إن المسلمين سوف ينجحون رغم المصاعب "في جهدهم للتأثير على الرأي العام العالمي ، على الأقل فيما يتعلق بالمباديء الأخلاقية . وربما أمكنهم في ميدان الأفكار الدينية الأوسع أن يساعدوا على إغناء العالم لأنهم أحتفظوا بقوة كبرى في التعبيرعن بعض الأفكار كحقيقة الله {سبحانه } تلك الأفكار التي أهملت ونسيت في كثير من الطوائف والأديان الأخرى الموحدة " منتغمري وات المؤرخ البريطاني المعاصر . والعقيدة الإسلامية هي التي تعرف كيف تشد الإنسان الى أعماق الأرض ، وتدفعه الى التنقيب فيها من أجل إعمارها وحمايتها وإن المسلم الحق لن تحميه وتنصره إلا يده المؤمنه التي تعرف كيف تبحث عن الحديد وتصوغه من أجل الحماية والتقدم والنصر ، وبتم هذا بالإرتباط الوثيق بحركة الجهاد الإسلامي الدائمة .إن العلم الحديث ليس مارداً كافراً لكي نتبرأ منه وندعو لحربه ، ولكنه أداة حيادية يمكن توظيفها لتعزيز وجودنا وعقيدتنا الإسلامية النيِّرة ، كما أن هذا العلم ليس إبن الحضارة الغربية وحدها ،لكي نتردد في إحتضانه وتنشئته ولكنه تمخض متواصل لتراكم الخبرة البشرية ، ونتاج لحضارات شتى ، وكان للحضارة الإسلامية نصيب وافر فيه . والشخصية الإسلامية تستمد مكوناتها الأساسية ونقاط شدها وتوحدها ، ليس من المتغيرات البيئية والتأريخية ، ولكن من مرتكزات عقيدتها الثابتة والمكتملة المحفوظة الحدود والملامح في كتاب الله العزيز ، وسنة رسوله الكريم وممارسات الأجيال الإسلامية الموصولة عبر الأماكن والإزمان ، و التحقّق بالشخصية الإسلامية في مستواها الحضاري قبالة شبكة معقّدة من المتغيرات ، والتأثيرات ، وعوامل الشّد ، والتحديات ، وأيضاً قبالة سيل لا ينقطع من المعطيات المتجددة المزدحمة التي تتطلب جواباً " فقهياً " يحفظ لهذه الشخصية الإسلامية ملامحها المتفردة . وإن الكون هو تعبير عن إبداع الخالق ، تحكمه قوانين واحدة ، وأسباب واحدة ، ونواميس واحدة ، تصدر عن إرادة واحدة . ويتحقق فهمه من خلال رؤية عقلية ، تعرف كيف تجمع ، وتلم ، وتختزل ، وتركب وصولاً الى الحقائق التي تبغيها وإن الكشف عن السببية والأخذ بشروطها المنهجية كسب كبير للعقل البشري . ولن يكون بمقدور الإنسان الواعي تنفيذ مهمته الإستخلافية ، ومنحها الضمانات الضرورية ، مالم يضع خطواته على البداية الصحيحة " للتحضر " فيكشف عن سنن العالم والطبيعة ، ونواميس الكون القريب من أجل الإفادة من طاقاتها المذخورة ، وتحقيق قدر أكبر من الوفاق بين الإنسان وبين محيطه .وحضارة بلدان الإسلام هي حضارة تقابل موزون بين الإصالة والإنفتاح بين القدرة على حماية الذات من التفكك والتغير والإنحلال ، وبين الإستعداد الدائم لقبول القيم والخبرات من الخارج وهضمها وتمثلها . و إن التوحيد يضع العالم المسلم حراً في مواجهة الكتلة الكونية فاعلاً مريداً .. يضعه فوق هذه الكتلة سيداً على الخلائق ، ومن ثم يصير التوحيد فرصة كبرى للتحقق بالمعرفة ، من أجل الإمساك بتلابيب العالم والطبيعة والحياة . وإن الدولة المعاصرة التي تملك خام الحديد تستطيع أن ترهب أعداءها مصداقاً لما جاء في القرآن وفي سورة الحديد " فيه بأس شديد ومنافع للناس " بما يتيحه لها هذا الخام من مقدرة على التسلح الثقيل ، وتستطيع أن تخطو خطوات تقنية واسعة لكي تقف في مصاف الدول الصناعية العظمى .