تشاؤم جنبلاط , وتحذير بري , ودعوة نصرالله للمفاوضات , عناوين المرحلة المقبلة
السفير :
خرق خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في الذكرى العاشرة للانتصار في حرب تموز الجمود السياسي، وأطلق ما يشبه مبادرة أولية حيال الرئيس سعد الحريري، تحت سقف التمسك بترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، بإعلانه «ان الحزب سيكون منفتحا وايجابيا حيال ما يتعلق برئاسة الحكومة بعد انتخاب الرئيس، ولن نصعّب الأمور».
اكتفى «السيد» بهذه الاشارة المدروسة في توقيتها وتعابيرها، متجنبا الخوض في التفاصيل والاستفاضة في شرح سابق لأوانه.
بدا نصرالله وكأنه يتفادى حرق المراحل والاوراق مجانا. فقط، لوّح بالمفتاح العائد للباب الذي من شأنه ان يقود الحريري الى السرايا الحكومية عن طريق الرابية، أما البقية فتأتي لاحقا، تبعا للرد «المستقبلي».
في الاساس، كان الحوار «المستتر» بين جبران باسيل ونادر الحريري قد افضى الى انضاج احتمال عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، بموافقة الحزب، تلازما مع انتخاب عون رئيسا. ما فعله نصرالله هو انه أخرج الامر الى العلن، واضعا الجميع امام مسؤولياتهم بعدما شعر بان هناك من يستسهل تحميل الحزب تبعات استمرار الشغور في قصر بعبدا.
وأغلب الظن، ان الرد الرسمي للحريري على ما طرحه نصرالله سينتظر نتائج تشاوره مع القيادة السعودية، فإذا قبلت الرياض بعون يصبح رئيس «المستقبل» جاهزا للتفاوض على الضمانات والتفاصيل المتعلقة برئاسته للحكومة، أما إذا رفضت المملكة، فسيعود الحريري الى التمسك بخيار فرنجية.
وتخشى اوساط قيادية في «8 آذار» من ان يكون الجواب السعودي سلبيا، في نهاية المطاف، على قاعدة ان الرياض التي لا تزال تخوض مواجهة شرسة مع ايران في اليمن وسوريا والعراق والبحرين، وبالتالي لن تسهل وصول عون، الى رئاسة الجمهورية من دون الحصول من طهران على مقابل ما، لا يبدو متيسرا حتى الآن.
على صعيد آخر، كان لافتا للانتباه حرص نصرالله في خطاب الانتصار على لمّ شمل البيت الشيعي وحماية التحالف الاستراتيجي مع الرئيس نبيه بري، فكانت تحية تقدير الى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بحضور غير مألوف في مناسبات الحزب لنجله السيد علي فضل الله، وكانت الرسالة الحازمة والقاطعة بان بري هو شريكنا ومرشحنا الدائم الى رئاسة مجلس النواب.
نصرالله من الدفاع الى الهجوم
وفي انتظار الآتي، يمكن القول ان إيجابية نصرالله في مقاربة فرضية تولي الحريري رئاسة الحكومة، إنما تنطوي على الدلالات الآتية:
- رد تهمة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية عن الحزب الذي انتقل بعد خطاب بنت جبيل من موقع الدفاع الى موقع الهجوم الذي يسمح له بكشف حقيقة نيات الآخرين.
- إعطاء جرعة مقويات لترشيح عون، وطمأنة الجنرال الى ان «حزب الله» يفعل أقصى ما يستطيعه لتسهيل وصوله الى رئاسة الجمهورية ولا يكتفي بالدعم المعنوي او اللفظي. وكان لافتا للانتباه ان «السيد» لم يتطرق في خطاب الانتصار الى السعودية، الامر الذي فسره البعض بانه يهدف الى إراحة عون أكثر فأكثر، بعد التحليلات البريئة و «الخبيثة» التي روجت بان حظوظ «الجنرال» الرئاسية تراجعت في أعقاب الهجوم الحاد الذي شنه نصرالله على المملكة في خطابه ما قبل الاخير.
