مريم عبد العال فلسطينية من بلدة الغابسية، القريبة من عكا، تقيم في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في الضاحية الجنوبية لبيروت. كانت في عامها الأول عندما خرج بها أهلها من فلسطين في نكبة العام 1948.
عندما وصل أهلها إلى لبنان سكنوا في محلة المعشوق في صور، ومنها إلى بلدة عدلون، ومن بعدها إلى مخيم عين الحلوة، في صيدا. هناك عاشوا جميعاً معاناة كبيرة خصوصاً مع سكنهم في شوادر، اقتلعتها رياح الشتاء كلّ مرة، بينما التهبت بحرارة الصيف كثيراً. في السابعة من عمرها، تركوا عين الحلوة باتجاه بلدة الجية الساحلية التابعة لإقليم الخروب. هناك عمل والدها في أرض زراعية بنظام التضمين، مما يعني أنّه كان يزرع ويحصد، وبعد الحصاد يعطي الإنتاج إلى صاحب الأرض الذي كان يبيعه بدوره ويعطي حصة لوالدها.
تزوجت في الثالثة عشرة من العمر. قبل ذلك، لم يسمح والدها بدخولها إلى المدرسة "خوفاً من الحبّ وكتابة الرسائل إلى الحبيب"، كما تقول. تزوجت ابن عمها، الذي انفصلت عنه لاحقاً بعدما أنجبت سبعة أولاد، هم خمس بنات، وشابان. تقول عن زواجها: "كنت مرغمة على العيش معه. كان يعمل في البناء، وكان شديد الغيرة بشكل غير طبيعي. ومن جراء معاملته القاسية لولدينا تركا البيت، والتحقا بساحات المعارك مع الفدائيين".
وقالت: "بتّ أبحث عنهما من موقع إلى آخر، وهو لا يبدي أي انزعاج لغيابهما. عرفت أنّ ابني الأكبر التحق بقاعدة عسكرية في البقاع (شرق)، لكنّ الطيران الصهيوني قصف المنطقة. فذهبت إليها وسألت أيّ شخص عن أيّ خبر عنه، وتمكنت من العثور عليه. بعدها مباشرة قررت الانفصال عن زوجي. اليوم، تزوج ابني الأكبر منذ زمن وبات لديه أولاد. أما ابني الأصغر فلم يتزوج، ولا يعمل إلاّ قليلاً". وتابعت: "اثنتان من بناتي متزوجات وثالثة تزوجت سوريّاً لكنّه فقد منذ 16 عاماً ولا تعرف عنه شيئاً. كما أن لديّ ابنة مكفوفة عمرها 30 عاماً".
لا معين لمريم، ولا تستطيع العمل. تعيش على ما تقدمه إليها بعض المؤسسات الخيرية، وتمضي معظم أيامها في مركز الشيخوخة النشطة في مخيم برج البراجنة.
تأتي إلى المركز منذ الصباح، حتى فترة بعد الظهر، تتناول طعام الغداء، وتمارس هواياتها كالنساء الأخريات من تطريز وحياكة وغيرها. تملأ وقت فراغها مع صاحبات لها لديهن معاناة شبيهة، ولا يتأخر المركز عن مدّ يد العون لهن بما يتوفر له من موارد.
(العربي الجديد)