إن تجاوز الإستسلام لتقاليد مبرمجة قادمة من عصور قديمة هي غير عصرنا وإستبدالها بمناهج أكثر مرونة ، تملك القدرة على إستضافة ، وإستيعاب المعارف الحديثة وتمكين المتعاملين معها من تجاوز العزلة والتغرب والإنقطاع الى تنفيذ حوار فعال مع تحديات العصر وهمومه المعرفية والثقافية و الإعانة على بلورة وصياغة المشروع الحضاري الجديد .فإن العولمة تهدف في الظاهر الى حرية السوق ، وتدفق السلع ، والخصخصة ، ولكنها في جوهرها تقود الى هيمنة الشركات الإحتكارية العملاقة ، وتمكينها من إزالة كافة المعوقات المادية والمعنوية من طريقها من أجل أن تحكم سيطرتها على العالم كله في ميادين الإستيراد والتصدير والإنتاج ، وفي مجالات الصناعة والزراعة والطاقة وتوفير الحماية الأمنية لها في مختلف أماكن أنشطتها الإستثمارية . وإن التعامل مع الحضارة الغربية الغالبة أخذ صيغة الإنبهار الذي دفع الكثير من قيادات البلدان الإسلامية ونخبها وعلمائها الى الأخذ غير المتبصر من الحضارة الغربية ، أو ما سماه مالك بن نبي " التكديس الذي يستورد ويركم الخبرات و الأشياء ولكنه لايصنع حضارة ، أو يعيد نهوضها من جديد . "ينبغي عليّ أن أنعى على الطريقة الرتيبة التي تحايل بها الأدب الأوروبي ليخفي عن الأنظار مآثر المسلمين العرب العلمية علينا ، أما هذه المآثر فإنها على اليقين سوف لن تظل كثيراً بعد الآن مخفية عن الأنظار ، إن الجور المبني على الحقد الديني والغرور الوطني لايمكن أن يستمر الى الأبد . " ديبر في " أثر العرب في الحضارة الأوربية "وإن الدعوة لقيام مجتمع إسلامي " تكنولوجي " إنما هو إستمرار طبيعي لموقف الإسلام المفتوح من معطيات العلم في آفاقه الرحبة ، وإستكمالاً للدعوة الى إعادة تشكيل العقل الإسلامي من أجل أن يكون أكثر قدرة على إستيعاب المتغيرات ، وتطوير الحياة الإسلامية ، وحمايتها من التفكك والعدوان . وإن الله جلت قدرته يريدنا أن نتعامل مع الكتلة الكونية ، وأن نكشف عن قوانينها لتنمية الحياة التي سخرت إمكاناتها للإنسان من أجل التحقق بإستخلافه العمراني في العالم ، بدلاً من هدر الطاقة فيما هو خارج حدودها وإمكاناتها وضرورات صيرورتها الحضارية في الأرض .إن العالم والطبيعة وفق المنظور الإسلامي ، قد سخرا للإنسان تسخيراً ، وإن الله سبحانه قد حدّد أبعادهما ، وقوانينهما ، ونظمهما ، وأحجامهما بما يتلاءم والمهمه الأساسية لخلافة الإنسان في العالم ، وقدرته على التعامل معه تعاملاً إجابياً فاعلاً . وإن الثقافة الإسلامية الثرة الناهضة تختلف عن سائر الثقافات الأخرى ولها قدرتها الفذة المرنة على لملمة جميع الثنائيات التي بعثرتها المذاهب والثقافات الوافدة ، مستمدة قدرت الأمة المدعومة بقوة عقيدتها أن تجمع بينها وتسوقها في إطار واحد خدمة للإنسان والجماعة البشرية . و قد تحدث البيروني عن المد والجزر ، ووقف على فكرة وجود قوة الجاذبية للأرض ، كما أن الخازن