الفايات من جديد عنوان الانقسام السياسي , بالاضافة إلى كل ملفات الفساد التي أصاحت بالحكومة والبلد
السفير :
برغم تفاقم الانقسامات الداخلية حول الكثير من الملفات الخلافية، من رئاسة الجمهورية الشاغرة، الى قانون الانتخاب المعقد، مرورا بالحكومة المتأرجحة والتعيينات المؤجلة والنفايات المتمددة ومفهوم الميثاقية المطاط.. إلا أنه يبدو أن لبنان توصل الى إنتاج موقف موحد حيال مسألة الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة وكيفية ترسيمها، بعد مداولات تمت بين الرئيس نبيه بري والقوى اللبنانية الأساسية المعنية.
وقد تبلغ الجانب الأميركي مؤخرا هذا الموقف الرسمي الموحد، وينتظر الجانب اللبناني ردا من واشنطن على ما طرحه، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه، من دون أن يعني استمرار الأخذ والرد بين بيروت والأميركيين حول الحدود البحرية أن هناك ما يبرر مواصلة التأخير في إقرار المراسيم النفطية من قبل مجلس الوزراء تمهيدا لعرض بعض «البلوكات» ومن ثم تلزيمها، خصوصا أنه لا علاقة مباشرة بين الأمرين.
ويطرح لبنان أن يتم ترسيم الخط البحري مع فلسطين المحتلة، وفق القاعدة التي سبق أن اتُّبِعت لرسم «الخط الأزرق» برًّا، بحيث يشكل القرار 1701 المظلة الوحيدة للترسيم في البحر، كما كان في البر.
ويقترح لبنان أن يتولى ضباط من الجيش و«اليونيفيل» والعدو الإسرائيلي البحث في الحدود البحرية (صيغة الناقورة)، بمعاونة خبراء فنيين، على أن تجري الاستعانة عند الضرورة بالطرف الأميركي، خصوصا في حالات الخلاف المستعصية، إنما من دون أن يكون عضوا ثابتا في اللجنة.
ويهدف الحرص الرسمي اللبناني، على إبقاء عمل لجنة ترسيم الحدود البحرية في الإطار التقني المحض، الى عدم إعطائها أبعادا أوسع من حجمها الحقيقي، وبالتالي منع أي محاولة للإيحاء بأن هناك مفاوضات ثنائية، ببطانة سياسية أو نفطية، تدور بين الكيان الإسرائيلي والدولة اللبنانية.
ومن هنا أتى الإصرار اللبناني على أن يكون هناك ممثل عن «اليونيفيل» (لا عن الأمم المتحدة في نيويورك كما كان مقترحا)، تجنبا لأي تأويلات أو تفسيرات «خبيثة».
ويؤكد بري أمام زواره أن الأمور في الملف النفطي تتقدم، معربا عن ارتياحه لكون الأطراف الداخلية استطاعت تظهير موقف موحد من قضية ترسيم الحدود البحرية، ومشددا على أن القرار 1701 يجب أن يكون الإطار الوحيد لعملية الترسيم.
وأوضح أن لبنان نقل وجهة نظره الى الجانب الأميركي، مؤكدا أنه لا يجوز في انتظار حسم الخلاف الحدودي أن نبقى مكبلين، داعيا الى المباشرة في عرض «البلوكات»، مع ما يستوجبه ذلك من إسراع الحكومة في إقرار المراسيم التطبيقية، من دون أي إبطاء إضافي.
وأشار الى أن العمل الديبلوماسي لحماية حقوقنا البحرية النفطية يتكامل مع دور المقاومة، لافتا الانتباه الى أن الخطاب الأخير للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ساهم في دفع إسرائيل الى الإعلان عن نيتها تجميد التنقيب عن الغاز في النقاط البحرية المتنازع عليها مع لبنان.
الموازنة في ملعب الحكومة
وفي سياق آخر، اعتبر بري أن موضوع الموازنة العامة لا يقل أهمية عن الملف النفطي، بل يكاد يكون في هذه اللحظة أكثر أهمية، مشيرا الى أن الوزير علي حسن خليل أدى واجبه ورفع الى الحكومة مشروع قانون موازنة 2017 ضمن المهلة الدستورية، وبالتالي فإن الكرة باتت الآن في ملعب مجلس الوزراء المعني بدرس المشروع وإقراره ومن ثم إحالته الى مجلس النواب الذي يجب أن ينعقد لإقرار الموازنة، وإذا لم يحصل هذا السيناريو، فإن على الحكومة عندها إصدار الموازنة بمرسوم.
