يعلق المبعوث الخاص للامم المتحدة لحل الأزمة السورية ستافان دو ميستورا الكثير من الآمال على اللقاء الثنائي الذي سيجمع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري في جنيف اليوم علّه ينجح في كسر حلقة الجمود التي تحاصر العملية السياسية منذ نيسان الماضي.
وصرح دو ميستورا بعد لقاء المجموعة الدولية في مقر الامم المتحدة بان "الشيء الوحيد الذي يمكن الحديث عنه في هذه اللحظات ان هذه اللقاءات التي تعقد خارج مكتب الأمم المتحدة ستكون لها تداعيات مباشرة على المسار الواجب اتباعه في إعادة اطلاق العملية السياسية في سوريا".
وعلمت "النهار" ان لقاء لافروف – كيري سيركز مجدداً على مطلب الفصل بين "جبهة فتح الشام" (المسمى الجديد لـ"جبهة النصرة") وهو مفتاح العودة الى الأوضاع التي كانت سائدة قبل انفراط عقد العملية السياسية ووقف الاعمال العدائية بالنسبة الى الجانب الروسي.
وأمس، شدّد لافروف قبيل وصوله الى جنيف على ضرورة "ان يفي الاميركيون بوعدهم بالعمل على فصل المجموعات التي يدعمونها عن جبهة النصرة".
وفي المعلومات أيضاً أن الوزيرين سيبحثان كذلك في إزالة العقبات من طريق تنفيذ الخطة الأممية للتوصل الى هدنة أسبوعية مدة 48 ساعة.
وجدد دو ميستورا المطلب الاممي "المصر على الهدنة"، وكشف في مؤتمر صحافي ان الجانب الروسي أبلغ موافقته على الهدنة "ونحن في انتظار موافقة الطرف الآخر (المجموعات المعارضة في حلب) على البدء بتطبيق الهدنة"، مشيراً الى أن قوافل المساعدات الأممية باتت جاهزة خلف الحدود التركية ومن جهة العاصمة السورية وانها تنتظر الإشارة الى دخول شقي حلب الشرقي والغربي.
وحصلت "النهار" على أجواء النقاش داخل اجتماع المجموعة الدولية حيث أبلغ دو ميستورا ممثلي الدول الـ17 أن "المجلس المحلي" لمدينة حلب يرفض الهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة، وأنه "لا يستغرب هذا الموقف"، ونقل عنه "ان النظام السوري يمنع دخول المساعدات الى داريا لأنه يعدّ من بقي في المدينة أعداء له، فما هي حجة مجلس حلب المحلي لمنع دخول المساعدات الى شرق حلب حيث الأهالي يوالون بمعظمهم المعارضة".
وكان مجلس حلب المحلي قد اعلن في بيان له انه يرفض دخول المساعدات من طريق الكاستيلو ويصر على إدخالها من طريق الراموسة فقط "الممر الوحيد والآمن لادخال المساعدات وتحركات المدنيين".
تعزيزات عسكرية تركية
الى ذلك، تسارعت التطورات الميدانية على الحدود التركية- السورية، وعززت تركيا حضورها العسكري في بلدة جرابلس بشمال سوريا مع ادخال مزيد من الدبابات اليها. وأفادت "وكالة الصحافة الفرنسية" ان دبابات وسيارات اسعاف اجتازت الحدود قرب مدينة كركميش التركية ودخلت الاراضي السورية. وترافق ذلك مع تحذير شديد وجهته انقرة الى القوات الكردية التي باتت على مقربة من جرابلس بعد السيطرة على مدينة منبج قبل أيام، طالبة منها الانسحاب والعودة الى شرق نهر الفرات و"الا فإنها ستواجه تدخلا تركياً". بحسب ما اعلن وزير الدفاع التركي فكري ايشيك: "سنتصرف بطريقة تمنع حزب الاتحاد الديموقراطي من الحلول مكان داعش في هذه المنطقة".
وبعد يومين من بدء العملية العسكرية التركية يتضح الهدف الاساس منها، إذ كتبت صحيفة "حريت" التركية أن هدف العملية "يشمل اقامة منطقة آمنة خالية من المجموعات الارهابية ووضع حد لتقدم القوات الكردية". وكشفت ان 450 جنديا شاركوا في العملية خلال اليوم الاول للهجوم، لكن هذا العدد قد يرتفع الى 15 ألفاً، ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن مسؤول تركي "ان انقرة ستواصل عملياتها الى حين التأكد بمن أن التهديدات المباشرة للأمن القومي في البلاد زالت".
وفي استوكهولم، قال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي زار تركيا الاربعاء الماضي ان "الأتراك مستعدون للبقاء (في سوريا) طالما كان ذلك ضرورياً بهدف القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية"، وأشاد بما سماه "التغيير التدريجي في عقلية انقرة" حيال التنظيم الجهادي.
ودخلت الولايات المتحدة على خط تطمين الجانب التركي، وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو ان "وحدات حماية الشعب الكردي في صدد الانسحاب الى الشرق من نهر الفرات".
وبثت شبكة "سي إن إن تورك" للتلفزيون أن الجيش التركي قصف مجموعة من المقاتلين الأكراد السوريين جنوب جرابلس. وقالت إن القصف حصل قرب منبج المنطقة التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" التي تدعمها الولايات المتحدة بعدما لم يأبه المقاتلون الاكراد لتحذير من القوات التركية. وتبعد جرابلس نحو 40 كيلومترا إلى الشمال من منبج.
وأعلن مسؤول تركي ان أنقرة خططت لعملية عسكرية في سوريا منذ سنتين، غير ان عوامل عدة آنذاك حالت دون ذلك، خصوصا الخلافات مع واشنطن.
تسوية في داريا
وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المسلحة المعارضة في مدينة داريا القريبة من دمشق الى اتفاق يقضي بخروج آلاف المسلحين والمدنيين.
وأوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان "اتفاق التسوية" ينص على "خروج 700 مسلح من المدينة الى مدينة ادلب"، فضلاً عن "خروج 4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم ونقلهم الى مراكز الايواء"، من دون تحديد موقعها، وينص الاتفاق أيضاً على "تسليم السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل الى الجيش".
وأكد مصدر في الفصائل المقاتلة في داريا التوصل الى اتفاق ينص "على افراغ المدينة وخروج المدنيين والمقاتلين منها بدءاً من غد". وأوضح ان "المدنيين سيتوجهون الى مناطق خاضعة لسيطرة النظام في محيط دمشق، وسيذهب المقاتلون الى محافظة ادلب في حين يفضل آخرون تسوية اوضاعهم مع النظام".
قصف حلب
وعلى جبهة أخرى، قال "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراص له ان 11 طفلاً قتلوا في قصف جوي لقوات النظام السوري بالبراميل المتفجرة لأحد الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة في شرق مدينة حلب بشمال سوريا.