وسعت موسكو أمس حملتها الهادفة الى دعم الرئيس السوري بشار الاسد، متخذة ايران منصة جديدة لانطلاق مقاتلاتها لقصف أهداف لها داخل سوريا، وذلك للمرة الأولى منذ بدء تدخلها العسكري في النزاع في أيلول من العام الماضي، في تطور أثار تساؤلات عما اذا كانت هذه الخطوة مجرد حاجة استراتيجية أم أنها تنطوي على رسالة سياسية من الكرملين الى البيت الابيض.
ووصفت واشنطن الخطوة الروسية بأنها "مؤسفة لكنها غير مفاجئة"، مضيفة أنها لا تزال تقوّم مدى التعاون الروسي - الإيراني.
ويعتقد أنها المرة الأولى تسمح إيران لقوة أجنبية باستخدام أراضيها في عمليات عسكرية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ومن شأن نشر قوات روسية في إيران تعزيز صورة موسكو لاعباً محورياً في الشرق الأوسط ، كما أنه يساعد القوات الجوية الروسية على خفض مدة الطيران وزيادة حمولة الطائرات.
إلا أن مسؤولاً أميركياً طلب عدم ذكر اسمه أعلن أن المقاتلات الروسية التي استخدمت القاعدة الايرانية عادت الى روسيا وأن لا قوات روسية في ايران. وأوضح ان روسيا تحدثت عن احتمال اقلاع طائرات من ايران منذ العام الماضي، الا أن قرارها القيام بذلك الثلثاء شكل مفاجأة.
ويبدو أن موسكو أخطرت التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بالغارات قبيل شنها، إذ صرح الناطق باسم التحالف الكولونيل كريس غارفر: "لقد ابلغونا انهم سيعبرون (منطقة يسيطر عليها التحالف) وسعينا الى التأكد من أمن الطلعات حين عبرت قاذفاتهم المنطقة متجهة الى اهدافها وحين عادت". وعندما سئل عن الفترة الزمنية الفاصلة بين الاشعار الروسي والتنفيذ، أجاب: "لم يكن لدينا الكثير من الوقت إلا أنه كان كافياً لضمان سلامة المجال الجوي" فوق سوريا والعراق. وأشار الى ان "هذا الامر لم يؤثر على عمليات للتحالف جرت في الوقت نفسه في العراق وسوريا".
وأكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن العراق منح روسيا إذنا باستخدام مجاله الجوي شرط أن تستخدم الطائرات ممرات على الحدود العراقية وألا تحلق فوق المدن العراقية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أصدرت بياناً دجاء فيه أن قاذفات "تي يو-22 ام3" و"اس يو-34" مسلحة أقلعت أمس من مطار همدان في ايران و"قصفت أهدافاً للجماعتين الارهابيتين الدولة الاسلامية وجبهة النصرة في مناطق حلب ودير الزور وادلب"، مما أتاح تدمير "خمسة مخازن كبرى للاسلحة والذخائر" ومعسكرات تدريب في دير الزور وسراقب في ريف ادلب والباب، المدينة التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الاسلامية" في منطقة حلب.
واستهدفت الطائرات الروسية أيضاً ثلاثة مراكز قيادة في مناطق الجفرة ودير الزور ما أدى الى مقتل "عدد كبير من المقاتلين".
وحتى الثلثاء، كانت المقاتلات الروسية البعيدة المدى تنطلق من روسيا نظراً الى عدم قدرتها على استخدام المدرجات القصيرة في قاعدة حميميم قرب اللاذقية والتي تستخدمها المقاتلات الروسية الأخرى منذ أيلول.
ولا يمثل استخدام القواعد الايرانية تغييراً في ميدان المعركة، إلا أنه يوفر ميزات استراتيجية، ذك إنه يقصر للمقاتلات الروسية الوقت الذي يلزمها للوصول الى سوريا، كما يتيح لها نقل مزيداً من القذائف.
ولا تزال تفاصيل المفاوضات على الاتفاق الذي يعكس تطور العلاقات بين موسكو وطهران غير واضحة، علماً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى نظيره الايراني حسن روحاني في قمم عدة أخيراً.
وأفاد الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني ان موسكو وطهران "تتبادلان الامكانات والبنى التحتية في اطار مكافحة الارهاب".
ويأتي هذا التطور وقت سجل فيه تحسن العلاقات التركية - الروسية والروسية - الايرانية.
موسكو - واشنطن
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر بأن استخدام روسيا قواعد إيرانية لن يمنع الولايات المتحدة بالضرورة من التوصل إلى اتفاق مع موسكو للتعاون في القتال ضد "داعش"، وقال: "أننا لم نتوصّل بعد" إلى اتفاق على التعاون، مشيراً إلى أن موسكو تواصل ضرب فصائل المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة.
وكان بيان لوزارة الخارجية الروسية أعلن مساء أمس ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف بحثا خلال اتصال هاتفي في الاوضاع في حلب و"تنسيق الخطوات في التصدي للجماعات الارهابية في سوريا".
وقال البيان أن الاتصال الهاتفي تمّ بمبادرة من واشنطن وتركز على الوضع في حلب وعلى أفضل السبل لتنفيذ الاتفاق الذي قالت موسكو إنه تمَّ التوصل إليه خلال زيارة كيري لموسكو في تموز.
وكان كيري صرح بعد تلك المحادثات الطويلة الشهر الماضي أن واشنطن وموسكو توصلتا إلى تفاهم مشترك على الخطوات المطلوبة حاليا لإعادة عملية السلام السورية المتعثرة إلى مسارها.
وقتل 19 شخصاً على الاقل بينهم ثلاثة اطفال الثلثاء جراء غارات مكثفة على حيين تسيطر عليهما الفصائل المقاتلة في حلب، استناداً إلى "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له.
كما قتل 12 رجلاً من الفصائل المقاتلة في غارات شنتها طائرات روسية على موكب على طريق الراموسة في جنوب غرب المدينة.