في الويك اند، الكل في حضرة الازمة، وليد جنبلاط الذي تحاصره الشائعات، والمخاوف الامنية، يفكر كيف يمكن الاتيان ببساط الريح لينقل الجنرال من الرابية الى بعبدا.
هذا ليس وقت المعجزات، من يزورون وليد بيك في هذه الايام يرونه احياناً على شاكلة المهاتما غاندي. قد يكون التصوف السياسي في نهاية المطاف (وفي الهند مثلاً لأنه تعب من الضجيج الغربي ومن السقوط العربي).
يومىء، ينصح، يصيح، لا أحد يصغي اليه، يتحدث عن لعبة الخرائط ولا يعرف الى أين تذهب. يعلم ان الاقليات في خطر، لكن مقاربة هذه المسألة مستحيلة. يتلهى بالتغريد ضد النظام السوري على انه الوحيد، ولا احد غيره، مسؤول عن كل الذي جرى لسوريا منذ العصر البرونزي وحتى الآن.
انتهى زمن «بيضة القبان». لا احد في لبنان، وفي المحيط، بيضة القبان. جنبلاط يرى كيف ان المنطقة في المزاد العلني، اسوأ بكثير من البلقنة بين العرب والعرب لا حرب بسوس واحدة، بل حروب.
يقول أحد المقربين منه لـ«الديار» انه يشعر بالذنب احياناً لانه يورث لنجله تيمور او لانه يضع على كتفيه كل تلك الاحتمالات، ودون ان يعرف من مع من ومن ضد من، ثمة منطقة عربية ودخلت في الانهيار، لا أحد يعرف الى اين تصل الأمور.
ولا أحد يملك تصوراً حول ما يمكن ان يحصل، الأزمة تطبق حتى على طاولة الحوار التي تم اختراعها على طريقة اللوياجيرغا الافغانية. ما دامت حروب القبائل على قدم وساق في المنطقة، فكيف لا تكون حروب القبائل (والطوائف والمافيات) على قدم وساق في لبنان؟
اللافت ان هناك جهات سياسية وتتوقف عند الصمت المفاجىء لدى وزراء ونواب تيار المستقبل بعدما كان احمد فتفت يتكلم الف مرة في اليوم (الف مرة على الاقل) ليتهم «حزب الله» وايران بالتعطيل.
الآن، الوقت لنهاد المشنوق من جهة ولغطاس خوري من جهة اخرى. وزير الداخلية الذي يريد ان يحمي ظهره من اكثرمن بروتوس داخل تيار المستقبل ويريد ان يغرز خنجرة في خاصرة صاحب المعالي، وجد في «سرايا المقاومة» ضالته...
هكذا يستطيع ان يقول لأهل التيار ان ميشال عون ان وصل الى قصر بعبدا لا يمكن ان يحتفظ بعلاقته «الاستراتيجية» مع «حزب الله»، سيكون على مسافة مع الجميع، وستكون علاقته اما حسنة جداً او سيئة جداً مع الجميع.
خوري مثل المشنوق ليس موظفاً في البلاط الحريري، علاقته شفافة، وعاطفية، بالشيخ سعد الذي يعامله كما الأب، وكما الصديق، وكما المستشار الذي يرى الامور بانوراميا لا من ثقب الباب.
الاثنان كيف ينفذان من شباك فؤاد السنيورة الذي لا شك ان خسر ظهيراً مؤثراً هو اشرف ريفي، لكن اللعبة لا تجري في بيت الوسط، انها في الرياض، فهل صحيح ان الحريري سيعود مطلع ايلول بشيء ما؟
عادة لا شيء في ايلول سوى «الورق الاصفر»، على الأقل كما تقول فيروز، وسوى هواجس الاهل على ابواب المدارس والجامعات، وسوى الحديث الابدي عن سلسلة الرتب والرواتب.
ما يتردد في بيت الوسط، او حول بيت الوسط، ان الشيخ سعد عائد ومعه المن والسلوى. لكن منه وتقلب المشهد رأساً على عقب..