وعما إذا كان يستعد لإطلاق مبادرة ما في خطاب 31 آب لمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، قال بري: «وهل أنا ولّادة مبادرات، حتى أُطلِق كل يوم مبادرة جديدة.. لقد طرحت ما لدي، وعلى القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها».
وبالنسبة الى مستقبل الحكومة في ظل مقاطعة «تكتل التغيير والإصلاح» لها، اعتبر بري أنه من المفترض أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته كالمعتاد في الأسبوع المقبل، وأنا أعتقد بأن عليه أن يتخذ القرارات المناسبة في الأمور العادية والمهمة، على حد سواء، ولكن دعونا ننتظر عودة الرئيس تمام سلام من الإجازة، ونستكشف ما في جعبته.
وهل لا تزال عند رأيك في أن انتخاب رئيس الجمهورية ممكن قبل نهاية العام الحالي؟ يجيب بري: على مسؤوليتي، أؤكد بل أضمن أن انتخاب الرئيس سيتم إذا جرى إقرار السلة المتكاملة..
وعن احتمال التمديد مجددا لمجلس النواب، يجزم بري بأن احتمال التمديد غير وارد بتاتا، تحت أي ظرف، وهو من سابع المستحيلات، علما أن التمديد سابقا حصل على مضض وأنا شخصيا لم أكن أحبذه.
باسيل: سنتصدى للتمديد بالشارع
من جهته، أبدى رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل خلال جولة له في بعض قرى الشريط الحدودي تخوفه من التمديد مجددا للمجلس النيابي، قائلا: لقد مددوا مرتين، وإذا حاولوا التمديد للمرة الثالثة فسنمنعهم ليس في مجلس النواب بل في الشارع.
وتابع: «اسألوا حركة أمل وحزب الله، هل يعتبران أن هناك ميثاقية إذا مثّلهما عقاب صقر وغازي يوسف؟ وأيضا تيار المستقبل هل يعتبر إذا مثله النائب قاسم هاشم وكامل الرفاعي أو وليد سكرية أن هناك ميثاقية؟ إذا كنتم تجدون في هذا التمثيل ميثاقية، فنحن نرضى من الآن بأن (اليس) شبطيني و(نبيل) دوفريج يؤمّنان الميثاقية في الحكومة».
النفايات تتمدد.. واجتماع حاسم اليوم
على خط آخر، تستمر أزمة النفايات في التفاقم في المتن وبعض مناطق كسروان وبعبدا، مع تكدس أكوام القمامة على الطرق، فيما يستمر عدد من محازبي «الكتائب» في منع استكمال الأشغال في مطمر برج حمود، من خلال اعتصامهم المفتوح في المكان.
وبينما يُعقد اليوم في مجلس النواب اجتماع للبحث في الأزمة بدعوة من النائب ابراهيم كنعان، وبحضور الوزير أكرم شهيب والنواب المعنيين ومجلس الإنماء والإعمار ورؤساء البلديات، قال شهيب لـ «السفير»: إذا كان هناك قرار متخذ في السياسة من قبل حزب الكتائب بتعطيل خطة الحكومة، فالأفضل ألا نُضيّع وقتنا في نقاش عبثي، أما إذا كانت لديهم ملاحظات موضوعية على المستويين البيئي والصحي لتحسين آليات الخطة فنحن لدينا كل الاستعداد للبحث فيها والأخذ بما نعتقد أنه قابل للتطبيق.
النهار :
جمعة حرزانة" اليوم كما وصفها رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان لـ "النهار" يمكن ان تقود الى حل لمشكلة النفايات التي عادت فتراكمت في شوارع المتن الشمالي وكسروان.
الهم البيئي تقدم كل السياسة المستمرة في متاهات وزواريب تنتظر مواعيد متكررة لحوارات لم تتقدم الى اليوم، ولم تثمر اقرار "سلة" الرئيس نبيه بري. واذا كان الاخير يطلق المبادرة تلو الاخرى، فانه من غير المتوقع ان يطلق جديداً في مهرجان الامام موسى الصدر بعد غد الاربعاء على أساس "انه ليس ولادة لاطلاق مبادرة كل يوم" كما قال امس.
اما كنعان، فقال لـ"النهار" ان اجتماع اللجنة النيابية اليوم سيحضره الوزير اكرم شهيب والنائب سامي الجميل والنائب أغوب بقرادونيان وممثلون لمجلس الانماء والاعمار، وسيشكل فرصة لعرض كل الافكار والاعتراضات، لان همنا الاول عدم ترك النفايات في الشارع، والثاني عدم تحويل ساحل المتن مكباً. واذا كانت خطة الحكومة ناقصة أو لم تنفذ، فعلينا استكمالها أو تعديلها. واذا كان هناك تطبيق ناقص فمعناه مخالفة لقرار الحكومة. علينا ان نتحقق من كل شيء، ونسعى الى الخطة الاشمل القائمة على انشاء معامل لانتاج الطاقة من النفايات، وتحقيق اللامركزية في المعالجة، وهذا الامر يتطلب سنوات ما يعني اننا في حاجة ماسة الى خطة مرحلية ورقابة على التنفيذ.
