تحتل صور ضحايا الحروب المنتشرة والمتنقلة في عالمنا العربي الصفحات الأولى للصحافة العربية والدولية، وكذلك تجتاح هذه الصور مواقع التواصل الإجتماعي، حيث تعبّر هذه الصور عن قذارة هذه الحروب وأبطالها على مدى عالمنا العربي بدءا من سوريا مرورا بالعراق وصولا إلى اليمن، والأكثر فضاعة في هذه الصور هي صورة الأطفال الذين يفتك بهم السلاح الأعمى ويشوّه براءتهم ووداعتهم .
بعد صورة الطفل الغريق إيلان التي هزت ضمير العالم والصور المنتسرة لأطفال اليمن ظهرت بالأمس صورة الطفل السوري لتهز العالم وتصدم الإنسانية بعدما تم انتشاله من تحت أنقاض مبنى دمرته غارة جوية على حلب.
وكانت هذه الصورة كغيرها أفضل تعبير عن وجه سوريا التي أصبحت ميدانا مفتوحا للقتل والموت والدماء .
في سيارة الاسعاف جلس الطفل السوري يحدق في لا شيء وقد تملكه الذهول والصدمة. كان وجهه ملطخاً بالدماء الممتزج بالتراب بعد غارة جوية نفذتها طائرات روسية على مدينة حلب، وأثناء جلوسه وحيداً داخل سيارة الإسعاف وهو يبدو مذهولاً ولا ينطق بكلمة، حاول الصبي ـ الذي عرفه الأطباء باسم عمران دقنيش ويبلغ من العمر خمس سنوات ـ مسح الدماء من على رأسه بيده الصغيرة ثم عاينها بهدوء، من دون أن يبدي أي ردة فعل.
طفل آخر يدخل السيارة ذاتها أنيساً لعمران، ومستغرباً أيضاً ما جرى، في مشهد يجسد واقعاً يعيشه يومياً أطفال وأهالي المدن السورية الخارجة على سيطرة النظام.
التسجيل المصور لعمران ولأطفال يتم انتشالهم من تحت أنقاض مبنى تعرض للقصف في حلب، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ما أثار حالة من الغضب والإدانة بشأن الحقيقة المفزعة للجرائم المستمرة ضد المدنيين السوريين منذ خمسة أعوام.
وقال محمد رسلان الذي صوّر اللقطة إن الطفل عمران «يلخص معاناة الأطفال في حلب الذين يتعرضون يومياً للقصف حتى وهم داخل منازلهم».
وتوالت التعليقات على الصورة، بحسب ما رصد موقع «عنب بلدي» الإلكتروني، وكتب الناشط أحمد بريمو «حلب بدون أي ملونات، أو مُجملات... حلب المتعبة تشبه هذا الطفل الذي استخرج من تحت أنقاض منزله«.
بينما علّق الناشط محمود رسلان، الذي التقط صورة الطفل، «أحد الأرهابيين الذين استهدفهم الطيران الروسي، من خلال إرساله المساعدات الإنسانية التي هدمت مبنيين فوق رأس هذا الطفل وعائلته وعائلات أخرى«.
ناشطون آخرون دعوا إلى نشر صورة عمران على أوسع نطاق، لأن «اللايكات لا تفيد هذا الطفل بشيء فلننشر صورة الطفل مرفقةً بعبارة: نظام الأسد وروسيا يقتلون أطفال سوريا«.
هذا المشهد وصفته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بـ3 كلمات: «صورة تصدم العالم»، بينما لخصت صحيفة «تليغراف» البريطانية الأمر في كلمتين: «أهوال حلب«.
وقالت «بي بي سي»: «كان نقطة نقاش العديد من وسائل الإعلام، الذين وصفوا تعابير وجهه كرمز للأهوال، التي تحدث في مدينة حلب بشكل يومي«. وذكرت أن فيديو عمران كان الأكثر انتشاراً في وسائل الإعلام الغربية، لافتة إلى أن صورته تداولها مستخدمون ناطقون باللغة الإنكليزية بشكل كبير، ناقلة قول إحدى المستخدمات: «رؤية صورة هذا الطفل هذا الصباح وأنا في طريقي إلى مكان عملي جعلتني أبكي«.
وذكرت الـ»تليغراف« أن 12 طفلاً آخرين جميعهم تحت سن 15 عاماً تم علاجهم، جراء القصف، الذي ضرب حلب، لافتة إلى أن عمران أصيب مع 4 أطفال آخرين وامرأة واحدة وشابين، وفقاً لطبيب في حلب، طلب عدم الكشف عن هويته.
وتوالت التعليقات تتساءل عن «سبب صمت العالم عما يحدث في حلب»، فيما طالبت إحدى المستخدمات بضرورة إنهاء الصراع الدائر على الأراضي السورية، قائلة: «أوقفوا الحرب»، في معرض تعليقها على فيديو عمران، الذي تجاوز عدد مشاهداته نحو 3500 مشاهدة في أقل من 10 ساعات.