- قطع الطريق على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي لا يترك مناسبة إلا ويحاول فيها التشويش على تحالف «حزب الله» مع الرابية، متهما إياه بانه لا يريد، في العمق، انتخاب عون وإلا لكان قد فعل شيئا من أجل مساعدته. وبهذا المعنى، أتى طرح نصرالله العملي ليصعّب على جعجع مهمة تحريض «التيار الحر» من جهة والمزايدة على «حزب الله» من جهة أخرى، خصوصا عندما ذكّر نصرالله بأن تبني الحزب لعون سابق حتى لحرب تموز 2006.
- رمي الكرة الى ملعب الحريري الذي بات امام اختبار صعب، في ظل تأرجحه بين حاجته الى استعادة رئاسة الحكومة وبين صعوبة هضم خيار عون، لاعتبارات داخلية تتصل بمزاج قواعد «المستقبل»، وأخرى خارجية تتعلق بالموقف السعودي.
- تحميل السعودية مسؤولية أي تعطيل اضافي للاستحقاق الرئاسي، بعدما أبدى نصرالله قبولا مبدئيا بعودة حليفها المفترض الى رئاسة الحكومة، وهو موقف يُفترض ان تبادله الرياض بالتجاوب مع خيار عون، تحت طائلة تحميلها عواقب إطالة أمد المأزق الحالي.
- تنشيط خلايا الحوار الثنائي بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، عشية الجلسة الدورية التي ستجمعهما غدا في عين التينة.
بري: مع الحريري ظالما أم مظلوما
الى ذلك، اعتبر الرئيس نبيه بري امام زواره أمس ان خطاب نصرالله في بنت جبيل كان إيجابيا بكل مضامينه.
واشار بري الى ان المصلحة الوطنية تقتضي ان يأتي سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، لان من شأن ذلك ان يساهم في تحصين الاستقرار الداخلي وإبعاد عناصر الفتنة، متسائلا: أصلا، هل من بديل افضل من الحريري، لرئاسة الحكومة، في هذه المرحلة؟ وأكد انه اصبح مع الحريري ظالما ام مظلوما منذ ان بادر الى ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وكشف بري انه باشر منذ قرابة شهر ونصف الشهر باتصالات سرية مع «تيار المستقبل» بصدد قانون الانتخاب، موضحا انه تبلغ من «المستقبل» ان نقاشا داخليا يجري في صفوفه حول امكان القبول بالمشروع المختلط (64 نسبي - 64 أكثري)، «وأنا بدوري أبلغتهم انني مستعد للبحث في أية مادة ملتبسة، خصوصا ان مشروعي يستند الى معايير موحدة».
كما أوضح بري ان حوارا يدور بينه وبين «التيار الوطني الحر» بشأن قانون الانتخاب «الذي يشكل بيضة القبان في أي سلة متكاملة، والتوافق عليه يعالج 90 في المئة من الازمات التي نعاني منها، تماما كما حصل في الدوحة، حين كان التفاهم على قانون الانتخاب مفتاح الفرج».
وأمل بري في ان يمهد الجهد الذي يبذله في اتجاهات عدة لعقد جلسة ناجحة للمتحاورين في الخامس من ايلول المقبل، بحيث يكون بحوزتنا ما يمكن ان نبني عليه.
«المستقبل»: الحريري سيرد على نصرالله
النهار :
لا شيء متوقعاً في تحريك الجمود السياسي قبل أيلول ولا معطيات تشجع على ملامح اختراق سياسي في أيلول أيضاً. هذه الخلاصة السوداوية حيال المشهد الداخلي لم يبدلها "العرض" الذي قدمه الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله في خطابه السبت الماضي في بنت جبيل احياء للذكرى العاشرة لنهاية حرب تموز والذي تناول في الجزء الداخلي منه الأزمة الرئاسية اذ بدا واضحا ان "تيار المستقبل " تعامل مع العرض من منطلق اعتباره تجاوزاً للدستور أولاً ومن ثم تثبيتاً للمأزق الرئاسي.
