ترى أوساط سياسية لبنانية أن تهديدات التيار الوطني الحر بالتصعيد من البداية، لا تعدو كونها مجرد ضجيج لا يتسق مع مجمل التطورات الإقليمية الدولية، لا سيما تلك التي تتعلق بسوريا.

وتؤكد هذه الأوساط أن احتجاج عون ورفضه التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، لا يمثلان سوى مناسبة لإعادة تأجيج الشارع المسيحي ضد ما يسميه أنصار عون تهميشا للحصّة المسيحية في قيادة البلد.

وتعتبر هذه الأوساط أن التمديد للجنرال قهوجي الشهر المقبل أمر مطلوب، ليس على المستوى الداخلي فقط حيث تجمع عليه أكثر التيارات السياسية في البلد، بل على المستوى الدولي أيضا، على ما أفصحت عنه زيارة قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتل الثلاثاء الماضي إلى لبنان واجتماعه مع قائد الجيش وتأكيده على متانة "الشراكة الأمنية" مع الجيش اللبناني والإشادة بدوره في موسم الحرب على داعش.

وتقول هذه الأوساط، إن مقاطعة وزراء التيار العوني لجلسة مجلس الوزراء وتضامن بعض الوزراء المسيحيين مع هذه المقاطعة، يأتيان كمحاولة للضغط على رئيس الحكومة تمام سلام وإحراجه من خلال ما يردده المقربون من عون من أن جلسات الحكومة لن تعود ميثاقية إذا ما غاب التمثيل المسيحي الوازن عن جلساتها، غامزين من قناة الوزراء المسيحيين المستقلين الذين لا يعتبرونهم الممثلين الحقيقيين للطائفة في البلد.

ويجمع المعلقون في لبنان على أن ضجيج "التيار الوطني الحر" حول حقوق المسيحيين كما ضجيج "تيار المستقبل" في السجال مع حزب الله، لا يعدو عن كونه محليا للاستهلاك الداخلي، وهو لن يؤثر على الشلل الحاصل في البلد، والمرتبط مباشرة بالمزاجين الإقليمي والدولي.

ويرى بعض المراقبين أن التيار العوني يلجأ ربما إلى هذا التصعيد ويهدد بالنزول إلى الشارع وإعلان العصيان المدني منتظرا من المجتمع الدولي التسليم برغباته حماية للسلم الأهلي في لبنان، المطلوب دوليا.

وتلفت أوساط سياسية لبنانية إلى ضرورة مراقبة موقف حزب الله من مسألة التصعيد العوني، وتعتبر أن الحزب الذي يعتبر عون مرشحه وحليفه معني بمداراة موقف عون لكن لا مصلحة له في التصعيد على مستوى الشارع أو في تفجير الحكومة اللبنانية التي تؤمن للحزب غطاء شرعيا دستوريا في ظل الضغوط الدولية، لا سيما الأميركية، التي تمارس ضده.

كما تلفت إلى ضرورة مراقبة موقف "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع، لجهة كونه حليفا لتيار الجنرال عون، لكن من المستبعد مجاراته في اللجوء إلى الشارع، على الرغم من أن "القوات اللبنانية" ليست ممثلة في الحكومة، وهي رفضت المشاركة فيها من الأساس.

وتعتبر هذه الأوساط أن عزوف الحليفين المتناقضين لعون (حزب الله والقوات اللبنانية) عن دعم الأخير في دعواته للتصعيد سيحرم الجنرال من غطاء عام، ويجعل الحراك محدودا لا يتجاوز حدوده الإعلامية.


العرب اللندنية