عذرًا سيّدي يعقوب فإنّنا أنت في زماننا وعذرًا نبيي يوسف فإنّ الصّدر الغائب الحي فينا هو أنت في عصرنا، عذرًا منك إمامي ما لغيابك في فؤادنا إلّا لوعة فراق لن تطفأ إلّا حين تتكحّل عيوننا بتلك العيون التي استمدّت لونها الأخضر من أمل الربيع وبالبسمة التي رسمتها مع كل كلمة تواضع نطقت بها وحكمة ما زالت في أذهاننا عالقة من جيل إلى جيل.
سيّدي قل لسجّانك أنّك أنت الرجل الذي جمعت لبنان حين كان متفكّكًا وأنّك الإنسان الذي تجلّت به كلّ معالم الإنسانية فجالست الفقير قبل الغنيّ وأطعمت الجائع قبل أن تأكل، قل لجدران زنزانتك أنّك رجل وحّدت الطوائف فكانت عباراتك تطرق باب قلب مسيحي وفكر مسلم دون استئذان لتستقر بهما وتوحّدهما كأنّ لهما دين واحد.
أيّها الصّدر الذي حمى برحابته لبنان من فخّ الطائفيّة وزرع العزّة والثّقة في رجال جنوبيّين وأعطاهم من محبّته وجرأته وقودًا عزّزوا به ثقتهم بأنفسهم وتزوّدوا منه عنفوانا وحبًّا للوطن فكان منهم خلدون وجرادي وسعد ، أيّها الإمام الذي خلّده التاريخ إنسانًا وفكرًا ومنهجًا والذي تخطّت عقيدته الوطنية حدود السجن المظلم المجهول فبقي حيًّا فينا على مدى غياب دام 38 عامًا وسيبقى إلى الأبد إنّنا نبكيك شوقًا على أمل اللقاء.