الوسطاء الذين كانوا يسعون الى لقاء يجمع الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون باتوا يتحدثون عن امكانية اللقاء بين هذا الأخير والرئيس سعد الحريري، لا داعي لباريس، ولا لأي عاصمة أخرى. في الخامس من ايلول يحضر الحريري ويحضر عون و«يا دار ما دخلك شر».
خيارات الشارع
هذا عندما يكون معلوماً لدى المراجع السياسية والامنية ان عون لن يقبل بأن تدفع حركته الأخيرة الى الحلقة المفرغة. امام الشارع خيارات كثيرة، قطع الطرقات بات مسألة تقليدية وتستدعي سخط الناس لا تأييدهم.
الى حد بعيد، استقطبت الشعارات الشارع المسيحي، ودون ان تجدي محاولات بعض القادة الترويج بأن التيار الوطني الحر يوظف المخاوف المسيحية، والتهميش المسيحي، من اجل شخص واحد هو ميشال عون ومن اجل هدف واحد هو القصر الجمهوري.
الدينامية الراهنة تدفع باتجاه العصيان، واحتلال وزارات الدولة، وصولاً الى القصر الجمهوري. من هنا كان تحذير اكثر من جهة من حصول صدام بين التيار والجيش الذي يعتبر القصر في عهدته حتى وان خلا من رئىس الجمهورية. قطب سياسي قال لـ«الديار» ان الجنرال اكثر تعقلاً من ان يدفع بانصاره الى بعبدا.
وهناك قناعة داخل التيار بأن المعركة الراهنة هي معركة البقاء او عدم البقاء، ودائماً مع تسويق الشعار اياه بالدفاع عن الوجود (السياسي) للمسيحيين بعدما استأثر المسلمون بالقرار، من انتخاب رئيس الجمهورية، الى تعيين قائد الجيش، الى وضع قانون الانتخاب، الى تشكيل الحكومات.
كل الخطوات السياسية، وكل الشعارات، قيد التداول، ومن العصيان المدني الذي لا طائل تحته الى المطالبة بالفديرالية التي تعني دفع الامور الى الذروة، باعتبار ان هناك مكونات اساسية، وحليفة، ترفض ذلك بشكل قاطع، خصوصاً وان معلومات وراء الضوء تؤكد ان هناك جهة سياسية محددة تحاول ان تضع عون في فوهة المدفع عله يتلفظ بكلمة الفديرالية، على انها الحل الذي يضمن للمسيحيين نيل حقوقهم كافة. ثمة من يلعب وراء الستار هذه اللعبة الخطرة.
وكان هناك كلام لنائب «حزب الله» علي فياض فُسر على انه رسالة في اكثر من اتجاه. واذ اكد «اننا مع اتفاق الطائف بكل بنوده»، اشار الى «اننا على استعداد للذهاب بعيداً في انجاح تجربة اللامركزية الادارية، لكننا لن نتزحزح قيد انملة في اتجاه اي شكل من اشكال اللامركزية السياسية، خصوصاً في هذه المرحلة التي نتعرض فيها للكثير من المخاطر والمؤامرات، بما في ذلك السعي لاعادة رسم خرائط الجغرافيا السياسية للكيانات على مستوى المنطقة».
كلام مركز وموجه
ودعا الى «التمسك بوحدتنا ككيان ومجتمع ومكونات كي نتمكن من تقطيع هذه المرحلة الشائكة من تاريخ لبنان والمنطقة بتعقيداتها الخطيرة»، مؤكداً «التمسك بلبنان واحد مستقل ومصان وذي نظام سياسي مركزي وفق اتفاق الطائف، وان ننتظم في اطار ديناميات الاصلاح السياسي التي حددها هذا الاتفاق».
اوساط سياسية توقفت عند كلام فياض، واعتبرت انه كلام «مركز وموجه»، ولم يكن ليتحدث بهذه الطريقة لو لم تكن لديه معطيات حول من يسعى في الداخل وفي الخارج الى «ابتداع» نظام سياسي جدي في لبنان ينسف اتفاق الطائف ويحاول التغطية على الفديرالية او الكونفدرالية من خلال اللامركزية السياسية.
