خسرت "لجين" العديد من أصدقائها في مدينة اللاذقية بسوريا كما خسرت منزلها، وهذه المرة ليس قسرا بل لسبب اختارته إراديا وغيرها لتغييب أنفسهم عن الظروف القاسية التي تشهدها البلاد حاليا نتيجة الحرب، مستعملين المخدرات التي "أثبتت أنها الحل الأمثل لشفاء أوجاعنا وأمراضنا النفسية"، على حد قول لجين.
فيما كشف ناشط من الساحل السوري، فضل عدم ذكر اسمه، عن وجود أكثر من صيدلية ومحل تجاري في مدينتي طرطوس واللاذقيّة تبيع المخدرات بشكل شبه علني، وغالباً ما تكون مدعومة ومحمية من قادة في المجموعات المحلية في كل مدينة والذين يستفيدون من أرباحها.
"لجين" شابة نزحت للمناطق الساحلية في سوريا، تقول: "لدي ما يكفي من الأصدقاء الذي يتعاطون المخدرات والمهدئات، فقد خسرت العديد منهم لهذا السبب، كما خسرت بيتي في الحرب، فهذه الظروف تسرق منا أجمل ما نملك". وتشرح "لجين" ما آل إليه أصدقاؤها قائلة: "إذا تقربت أكثر منهم ستجدهم جماعات تتشارك هذه الحبوب، فمنهم من يقول إنها تجعله ينام مطولا، وهذا جيد بالنسبة لدراستهم لأن أوقات الامتحان لا تكفي لدراسة مادة لوحدها، ومنهم من يقول بأن الحياة كئيبة فلا مانع من التمتع بها قليلا".
وهناك جماعات أخرى، على حد قول "لجين"، تنفي تعاطيها هذه المواد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه "من أين يأتون بهذه الكميات؟"، وتبين أنه "لكل جماعة رأس وصديق ممول لهذه الحبوب يملك المال الوافر لرشوة الصيدليات أو التعامل مع عصابات خطرة تملأ السوق بهذه المواد، ويمكن أن يكون هذا الشخص طالبا في كلية الطب أو الصيدلة ما يسهل الموضوع أكثر، لكن الغريب أن الشباب الذين يتعاطون بعلم أهلهم قليلون، ولا نستطيع لوم بقية الشباب فما من رقيب، فالحرب طغت على عقولهم لكن يمكننا لوم وتجريم الأهالي الذين يقبلون أن يتعاطى أبناؤهم هذا السم".
بدوره، يقول الناشط في المجال الإغاثي الطبّي الطبيب "محمد.م" إن "ظاهرة المخدرات تنتشر كالوباء وبالأخص الماريجوانا التي بات الكثير من الشبّان يجهرون بتعاطيها ويقللون من مخاطرها، وهناك من يعتبر التعاطي جزءاً من "ستايلات العصر" متناسين نتائجها الوخيمة على الجهاز العصبي، وما تسببه من تلف الخلايا الدماغيّة فكل جرعة منها سمّاً للعقل". ويستطرد قائلا: إن "الأشد خطرا في هذه الظاهرة انتشارها بين طلاب الثانوي وسط غياب رقابة الأهل ورقابة المدارس".
وحول وجود أية نشاطات أهلية أو مدنية للتوعية ومحاربة هذه الظاهرة، يوضح الطبيب، أنه مازالت النشاطات فردية وغالباً ما تواجه باستهتار شديد من قبل بعض النشطاء والمثقفين، كما أن النظام حرّم على الجميع منافذ التوعية في الساحل الحديث عن هذه الظاهرة، فهي إحدى المحظورات الكبرى لدى الجهات الأمنية التابعة للنظام.
"ح. ج"، شابة كانت تتعاطى المخدرات في السابق، روت عن آثار التعاطي على فئة الشباب، فقالت: "منهم من يتخلف عن دراسته، ومنهم من ينخرط بعصابات تمارس نشاطات خطيرة، وهناك فتيات انخرطن في جماعات جنسية تتسم بأقذر ما يمكن أن نسمعه من فظائع تصل لحد العبودية البشرية المذلّة".
وما يثير أسفها أن "هناك أكثر من حالة انتهى بها الأمر للانتحار، فقد انتشرت أخبار انتحار هؤلاء الفتيات من دون أن يتحدّث أحد عن الأسباب، كما انتشرت ظاهرة السرقات في الجامعات ومافيات تجنيد الشباب والفتيات في شتّى أنواع الأعمال".
(عربي 21)