عرّف أن الأجسام الساقطة تنجذب في سقوطها نحو مركز الأرض ، وعرّف نسبة السرعة المتصاعدة في سقوط الأجسام . وقد أكد علماء مسلمون آخرون كإبن سينا والإدريسي ظاهرة الجاذبية فسبقوا إسحق نيوتن بمئات السنين . وكان بن يونس الصدفي المصري قد توصل الى قانون لحسب المثلثات الكروية وينطوي على أهمية بالغة قبل إكتشاف اللوغارتيمات عند علماء الفلك ، وما لبث أبو الحسن النسوي أن ألف كتاباً في اللوغارتيمات باللغة الفارسية وترجمه للغة العربية تحت عنوان " المقنع في الحساب الهندي " .لقد أصاب إبن الهيثم النجاح في إكتشافه " أن إرتفاع القطب يساوي عرض المكان ، وأن تأثير الإنعطاف على أرصاد الكوكب عند قربها من سمت الرأس يكاد يكون معدوماً فالأخطاء التي تنشأ عن تعيين الإرتفاع بواسطة الأجهزة التي تخلوا من تأثير الإنعطاف . " كما تخلوا أيضاً من عامل زاوية إختلاف النظر ، إذ أن المسافة بين الكوكب والأرض بالنسبة الى نصف قطر الأرض كبيرة جداً . وكتاب " القانون " لإبن سينا الذي أعتبر لقرون عديدة الكتاب المدرسي للعديد من الجامعات الأوروبية والذي تضمن ثروة خصبة من الكشوف والخبرات الطبية الواردة على النحو التالي : التشريح ، علم وظائف الأعضاء ، طبائع الأمراض ، وأخيراً علم العلاج . ومن مآثر إبن سينا في الطب إنه وصف الإلتهاب السحائي وصفاً دقيقاً ، وفرق بينه وبين الأمراض المشابهة له ..
إن الله سبحانه تعالى قد منح الناس السمع والبصر ليدركوا بهما الأشياء والظروف التي تحيط بهم ولكي يميزوا بين الخير والشر ليتحدد بالضبط وبالتحديد مركز الإنسان في الحياة أما أن يكون في العلى سيداً للعالمين أو يكون في المنزلة الأدنى فهو الذي يقرر مصيره . كما إن إختراع المدفع العملاق الذي دكت به أسوار القصطنطينية
المنيعة وتمكن الجيش الإسلامي من تحريرها هذا المدفع العملاق الذي رفض بابا روما فكرة صنعه بعد أن قدمها له أحد المهندسين النمساويين ظناً من بابا روما الإمبراطور أن اختراع المدفع هرطقة وعمل فيه جن وعفاريت .في عهد السلطان سليم الثالث ، دفعت الولايات المتحدة الأمركيه ضريبة سنويةً لواليه في الجزائر مقدارها ستة ماية واثنان وأربعون ألف دولار ذهباً بالإضافة الى اثني عشر ألف ليرة ذهبية في مقابل إطلاق الأسرى الأمريكين والسماح للسفن الأمريكية أن تمر بأمان في المحيط الأطلسي والبحر المتوسط دون تعرض البحرية العثمانية لها . وهارون الرشيد الذي أجاب ملك الروم لنقض عهده مع المسلمين ، والعدوان عليهم ، أجابه مخاطباً " من هارون أمير المؤ منين الى نكفور كلب الروم ، الجواب ما تراه دون ما تسمعه " وهكذا كان فقد وصل الجيش الإسلامي ثغور الروم قبل وصول الرسالة الى ملكهم . وكان المقدسي أول من رسم الخرائط الجغرافية الملونة للعالم للأغراض المدنية والعسكرية ، ووحدد عليها خط الإستواء ، وبين القطبين ، وجعل محيط الأرض ثلاثمئه وستين درجة في كتابه المشهور " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " . وبصدد صناعة الصلب فقد توصل علماء مسلمون وعرب ومن أبرزهم العراقي الى إكتشاف أنواع الأصباغ والدهانات ، وتحويل الحديد الى صلب وأشار لها في كتبه المشهورة " عيون الحقائق " و " الكنز الأفخر " .
