لا يدرك الرئيس نبيه برّي ما جناه (وسيجنيه) التيار الوطني الحرّ من مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أول من أمس. في الأصل، لم يكن التيار يريد المقاطعة، فلو نجحت وساطة وزير التربية الياس بوصعب خلال زيارته الأخيرة لبري، وتأجلت جلسة الحكومة كما طرح الوزير الموفد من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، لربّما لم يقاطع التيار الجلسة.

بالنسبة لبرّي، طَرْحُ العونيين تأجيل الجلسة لأيام، لا يلغي أصل المشكلة. «سألت بوصعب، لو أجّلنا شهراً وعدتم إلى حضور الجلسات، فما الذي سيتغيّر؟ لا شيء، ستظهرون أمام جمهوركم كأنكم لم تحصّلوا شيئاً»، يقول برّي لـ«الأخبار».
فمسألة التمديد لقائد الجيش جان قهوجي، تبدو خياراً وحيداً لجميع الكتل السياسية، بما فيها حزب الله، حليف برّي وعون، ولو كان التعيين وارداً، لما تأخر حزب الله عن مؤازرة حليفه عون في تعيين البديل من قهوجي، لكن طالما أن تعيين البديل غير متاح، فـ«لن يفتح حزب الله مشكلاً في البلد ببلاش».
بالنسبة لرئيس المجلس النيابي، «فعلنا ما بوسعنا لمراعاة العونيين». فأمام إصرار رئيس الحكومة تمام سلام على عقد جلسة، وعدم القبول بطلب عون تأجيل الجلسة أياماً أو أسبوعاً، لم تطرح في الجلسة الحكومية أي مواضيع أو بنود خلافية، نزولاً عند رغبة برّي، الذي تفاهم مع سلام على ذلك، علماً بأن لرئيس المجلس مصلحة مباشرة بعقد الجلسة واتخاذ قرارات فيها تهمّه شخصيّاً ومن موقعه كرئيس لحركة أمل، بدءاً من رئاسة الجامعة اللبنانية وتعيين مدير عام «شيعي» لوزارة الشؤون الاجتماعية، التي لم يعيّن مدير عام لها منذ أكثر من عشر سنوات، في ظلّ أزمة خانقة مع وجود أكثر من مليون ونصف مليون من المهجّرين السوريين إلى لبنان.

 


بالنسبة للعونيين، عند كلّ محطّة وفي كلّ ملفّ يهمّهم، يجدون برّي وتيار المستقبل وآخرين، يعرقلون عملهم. لم يصل عون إلى رئاسة الجمهورية، ولم يصل العميد المتقاعد شامل روكز إلى قيادة الجيش، وليس باستطاعة عون تعيين قائد جديد أو على الأقل المساهمة في اختيار مرشّح لأبرز موظّف درجة أولى «ماروني»، وعندما حاول الوزير جبران باسيل أن يفعل شيئاً في ملفّ الكهرباء، وجد الوزير علي حسن خليل بالمرصاد. اتهامات العونيين لا تُقنع برّي. «يريدون أن يسيروا عكس القانون وعكس وزارة المال وديوان المحاسبة، ويريدوننا أن نسير معهم، هذه باختصار قصّة الكهرباء، ولن أدخل في التفاصيل»، يقول رئيس المجلس. وماذا عن «خسارة العونيين كل شيء»؟ يقول برّي إنه «في السياسة لا شيء اسمه خسارة كاملة أو ربح كامل، يعني إمّا أن نربح كل شيء أو نخسر كل شيء؟ هذا ليس سياسة».
ماذا عن الملفّ الرئاسي؟ وهل فعلاً هرب الرئيس سعد الحريري من مبادرة السيد حسن نصرالله لانتخاب عون رئيساً، مقابل الحريري رئيساً للحكومة؟ يردّ برّي: «من قال إن هذه هي المبادرة؟ السيد حسن قال إنه منفتح، لكنّ الحقّ على من كان يترجم كوزير الداخلية نهاد المشنوق، بأن الحريري جاهز لانتخاب عون. القرار الرئاسي ليس محلياً، وموضوع الجنرال عون عند السعوديين، وهذا معروف».
هل يؤثر «الاشتباك» الأخير مع عون على الملفّ النفطي؟ «الملفّ النفطي ماشي، والتفاهمات النفطية مع الجنرال ومع الجميع ماشية»، يجزم برّي.
هل يستقيل العونيون من الحكومة؟ لا يرى برّي أن الحكمة فُقدت إلى هذه الدرجة، «أعتقد أنه لا يزال هناك وعي لدى التيار لخطورة المرحلة وضرورة الحفاظ على الحكومة، ثمّ أنني عندما أمنع سقوط الحكومة وأدعم بقاءها أحمي العونيين من أنفسهم، وأحمي لبنان في ظلّ هذه الظروف الإقليمية الصعبة».