يتابع اللبنانيون شؤون بلادهم بعين الحسرة والإنكسار، وبات الهاجس الوحيد عودة الروح إلى الحياة السياسية في البلاد بعد الإنكفاء وسياسة التعطيل والفراغ التي ينتهجها السياسيون اللبنانيون دون استثناء .
وبالرغم من إطالة أمد الفراغ الرئاسي يبقى الرهان دائما على إنتاجية العمل الحكومي علّه يسد ثغرة الفراغ والتعطيل, ويسهم في حل قضايا اللبنانيين وشؤونهم .
ما أثار الاستغراب قرار الرابية بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء المقررة هذا الأسبوع على وقع الحجج الواهية بعنوان الميثاقية وغياب القوى المسيحية الاساسية وفق تعبير رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي اعتبر هذه المقاطعة رسالة تحذيرية مع التلويح بخطوات تصعيدية قد تصل الى حالة النزول إلى الشارع .
يعود التيار الوطني الحر إلى اللعب على التناقضات الطائفية والحس الطائفي في البلاد لا لشيء إنما الهدف الوحيد هو التعطيل والإستمرار في إفراغ الؤسسات من محتواها الدستوري و القانوني ذلك أن مجلس الوزراء ربما يكون المؤسسة الوحيدة التي تبعث الحياة في العملية السياسية في البلاد و ها هو اليوم يعود التيار الوطني الحر لممارسة الضغوط من أجل التعطيل تحت حجج الطائفية و الذهبية و الميثاقية.
إن تعطيل عمل مجلس الوزراء ولو مرحليا هو بالتأكيد خبر لا يسرّ اللبنانيين باعتبار أن مجلس الوزراء ليس لفئة واحدة وإنما للجميع ولا يقرر لمصلحة جهة واحدة وإنما لمصلحة عموم الناس، وإن ومتطلبات وحاجيات هؤلاء الناس لم تعد تحتمل ترف التأجيل أو التعطيل أو الاستنكاف عن البت فيها وفي الحلول المطلوبة لها.
إن هذه حكومة موصوفة بـحكومة المصلحة الوطنية وهي على رغم كل شيء، تبقى الرمز الأول وشبه الوحيد لاستمرار الدولة في ظل الفراغ الرئاسي من جهة والتعطيل اللاحق بالعمل التشريعي من جهة أخرى. ويمكن الادعاء منطقياً، بأنه يمكن الفصل بين القضايا السياسية الكبرى والمهمة، أياً يكن عنوانها، وبغضّ النظر عن صوابها أو خطئها، وبين تأمين مستلزمات وشروط استمرار الأداء الرسمي العام والبحث في معالجة قضايا الناس والأزمات المعيشية والتنموية الكثيرة.
يحاول جبران باسيل إثبات حضوره السياسي الذي يتداعي شيئا فشيئا داخل التيار الوطني الحر على خلفية مواقفه الصبيانية واتجالاته الولادية في تصحيح مسار بعض المنتمين للتيار فيأتي ليلعب في مسرح المؤسسات الدستورية والوطنية علّه يسد بعض فواتير الفشل الذي يلاحقه من مكان إلى آخر.