وكان البيروني أول من فكر بحفر قناة السويس ورسم الخرائط لها قبل ديلسيس بكثير ، وكان العلماء المسلمون أول من أدخل الرسوم العلميه في مؤلفاتهم كما نلاحظ في كتاب الزهراوي المكون من ثلاثين مجلداً المسمى " التصريف " .وإخترع المسلمون البوصلة والإسطرلاب ورقاص الساعة حيث نسبه جاليليو لنفسه وسماه البندول وكان المسلمون هم السباقين الى إختراع الورق والصابون وتعطيره ولاتزال كلمة سابون مستعمله في اللغات الأوروبية . أما مضخة المكبس صاحب الإسطوانات التي تعمل على تحويل الطاقة الى قوة ميكانيكية وكانت من إختراع العالم الجزري حتى أورد لها وصفاً كاملاً في كتابه المعروف "الحيل الجامعة بين العلم والعمل " حيث ترجم الى معظم اللغات الأوروبية . وفي عهد السلطان محمد الفاتح ظهرت أول مرة في التا ريخ و في الجيش الإسلامي فرق المدفعية الحديثة العملاقة التي دكت أسوار القصطنطينية ، وفرق الهندسة التي تمكنت من نقل أكثر من سبعين من السفن الإسلامية براً من مضيق البوسفور الى القرن الدهبي في ليلة واحدة في عمل جبار لايزال يدرس في معظم الكليات الحربية الأوروبية . وكان جابر بن حيان أول من أشار الى الإنشطار النووي في كتابه الشهير " المعرفة بالصفة الإ لهيه " ثم تبعه الشيخ البهائي حيث قال " لو قدر لنا أن نقسم النواة لنتجت طاقة تحرق بغداد . " وفد درس المسلمون المعادن المشعة وكان ابن سينا قد تحدث عن الإنشطار النووي ووصفه بشكل كامل فيما يعرف عنده بنظرية " البعد الرابع "إستخلاف الإنسان المؤمن في الأرض وتسخير كتلة الكون القريب والطبيعة ، وتطبيقاتها لتوظيف التسخير المعني والمحدد على أوسع نطاق ، فليس غير العلم بقادر على فهم وإدراك السنن والقوانين التي يعمل العالم والطبيعة بموجبها ، والإفادة منها لخدمة الدور العمراني للإنسان في الأرض .إن جهود فلاسفة كبار كالكندي والفارابي و إبن سينا وإبن ماجة وإبن رشد في بعض المجالات معروفة ، رغم أن إنبهار بعضهم بفلسفة الخصم قد دفعهم الى تمرير مساحات منها قد لا تتفق وتوجهات الإسلام ، ومن ثم كانت تلك الوقفة المعروفة لفيلسوف كبير كالغزالي ، وكان جدله الشهير في "التهافت " مع إبن رشد ، على الرغم من محاولاته التوفيقية ، فإنه يمثل الإتجاه المعني بدرجة أو بأخرى .وعرف علماء المسلمون أصول الرسم على سطح الكرة ، وقالوا بإستدارة الأرض وبدورانها على محورها كما ضبطوا حركة أوج الشمس ، ورصدوا الإعتدالين الخريفي والربيعي ، ووضعوا جداول دقيقة لبعض الكواكب الثابتة ، وتطرقوا في بحوثهم عن الفلك الى مسائل تتعلق بوحدة الأنظمة الكونية بإسلوب يدل على براعتهم في الهندسة ، وإكتشفوا كروية الأرض وحركتها حول الشمس قبل كوبرنيكوس بقرون عديدة .