تتحرك قوات تابعة للمعارضة السورية من داخل الأراضي التركية استعدادا لانتزاع مدينة جرابلس الحدودية من قبضة تنظيم داعش، في محاولة من أنقرة لكسر “الهلال الكردي” الذي تسعى قوات كردية سورية لتوسيع نطاقه على الحدود.
وقال قيادي في المعارضة السورية، طلب عدم نشر اسمه، لـ”رويترز” إنه من المتوقع أن يشن مقاتلو المعارضة -الذين ينتمون إلى جماعات تدعمها تركيا تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر- هجوما على جرابلس من داخل تركيا في غضون أيام.
ويهدف الهجوم إلى استعادة البلدة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في خطوة من شأنها أن تبدد آمال الأكراد بتوسيع سيطرتهم في المنطقة.
وأضاف القيادي السوري أن الفصائل تتجمع بمنطقة قرب الحدود داخل تركيا.
وستبدد “معركة جرابلس” الكثير من هواجس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إزاء تقدم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، والتي تسعى إلى تأسيس إقليم كردي على حدود تركيا.
وتعززت هذه المخاوف منذ نجاح القوات الكردية في استعادة مدينة منبج الواقعة على بعد 30 كيلومترا جنوبي المدينة.
ويسيطر على تركيا شعور بالإخفاق في السباق إلى منبج، خصوصا مع الولايات المتحدة التي باتت أجندتها تتعارض كثيرا مع النهج التركي في سوريا.
كما يأتي الهجوم المنتظر على جرابلس اتساقا مع تفاهمات تعمقت مؤخرا بين تركيا وروسيا، إذ أعلن الطرفان توحيد الجهود في “الحرب على داعش”.
ولم يمهل التنظيم المتشدد تركيا وقتا لتفعيل تحالفها الجديد.
وقتل 50 شخصا وأصيب العشرات في وقت متأخر من مساء السبت في هجوم نفذه انتحاري على حفل زفاف أقيم في مدينة غازي عنتاب التي تسكنها أغلبية كردية في جنوب تركيا.
واتهم أردوغان تنظيم داعش بتنفيذ الهجوم. وقال الأحد إن “القوى (لم يسمها) التي فشلت في إخضاع تركيا وهزيمتها، تحاول هذه المرة تفعيل سيناريوهات تحريض قائمة على أساس عرقي ومذهبي، بهدف ضرب وحدة الشعب وتكاتفه”، مشدّدا على أن “الدولة والشعب لن يسمحا بنجاح المخططات الرامية إلى تقسيم البلاد”.
كما قال أيضا إن تركيا “لا ترى فرقا بين منظمة فتح الله كولن التي قتلت 240 مواطنا في محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، وبين منظمة بي كا كا الإرهابية التي قتلت 70 شخصا من القوات التركية في عمليات إرهابية خلال الشهر الأخير، وبين تنظيم داعش الإرهابي المشتبه بتنفيذه تفجير غازي عنتاب”.
وعلى ما يبدو كان أردوغان يمهد للمعركة التي قد تحوّل شمال سوريا إلى “رقعة شطرنج” تتقاسمها المعارضة والأكراد.
وإذا ما نجحت القوات الموالية لتركيا في انتزاع جرابلس من قبضة داعش، فستضيف المدينة إلى مدينة الراعي، الواقعة على بعد 54 كيلومترا إلى الشرق، ومدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي.
وستبقى بلدات عين العرب (كوباني) ومنبج وعفرين وتل رفعت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية.
وللحفاظ على هذا التوازن، يحتاج أردوغان إلى إثبات حسن نواياه في مرحلة الاختبار التي يمر بها بعد أقل من أسبوعين على تفاهمات جديدة أسفرت عن تنسيق غير مسبوق في المواقف بين أنقرة وموسكو وطهران.
والهدف المعلن من الدول الثلاث هو قتال تنظيم داعش، لكن الطريق يبدو معبدا الآن أكثر من أي وقت مضى لتبادل أوراق وتغيير في المواقف يمهد لتقارب محتمل بين أنقرة ودمشق.
وقال مراقبون إن معركة جرابلس ستتم بالتنسيق مع روسيا التي يحتاج أردوغان إلى مساندتها لتعزيز مواقفه ضد إصرار واشنطن على دعم قوات حماية الشعب الكردي، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية.
صحيفة العرب