في قانون العقوبات اللبناني مادة رقمها 522 تكافئ المجرم على جريمته، وتقدم له جائزةً بشرية لقيامه بفعل حيواني، على طبقٍ صدأ من الأعراف والقوانين، يغتصبها اليوم، يتزوجها غداً، "لا مين شاف ولا مين دِري، الزلمة عمل واجبو وستر عليها".
عادةً توضع القوانين الصارمة كأداةٍ للإقتصاص من المجرم ولردع أفراد المجتمع عن السير على خطاه الضالة، ولكن القانون اللبناني الذي يكافئ المغتصب بإسقاط العقوبات عنه في حال تكرّم حضرته وتزوّج ضحيته، يُشجع على القيام بهذا الجرم خاصةً عندما يتواطأ القانون مع مجتمع يقيس الشرف بالعرض والطول ضاربًا بحقوق الإنسان عرض الحائط، لتتحول المرأة إلى حائط لا يشعر ولا يقرر.
فالمقارنة بين العقوبة التي يفرضها القانون اللبناني وتلك التي تنص عليها قوانين دول أخرى، توضح تساهل القوانين اللبنانية في التعامل مع القضايا المتعلقة بالمرأة وحقوقها.
ففي العام 2009 سُجّلت 11 حالة إغتصاب في لبنان وعام 2010 تمَّ التبليغ عن 21 حالة، لترتفعَ عام 2011 إلى 33، وعام 2012 إلى 42 فيما سُجّلت 36 حالة عام 2013، و52 عام 2014، و27 عام 2015 أمّا سنة 2016 وتحديداً حتى شهر الحالي تمّ كشف 18 عملية إغتصاب تقريبًا، أخرها قضية إغتصاب قاصر طرابلس في أواخر شهر تموز.
هذه الأرقام لا يمكن الاستخفاف بها" على حدِّ تعبير مصدر أمني لم يَستبعد " أن يكون المستور أكبر بكثير ممّا يتمّ الإبلاغ عنه" ، نظرًا إلى الظروف التي تحصل فيها عمليات الإغتصاب، وهي ذات الطابع العائلي، وربّما في مناطق نائية، أو حتى داخل المخيّمات، ممّا يَحول دون معرفة العدد الرسمي للإرتكابات كلّ عام.
ومن هنا.. ينتج عن فعل الإغتصاب آفات وأزمات جسدية، نفسية، وعاطفية، قد تتعرّض الضحية لجروح في الجهاز التناسلي جراء الإعتداء، أمراض جنسية معدية، عقم، وقد يصل الأمر بالمعتدي لدرجة القتل في حال مقاومة الضحية.
وأحيانًا يلجأ المعتدي إلى تهديد الضحية للتمكن من تكرار فعلته، فقد يهدّدها بفضح أمرها أو الخطف أو القتل، ربما، أما الآثار النفسية على مَن تعرّض للإغتصاب فكثيرة، كالشعور بالذنب والعار، الظلم، الخوف، إضطرابات في الشهية والنوم، قلق، إحساس بالضعف والوحدة، حزن، ضعف الثقة بالنفس وبالمحيطين، ومحاولة الإنتحار.
بإختصار.. إن تزايد وتنامي الطبقة الإجتماعية المتدنّية، وتوافد الهاربين من الحروب، والمشرَّدين، يساهم في زيادة وارتفاع نسبة جرائم الإغتصاب، كما نسبة الإتجار بالبشر، ذاك الإغتصاب بشكل آخر، الذي لا يقل أثرًا ولا دمارًا وتشويهًا للنفس البشرية.