الخطة الحكومية
في المقابل، أبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الحكومة متمسكة بخطتها للنفايات ليس لإنها رافضة لإعادة النظر فيها، بل لإنها تعتبرها الافضل لمنع عودة النفايات الى الشوارع. أضافت ان الحكومة بشخص رئيسها أكدت رفضها طلب بلدية بيروت فصل معالجة نفايات المدينة عن الخطة العامة إنطلاقا من تمسكها بالخطة، علما ان الموضوع هدد بنشوء أزمة في العلاقات بين الرئيس تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق الداعم لمطلب بلدية العاصمة. وتحدثت عن محاولة أطراف إيجاد مطامر جديدة بالتنسيق مع شركات ليست لها تجربة في هذا المجال تحت ستار اللامركزية بدعم من جهات كانت في السابق رافضة للامركزية في خطة الوزير شهيب الاولى. وأشارت الى وجود تنافس بين كارتيل شركات النفايات وكارتيل شركات النفط على ساحل برج حمود، كما ان هناك مجمعاً تجارياً كبيراً لديه خطة للتمدد على هذا الساحل ويريد إقفال مطمر برج حمود. وأضافت ان الوزير شهيب سيشدد اليوم في إجتماع لجنة المال والموازنة على التمسك بخطة الحكومة وسيحمل معارضيها تبعة تفاقم أزمة النفايات في الاشرفية والمتن وكسروان. وتوقعت صدور موقف مشترك عن إتحاد بلديات المتن مع بلدية برج حمود يدعم خطة شهيب.
المستقبل :
«متسلّحاً» بإعادة تأكيد مجلس الوزراء على الخطة المرحلية المُقرّة لمعالجة النفايات وبمنحه الحق في التفاوض باسم الحكومة لضمان حسن تنفيذها، يشارك وزير الزراعة أكرم شهيب في اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية اليوم لاستعراض مستجدات أزمة النفايات بعدما عادت لتقضّ مضاجع الناس وتنقضّ على شوارعهم وأحيائهم وأمنهم البيئي والصحي في المتن وكسروان إثر إيصاد بوابة «برج حمود» أمام استكمال تنفيذ الخطة الحكومية. وعشية الاجتماع أبدى شهيب جاهزيته التامة للتعاون قائلاً لـ«المستقبل»: «إذا كانت هناك نية حقيقية للتعاون ضمن أطر الخطة والإمكانات المتوافرة فأنا جاهز وحريص من باب الحرص على الناس، أما إذا كان الهدف (من التعطيل) سياسياً فلا حول ولا».
وإذ أكد أنه ينوي استعراض ما آلت إليه الأمور في هذا الملف بمنتهى الشفافية والصراحة مع نواب المتن الشمالي خلال اجتماع لجنة المال، لفت شهيب الانتباه في المقابل إلى أنّ جُلّ ما يستطيع فعله هو عرض محدودية الخيارات التي تمتلكها الدولة لمعالجة الأزمة «فإما أن يقتنعوا ويصار عندها إلى استئناف العمل وإزالة النفايات من الشوارع وإما أن يتحملوا مسؤولياتهم إذا أصروا على موقفهم».
وربطاً بكون فرملة أعمال الخطة الحكومية في مكب برج حمود كانت قد انطلقت تحت وطأة الخيمة التي نصبها «حزب الكتائب» في المكب لمنع استخدامه واستكمال تنفيذ الخطة، يضع شهيب معادلة وحيدة لإنهاء الأزمة المستجدة مع عودة تراكم أكوام النفايات في شوارع وأحياء المتن وكسروان: «إزالة الخيمة لإزالة النفايات لأنه الحل الوحيد المتاح راهناً ولا خيارات بديلة أخرى»، ويضيف في معرض تأكيده على كون «كرة» الأزمة في ملعب «الكتائب»: «بدنا نشوف شو بدهم يعملوا.. أنا عملت اللي عليّي».
الديار :
في الويك اند، الكل في حضرة الازمة، وليد جنبلاط الذي تحاصره الشائعات، والمخاوف الامنية، يفكر كيف يمكن الاتيان ببساط الريح لينقل الجنرال من الرابية الى بعبدا.