والواقع ان خطاب السيد نصرالله اكتسب دلالاته البارزة في الشق الاقليمي أكثر منه في الشق الداخلي وخصوصاً من حيث اسهابه في الحديث أولاً عن التداعيات التي احدثها "انتصار المقاومة" في تبديل الاستراتيجيات الاسرائيلية بعد الحرب، ومن ثم في حديثه عن الحروب الجارية في سوريا والعراق واليمن. وبدت العلامة الفارقة في توجه نصرالله للمرة الاولى مباشرة الى الجماعات الارهابية التي تقاتل في سوريا والعراق فخص "داعش" و"جبهة النصرة" بنداء لوقف القتال "لأنه يخدم مصالح أميركا" وقال: "أوقفوا هذا القتال والقوا السلاح" ملمحا الى امكان قيام "مصالحات وتسويات". أما في الشق الداخلي، فقال: "إن الفرصة متاحة اذا ارادت الجهات المعنية بالاستحقاق الرئاسي ان ينجح ولديها اسئلة فنحن نقول اننا منفتحون وايجابيون في ما يتعلق برئاسة الحكومة المقبلة بعد انتخاب رئيس الجمهورية واكتفي بهذا القدر". وجاء ذلك بعد تأكيده التزام دعم ترشيح العماد ميشال عون، كما شدد على ان رئيس مجلس النواب نبيه بري هو مرشح الحزب الوحيد القديم الجديد لرئاسة المجلس.
واذا كان السيد نصرالله لمح ضمناً الى انفتاحه على عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة في مقابل انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية وعودة الرئيس بري الى رئاسة المجلس، فإن مصادر بارزة في "تيار المستقبل" عزت موقفه الى ادراكه ان المشكلة ليست في الحريري بل في عون. وقالت المصادر لـ"النهار" إن كلام السيد نصرالله لا يفتح الباب لأي شخص لان الامر منوط بالعملية الدستورية التي تتطلب القيام بمشاورات وتالياً فان مثل هذا الانفتاح لا يعبد الطريق امام حل ازمة الرئاسة لان المشكلة أساساً هي مع العماد عون وليس مع الرئيس الحريري.ولا ترى هذه المصادر ان موقف نصرالله يدفع في اتجاه كسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الملف الرئاسي مما يعني بالنسبة الى "المستقبل" ان لا تغيير حاليا في سياسة الحزب وفريقه حيال هذا الملف.
بري: المصلحة في الحريري
لكن الرئيس بري عبّر في المقابل عن رؤية مغايرة اذ اعتبر خطاب السيد نصرالله "ايجابياً في كل مضامينه". وقال أمام زواره مساء أمس إنه "منذ أن رشح الرئيس الحريري النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية أانا معه (الحريري) ظالماً أو مظلوماً، وتقتضي المرحلة والمصلحة الوطنية الاتيان بالحريري الى رئاسة الحكومة وهو يحقق الاستقرار ويبعد عناصر الفتنة". الى ذلك، كشف رئيس المجلس انه "يبحث منذ شهر مع "تيار المستقبل" في المشروع المختلط للانتخابات النيابية الذي قدمته (64 نائباً بالاكثري و64 بالنسبي) كما أبحث في الموضوع نفسه مع "التيار الوطني الحر" والاتصالات جيدة مع الطرفين وسيستكمل في الخامس من أيلول المقبل واذا انجزنا قانون الانتخاب نكون قد حققنا 90 في المئة من سلة الحل".
لكن بعض الاوساط المواكبة لإعداد قانون جديد للانتخاب قالت لـ"النهار" إن ثمة معطيات تعكس تعذّر التوصل الى صيغة توافقية قبل بدء العقد العادي للمجلس بعد منتصف تشرين الاول على رغم الدفع الذي يمارسه حاليا "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، مشيرة الى ان لا تحرّك للجان النيابية المشتركة على هذا الصعيد في المدى المنظور، فيما من المرجح أن يطّل الموضوع على طاولة الحوار النيابي في 5 أيلول. ولفتت الى ان الاجواء السائدة تفيد أنه اذا طالت الامور وصار الوقت داهماً بما لا يتيح تكيّف الرأي العام مع قانون جديد للانتخاب يتضمن نسبية جزئية وصوتاً تفضيلياً وتقسيماً جديداً للدوائر يصبح قانون الـ60 حسب الكلام المتداول هو المؤهل لإجراء الانتخابات على أساسه في الربيع المقبل كي لا تذهب البلاد الى الفراغ أو الى تمديد جديد لولاية المجلس. وأستدركت بانه اذا كان ثمة إمكان للتوصل الى قانون جديد للانتخاب عندئذ يمكن تأجيل تطبيقه الى ما بعد الانتخابات المقبلة ريثما يجري تحضير الاجواء لوضعه موضع التنفيذ.
