لا يعوّل المسؤولون الخليجيون كثيرا على زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي بدأها الأربعاء إلى السعودية.
وتنقل أوساط مقربة من كواليس القرار في دول الخليج أن هناك شعورا خليجيا عاما بأن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما باتت عاجزة عن اجتراح مبادرات نوعية لحلّ أزمات المنطقة.
وتذهب بعض الأصوات إلى الإعلان أن دول مجلس التعاون الخليجي تريد طي صفحة عهد أوباما في البيت الأبيض لمباشرة استراتيجيات جديدة في التعاطي مع الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل.
وعلى الرغم من أن الإعلان الرسمي عن الزيارة يضعها في إطار البحث في الوضع اليمني، إلا أن مصادر في الرياض اعتبرت زيارة الوزير الأميركي استكشافية تستطلع رأي العواصم الخليجية في مجمل معضلات المنطقة، بما فيها الوضع في سوريا ومحاربة تنظيم داعش، خصوصا وأن في أجندة كيري لقاء في جنيف يجمعه الجمعة مع نظيره الروسي سيرجي لافروف لمناقشة تطورات الوضع في سوريا.
وتعتبر مصادر دبلوماسية خليجية أن الوزير الأميركي تقصّد الحضور للمشاركة في اجتماع يعقد في جدة يحضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بحضور وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بمشاركة روسيا ممثلة بنائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف في خطوة تؤكد التوجه الخليجي نحو إدراج روسيا في الملف اليمني.
وكان الوزراء الخليجيون قد تنادوا إلى هذا الاجتماع الأربعاء والخميس (اليوم) لبحث الخيارات في اليمن بعد فشل محادثات الكويت، بما في ذلك الدعم الاقتصادي والعسكري للحكومة اليمنية.
ورأت أوساط سعودية أن زيارة جون كيري هدفها الانخراط في الجهد السياسي الخليجي إزاء أزمة اليمن، لا سيما وأن روسيا ستحضر هذا الاجتماع وهي تتقدم صوب الملف اليمني بخطوات لافتة.
وكان الموفد الروسي بوغدانوف قد أجرى الأحد الماضي في السعودية سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين السعوديين تركزت حول الملف اليمني، بالتزامن مع عرض الرئيس السابق علي عبدالله صالح على موسكو استخدام قواعد عسكرية في اليمن “لمكافحة الإرهاب”. واجتمع بوغدانوف، مع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ووزير الخارجية عادل الجبير، كما عقد المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد جلسة مباحثات مع بوغدانوف في جدة تناولت الملف اليمني.
وتعتبر مصادر أميركية أن أحد أهم جوانب زيارة جون كيري للسعودية تفقد الرؤى الخليجية في الموضوع السوري.
وتقول هذه المصادر إن التقارب التركي الروسي وانخراط أنقرة مباشرة في الميدان السوري، إضافة إلى أن التقارب بين أنقرة وطهران، يؤسس لمداخل جديدة للحلّ في سوريا.
ونقل عن مصادر في الخارجية الأميركية أن كيري، وقبل لقائه بنظيره الروسي في جنيف يريد أن يفهم الموقف الخليجي على ضوء تلك المستجدات ويسعى إلى محاولة إقناع الرياض وحلفائها بمباركة سيناريوهات تتشارك واشنطن وموسكو في التوصل إليها، خصوصا وأن واشنطن لم تلحظ أي تبدّل في موقف الرياض في الشأن السوري.
لكن باحثين في الشؤون الخليجية يعتقدون أن دول مجلس التعاون الخليجي باتت تعتبر أن إدارة الرئيس أوباما باتت في مرحلة تسيير الأعمال عشية الانتخابات الرئاسية، وأن الورشة الحقيقية الكبرى التي تعمل عليها جديا في المنطقة هي الحرب ضد داعش والتحضير لمعركتي الرقة في سوريا والموصل في العراق.
وتنقل هذه الأوساط عن مسؤولين خليجيين قولهم إن واشنطن غير معنية بإحداث أي تغييرات دراماتيكية في الشأن السوري، وأنها ستعمل على الحفاظ على ستاتيكو لتسليم الملف معلّقا إلى الإدارة الأميركية الجديدة.
ويعتقد مراقبون لشؤون العلاقات الأميركية الخليجية أنه طالما أن الموقف الأميركي ضبابي، وهو يسعى لإرضاء الأكراد والأتراك ويتعايش مع الموقف الإيراني، فإن العواصم الخليجية ستذهب نفس المذهب في المراوحة في شأن الموقف من الوضع السوري ولن يتطوّر موقفها إلا باتضاح هوية ساكن البيت الأبيض الجديد.
ونقل عن مقرّبين من وزارة الخارجية السعودية، أن الرياض لن تجازف بالتكيّف مع المستجدات المتعلقة بتبدل العلاقات الروسية التركية الإيرانية، خصوصا وأن هذه التغييرات مازالت رخوة، كما أنه لا يمكن الخضوع لمزاج كيري والإدارة الأميركية، في ما يصدر عن مرشحيْ الرئاسة الرئيسيين، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، يقدم أعراضا لتغير في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، لا سيما ما يتعلق منها بالمنطقة.
صحيفة العرب