هذا ليس وقت المعجزات، من يزورون وليد بيك في هذه الايام يرونه احياناً على شاكلة المهاتما غاندي. قد يكون التصوف السياسي في نهاية المطاف (وفي الهند مثلاً لأنه تعب من الضجيج الغربي ومن السقوط العربي).
يومىء، ينصح، يصيح، لا أحد يصغي اليه، يتحدث عن لعبة الخرائط ولا يعرف الى أين تذهب. يعلم ان الاقليات في خطر، لكن مقاربة هذه المسألة مستحيلة. يتلهى بالتغريد ضد النظام السوري على انه الوحيد، ولا احد غيره، مسؤول عن كل الذي جرى لسوريا منذ العصر البرونزي وحتى الآن.
انتهى زمن «بيضة القبان». لا احد في لبنان، وفي المحيط، بيضة القبان. جنبلاط يرى كيف ان المنطقة في المزاد العلني، اسوأ بكثير من البلقنة بين العرب والعرب لا حرب بسوس واحدة، بل حروب.
يقول أحد المقربين منه لـ«الديار» انه يشعر بالذنب احياناً لانه يورث لنجله تيمور او لانه يضع على كتفيه كل تلك الاحتمالات، ودون ان يعرف من مع من ومن ضد من، ثمة منطقة عربية ودخلت في الانهيار، لا أحد يعرف الى اين تصل الأمور.
ولا أحد يملك تصوراً حول ما يمكن ان يحصل، الأزمة تطبق حتى على طاولة الحوار التي تم اختراعها على طريقة اللوياجيرغا الافغانية. ما دامت حروب القبائل على قدم وساق في المنطقة، فكيف لا تكون حروب القبائل (والطوائف والمافيات) على قدم وساق في لبنان؟
اللافت ان هناك جهات سياسية وتتوقف عند الصمت المفاجىء لدى وزراء ونواب تيار المستقبل بعدما كان احمد فتفت يتكلم الف مرة في اليوم (الف مرة على الاقل) ليتهم «حزب الله» وايران بالتعطيل.
الآن، الوقت لنهاد المشنوق من جهة ولغطاس خوري من جهة اخرى. وزير الداخلية الذي يريد ان يحمي ظهره من اكثرمن بروتوس داخل تيار المستقبل ويريد ان يغرز خنجرة في خاصرة صاحب المعالي، وجد في «سرايا المقاومة» ضالته...
هكذا يستطيع ان يقول لأهل التيار ان ميشال عون ان وصل الى قصر بعبدا لا يمكن ان يحتفظ بعلاقته «الاستراتيجية» مع «حزب الله»، سيكون على مسافة مع الجميع، وستكون علاقته اما حسنة جداً او سيئة جداً مع الجميع.
خوري مثل المشنوق ليس موظفاً في البلاط الحريري، علاقته شفافة، وعاطفية، بالشيخ سعد الذي يعامله كما الأب، وكما الصديق، وكما المستشار الذي يرى الامور بانوراميا لا من ثقب الباب.
الاثنان كيف ينفذان من شباك فؤاد السنيورة الذي لا شك ان خسر ظهيراً مؤثراً هو اشرف ريفي، لكن اللعبة لا تجري في بيت الوسط، انها في الرياض، فهل صحيح ان الحريري سيعود مطلع ايلول بشيء ما؟
عادة لا شيء في ايلول سوى «الورق الاصفر»، على الأقل كما تقول فيروز، وسوى هواجس الاهل على ابواب المدارس والجامعات، وسوى الحديث الابدي عن سلسلة الرتب والرواتب.
ما يتردد في بيت الوسط، او حول بيت الوسط، ان الشيخ سعد عائد ومعه المن والسلوى. لكن منه وتقلب المشهد رأساً على عقب..
الوسطاء الذين كانوا يسعون الى لقاء يجمع الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون باتوا يتحدثون عن امكانية اللقاء بين هذا الأخير والرئيس سعد الحريري، لا داعي لباريس، ولا لأي عاصمة أخرى. في الخامس من ايلول يحضر الحريري ويحضر عون و«يا دار ما دخلك شر».
خيارات الشارع
هذا عندما يكون معلوماً لدى المراجع السياسية والامنية ان عون لن يقبل بأن تدفع حركته الأخيرة الى الحلقة المفرغة. امام الشارع خيارات كثيرة، قطع الطرقات بات مسألة تقليدية وتستدعي سخط الناس لا تأييدهم.