وسط هذه الاجواء حرصت السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد على مرافقة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس في زيارته كما في كل سنة على خطى اسلافه البطاركة لدير سيدة قنوبين مقر البطاركة الاوائل في الوادي المقدس عشية عيد انتقال السيدة العذراء. كما كانت لها خلوة مع البطريرك في مقره الصيفي بالديمان.
المستقبل :
مع انقضاء عيد «انتقال السيدة العذراء» اليوم وما يجسده من معاني الارتقاء والتعالي والسمو، تتحضر الساحة السياسية للانزلاق مجدداً نحو دهاليز التعطيل والتهويل والتنكيل بآخر المؤسسات الدستورية العاملة على وقع توقع انطلاق رحلة مطبات وخضات حكومية متصاعدة بدءاً من الخميس المقبل ربطاً بملف التعيينات العسكرية. وإذا كان تعذر التوافق على بديل لقائد الجيش يحتم إعادة التمديد له حرصاً على استقرار المؤسسة العسكرية وتحصينها في مواجهة «تسونامي» الفراغ المتمددة بين مؤسسات الدولة، فإنّ تعذر التمديد لرئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان سيفتح الباب العوني على مصراعيه أمام ربط النزاع «عسكرياً» بين التمديد للعماد جان قهوجي وبين تعيين بديل لسلمان المرجّح أن يكون العميد حاتم ملاك، ما سيضع الحكومة بحسب مصادر وزارية لـ«المستقبل» أمام استحقاق متعدد السيناريوات «العسكرية»، الثابت الوحيد فيه هو التصعيد الواقع حتماً من قبل وزيرَي «التيار الوطني الحر».
وتوضح المصادر أنه على الرغم من أنّ الجميع يعلم أنّ تأجيل التسريح القسري لكل من قائد الجيش والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير هو أمر مفروض تحت وطأة ضرورات المصلحة الوطنية، غير أنّ الإشارات العلنية والمرمّزة المرسلة من «الرابية» تشي بتصعيد عوني مرتقب في الحكومة رفضاً لهذين التمديدين مع محاولة ربطهما مباشرةً برفض تمرير تعيين رئيس أركان جديد، مشيرةً في هذا الإطار إلى أنّ الترتيب الزمني لطرح الملف على طاولة مجلس الوزراء لا يزال غير معروف علماً أنّ مهلة اللواء خير تنتهي في 23 الجاري بينما مهلة العماد قهوجي واللواء سلمان تنتهي في 30 أيلول.
ورداً على سؤال، لفتت المصادر إلى أنه بحسب القانون فإنّ وزير الدفاع سمير مقبل يستطيع تأجيل تسريح قهوجي وخير من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء غير أن مسألة تعيين رئيس الأركان تحتاج إلى طرحها على المجلس لأخذ موافقته عليها، متوقعةً في ضوء ذلك تداخل مواعيد ومواقيت طرح ملف التعيينات العسكرية من مختلف جوانبه بدءاً من الخميس المقبل بشكل سيخضعه لاعتبارات عديدة أبرزها التصعيد العوني المرتقب.
وفي سياق متصل بالهواجس الوطنية المتصاعدة من سوداوية المرحلة السياسية المقبلة، برز أمس إعراب المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل عن «قلق الرئيس نبيه بري على الوطن» في ظل «الواقع المأزوم»، مشدداً على أنّ «الأوان حان للسعي إلى حل كافة الأزمات». في حين كان الوزير وائل أبو فاعور يعبّر عن تحذير جنبلاطي متقاطع وصريح من «همس» يدور في الأفق حول أنّ التمديد لقائد الجيش سيقود إلى «تفجير الحكومة من الداخل وإسقاط إحدى المؤسسات الأساسية في البلاد»، آملاً في المقابل «ألا تحفل الأيام القادمة بأي مفاجآت على المستوى الدستوري في موضوع الحكومة».
الديار :
عند أي كلمة للسيد حسن نصرالله يلتئم مجلس المستشارين او الـThink Tank التابع للرئيس سعد الحريري لتحليل هذه الكلمة وابداء الملاحظات، والاقتراحات، الخاصة بالرد...
المهمة الأسهل في هذه الحال عندما يهاجم الامين العام لـ«حزب الله» المملكة العربية السعودية، الرد، وبالصيغة الهجومية المعروفة، يكون جاهزاً خلال نصف ساعة على الاكثر، وللتو يغرد الشيخ سعد الحريري عبر تويتر بلهجة صاعقة تخال الاوساط السياسية معها انهيار الحوار الثنائي، بل والاقتراب من لحظة الصدام...
