العنوان هو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وإنما الهدف يتجاوز العنوان ليصل إلى حدود القضاء على أي أمل للأكراد بإقامة كانتون كردي يختزن مواصفات الحكم الذاتي على مساحة جغرافية في الشمال السوري المحاذي لتركيا، وهو حلم يراود الاكراد منذ نهاية الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكو التي حرمتهم من إقامة دولة لهم وعجزوا عن تحقيق هذا الحلم بإقامة هذه الدولة.
فتحت عنوان محاربة داعش وعلى خلفية ضرب الأكراد أطلقت تركيا يوم الأربعاء الماضي عملية عسكرية برية مزدوجة حملت الإسم الرمزي /درع الفرات/ في الشمال السوري لطرد داعش من مدينة جرابلس السورية الواقعة على حدودها الجنوبية في مرحلة أولى على أن تعقبها - وكما جاء على لسان المسؤولين الأتراك - هجمات على مواقع المقاتلين الأكراد في حال لم يغادروا غرب الفرات وهو الهدف المنشود أصلا، فدخلت الدبابات التركية مدعومة بمقاتلات حربية وقوات خاصة إلى سوريا ونجحت خلال ساعات قليلة في الوصول إلى مركز مدينة جرابلس والسيطرة عليها في ظل مقاومة تكاد لا تذكر من قبل عناصر تنظيم داعش التي لجأ معظمها إلى الإنسحاب.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن العملية التركية في سوريا تهدف إلى إنهاء المشاكل على الحدود التركية وتستهدف مسلحي داعش والمقاتلين الأكراد في حين اقتصر رد دمشق على التنديد والشجب معتبرة أن الهجوم التركي يعد خرقا سافرا لأراضيها، وفق ما جاء على لسان مسؤول في وزارة الخارجية السورية.
وفي هذا السياق فقد ذكرت مصادر تركية على أن الجيش التركي لم يدخل الأراضي السورية إلا بعد ان نسقت الحكومة التركية مع إيران وروسيا، وأكدت هذه المصادر أن طهران وموسكو طلبتا من الرئيس التركي أن تعلن حكومته عن استعدادها للقبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم قبل تحرك قوات بلاده للتوغل في الأراضي السورية، وتوقعت أن لا تعبر القوات التركية إلى ما بعد نهر الفرات وستكتفي بحصار الأكراد في شرق الفرات بالتعاون مع حكومة كردستان العراق وخصوصا بعد زيارة مسعود البارازاني إلى تركيا قبل يوم واحد من بدء الهجوم.
وترافقت عملية درع الفرات مع زيارة قام بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا والتقى خلالها الرئيس التركي الذي صرح عقب اللقاء بأن مسلحين من المعارضة السورية تدعمهم تركيا استعادوا جرابلس من تنظيم داعش بعد ساعات من انطلاق العملية.
أما بايدن فقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع اردوغان أنه يتعين على تركيا السيطرة على حدودها وأنه يجب ألا يكون هناك احتلال للحدود من أي جماعة أخرى، وأكد على أن الجيش الأميركي يوفر غطاءا جويا للعملية التركية،
وعقب لقائه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أعلن بايدن أن واشنطن أبلغت الميليشيات الكردية وجوب عدم العبور إلى غرب الفرات حيث تقع جرابلس، وشدد على أن القوات الكردية لن تلقى أي دعم من الولايات المتحدة الأميركية إذا لم تحترم تعهداتها.
أما يلدريم فقد كرر القول أن تركيا لن تسمح بوجود أي كيان كردي على حدودها مع سوريا.
وجدير بالإشارة أن العملية العسكرية التركية في سوريا أطلقت عشية اجتماع مقرر في جنيف بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في محاولة للتوصل إلى اتفاق على تعاون عسكري محتمل يهدف إلى هزيمة داعش في سوريا.
أما الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردي وصف التدخل العسكري التركي في سوريا بأنه اعتداء سافر على الشؤون الداخلية السورية وهو ناجم عن اتفاق بين تركيا وإيران والحكومة السورية.
ومعلوم أن قوات كردية مسلحة تشن حملة على داعش في شمال سوريا وتحديدا في الآونة الأخيرة غرب نهر الفرات.
وإذا كانت تركيا قد نجحت في وضع حد لتنظيم داعش في مدينة جرابلس السورية خلال ساعات قليلة. إلا أن ضرب داعش لم يكن سوى ممر إلزامي لتمكين تركيا من ضرب الأكراد الذين باتوا يشكلون هاجسا مزمنا لأنقرة.