بدأ الحديث عن الفساد المالي والإداري في العراق قبل انتهاء السنة الأولى من عمر الاحتلال الأميركي للبلاد، ووجهت حينها اتهامات إلى الحاكم الأميركي بول بريمر بتبديده أكثر من ثمانية مليارات.
ومنذ ذلك الحين والحديث لم يتوقف عن وجود فساد في مختلف الدوائر والوزارات، وتبنى مؤخراً قياديون بالكتلة الصدرية في البرلمان العراقي حملة واسعة داخل البرلمان لفضح ما وصفوه بأكبر عمليات فساد في تاريخ العراق.
وتم استجواب وزير التجارة الدكتور عبد الفلاح السوداني الذي قدم استقالته لاحقاً، وهناك تحركات لاستجواب عدد من الوزراء، لكن ثمة معوقات تقف أمام استجواب بعض الوزراء التابعين للأحزاب الماسكة بالسلطة، الذين تم تنصيبهم استنادا إلى نظام المحاصصة التي اعتمدتها العملية السياسية في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003.
ويقول عضو البرلمان عن الكتلة الصدرية بهاء الأعرجي إن "هناك مسؤولين في الحكومة والبرلمان يدافعون عن الفاسدين بسبب انعكاس فضائح هؤلاء على شعبية هذه الأحزاب في الشارع العراقي، وإن حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي قد تأثر كثيراً من جراء استجواب وزير التجارة الذي ينتمي إلى هذا الحزب".
وكشف الأعرجي وجود ضغوط قوية من بعض الأحزاب لمنع استجواب بعض الوزراء الذين عينتهم هذه الأحزاب في مناصبهم، مقابل سكوت الوزير وعدم كشفه حلقات الفساد العليا في الحكومة والأحزاب.
ويتحدث العديد من البرلمانيين عن قضايا الفساد، ويأخذ هذا الأمر مساحة واسعة من وسائل الإعلام العراقية التي تتحدث عن الفساد المستشري في الإدارات المحلية بالمحافظات العراقية، إضافةً إلى الفساد المالي والإداري في جميع الوزارات.
والحديث عن الفساد السياسي والمالي في العراق قد لا ينتهي، فقد صنّف هذا البلد عالميا كإحدى الدول الأساسية في الفساد المالي، وعُرف المسؤولون العراقيون نوابا ووزراء بأنهم الأكثر فسادا على مستوى دول المنطقة، وفيما يحاول الشعب العراقي الانتفاض على هذا الواقع إلا أنه يصطدم بسياج الحصانة التي يتمتع بها المسؤولون العراقيون .
ومع كل هذا الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية أثار الاستغراب قرار لمحكمة السماوة في محافظة المثنى العراقية يوم أمس قضى بالسجن لمدة عام واحد لطفل عمره ثماني سنوات بتهمة سرقة أربع علب "مناديل"..
وذكرت مواقع عراقية عدة، إن الطفل (م.و) حكم عليه قاضي محكمة السماوة لمدة عام واحد على خلفية سرقته أربع علب مناديل ورقية، وتم إيداعه في سجن الخناق المركزي للمدينة.
من جهته، قدم مجلس محافظة المثنى، طلبا إلى رئاسة الجمهورية بالعفو عن طفل تم الحكم عليه بالحبس لمدة سنة، بعد إقدامه على سرقة أربع علب "مناديل".
وبحسب خبراء في القانون العراقي، فإن قانون الأحداث رقم 76 لسنة 1983، نص على أن الطفل الذي لا يتجاوز عمره التسع سنوات معفي جزائيا، ولا يودع في السجن لأن ذلك يخالف القانون، وإنما يسلم إلى ذويه ويؤخذ تعهد منهم بتصحيح سلوكه.
هذه الواقعة المضحكة لم تحرك ساكنا لدى امراء الفساد في العراق وهي ستأخذ طريقها الى التنفيذ بحبس هذا الطفل فيما اللصوص الكبار محميون من خلال الحصانة و المناصب السياسية والأمنية .