هذه المرة، وحتى منتصف ليل السبت - الاحد لم يظهر شيء على حساب الحريري على تويتر، وحتى ساعة متأخرة من النهار، الكلمات القليلة التي صدرت عن «السيد» احدثت هزة في المشهد السياسي قد يساعد على احداث دينامية سياسية تفضي الى التوافق حول السلة التي طرحها الرئىس نبيه بري، وان مع بعض التعديلات التقنية التي لا تمس بالجوهر.
بطبيعة الحال، سارع صقور المستقبل الى القول ان «نصرالله يستدرجنا» الى أين؟ الى المؤتمر التأسيسي، مع ان الافرقاء جميعاً يدركون ان هذا ليس الوقت الملائم لمقاربة اي خلل بنيوي في السلطة او حتى في طريقة ادائها الدستوري..
البعض في قوى 8 آذار يؤكدون ان السيد نصرالله الذي يدرك ان الأزمة (او الازمات) الداخلية في لبنان وصلت الى حدود الانفجار يعرف ان رئيس تيار المستقبل الذي يقف بين فكي كماشة، اي بين صقور المملكة وصقور التيار، بأمس الحاجة الى تلك الكلمات التي تلفّظ بها الامين العام لـ«حزب الله».
كل ما هو مطلوب من الحريري ان يكسر الايقاع مرة ثانية، ويعلن تبنيه ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، لا عوائق على الاطلاق امام عودة الحريري الى السراي، ولو بشروط يمكن ان يستغلها من هم داخل التيار ومن هم خارجه لدفعه ثانية الى عنق الزجاجة.
هذا لا يعني ان الحزب سيقدم له «شيكاً على بياض»، والذين قرأوا في عمق كلام الامين العام يعلمون ان هناك ثوابت يتمسك بها الحزب، وهي ذكرت، بصيغة مبتكرة، في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام.
الحريري يعرف ما هي الثوابت، وما فهم من خطاب «السيد» فصله موضوع السلة، بما في ذلك رئاسة الجمهورية، عن شبكة الازمات في المنطقة.
السيد نصرالله قال «الامور بأيدينا»، هذا يوحي بأن شيئاً جديداً يمكن ان تشهده جلسة الحوار في 5 ايلول المقبل. كل ما يريده الحريري كلمة من «السيد» بأنه لن يقفل عليه الطريق الى السراي بل انه مستعد لازالة اي معوقات توضع، بشكل او بآخر، امام الحريري.
قد لا تصل الامور الى حد عقد لقاء بين «السيد» و«الشيخ»، لكن مسار الاحداث قد يجعل مثل هذا اللقاء مسألة ضرورية.
المهم ماذا سيكون رد الرياض على الطرح؟ قيادي في المستقبل قال لـ«الديار» ان هناك اكثر من جهة اتصلت ببعض المسؤولين في المملكة بشأن المساعدة في كسر الحلقة المفرغة، وغالباً ما كان الرد ان السعودية هي مع اي حل ترتئيه القوى السياسية في لبنان الذي عليه ان يعالج بجدية المشكلات الداخلية التي بعضها وصل الى مرحلة خطيرة.
هل رفع الفيتو السعودي عن العماد ميشال عون؟ ديبلوماسي خليجي قال لـ«الديار» ان المملكة لا تريد رئيساً للبنان يكون جزءاً من محور معاد لها، وتقدير هذا الامر عملية دقيقة، «ولك ما يمكن تأكيده ان هناك عواصم خليجية تعتقد انه في ظل التوازنات الحساسة في الداخل اللبناني لا يمكن لأي رئيس لبناني ان يكون مع فريق ضد فريق آخر او مع محور ضد محور آخر».
ويشير الديبلوماسي اياه الى ان الاتصالات الخليجية في هذا الشأن محدودة، ولكن هناك اتجاهاً الى دعم اي عملية سياسية، او ديبلوماسية، يمكن ان تدفع بالحل الى الامام، وثمة خطوة تقدم بها مصر في الوقت الحاضر بايفاد وزير خارجيتها سامح شكري الى لبنان.