الى حد بعيد، استقطبت الشعارات الشارع المسيحي، ودون ان تجدي محاولات بعض القادة الترويج بأن التيار الوطني الحر يوظف المخاوف المسيحية، والتهميش المسيحي، من اجل شخص واحد هو ميشال عون ومن اجل هدف واحد هو القصر الجمهوري.
الدينامية الراهنة تدفع باتجاه العصيان، واحتلال وزارات الدولة، وصولاً الى القصر الجمهوري. من هنا كان تحذير اكثر من جهة من حصول صدام بين التيار والجيش الذي يعتبر القصر في عهدته حتى وان خلا من رئىس الجمهورية. قطب سياسي قال لـ«الديار» ان الجنرال اكثر تعقلاً من ان يدفع بانصاره الى بعبدا.
وهناك قناعة داخل التيار بأن المعركة الراهنة هي معركة البقاء او عدم البقاء، ودائماً مع تسويق الشعار اياه بالدفاع عن الوجود (السياسي) للمسيحيين بعدما استأثر المسلمون بالقرار، من انتخاب رئيس الجمهورية، الى تعيين قائد الجيش، الى وضع قانون الانتخاب، الى تشكيل الحكومات.
كل الخطوات السياسية، وكل الشعارات، قيد التداول، ومن العصيان المدني الذي لا طائل تحته الى المطالبة بالفديرالية التي تعني دفع الامور الى الذروة، باعتبار ان هناك مكونات اساسية، وحليفة، ترفض ذلك بشكل قاطع، خصوصاً وان معلومات وراء الضوء تؤكد ان هناك جهة سياسية محددة تحاول ان تضع عون في فوهة المدفع عله يتلفظ بكلمة الفديرالية، على انها الحل الذي يضمن للمسيحيين نيل حقوقهم كافة. ثمة من يلعب وراء الستار هذه اللعبة الخطرة.
وكان هناك كلام لنائب «حزب الله» علي فياض فُسر على انه رسالة في اكثر من اتجاه. واذ اكد «اننا مع اتفاق الطائف بكل بنوده»، اشار الى «اننا على استعداد للذهاب بعيداً في انجاح تجربة اللامركزية الادارية، لكننا لن نتزحزح قيد انملة في اتجاه اي شكل من اشكال اللامركزية السياسية، خصوصاً في هذه المرحلة التي نتعرض فيها للكثير من المخاطر والمؤامرات، بما في ذلك السعي لاعادة رسم خرائط الجغرافيا السياسية للكيانات على مستوى المنطقة».
الجمهورية :
مع دخول سوريا مرحلة جديدة عقب اللقاء الروسي ـ الاميركي الطويل في جنيف منذ ايام، والذي أعاد خلط الاوراق في المنطقة، لم يحجب غبار المعارك الدائرة فيها، ولا توغّل الجيش التركي في شمالها، الإهتمام عن متابعة تعقيدات المأزق اللبناني المستمر بفعل استطالة أمد الشغور الرئاسي والاهتزاز الحكومي الاخير، ولا عن سخونة الملفات وليس آخرها ملف النفايات التي عادت تتكدس في شوارع المتن وكسروان.
في خضمّ الانشغال الدولي والاقليمي بإعادة ترتيب اوراق المنطقة، يشهد لبنان مراوحة في معالجة ازماته، على رغم التعويل بأن تكون الفترة الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء في 8 ايلول المقبل حُبلى بالاتصالات لثَني «التيار الوطني الحر» عن موقفه، في وقت رمى «حزب الله» الكرة في ملعب تيار «المستقبل» داعياً ايّاه الى التحاور مع رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون.
وقد استنتج رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره أمس «ليونة» في الموقف العوني ازاء حضور جلسات مجلس الوزراء وقال: «يفترض ان تعود الحكومة الى جلساتها الاسبوع المقبل بعد عودة رئيس الحكومة من اجازته، ولا اعتقد انّ هناك امراً يؤخّر انعقادها في الشكل الطبيعي، خصوصاً انّ تجربة المقاطعة لم تكن مجدية».
ولدى سؤاله: هل من جديد في علاقته مع عون؟ قال بري: «لم يطرأ على العلاقة مع عون أي جديد، وبالتالي ما زالت كما كانت».
وهل سيطرح مبادرة معينة لحل الازمة في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقه بعد غد الاربعاء؟ أجاب: «وهل أنا ولّادة مبادارت لأطلق كل يوم مبادرة؟».
وخالف بري القائلين ان لا انتخاب رئيس للجمهورية في 2016، وقال: «على مسؤوليتي اقول اذا مِشوا بالسلّة التي اقترحتها فإنني اضمن انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة».
