لم تكن ميرنا تدرك أن لدغة بعوضة واحدة ستتسبب لها بكلّ ذلك القلق الذي أصابها لمدّة يومين متتاليين. كعادتها لجأت الى استخدام المعقّم منعاً لتورّمها، واذا بها تجد حجمها يتضاعف ويتحوّل لونها الى أسود. تصف في حديثٍ لـ"النهار" أن حجمها بات قريباً من حجم العملة النقدية المعدنية، مما جعلها تتساءل اذا ما كانت هذه اللدغة الغريبة عبارة عن احتكاك جلدها الحساس مع البعوض، أم إنها علامة مقلقة تنذر بإمكان اصابتها بمرضٍ ما. وبعدما فشلت العلاجات المنزلية في حقن الأسباب وتقليص النتائج، كان لا بد من اللجوء الى الصيدلية لمعرفة خبايا تلك اللدغة. على الفور كان لا بد من طمأنتها بأنها مجرّد لدغة بعوضة لكنها مسمّة مما أدّى الى مفاقمة النتائج التي أسفرت عنها. نصحها الطبيب بضرورة توخّي الحذر وعدم تعريضها للهواء لئلا تسبب مضاعفات اضافية، ووصف لها مرهماً قال انه يساهم في تقليص حجمها ومحاربة الالتهابات التي قد تسفر عنها. هذه الحادثة رغم تفاصيلها العادية، الا انها تعكس تفاصيل مقلقة عن الحشرات في لبنان.
حادثة شبيهة بتلك التي واجهتها ميرنا، حصلت مع وجيه الشاب القروي الذي سبّبت له لدغة حشرة طائرة دخول المستشفى 3 أيام متتالية بهدف الشفاء والحصول على العلاج اللازم بعد التورّم المقلق الذي أصاب يده. وفي المحصّلة، بات معلوماً أن لدغة حشرة طائرة صغيرة، باتت تشكّل هواجس كبيرة لدى كلّ من يتعرّض اليها نظراً لنتائجها التي لم تعد تقتصر على علامة صغيرة في الجلد تستدعي الحكّة. باتت المسألة مرتبطة بالتورّم والالتهابات ودخول المستشفى او زيارة الصيدلية للحصول على العلاج الملائم. فهل الأمر يستدعي القلق؟ أم إن التجارب المستعرضة تنحصر في اطارٍ شخصيّ لا أكثر؟
بين أزمة النفايات والتعاطي السلبي في معالجة اللدغات
بدءاً من موسم الربيع في كلّ عام، تكثر مضاعفات الإصابة بلدغات الحشرات وتصل الى ذروتها في فصل الصيف. هذا ما تؤكّده الاختصاصية في الأمراض الجلدية والأستاذة المحاضرة في جامعة البلمند ريتا سمّور مدوّر في حديثٍ لـ"النهار"، مشيرةً الى أن "هذا العام بات اللبنانيون أكثر عرضةً لارتدادات لدغات البعوض نظراً لمشكلة النفايات التي شهدها لبنان العام المنصرم، والتي لا تزال ترمي بثقلها على المواطنين حتى اليوم. واقعياً، يمكن القول أن التأخر في معالجة الأزمة أدى الى وجود أنواع وكميّات مضاعفة من الحشرات التي لم نكن نراها سابقاً". وتسلّط الضوء على التفاعل الخاطئ للمصاب مع اللدغة. فبدلاً ان يزول مفعولها في غضون ساعة من الزمن، يلجأ الى حكّها بقوّة ما يؤدي الى احمرارها وتورّمها. هذا ما يسفر عن حساسيّة مفرطة خصوصاً لدى أصحاب البشرة الناشفة. في هذه الحالة ينتقل المصاب من مرحلة الحساسية الى مرحلة الالتهاب المزمن، الا وهو التهاب بكتيري لدى الذين يعانون مشكلات في المناعة بشكلٍ خاص. وهم في هذه الحالة بحاجة الى تناول مضاد حيوي بشكلٍ سريع، وفي حال لم يتداركوا الأمر سريعاً قد يكلّفهم ذلك دخول المستشفى.
"ماذا عن العلاجات العربيّة التي تعتمدها شريحة واسعة من اللبنانيين للتصدي للدغات الحشرات، كاللجوء الى الخضار او السوائل المنزلية كالثوم والخلّ؟"، تجيب انه من الضروري اللجوء فوراً الى الطبيب لأنه العنصر الوحيد المخوّل اعطاء الحلول الصحيحة بدلاً من استخدام الوصفات المغلوطة، خصوصاً أن الفرد، على سبيل المثال، لا يمكنه ان يخمّن كميّة الثوم المثالية التي يجب وضعها مقارنةً بحجم اللدغة ونوعها وطبيعتها. هذا ما يفاقم الوضع سوءًا. وتلفت الى أن هناك أشخاصاً لديهم حساسية تجاه لدغات النحل او البعوض، على عكس سواهم. هذا ما يفسّر عدم تأثّر الجميع بنفس الطريقة بعد الاحتكاك بالحشرات. بمعنى آخر، ان الذين يتأثرون باللدغات قد يعانون مضاعفات خطيرة كضيق في التنفس وانخفاض حاد في الضغط.
يبقى خيار اللجوء الى الطبيب بغية الحصول على العلاج الملائم هو الطريقة المثلى للتعامل مع لدغات الحشرات الطائرة، بما فيها البعوض. ورغم أن المسألة لا تستدعي الهلع والخوف والقلق، بيد أنها تحتاج الى التعامل المثالي معها لدرء المضاعفات والحصول على نتائج ايجابية.