يضيف «ان العواصم الخليجية تأمل في ان يتمكن شكري من ايجاد مناخ افضل، خصوصاً وان القاهرة منفتحة على الاطراف اللبنانية كافة، والكل يعلم الا مصلحة لديها في توظيف الازمة اللبنانية لاغراض جيوسياسية او ما شابه».
الرهان حالياً على الجهود المحلية، حين قال الامين العام لـ«حزب الله» ان الامور في «ايدينا»، فهذا يعني ان بالامكان سحب الملف الداخلي، وبجهود مكثفة ومنسقة، من تضاريس الصراع الاقليمي.
لا بل ان السيد نصرالله كان واثقاً من شق الطريق نحو التسوية، والذي يبعث على التفاؤل ان «اوركسترا» المستقبل التي كانت تتلقف اي كلمة له بالهجوم، انتظرت ما يقوله الحريري، حتى ان النائب عمار حوري، وفي كلام له امس، ابتعد عن الاجابة على اسئلة تتعلق بما ورد من خطاب بنت جبيل.
وفي هذا السياق، ترى اوساط سياسية ان سبب التريث في اطلاق اي موقف من الخطاب تعليمات من الرئيس الحريري بعدم التعليق ريثما تبحث الامور بعمق، وان كانت جهات سياسية في 8 و14 آذار قد اشارت الى ان عبارة «السيد» انما جاءت بناء على اتصالات قامت بها احدى الشخصيات لمعرفة رأي قيادة «حزب الله» في موضوع ترؤس الحريري لحكومة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وما اذا كان هناك من تحفظات او شروط تتعلق بعودته الى السراي اذا ما اخذ بترشيح عون.
ـ لماذا انتظر الحريري؟ ـ
في كل الاحوال، لماذا انتظر رئيس تيار المستقبل اكثر من 24 ساعة للتعليق، وعبر النائب احمد فتفت على كلام السيد نصرالله، ما يتردد في الكواليس ان الاشارة الخارجية تأخرت فكان عليه الانتظار.
عادة التعليقات تأتي فور ان ينتهي الامين العام لـ«حزب الله» من خطابه. ما تقوله مصادر سياسية عليمة ان الخارج قال كلمته، فتم الايعاز الى فتفت بأن يصرح بما صرح به.
نائب الضنية قال ان محاولة السيد نصرالله «فرض تسوية معينة عبر تسمية رئىس الجمهورية ورئيس الحكومة هي بمثابة تغاض عن الدستور وتجاوز له، دون ان ارى في كلامه اي ضمانات، ولن نقبل بشروط «حزب الله». واذا كان للرئيس الحريري ان يصل الى رئاسة الحكومة فهو سيصل بتسمية مجلس النواب وليس بتسمية نصرالله».
ولاحظ انه «منذ عام 2006 وحتى اعلان بعبدا مروراً بالدوحة لم يلتزم نصرالله بأي شيء، وهو يصر على انه سيد النظام، وانه الناظم الامين للدولة، وهو الذي يريد وضع التعيينات لكل المناصب».
قطب في 8 آذار قال لـ«الديار» انه يستغرب «هذا الموقف الذي يفتقد الحد الادنى من المنطق، فأي ضمانات يفترض بالسيد نصرالله ان يعلنها على الهواء، وما هي الشروط التي فرضها حتى يقول فتفت «لن نقبل بها»، كما ان سعادة النائب الذي يتهم «حزب الله» بالتعطيل وعلى مدار الساعة لا يريد ان تسمية رئىس الحكومة مثل تسمية رئيس الجمهورية تتم بالتوافق»، ثم... لماذا لم يعقب الحريري شخصياً؟
القطب اضاف ان الواضح من ردة الفعل ان الخارج ما زال يقبض على رئاسة الجمهورية، بل وعلى الوضع اللبناني بأكلمه، وان الحريري الذي يعاني من مأزق متعدد الابعاد هو الضحية الاولى للموقف الاقليمي الرافض لأي تفاهم حول التفكيك التدريجي او المنهجي، للأزمات اللبنانية.
ـ طابور التشاؤم ـ
والنتيجة ان «طابور التشاؤم» او بالاحرى «طابور المتشائمين» وراء النائب وليد جنبلاط بات كبيراً جداً، بعدما قال المقربون من قصر المختارة ان هذا الاخير لا يعتقد ان الظروف الراهنة ملائمة لأي حل او حلحلة.
