اسمي حنا. منذ 37 عاماً، وفي هذه الفترة تقريباً، ذهبت من منزلي في الضبيّة إلى قريتي في بقاعكفرا لألحق بزوجتي وأولادي الستة الذين كانوا يقضون آخر أيام الصيفِ هناك. أثناء عبوري قرية أميون، اُوقفتُ على حاجزٍ لإحدى الميليشياتِ. بعدَ استجوابي من قبلِ رجالِ الميليشيا، طُلِبَ مني الترجل من السيارة وعدم العودةِ مجدداً.
فورَ وصولي إلى بقاعكفرا، بدأتْ تفاصيل حادثتي في أميون تنتشر بين الناس. تجمّع أهلُ قريتي في منزلِ والدي الذي كان مختارَ القريةِ آنذاك. بعد نقاشات طويلة، قررنا التواصلَ مع بعض الأشخاصِ في أميون من معارف والدي، لمساعدتِنا في العودةِ إلى الحاجزِ ومفاوضةِ رجال الميليشيا لاسترجاعِ سيارتي. لم نتخيلْ أنّ هذه المفاوضة البسيطة ستؤدي الى احتجازي ووالدي.
بعد فترةٍ قصيرةٍ من اختفائنا، زارَ رجلٌ، كان قد تمّ إلإفراجَ عنهُ، عائلتي. أخبرَ زوجتي كيف كان والدي يتوسّل الرجال الذين كانوا يعذبونني التوقف عن ضربي لأنني ربّ منزلٍ وعليّ العودة إلى عائلتي.
كان يطلبُ منهم تعذيبه بدلاً مني. بالنسبةِ إلى ذلك الرجل، توفّي والدي بعد فترةٍ قصيرةٍ من التعذيب. لم تعلم عائلتي إن كان مصيري مماثلاً أو إن كنتُ قد أُخذتُ إلى مركزِ احتجازٍ في سوريا.
"اختفى والدُكَ ولا نعلم إن كان سيعود"، كيف باستطاعةِ أيّ شخصٍ زفّ هذه الأنباءِ إلى أولادٍ صغار. كان ابني جورج في السابعة من عُمرِه في ذلك الوقت. منذ ذلك الحين لُقبَ بـ"ابن المخطوف" في ضيعتنا. لم يفهم معنى كلمة مخطوف، لكنه لاحظَ كيف بدأ الناس بمعاملتِه بلطفٍ أكثر بعدما أطلقوا عليه اللقب.
اسمي حنا مخلوف ووالدي هو وديع. لا تدعوا قصتنا تنتهي هنا.
(الاخبار)