والاوساط اياها ترى ان موقف «حزب الله» بالانفتاح على الحريري، كرئيس للحكومة، يندرج في اطار تحصين الوضع الداخلي، وتعزيز مستوى المناعة، في وجه السيناريوات التي تعد في المطابخ الدولية وربما الاقليمية ايضاً.
بقرادوني وتغيير الحصان
في سياق متصل، اعتبر الوزير السابق كريم بقرادوني ان عون «سيلجأ الى التصعيد، وكل المؤشرات تدل على انه قرر عدم الاستمرار في الانتظار الى ما لا نهاية».
واشار الى ان التمديد للعماد جان قهوجي «أمر واقع وينتهي خلال ايام قليلة وسيقبل به الجميع»، مضيفاً بأنه «في هذه المرحلة لا يمكن تغيير الحصان اثناء عبور النهر، فالمنطقة كلها ملغومة، والوضع في عرسال ليس على ما يرام».
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لاحظ «اننا اصلاً في حكومة ازمة فكيف يطلب منها الحل»، لافتاً الى ان الحل بـ«الواقعية السياسية، ولا يظنن احد ان زمام الامور بيده».
ورأى ان الرئيس سلام «يتبع الاصول وهو منسجم بالتفكير مع بري في الواقعية السياسية ولو كان الحل بيده لاعطاه، وهو يتعرض لابتزاز غير منصف».
الميثاقية المضروبة
واعتبر وزير العمل سجعان قزي «ان الميثاقية في الحكومة مضروبة منذ اليوم الاول لاتفاق الطائف، وهي ضربت اولا لانه كان هناك نظام وصاية ثم في انتخابات 1992، وقانون التجنيس، وضربت باتفاقية الاخوة والتعاون والتنسيق مع سوريا وبالمال السياسي، وبالسلاح غير الشرعي ليتعمق ضربها بعدم انتخاب رئيس للجمهورية».
وامس تجنب وزير الخارجية جبران باسيل استخداتم كلمة «ملعون» في تصريحاته خلال جولة له في البلدات المسيحية في الجنوب، ولكن ليبدي اسفه لأن الشعب اللبناني «يسيىء الاختيار» قائلا «اليوم لا نريد ان نكون شهود زور والبلد يجب ان يحكم بطريقة افضل».
واوضح «ان المسألة ليست بالتجديد لضابط وانما لوضع لا يمكن الاستمرار فيه ولو توصلنا الى المساواة التي تقوي جبهتنا الداخلية».
الملثمون
ولوحظ ان التيار الوطني الحر له ملثموه ايضا الذين نصبوا علم التيار امام منزل وزيرة المهجرين أليس شبطيني عند مدخل مدينة جبيل كما طلوا بالاسود اسم عائلة الرئيس السابق ميشال سليمان على نصب في ساحة في المحلة ذاتها لتصبح العبارة هكذا «ساحة فخامة الرئيس ميشال عون».
الى ذلك، العيون شاخصة الى الكلمة التي سيلقيها بري في الذكرى الـ 38 لتغييب الامام موسى الصدر يوم الاربعاء المقبل، مع توقع اشارته الى المخاطر التي تهدد البلاد وضرورة التوصل الى حلول للازمات التي قد يطيح استمرارها بالجمهورية.
الحكومة الان في اجازة وسلام لن يتردد في اطلاق رصاصة الرحمة عليها اذا ما تبين انها سقطت في الموت السريري الان لا داعي لذلك، عسى الا يعود الحريري بعد هذا الغياب خاوي الوفاض.
وثمة من يرى ان التصعيد الذي مارسه بعض وزراء ونواب المستقبل قد يكون التغطية «بالنار» لعودة الحريري بيدين خاويتين وربما بيدين مكبلتين!
الديار : سلام لن يطلق رصاصة الرحمة على الحكومة
الديار : سلام لن يطلق رصاصة الرحمة على...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
284
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro