جوليا بطرس هذا الإسم الفنيّ الحافل بالنجاحات، صاحب الصوت والرأي والقضية والتاريخ الطويل، بهذه الجملة الشعريّة أبدأ مقالتي فقط لأردّ مسبقًا على التعليقات التي ترفض إنتقادي لجوليا.
ما أكتبه هنا، لا يعبّر عن رأيي وحدي، إنما يعبر عن رأي العشرات ممن يعشقون جوليا وأغنياتها لكنهم لم يكونوا راضين عن عملها الجديد.
بعد غياب دام سنتين عن الساحة الفنية، عادت جوليا وأثارت موجة إختلاف وجهات لدى جمهورها الذّي لاحظ قسما كبيرا منه تراجعًا كبيرًا في مستوى أغانيها.
فمهرجانها شهد تكرار في بعض الأغاني خاصّة الوطنيّة، وشعر البعض بأنّ الألبوم تضمّن أغاني مماثلة لسابقاتها دون تقديم أي جديد، فكانت أغاني "قرب النّصر" و"احذر" و"رح ابقى حدّك"، بالنّسبة لهم تقليدًا لما سبقها من أغانٍ للجيش والوطن في السنوات الماضية، أما الأغاني الثانية فتنوّعت بين عاطفية وقصص أخرى، ولكن هي التي لاقت بعض الإنتقاد خاصّة فيما يتعلق بالمعاني والكلمات الركيكة.
جوليا بطرس التي غنت في السابعة عشر من عمرها للجنوب اللبناني الذي كان يرزح تحت نيران العدو الإسرائيلي والتي أظهرت الهم السياسي الذي كان بدأ يتشكل في وجدان جوليا مكنها من فرض نفسها كمطربة واحتلت موقعا مهما بين الأغاني الراقية والشعبية البسيطة البعيدة عن النزعة التجارية وهذا ما فقدته في مهرجانها.
فحين انتقلت بطرس من "الأغنية الوطنيّة" إلى "الأغنية المقاوِمة"، انتقد جزءٌ كبير من جمهورها الأمر وقسمه إلى نصفين، مفضّلًا الأغاني القديمة لإعتبارات سياسيّة وأخرى فنيّة، رغم ترجيح الكفّة للأولى.
لا أدري لماذا تصر جوليا على توريط نفسها في هذه السجالات، وعلى الغرق في وحول السياسة والتناقضات السياسية، فهي المطربة الرزينة لماذا لا تكتفي بالغناء الحماسي والوجداني لفلسطين والأطفال الفلسطينيين والأمهات والأرض؟ ولماذا لا تغني الشعوب المقهورة والضحايا الذين يسقطون هنا وهناك؟
فجوليا تملك الحرية التامة في أن تنحاز إلى جهة دون أخرى وأن تختار الطريق الذي تشاء فهذا من حقها، لكن الفنان لا يستطيع أن يقف ضد شعوب تطالب بحريتها ويفرض على المعارضين لقناعاته سماعها إذ أن الفنان ليس صوتًا جميلًا بل هو الإنسان بمثاله الأعلى بروحه ووجدانه.
ليت جوليا تخرج من " فخ " السياسة الضيقة إلى هواء الغناء الحر الذي يمنح الإنسان لا سيما العربي القدرة على الحلم والأمل.