ورداً على حديث البعض عن تمديد جديد لمجلس النواب، قال بري: «خلافاً للأجواء الشائعة في بعض الاوساط عن احتمال التمديد لمجلس النواب نقولها اولاً وثانياً... وحادي عشر لا تمديد لمجلس النواب تحت اي عنوان، وتحت اي ظرف، وهو من سابع المستحيلات، علماً انّ التمديد الماضي مرّ على مضض وأنا شخصياً لم اكن أستسيغ هذا الخيار».
وعندما سئل عن الملف النفطي قال بري: «بمقدار ما ملف النفط مهم فإنّ الموازنة أهم منه بكثير، خصوصاً في هذه المرحلة، وقد قام وزير المال علي حسن خليل بواجبه وقدم مشروع الموازنة لسنة 2017 الى مجلس الوزراء للسنة الثالثة على التوالي، والكرة الآن هي في ملعب الحكومة لدرسها وإحالتها الى مجلس النواب، وهذا يفترض انعقاد المجلس النيابي لدرسها واقرارها واذا تعذّر ذلك تصبح نافذة كما وردت من الحكومة».
وعن موضوع النفط، قال بري: «إقترحنا على الامم المتحدة إقامة خط ازرق بحري قاعدته الـ1701 من خلال عمل تقوده قوات اليونيفيل وذلك على غرار الخط الازرق البرّي، واقترحنا دوراً للاميركيين في حال خصول خلاف في وجهات النظر بين لبنان واسرائيل».
سلام
ومنذ اليوم تدخل البلاد اسبوعاً حكومياً مشلولاً سيغيب فيه الإجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء بسبب وجود رئيس الحكومة تمام سلام في عطلة عائلية خارج البلاد تمتد الى نهاية الأسبوع الجاري.
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» انّ مجلس الوزراء سيعود الى اجتماعاته طبيعياً في الثامن من ايلول ولا شيء يحول دون انعقاد الجلسة إذا بقيت اكثرية مكونات الحكومة على موقفها كما في الجلسة السابقة والتي وفّرت النصاب القانوني لها.
وعمّا تردد عن اتصالات تُجرى لترميم الوضع الحكومي، قالت المصادر «انّ رئيس الحكومة ليس معنياً بها وهو لم يكلف أحداً الحديث باسمه، ليس لسبب سوى انه ليس طرفاً في اي خلاف حتى الآن. وانّ مصير اي جلسة مرتبط بموقف أكثرية اعضاء الحكومة بعيداً من محاولات البعض فرض وجهة رأي الأقلية على الأكثرية. فالضغوط السياسية او الاعلامية الجارية لتحميل رئيس الحكومة مسؤولية ما آل اليه الوضع الحكومي ليست في محلها ولن تفيد في شيء.
فأكثرية الوزراء هم من يحسمون التوجهات، وهم على ما يبدو حريصون كما رئيسها، على الحد الأدنى من التضامن الحكومي الذي يفرض بقاءها في ممارسة مهامها في مواجهة الملفات المطروحة. فهي الحصن الأخير، وتمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة ولا بد من حمايتها».
ولفتت المصادر نفسها الى «انّ على الراغبين أن تكون قرارات الحكومة ملائمة لمطالبهم توفير الأكثرية الحكومية قبل تحميل المسؤولية لأيّ طرف آخر. ومن البديهي القول انّ توفير أكثرية الثلثين امر ضروري للبتّ ببعض القرارات المهمة.
ومثالاً على ذلك، من أراد تعيين قائد جديد للجيش او رئيس للأركان عليه توفير موافقة ثلثي اعضاء الحكومة، وفي حال العكس فالوزير المعني سيقوم بالمهمات المنوطة به قانوناً، وسيمارس صلاحياته بما يضمن مصلحة المؤسسة والدولة في آن».
«التيار الوطني الحر»
وكانت المواقف التي حملتها الساعات الاخيرة دلّت الى صعوبة تذليل الخلافات السياسية، بدليل انّ «التيار الوطني الحر» رفع وتيرة نبرته وواصل رئيسه الوزير جبران باسيل سياسته التصعيدية معلناً انّ «التيار» سيمنع اي محاولة تهدف إلى التمديد للمجلس النيابي»، وتوعّد بالنزول إلى الشارع هذه المرة.
وقال خلال جولة له أمس على عدد من القرى والبلدات الجنوبية: «نحن ننبّه ولنا الحق ان نعارض العمل المخالف للقانون الذي تمارسه الحكومة والتمديد لقائد الجيش، القصة اهم بكثير من ذلك ونحن ندرك أنه سيتم ذلك، ولكن الخوف من التمديد للمجلس النيابي. لقد مددوا للمجلس النيابي مرتين، واذا حاولوا التمديد للمرة الثالثة سنمنعهم ليس في مجلس النواب بل في الشارع».
