قبل يومين من جلسة الحكومة المقررة غداً، لم يكذّب التيار الوطني الحرّ خبراً، حول نيّته مقاطعة الجلسة اعتراضاً على إصرار فريق تيار المستقبل ووزراء رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وللأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير.
وقطع الوزير جبران باسيل الشكّ باليقين أمس، معلناً بعد انتهاء اجتماع تكتلّ التغيير والإصلاح عزم التيار الوطني الحر على مقاطعة جلسة الحكومة المقرّرة الخميس، واعتبار المقاطعة بمثابة «رسالة تحذيرية اعتراضية كي توقف الحكومة مخالفة القانون». واعتبر باسيل «القضية أبعد من قانونية ودستورية قرارات الحكومة، بل متعلقة بميثاقية الحكومة»، فاتحاً النقاش حول مفهوم الميثاقية.
كلام باسيل، لاقاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساء أمس بموقف معاكس تماماً، حول الميثاقية تحديداً. إذ أكّد برّي أمام زوّاره أنه لن يؤيّد أي محاولة لتأجيل جلسة الحكومة الخميس بذريعة فقدانها الميثاقية كما يقول التيار الوطني الحر. بل يعتبر بري أن الحكومة مكتملة «المواصفات والأوصاف»، وخصوصاً التمثيل المسيحي. وأشار إلى أن الوزراء المسيحيين الموجودين داخل الحكومة لا ينتقصون من الصفة الميثاقية للحكومة.
وأبدى برّي خشيته من أي محاولة للتأجيل، إيذاناً بتعطيل جلسات مجلس الوزراء في ما بعد، مع إشارته إلى أن المجلس نقص وزيراً كتائبياً، وأن القوات غير ممثلة أصلاً في هذه الحكومة، وبالتالي إن غياب وزراء التيار الوطني الحر لا يفقدها الميثاقية.
موقف برّي ردّ عليه أكثر من مصدر نيابي ووزاري في التيار الوطني الحر، في ما يبدو تناقضاً كبيراً في المواقف بين حليفي حزب الله، الذي لا يزال يدرس موقفه وردّ فعله على التطورات الحكومية، من دون أن يخلص إلى موقف حاسم بانتظار الاتصالات السياسية والمشاورات مع الحلفاء، كما قالت مصادر بارزة في قوى 8 آذار لـ«الأخبار». وقالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إن «عقد جلسة الحكومة يوم الخميس بغياب التيار الوطني الحر هو ضرب لآلية العمل الحكومي التي اتُّفق عليها، وأيضاً ضرب للميثاقية في غياب مكوِّنين مسيحيين عن أعمال الحكومة». من جهتها، أكّدت مصادر نيابية بارزة في التيار الوطني الحرّ لـ«الأخبار» أن «كلام الرئيس برّي معاكس تماماً لموقفنا وللموقف الذي على أساسه تظاهرنا ضد حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة يوم خرج الوزراء الشيعة من حكومته». وذكّرت المصادر بالمادة (ياء) من الدستور، مشيرةً إلى أن «التيار سيغيب عن الجلسة، والكتائب أصلاً غائبون، ومعلوماتنا أن الطاشناق لن يحضر الجلسة بالإضافة إلى الوزير ميشال فرعون، فمن أين تأتي الميثاقية؟ هل تكفي كتلة المردة لتأمين الميثاقية؟ إذا كانت تكفي، فإن النائبين غازي يوسف وعقاب صقر باستطاعتهما تأمين الميثاقية في حال غياب حزب الله وحركة أمل، وهذا ليس صحيحاً، وبالتالي عقد أي جلسة لمجلس الوزراء من دوننا ضرب للميثاقية».
ومع استمرار السجال حول ميثاقية الجلسة بغياب التيار، لم تحسم مسألة عقد جلسة الحكومة غداً من عدمه، في وقت تتضارب فيه المعلومات الآتية من فريق رئيس الحكومة تمام سلام وتيار المستقبل. ففي الوقت الذي أكّدت فيه مصادر وزارية محسوبة على سلام لـ«الأخبار» أن «جلسة الخميس قائمة»، أكّدت مصادر وزارية بارزة في تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن «الأرجح أن لا تتم الدعوة إلى جلسة الخميس، لكننا نتوقّع أن يكون الإشكال كبيراً وليس عادياً هذه المرّة». وتقول مصادر المستقبل إن «الموقف المبدئي لدينا هو عدم تعيين أي موظّف فئة أولى في غياب رئيس الجمهورية، ورئيس الأركان ليس موظفاً من الفئة الأولى».
بدوره، أكّد النائب إبراهيم كنعان بعد لقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب أنه «يجب أن تتأجل جلسة مجلس الوزراء المقررة، لفسح المجال أمام البحث المعمّق في المشكلة كي يكون الجميع مرتاحين لما يجري في المؤسسات الدستورية»، في وقت أشارت فيه المصادر إلى أن جعجع يقوم بسلسلة اتصالات مع فرعون ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لبحث مسألة تأجيل الجلسة أو ضمان أوسع مقاطعة مسيحية وزارية لها.
هل تهدّد مقاطعة التيار الحكومة؟ السؤال يحمل أكثر من إجابة من مختلف الفرقاء، إلّا أن الثابت الوحيد هو أن الحكومة هي آخر العنقود، بعد رئاسة الجمهورية الشاغرة ومجلس النواب المعطّل، وبالتالي ليس من مصلحة أحد تعطيلها. وفي وقت تقول فيه مصادر تيار المستقبل إن «تحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال لن يؤثّر بالاستقرار، وربّما كان تصريف الأعمال يخفف المشاحنات»، تقول مصادر وزارية في فريق 8 آذار إن «النقاش بين الحلفاء لم ينته بعد حول الموقف من الحكومة، لكنّ تعطيل الحكومة أمر خطير في هذا الوقت». من جهتها، تقول مصادر التيار الوطني الحر إن «التيار ليس هدفه شل البلد، بل عودة الحكومة إلى القانون، وما نطلبه هو تأجيل الجلسة لحين عقد مشاورات وليس أمراً تعجيزياً، لكن الظاهر أن هناك من يريد أن يسبّب مشكلاً جدّياً في البلد، وليس نحن من يريد المشكل»