لمّا بلغَت بريجيت باردو التي عُرفت بجمالها الطبيعي الذي لم يَعرف نفخة بوتوكس واحدة، سنَّ الأربعين، أعلنَت اعتزالها الفنَّ قائلةً: وداعاً للنجومية ومَن لفَّ لفّها.
ولمّا سُئلت عن سبب ابتعادها عن الأضواء وهي في عزَّ المجد والنجاح و... الشباب، أجابت:
"je ne veux pas montrer aux gens un cul moche " أي "لا أريد للناس أن يروا أردافاً قبيحة"، معتبرةً أنّها غدت في سنّ أقرب إلى الشيخوخة منها إلى الشباب. طبعاً تبدّلت الأيام، وتطوّرت المفاهيم، واليوم باتت تُعدّ سيّدةٌ في الأربعين وكأنّها في ريعان الشباب. ولكنّ الذي قصدَته بريجيت باردو، أنّها يجب أن تحترم سنّها وتتصرَّف حسب ما تمليه عليها المرحلة الجديدة من الحياة، علماً أنّها احتفظت برشاقتها حتى بعدما بلغت الثمانين.
هذا في ما يتعلّق ببريجيت باردو... ماذا عمّن تخطّين عتبة الخمسين ولديهنّ أكثر من 15 كيلوغراماً إضافية، وما إن يخسرن كيلوغرامين أو ثلاثة منها فقط، حتى يظننّ أنّهنّ قد تجاوَزن مشكلة التكتّلات الشحمية وتخلّصنَ مِن السيلوليت التي عانين منها "دهوراً"... فيتنافسنَ على "ضرب
البوزات" على "فيسبوك" بملابس سترتشية قصيرة، ويتبارين في استعراض مفاتنهنّ وكأنّي بهنّ يَقلنَ: "نحن ما زلنا سيّدات الساحة"...والنتيجة؟
يفقدن تقديرَ الآخرين واحترامهم، ولا يهدأ الغمز واللمز من وراء ظهورهن. فهل هناك أجمل من سيّدة رصينة، تحترم سنّها وترتدي الملابس الملائمة التي تُبرز وقارَها وأناقتَها بشكل يثير الإعجاب؟
وهل هناك أقبحُ من منظر أمٍّ لثلاثة أو أربعة أولاد، مكتنزةٍ، ورغم وزنِها الزائد تراها مصرّةً على ارتداء ملابس تلتصق أقمشتُها بالجسم "فتنتأ" تكتّلاته الشحمية بتدرّجات تذكّرنا بآلة الأكورديون؟ فضلاً عن ذلك، ولشدَّة ضِيقها تَسحق منطقة الصدر وتشوّه شكلَه المستدير، فيبدو مسطّحاً مخنوقاً... فيما يَبرز البطن بنتوء واضحة، ما يطيح أناقة الفستان مهما كان ثمنه غالياً، فلا تعود تسترعي الأنظار إلّا الأماكنُ النافرة والمشوَّهة في الجسم. وهذا في ما يتعلّق بالثوب الستريتشي والملابس الضيقة.
أمّا عن الشورت الذي يزيل النقابَ عن الساقين بحجّة الحرّية والانفتاح، فحدِّثْ ولا حرَج. نَعم... السيقان المُشَنشَلة بالسيلوليت "على قفا مِين يشِيل"
ويمكن الالتقاء بها في الشوارع ومراكز التسوّق العديدة، حيث يَقصرُ الشورت أو يَطولُ وفقاً لمستوى المول وغلاء بوتيكاته. فما الذي يُجبركِ يا آنسة ويا مدام على التغندُر بالشورت وإظهار عيوبِك؟ تشعرين بالحَرّ... فما هو ذنبُنا نحن، وما ذنبُ الشورت حتى يتبهدل؟
في الحقيقة، من المؤسف أنّ بعض السيّدات، يعتقدن أنّهن غَدون "توب موديلز" لمجرّد خسارة بعض الغرامات، فلا يُصدّقن أنّ ملابسهنّ التي ضاقت عليهن حين كنّ في الثلاثين وبَطُلت موضتها حين غدون على أعتاب الخمسين، حتى يتهافتن للتمايل بها و"ضرب البوزات" على الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، لماذا يا ترى؟ ألِيُبرهنّ عن أنّهن ما زلنَ قادراتٍ على الإغواء والإغراء؟ بصراحة... عيب ومسخرة!
فما الذي يُجبر الجنسَ اللطيف على الظهور في أشنع صورة، في حين يَستطعن التمتّع بخسارة الوزن وارتداء الملابس المناسبة التي تخفي عيوبهنّ، وتجعلهنّ يبدون بمنتهى الأناقة والجمال؟ هل مِن الضروري إبراز العيوب في سنّ متقدّمة؟
إحترامُ الذات أمرٌ ضروري في الحياة، لسببَين جوهريَين، أوّلاً لكي لا يصبح المرء محطّ سخرية من جهة، ولكي لا يضع نفسَه في موقع اللوم والانتقاد اللاذع مِن جهة أخرى، فيُحرَج ويُحرِج الآخرين معه.
(الجمهورية)