون ذلك، قال وزير الاعلام رمزي جريج لـ«الجمهورية»: «إنّ الطعن لدى مجلس الشورى يكون مسنداً الى مخالفة القانون». سائلاً: «أيّ قانون خالفته الحكومة بإصدار مراسيم في جلسة قانونية ونصاب الثلثين متوافر فيها؟». وقال: اعتقد انّ مراجعة من هذا النوع يجب ان يفكر «التكتل» مرات عدة قبل ان يقدّمها لأنّ مصيرها الفشل».

واكد جريج انّ جلسة مجلس الوزراء الاخيرة «هي ميثاقية بوجود عدد كبير من الوزراء المسيحيين، كما انها دستورية بسبب توافر النصاب في الجلسة».

وإذ ذكّر بأنّ وزراء «التكتل» كانوا أعلنوا انهم سيغيبون عن جلسة واحدة «كرسالة تحذير وإنذار»، أمل في «عدم حصول تصعيد وان يعودوا الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء لأنهم مكوّن أساسي ونتمنى ان تكون الحكومة مكتملة في الظروف الحاضرة، علماً انها متعثرة في اعمالها حتى ولو كانت مكتملة فكم بالحري اذا كان مكوّن أساسي بعيداً عنها؟».

ولدى سؤاله اذا كانت جلسة 8 ايلول ستشهد تمديداً لقائد الجيش العماد جان قهوجي وتعيين رئيس اركان جديد للمؤسسة العسكرية؟ أجاب جريج: «لم نتسلّم بعد جدول اعمال هذه الجلسة».

مصادر وزارية

من جهتها تساءلت مصادر وزارية «الى أيّ مدى مجلس شورى الدولة هو مرجعية صالحة للطعن بقرارات مجلس الوزراء في وجود المجلس الدستوري لأنّ الطعن هنا لا يكون بقرار، وإنما بعمل مجلس الوزراء ودستورية انعقاده، والقضايا الدستورية هي شأن المجلس الدستوري وليست شأن مجلس شورى الدولة»؟

«المستقبل»

الى ذلك، وبعد دعوات «حزب الله» المتكررة تيار»المستقبل» الى محاورة رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون ومطالبته بانتخابه رئيساً للجمهورية، وتصريح النائب حسن فضل الله الذي اعتبر فيه «أننا مُبتلون في لبنان بحزب المستقبل، حيث يوجد في داخله أفرقاء طبيعتهم المعاندة والمكابرة والمشاغبة والمزايدة والمنافسة في ما بينهم»، رَدّت كتلة «المستقبل» على الحزب، فاعتبرت بعد اجتماعها الاسبوعي امس «انّ ما يطلبه حزب الله وحلفاؤه هو بمثابة الإذعان لتعيين الشخصية التي يريدونها رئيساً للبنان بكونها تتبنى سياستهم وذلك ضد إرادة ومصالح لبنان واللبنانيين وحرية اختيارهم».

وأكّدت انّ «الانصاف يدفعنا الى القول صراحة إنّ لبنان ابتُليَ مع شعبه بحزب السلاح وحزب القمصان السود والميليشيا المسلحة الخارجة عن القوانين والأعراف، والذي يحاول تغيير نظام لبنان الديموقراطي وعيشه المشترك، بقوة القهر وفَرض الوصاية على كل أنحاء الجمهورية».