النتائج التي اعلنها وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري بعد 12 ساعة من المحادثات أتت دون التوقعات، إذ لم يشر الطرفان في مؤتمرهما الصحافي المشترك الى أي تفاهم عدا وجوب مكافحة الإرهاب والعمل لادخال المساعدات الإنسانية الى كل المناطق السورية بما فيها حلب. وقرر الطرفان استكمال المحادثات على المستوى التقني والفني في جنيف خلال الفترة المقبلة.
ولم يشكل هذا الاعلان فرصة للمبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا للدعوة الى جولة جديدة من المحادثات، بل ترك هذه المسألة معلقة بدورها بما سيتم التوصل اليه من حيث ادخال المساعدات الإنسانية والعودة الى وقف الاعمال العدائية، وهذان الامران ينتظران حسمها بما ستقوم به الفرق الفنية الروسية والأميركية في جنيف.
ويبدو أن مسألة فك الارتباط بين المجموعات المسلحة المعتدلة و"جبهة النصرة" كما تطالب موسكو لم تجد طريقاً الى التفاهم، فالوزير الأميركي قال ان تحقيق هذا الامر صعب جداً ومعقد وشائك نظراً الى الأوضاع الميدانية وتوزيع القوى على الأرض واختلاطها بعضها بالبعض، لكنه أكد أن "جبهة النصرة" هي جبهة إرهابية مهما اختلفت تسمياتها "فهي مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي ويجب مواجهتها"، وشدد على ان "جبهة النصرة ليست طرفا في اتفاق وقف الاعمال العدائية.
وأضاف "اننا لن نتسرع في التوصل الى اتفاق لأننا لا نريد أي اتفاق بل نريد اتفاقاً يشكل مدخلاً لحل طويل الأمد يرضي الشعب السوري". ولاحظ ان "وقف الاعمال العدائية لا يزال ساري المفعول نظرياً ويجب تطبيقه عملياً والعودة اليه بشكل مطول والبدء بإدخال المساعدات قبل إعادة الأطراف السوريين الى طاولة الحوار"، مكرراً ان لا مكان الا للحل السلمي في سوريا.
أما الوزير الروسي، فقال إن النقاش توصل الى تفاهم على عدد من النقاط التي نوقشت خلال زيارة كيري لموسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين في حزيران الماضي، موضحا ان هذا التفاهم يتمحور حول إرساء وقف الاعمال العدائية والعودة الى محادثات جنيف.
وبرز خلاف بين الطرفين على فك الارتباط بين "النصرة" والفصائل الأخرى. وقال لافروف إن "مجموعات تدعمها الولايات المتحدة تشارك جبهة النصرة في العمليات العسكرية". وأقر بان فك الارتباط مسألة ليست سهلة لكنه رأى انها ليست مستحيلة، مشددا على "انه من دون فك الارتباط مع النصرة فلن نتمكن من تطبيق وقف جدي للاعمال العدائية".
وظهر خلاف في وجهات النظر في مسألة اطلاق المفاوضات السورية مجدداً، إذ قال لافروف إن بدء المفاوضات سيؤثر على الميدان وسيؤثر على المعارضين لهذه المفاوضات، في حين أصر كيري على ان المفاوضات تأتي نتيجة لوقف الاعمال العدائية وإدخال المساعدات.
وخلال الحوار الثنائي الذي دام نحو 12 ساعة انضم دو ميستورا مرتين الى اللقاء، قبل الظهر ومساء. ولم يصدر أي تعليق عن المبعوث الاممي على مسار النقاش. وكان دو ميستورا ينتظر من اللقاء الثنائي التوصل الى تفاهمات تسمح له بالبدء بالتحضير لجولة جديدة من الحوار، وبالتحديد كان المبعوث الاممي ينتظر التوصل الى تفاهمات على ادخال المساعدات الإنسانية الى كل المناطق المحاصرة والى حلب وإعادة العمل بقرار وقف الاعمال العدائية.
وناقش الطرفان ثلاثة مواضيع رئيسية: الاو - التنسيق بينهما في الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) وخصوصاً بعد دخول القوات التركية بلدة جرابلس والحديث عن أن هذه القوات، التي سيتضاعف عددها الى أن تصل الى حدود 15 الف رجل ، ستبقى في الأراضي السورية إلى أجل غير محدد، استناداً الى تصريحات المسؤولين الاتراك. والثاني - فك الارتباط بين "جبهة النصرة" و"أخواتها" (توصيف اخواتها استخدمه دو ميستورا خلال اجتماع المجموعة الدولية بعد ظهر الخميس)، والمجموعات المعارضة "المعتدلة". والثالث - الأوضاع الميدانية والإنسانية في مدينة حلب وسبل تطبيق هدنة الساعات الـ48 التي تطالب بها الأمم المتحدة لادخال المساعدات الى شطري المدينة.
داريا
وبينما اجتمع لافروف وكيري في فندق فاخر على بحيرة جنيف، أفاد شهود أن سكاناً ومسلحين بدأوا يغاردون داريا التي تخضع للحصار منذ عام 2012.
واتفق مسلحون من المعارضة مع الجيش السوري على خطة الخميس لإجلاء كل السكان البالغ عددهم 4000 نسمة ونحو 700 مسلح من داريا خلال الأيام المقبلة لإنهاء واحدة من أطول المواجهات في الحرب الأهلية.
لكن الطرفين لم يستشيرا الأمم المتحدة في الخطة وعبر دو ميستورا ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين عن قلقهما العميق من الخطة.
وقال المبعوث الأممي في بيان بعد اجرائه محادثات مع كيري ولافروف: "من الضروري حماية الناس في داريا خلال تنفيذ أي عملية إخلاء وأن يتم ذلك طوعا".
وقال أوبراين في تصريحات بالبريد الإلكتروني: "نواصل المطالبة بالوصول إلى داريا بحرية وأمان وندعو جميع الأطراف الى ضمان أن يكون أي تحرك للمدنيين آمناً وطوعياً ويتماشى مع المبادئ والقوانين الإنسانية الدولية".
تركيا
ووقت كانت تركيا ترسل مزيداً من الدبابات الى جرابلس داخل الاراضي السورية، انفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري في مركز للشرطة ببلدة جيرزي بجنوب شرق تركيا مما أسفر عن مقتل 11 شرطياً، في هجوم اعلن "حزب العمال الكردستاني" مسؤوليته عنه.
وتوعد رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم بالرد على منفذي الهجوم.
واطلقت قذائف هاون من محافظة اللاذقية السورية سقطت في محافظة هاتاي التركية، فأصيب ثلاثة جنود أتراك في اقليم يايلاداغ.
في غضون ذلك، أفاد مصدر تركي أن الرئيس رجب طيب اردوغان تحادث هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتفقا على التعجيل في وصول المساعدات الانسانية الى محافظة حلب السورية.