تمرّ الصور مخيفة على قلب لن ينسى مدى العمر. تستعيد والدة رلى يعقوب المأساة: نَتَف شعر ابنتها وكسر العصا عليها، صرخت، فتابع الضرب. تتذكّر الجريمة ببكاء حارق، وتطلق مع كلّ أم مفجوعة صرخة العدالة المنسية.
وُفِّق جورج صليبي بمتابعة ملف العنف الأسري في الفقرة الأولى من "الأسبوع في ساعة" ("الجديد")، فالسياسة طوال الوقت ثرثرة ورتابة. أربعة ضيوف: السيدتان ليلى والدة رلى يعقوب وندى والدة منال العاصي، رئيسة المجلس النسائي المحامية إقبال دوغان والشيخ عبدالإله أبو العائلة ممثلاً أسرة ميمونة المقتولة بالنرجيلة على يد الزوج. صليبي أمام ملف الوجع الإنساني المفتوح بلا أفق، فكان الأجدى أن يُخصّص له وقتاً أطول ويضبط المواقف حين تداخلت وتسبّبت بفوضى. لبنان فراغات ومكائد وأزمات؛ لا جديد في المشهد، فلِمَ الاستعجال للانطلاق بالشقّ السياسي؟ المنظّرون هم أنفسهم، كلامهم يتشابه، فيما الأمومة المفجوعة تحمل مع كلّ نَفَس روحاً تتألم. لِمَ الاستعجال يا أستاذ جورج، لِمَ؟
متحمّسة المحامية دوغان، نفهمها، لكنّ الرسائل لا تصل بالحماسات دائماً. ولا بالمقاطعة ومواصلة الكلام رغم وجود متكلّم. نقدّر السخط على الظلم والظالم وغضب القلب والضمير والعقل حيال قوانين تُخرج المجرم حراً بعد عقوبة مضحكة. ونقدّر التمسّك بالنضال من أجل العدالة وسكينة روح الضحية، لكن لا بأس ببعض المحاججة الهادئة، أقلّه لضرورات التلفزيون والمُشاهد.
سبعة أشهر على الزواج، فاستشرس زوج ميمونة وهجم عليها كالذئاب ضرباً بالنرجيلة، ثم أقفل الباب لتموت على مهل. لم يُقل كلّ شيء في لقاء راوح ما بين الصمت والوجع، فظلّت الأسرار المؤلمة لغزاً يؤرق العيون. أتاحت الحلقة تأكيد استمرار النضال رغم أشواك الدرب، والاصرار على رفض تبرير الجريمة بترّهات "الخيانة" و"الشرف". وَضَع صليبي لمحامي قاتل منال العاصي حداً بعدما استفاض في خيالاته واتصل للاعتراض على طرح القضية في الإعلام(!). "الموضوع حساس ودقيق"، قال، تاركاً المقتولات يتقلّبن في قبورهن.
النهار