وقال: «هذا الكلام ميثاقي لأنّ الميثاق يصنعه ناسه ويخلّ به أناس آخرون»، مشيراً إلى أنّ المشكلة اليوم «ليست في التمديد لضابط، بل لوضع لا يمكن الاستمرار فيه». ولفت الى انّ «هناك من يسعى الى تغييبنا»، مؤكداً «اننا لن نغيب لا عن المؤسسة الدستورية ولا عن أيّ ساحة في هذا البلد».
«حزب الله»
في الموازاة، اعتبر «حزب الله» انّ الازمة السياسية القائمة «هي بسبب ادارة تيار «المستقبل» ظهره لـ«التيار الوطني الحر». وقال النائب حسن فضل الله «إننا مُبتلون في لبنان بحزب «المستقبل»، حيث يوجد في داخله أفرقاء طبيعتهم المعاندة والمكابرة والمشاغبة والمزايدة والمنافسة في ما بينهم. وبالتالي، فإننا كلما تقدمنا خطوة لمعالجة الأزمة الداخلية، يأتي من داخل هذا الحزب من يصرّ على المكابرة ويعاند الحقائق، ويأتي آخر ويقوم بالمشاغبة والمنافسة من أجل التعطيل على شخص آخر هو من الفريق نفسه». ودعا الى الحوار مجدداً مع عون حول مطالبه.
من جهته، اعتبر النائب نواف الموسوي انّ «الاستمرار في اضطهاد «التيار الوطني الحر» قد تحوّل اضطهاداً للمسيحيين في لبنان، ونحن جميعاً ندرك أنّ الاضطهاد والحرمان يؤديان إلى هزّ مقومات الدولة والاستقرار».
بدوره، رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أنّ الحكومة تواجه اليوم «مأزقاً حقيقياً وجدياً وعميقاً»، واعتبر انّ اللبنانيين «يدفعون الأثمان الباهظة نتيجة التدخل السعودي في وضع الفيتو على ترشيح الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وعرقلة وصوله إليها».
«المستقبل»
في المقابل، اكدت مصادر في تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية» انه «يسعى دائماً الى ايّ حل ينتج رئيس جمهورية، وقد رشّح للرئاسة احد خصومه وما زلنا متمسكين بدعم ترشيحه».
وقالت: «نحن لسنا نقاطع اي فريق في البلد، ونتحدث مع الجميع، وهناك حوار بيننا وبين حزب الله «يَلّي عامِل فينا العَمايل»، وبالتالي ليس لدينا ايّ سبب لكي نقاطع العماد عون.
وهناك كلام حول ضرورة انتخاب رئيس جمهورية بيننا وبين كل الاطراف السياسية في البلد، لكنّ الاقاويل بأنّ «المستقبل» وعد عون بأن يكون رئيساً غداً او في 10 الشهر او بعد شهرين هي مجرد «إبر بنج» يحقنونه بها، ويا للأسف، إعلامنا يسقط فيها».
اللواء :
يملأ الفراغ، في الوقت الفاصل، عن جلسة مجلس الوزراء بعد أقل من أسبوعين: طنين التهديدات العونية للحكومة و«الميثاقية» وروائح النفايات التي تسببت بإقفال مطمر برج حمود، ولم تستطع بعد مبادرات بعض البلديات المتنية من كبح انتشارها، وتخليص المواطن من شرّ أمراضها على أبواب الشتاء.
ومن المؤشرات السلبية التي تملأ الفراغ، تمدّد حالة الاتهامات المتبادلة بين تيّار المستقبل وحزب الله على التعطيل، أو التضليل، أو ما شابه في ما يُحاكي التوتر الإقليمي في غير محطة، فاليمن الى سوريا، فيما برز سباق بين الوزراء لقلب الطاولة الحكومية. عبر تلويحات متعددة بالاستقالة من الحكومة التي يمضي رئيسها إجازة خاصة في الخارج.
وإذا كان الأسبوع الطالع يبدأ بما انتهى عليه الأسبوع الفائت، فإن بعد غد الأربعاء، أي 31 آب الجاري، سيكون محطة سياسية، يعلن فيها صراحة الرئيس نبيه برّي الموقف من مصير الحكومة، ومقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر»، وطاولة الحوار الوطني ومسألة الميثاقية والعيش المشترك من زاوية المواقف التأسيسية للإمام المغيب السيّد موسى الصدر حيث ستحضر في كلمة رئيس «حركة أمل» التطورات المتعلقة في قضية افتقاد الامام في الذكرى الـ38 لتغييبه؟ وستكون مناسبة أيضاً لإدراج القوة التمثيلية للرئيس برّي بقاعاً، مع العلم ان الاحتفال سيقام في مدينة صور حيث هناك انطلقت حركة أمل في سبعينات القرن الماضي.