في علم الإجتماع تظهر الرموز الشامخة الطرطوشي والماوردي ويبرز إبن خلدون في مقدمته والتي تظل معلماً بارزاً على قدرة الحياة الإسلامية على إفراز عقل تعليلي نشط كإبن خلدون الذي جعل من مقدمته أداة لتحويل النشاط التاريخي الى فرصة للكشف عن السنن التي تعمل في التاريخ ، والتأشير على ما سمي فيما بعد بقوانين الحركة التاريخية . وإن الإستنزاف الذي تعرضت له بلدان الإسلام نتيجة الغزوات المدمرة والمهولة وخاصة الغزوين الصليبي ، والتتري وما أعقبهما من إستنزاف إستعماري أشد هولاً ودماراً في ظل غياب العقل الإسلامي الفعال وتدهوره وتيبسه والأخطاء المؤسفة للقيادات الأسلامية المنأخرة ، ولهذه الأسباب وغيرها مجتمعة يرجع الدور الحاسم الذي آلت إليه حركة الأجتهاد الثقافية . والمهمة الأساسية كيف يتم تجاوز الفراغ وتحقيق التواصل المطلوب للمعطيات الإجتهادية الراهنة ؟ وكذلك فإن الحروب الخارجية والهجمات جميعاً ما كان بمقدورها أن تفعل فعلها سلباً في مجرى حضارة بلاد الإسلام لو كان المسلمون قد تحصنوا بقيم البقاء والإستمرار ، ولكنهم فتحوا على أنفسهم الثغرات التي تسلل منها الخصوم لكي يصيبوا منهم ومن حضارتهم مقتلاً فتؤول بإنكسارات ، وضغوط الخارج الى التيبس والذبول .. وإن النشاط الإداري يرتبط بممارسات القيادة السياسية في إطارها الشامل ، ويأخذ معها علاقة طردية فكلما زادت القيادة ظلماً وطغياناً وإستبداداً أصيب الجهاز الإداري للدولة بالتفكك والإضطراب والعجز وهذا هو الذي دفع حكاماً إتصفوا بالتقوى والعدل في التاريخ كحكم الخلفاء الراشدين وحكم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ، والسلطان العباسي لسوريا ومصر نور الدين محمود زنكي وغيرهم الى منح إهتمامهم الجاد بهذا الجانب الأساس في سياسات الأمم المزدهرة حضارياً .. و في سياق آخر فإن الإستعمار القديم الذي إنطلق لنهب وإستغلال موارد الشعوب المُستعمَرَة والتابعة نفذ كل ما من شأنه إعاقة هذه الشعوب عن النهوض الحضاري والإبقاء عليها في دائرة التخلف ثم جاء الإستعمار الجديد لكي يمسخ هوية الأمة الحضارية ، ويبذل جهوداً متواصلة لإحتوائها وإرغامها على الإندماج في كيان الحضارة الغربية الغالبة .. حول العوامل الخارجية " وأعني بها الحروب التي تعرضت لها بلاد الأسلام " . لقد كان على بلدان الإسلام أن تصارع الغزاة الخارجيين المحملين بكل حيثيات الغزو وأحياناً التخلف بدءاً بتجاوز المطالب الأخلاقية والإنسانية التي يعرفها المسلم جيداً ويتشبث بها في لحظات الصراع مروراً بإستنزاف الخصم وتدمير ماكنته الحضارية وإنتهاءاً بإستخدام السلاح الأكثر فاعلية لسحقه وتصفيته .. فمنذ آخريات القرن الخامس الهجري " الحادي عشر الميلادي " رمت أوربا بثقلها تحت مظلة الحروب الصليبية التي إستغرقت قرنين من الزمن ثم ما لبثت الهجمات المغولية أن لحقت بها لكي ترمي بثقل آسيا الوسطى منغوليا ، بكل عنفه وقسوته وبربريته عالم الإسلام على مدى ما يقرب من القرن وتتابعة من بعدها الغزوات : حركة الإسترداد الأسباني ، والتي نفذت بعد إنتصارها واحدة من أبشع عمليات الإغتيال الديني والفكري والجسدي والحضاري في التاريخ ، لكي ما تلبث أن تعقبها حركة الإلتفاف الأسباني ــ البرتغالي التي إستغرقت حوالي القرون الثلاثة ، فهجمة الإستعمار القديم والتبشير التي مارست دورها المَّدمر فيما يقرب من القرنين وصولاَ الى الإستعمار الجديد " الإمبريالية " ..