اذا كانت ملفات الازمة السياسية وضعت في ثلاجة انتظار أيلول ومواعيده التي يؤمل ان تعيد تحريك الحيوية السياسية مع محطتي الحوار في الخامس منه والجلسة الـ44 لانتخاب رئيس للجمهورية في السابع منه فان الاستحقاقات المتصلة بالازمات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية لا تهادن الحكومة وتضغط بقوة متزايدة عليها. ووسط عودة الاهتزازات الحكومية التي أثارها فتح ملفات التعيينات العسكرية في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء كشفت مصادر وزارية لـ"النهار" ان تحريكا جديدا لملف الموازنة بدأ يشكل استحقاقاً لا يحتمل مزيداً من التأجيل باعتبار ان وزير المال علي حسن خليل يعد لاحالة مشروع الموازنة لسنة 2017 على مجلس الوزراء خلال ما تبقى من الشهر الجاري، الامر الذي سيحتم على الحكومة مواجهة هذا الاستحقاق من خلال بت مصير الموازنات السابقة العالقة من دون اقرار. وما لم يبت مصير الموازنة، ستجد الحكومة نفسها أمام واقع معقد نظراً الى الحاح الحاجة الى اقرار تشريعات في مجلس النواب الامر الذي يعيد دوامة المأزق الى سابق عهده في موضوع تشريع الضرورة.
اما في ما يتصل بموضوع التعيينات العسكرية، فان قرار التمديد للامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير سيصدر اليوم بعدما اخفق مجلس الوزراء في تعيين خلف له على رغم طرح وزير الدفاع سمير مقبل ثلاثة اسماء لعمداء في الجيش لهذا الغرض. وتصاعد التوتر حول هذا الملف في ظل الحملة الحادة التي شنها وزيرا "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والياس بو صعب على الحكومة وتلويحهما باهتزاز الواقع الحكومي بسبب الاقدام تكرارا على التمديد للقيادات العسكرية وهو ما أثار احتمال تصاعد السخونة في هذا الملف وسط الاستعدادات الجارية للتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الشهر المقبل. وعكس الوزير مقبل امس تصاعد المناخ المتوتر في هذا الموضوع اذ رد على وصف وزيري "التيار الوطني الحر" لمجريات الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بانها مسرحية بقوله: "يريدون تعيين أشخاص لمصلحة شخصية أو سياسية أو حزبية وعكس ذلك يعتبرونه مسرحية".
وعلمت "النهار" ان رئيس الوزراء تمام سلام يفضل ان تنضج الامور سياسياً قبل أن تطرح حكومياً في ما يتعلق بموضوع التعيينات العسكرية المتبقية، مما يعني انه من المستبعد ان يصل هذا البند الى الجلسة العادية لمجلس الوزراء الخميس المقبل لئلا يأخذ طابعا فولكلورياً او متشنجاً. وعليه سيؤجل أي طرح بالنسبة الى تعيين رئيس جديد للاركان في الجيش أو بت موضوع قيادة الجيش تعييناً أم تجديداً انطلاقا من قرار الرئيس سلام ان تكون هناك آلية تأخذ في الاعتبار المهل والظروف مما يكون مدخلا لتعزيز المؤسسات الامنية والعسكرية.
لكن مصادر وزارية توقعت ان يسود الاستقرار الوضع الحكومي في الفترة التي تفصل عن أعمال الدورة العادية للجمعية العمومية للامم المتحدة في الثلث الاخير من ايلول. وعزت هذا الاستقرار الى ان "التيار الوطني الحر" الذي يلوّح بتجميد أو تعطيل الوضع الحكومي لاعتبارات داخلية معنيّ بتأجيل هذه الخطوات بسبب مشاركة رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل في أعمال هذه الدورة والتي لن تكون متاحة في حال اعتكاف وزيريّ التيار عن مزاولة العمل الحكومي.
المشنوق
في غضون ذلك، برز أمس كلام عالي النبرة لوزير الداخلية نهاد المشنوق تناول فيه موقف "تيار المستقبل" من الازمات السياسية الراهنة وموضوع "سرايا المقاومة". وقال: "كنا ولا نزال طلاب تسوية لكننا نرفض ان تكون التسوية اسماً حركياً لامرين هما الاستسلام أو الانتظار، فنحن لسنا تياراً مستسلماً ولا تيار انتظار، نحن تيار قرار والايام القريبة ستبين صحة كلامي".
ثم رد على ما وصفه بـ"آخر استعراضات القوة " التي عنى بها معلومات صحافية تحدثت عن انضواء 50 الف شخص في "سرايا المقاومة" قائلاً: "أنا اسميها سرايا الفتنة" وتساءل: "في وجه من يقف هؤلاء؟ الحقيقة ان هذه ليست سرايا فتنة بل سرايا احتلال وهذا الاحتلال لن نقبل به تحت أي ظرف من الظروف".
نصرالله
وبثت قناة "المنار" مساء مقابلة خاصة مع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تحدث فيها مجدداً عن حرب تموز وأعرب عن يقينه من ان "المقاومة ستنتصر اذا حصلت حرب جديدة على لبنان لان النصر سيكون الهيا وقضيتنا قضية حق". واعتبر ان "اسرائيل اليوم في أسوأ حال ولم تتمكن من استعادة بعدها المعنوي بعد حرب تموز ". وأكد انه لا يعيش في ملجأ بحسب زعم الاسرائيليين "فهناك مسؤولون استقبلهم باستمرار وانا اتنقل وهناك ترتيبات معينة نقوم بها".
وفي الموضوع الداخلي قال نصرالله: "لطالما كان تيار المستقبل يهاجمنا ويسيء الينا وعند تشكيل الحكومة يسعى الى التفاهم معنا فمن الطبيعي ان تهتز قاعدته بينما نحن من الاول خطابنا واحد وهو ان لا خيار أمامنا الا بوحدة اللبنانيين والدليل ان لا مشكلة لدينا بان نكون في حكومة واحدة مع تيار المستقبل ومن أجل هذا البلد وشعبه نقدّم دماً ومستعدون للجلوس مع أخصامنا".
شبعا
الى ذلك، تفاعلت أمس قضية الانتهاكات الاسرائيلية التي طاولت أخيراً مزارع شبعا بشق طريق جنوب البلدة وصولاً الى السياج التقني، وتقدمت مجموعات من اهالي شبعا في طليعتها النائب قاسم هاشم الى مكان القضم الاسرائيلي تحت انظار الجنود الاسرائيليين في المقلب المواجه حيث زرع المواطنون اللبنانيون علماً لبنانياً دلالة على رفض الانتهاك وتحرير المكان الذي تعرض للقضم.
أما على الصعيد الرسمي، فطلب وزير الخارجية من بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن على اسرائيل لخرقها القرار 1701.