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن الرئيس برّي سيشدد على الحكومة وطاولة الحوار الوطني والعيش المشترك وضرورة التمسك بالثوابت التي على أساسها تشكّلت الحكومة، نظراً للمخاطر المحدقة بلبنان سواء المخاطر «الارهابية» أو الأمنية، وتلك المتعلقة بالتهديدات الإسرائيلية في ضوء الحاجة إلى ان تصدر الحكومة مراسيم النفط وتقر موازنة العام 2017، مؤكداً رفض الشغور في المؤسسات الأمنية أو مؤسسات الدولة.
ولم تستبعد مصادر نيابية ان تتضمن كلمة الرئيس برّي ردوداً على بعض ما أثاره «التيار الوطني الحر» من دون ان يسميه.
وكانت نهاية الأسبوع حفلت بجولة لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ضمنها مواقف سياسية كادت تلامس المجلس النيابي عندما أعلن ان أي محاولة للتمديد للمرة الثالثة للمجلس النيابي سيتم منعها في الشارع.
وقال باسيل في خطاب طغى عليه اللون المسيحي الفاقع: «سنعمل على صياغة قانون انتخابي عادل مع «القوات» و«الكتائب»، معتبراً ان سياسة التفاهم مع «حزب الله» هي السياسة التي تحمينا وتحمي لبنان»، واصفاً «ما تقدّم عليه الحكومة بالمعارض للقانون».
وأشار باسيل «الى ان القصة لم تكن تمديداً لضابط بل التمديد لوضع لم نعد نستطيع ان نستمر به أو نتحمله»، متسائلاً: «اذا كان هناك ميثاقية بانتخاب النائب عقاب صقر رئيساً للمجلس النيابي أو النائب قاسم هاشم رئيساً للحكومة حتى يرضى فريقه ان تكون «الشبطيني» و«دو فريج» بيعملوا ميثاقية في الحكومة».
وفي جبيل تفاعل حادث اقدام بعض الشبان على طلاء نصب ساحة الرئيس ميشال سليمان باللون الأسود، الأمر الذي وصفه الرئيس سليمان بأنه العودة إلى الوطاويط الملثمين.. في حين اتهمت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني الوزير باسيل بجر البلاد إلى الفيدرالية. وقالت «لم اكن اتمنى للعماد عون ان يتم وضع اسمه بالأسود على بلاطة (في إشارة إلى كتابة اسمه مكان الرئيس ميشال سليمان).
وهددت الوزير شبطيني بالاستقالة من الحكومة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال.
كما هدّد عضو اللقاء التشاوري وزير الاتصالات بطرس حرب بالانسحاب من الحكومة، رافضاً ان يكون شاهد زور على ما يجري.
تهديدات جنبلاط
في شأن سياسي آخر، تفاعلت في بعض الدوائر السياسية، ما اشارت إليه مواقع التواصل الاجتماعي من تهديدات تلقاها النائب وليد جنبلاط الذي نشر صورة على موقعه على «تويتر» وهو في كورسيكا الإيطالية مع نجله تيمور، حيث (لا أحزاب ولا أمن ولا سياسة ولا رئاسة ولا من يحزنون).
ووضع جنبلاط في آخر تغريداته حداً لكلام راج طوال يوم أمس، من ان اجازته في الخارج ستكون طويلة لتدارك المخاطر الأمنية، بالقول: (راجعين طمنوا بالكن.. ناموا على حرير وبيوتكن مفتوحة). (راجع ص 2)
وفي مجال سياسي متصل، وصف مصدر نيابي في كتلة المستقبل ما صدر عن نائبين في «حزب الله» لجهة تحميل تيّار المستقبل مسؤولية الشغور السياسي بأنه كلام ممجوج والرأي العام اللبناني يعرف من يعطل النصاب ويقاطع جلسات الانتخاب انطلاقاً من الأجندة الإيرانية.
وكان النائب حسن فضل الله في حفل تكريمي في بلدة عيناثا قال «الكرة الآن في ملعب المستقبل الذي يُصرّ على المكابرة ويعاند الحقائق وإننا مبتلون في لبنان بهذا الحزب».
وتساءل النائب علي فياض «إلى متى ستستمر سياسية إلغاء «التيار الوطني الحر»، كاشفاً عن نفاذ صبر «حزب الله» على ما يحصل».