اذا كان إنتخاب النائب ميشال عون بات ممراً الزامياً لعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة كما يقول السيد حسن نصرالله، فمن الواضح تماماً ان لا عون سيصل الى رئاسة الجمهورية ولا الحريري سيعود الى السرايا.
بإختصار كلفنا خاطركم، فالفراغ في الرئاسة والشلل في مؤسسات الدولة مستمران الى ان يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، في الرهانات الإيرانية في المنطقة التي تشهد إشتعالاً متصاعداً، وهو ما يفرض إسترهان الوضع اللبناني كإحتياط حيوي وكسور حساب لمواجهة أي نتائج غير محسوبة في سوريا والعراق واليمن! ليس خافياً على سعد الحريري ان ثمن إنتقاله من ترشيح النائب سليمان فرنجية الى تأييد عون، سيكون باهظاً على "تيار المستقبل" المنقسم حول هذا الخيار، وحتى اذا تمكن الحريري من ان يسوق نواب كتلته مخفورين الى البرلمان لإنتخاب عون، فإنه بالتأكيد لن يجد من يضمن له ان الإستشارات ستسميه لتشكيل الحكومة، وخصوصاً في ظل الحسابات الشخصية والضغائن الدفينة ضده.
وحتى إذا سمّي فسوف يضطر الى تشكيل حكومة يديرها نصرالله وعون، وسيرى يومياً نجوم الظهر كما يقال، بما يذكّرنا بالمعاناة التي عاشها والده الشهيد رفيق الحريري مع أميل لحود يوم كان الإحتلال السوري هو الذي يدير البلاد ويسمّي الرؤساء بمجرد تصريح صحافي، لكأن لبنان ضاحية دمشقية.
الذين إستعجلوا وإفترضوا ان كلام الرئيس نبيه بري يناقض كلام السيد حسن من الهواة والمبتدئين، لأن من الواضح أنه عندما قال بري أنه "مع الحريري منذ رشّح فرنجية ظالماً او مظلوماً"، فذلك يعني انه يعرف تماماً كل الإحتمالات الصعبة والمستحيلة التي ستواجه الحريري اذا إستدار عونياً، كما يعرف جيداً ان حسابات "حزب الله" ورهانات طهران تغلق ذلك "الممر الإلزامي" الذي تدعو الحريري الى عبوره نحو عون !
والقصة على طريقة "اللي شبكنا يخلّصنا" : نصرالله يزكزك الحريري بالسرايا، وهو ما يكفل دائماً الإحتفاظ بعون ممراً وحيداً للقول إن نصف المسيحيين حلفاؤه، والحريري يضع رجلاً في الرابية لعل وعسى ورجلاً في زغرتا لمنع تشظي "تيار المستقبل"، وقلب في السرايا من أجل المستقبل.
وبري مع الحريري ظالماً فرنجيه ومظلوماً بعون، ومرتاح جداً الى " العدس بترابو وكل شي بحسابو"، خصوصاً ان عين التينة هي الواحة السياسية الوحيدة المتبقية التي يجري تحت خمائلها حوار تقطيع الوقت، سواء على المستوى "الوطني" [ وآخ يا وطننا] أو على مستوى "حزب الله" و"المستقبل".
يعرف الجميع ان الساعة الرئاسية لم تحن، وليست في حسابات الذين يغرقون في خرائط الصراع الإقليمي المذهبي المخيف، الذي يجعل فراغ الرئاسة في لبنان مجرد تفصيل، لكن مشكلة لبنان ليست عند هؤلاء بل عند اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين.