تحت وطأة التهديدات العونية المتواترة إعلامياً تلميحاً وتلويحاً باتخاذ «خطوات» انتقامية من الحكومة رداً على عدم امتثالها لتوجيهات «الرابية» حيال ملف التعيينات العسكرية، تسود حال من الترقب الحكومي لاستكشاف ماهية هذه «الخطوات» الموعودة والمدى الذي ستبلغه بعد اتخاذ وزير الدفاع سمير مقبل اليوم قرار تأجيل تسريح أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير ربطاً بتعذر التوافق على تعيين بديل له خلال جلسة مجلس الوزراء أول من أمس. غير أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري بدا مطمئناً إلى استمرار العمل الحكومي بقوله لـ«المستقبل»: «لا يهددنّ أحد ولا يتوعدنّ أحد.. لا أحد سيستقيل من الحكومة».

اللاءات الثلاث التي رفعها بري أعقبها بالتأكيد على كون ملف التعيينات العسكرية «تمت معالجته»، ناصحاً بدل استهداف الحكومة على خلفية هذا الملف بالانكباب على «معالجة المياه والكهرباء والنفايات». ورداً على سؤال عما إذا كان لا يزال متفائلاً بانتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة الجارية، اكتفى بالإجابة: «إن شاء الله.. إسعَ يا عبدي وأنا بسعى معك».

وأمس أكد وزير الدفاع أنه يعتزم تأجيل تسريح خير اليوم على أبعد تقدير بعد عدم حصول أي من الأسماء الثلاثة التي اقترحها على مجلس الوزراء لخلافته على أكثرية أصوات ثلثي أعضاء المجلس، وردّ مقبل على وصف وزيري «التيار الوطني الحر» مقاربته لملف التعيينات بـ«المسرحية» قائلاً: «ما يجري في الانتخابات الرئاسية وطريقة التعاطي مع جلسات انتخاب الرئيس هو المسرحية الحقيقية». في حين استغربت مصادر وزارية لـ«المستقبل» كيف يمكن لوزيري «التيار» أن يصفا عملية طرح الأسماء المرشحة للتعيين على مجلس الوزراء بأنها «مسرحية بينما بدوَا في الوقت نفسه حريصين على المشاركة فيها»، وسألت: «هل يعني تصويتهما في مجلس الوزراء أنهما مشاركان في هذه المسرحية؟!»، مستطردةً بالإشارة إلى أنّ «حالة الارتباك التي تحكمت بأداء الوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب خلال الجلسة ودفعتهما إلى المشاركة في «مسرحية التصويت»، مردّها إلى القلق العوني ربما من إمكانية أن يعمد الوزير مقبل إلى طرح أسماء مقترحة للتعيين في قيادة الجيش بالتزامن مع طرح الأسماء المرشحة لخلافة خير وتمرير تأجيل تسريحهما لاحقاً في قرار واحد يصدره وزير الدفاع نظراً لعدم توافق مجلس الوزراء على تعيين بديل لكل منهما»، مع الإشارة إلى أنّ رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط كان يرغب بأن يُصار إلى إقرار تعيين رئيس أركان جديد خلفاً للواء وليد سلمان في جلسة أول من أمس غير أنه سرعان ما عدل عن ذلك بعد اتصال تلقاه من رئيس الحكومة تمام سلام عشية انعقاد الجلسة للتمني عليه إرجاء الأمر إلى جلسة لاحقة.

في الغضون، رأت أوساط حكومية لـ«المستقبل» أنّ المقياس للمدى الذي سيبلغه الرد العوني الحكومي سيبدأ بالتكشف تباعاً خلال الساعات المقبلة بعد صدور قرار تأجيل تسريح اللواء خير رسمياً، مرجحةً في الوقت عينه أن يراوح هذا الرد بين «التصعيد من داخل مجلس الوزراء كحد أدنى ومقاطعة جلسات المجلس كحد أقصى»، مع رسم المصادر «علامة استفهام» حول الموقف الذي سيتخذه «حزب الله» لناحية ما إذا كان سيقرر التضامن مع «التيار الوطني» في مقاطعة الحكومة أم أنه سينأى بنفسه عنها، سيما وأنّ الوزير محمد فنيش كان قد أوضح على هامش جلسة الخميس لأحد زملائه الوزراء حين سأله مستفسراً عن معنى «الخطوات» التي يلوّح باسيل باتخاذها رداً على قرار التمديد لخير، بالإشارة إلى كونها تعني «المقاطعة».