وبحسب هؤلاء، الساسة اللبنانيون يلعبون داخل هامش محدود جداً «في قعر الثلاجة»، وما يتردد من توقعات ومن تحليلات يندرج في اطار الفولكلور (السياسي) اللبناني.
وعلى هذا الاساس ليس من المنطقي جعل اللبنانيين يعيشون داخل الاوهام فيما هم في الحقيقة داخل الاحتمالات، اذ ان اي نظرة الى الوضع الاقليمي تظهر ان هذا الوضع لا يمكن ان ينتج اي تسوية بل هو يمضي نحو المزيد من التعقيد والتشابك.
بالتالي لا مجال لتحديد المواعيد وللخلط بين المعطيات الحسية والاستنتاجات الشخصية ولبنان باق الى اشعار اخر وربما اخر جدا في غرفة العناية الفائقة.
ولعل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قد سمع ما قاله سفير اوروبي لشخصية غير مدنية «اذا كنتم تنتظرون تسوية الازمة اليمنية لحل ازماتكم فقد يكون عليكم الانتظار الى منتصف القرن».
ـ خليل: كوة في الجدار ـ
المواقف ظلت تراوح مكانها، وزير المال علي حسن خليل قال انه عندما اطلق الرئىس نبيه بري مصطلح السلة، كان يريد ان يفتح كوة في جدار الازمة على مستوى قانون الانتخاب وسائر القضايا الاخرى».
اضاف «من غير المسموح ان نراوح مكاننا في ملف النفط والغاز ويجب اقرار المرسوم سريعا بعدما زالت العقبات وبات بالامكان ان نفتح للبلد افقا ارحب واوسع في معالجة قضايا المالية والاقتصادية والمعيشية».
ورأى النائب علي فياض «ان الموافقة على العماد عون رئىسا ليس تنازلا بل استجابة للامر الواقع وللمصلحة الوطنية لا سيما انه الرجل الاقوى مسيحيا والاكثر تمثيلا على المستوى المسيحي وبخاصة بعد دخول «القوات اللبنانية» على خط تبنيه رئىسا، وبالتالي فإن المسيحيين يتبنون العماد عون رئىسا للجمهورية».
وسأل «لماذا يقف البعض امام هذه الحقيقة، ويحول دون وصول الرجل الى سدة الرئاسة»، معتبرا «ان اختيار عون من شأنه ان يفتح ثغرة واسعة في جدار الازمة وان يترك تأثيراته الايجابية على حلحلة كل الملفات الاخرى العالقة الامر الذي يصب في مصلحة الجميع دون استثناء.
ورأى فياض انه «لا يجوز ترك البلد في حالة الانحدار حتى لا نفاجأ بتداعيات هذا الانحدار».
ولفت النائب سليم سلهب الى «اننا كلما تأخرنا في انتخاب الرئيس كلما كان الثمن غاليا، مبديا شكه في ان يكون وزير الخارجية المصري يحمل مبادرة».
وقال «يمكننا ان نعيّن قائدا جديدا للجيش بدلا من التمديد غير القانوني ونحن على موقفنا وسيكون لنا موقف واضح ومبدئي من التمديد انما لا اعتقد اننا سنستقيل (من الحكومة) لاننا اذا استقلنا فسنضع نفسنا في المجهول الذي هو اكثر من المجهول الذي نحن فيه».
الجمهورية :
تستمرّ حال الغليان في منطقة الشرق الأوسط، والمراوحة الرئاسية في لبنان، في انتظار وضعِ حدّ للكباش السعودي ـ الإيراني، وترجمةِ مفاعيل القمّة الروسيّة ـ التركية الأخيرة، وتبَلوُر نتائج المحاولات الأميركية لوصلِ ما انقطع بين واشنطن وأنقرة إثر الانقلاب الفاشل الأخير في تركيا، عبر زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إليها في 24 آب الجاري، ونتائج التقارب الإيراني ـ التركي، وخلاصة محادثات المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف في طهران حول التطوّرات في المنطقة.
يحتفل لبنان بعيد انتقال السيّدة العذراء اليوم، وقد استبقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بزيارة دير سيدة قنّوبين مقرّ البطاركة الأوائل في الوادي المقدّس أمس، وترَأس قدّاسَ العيد في كنيسة الدير الأثرية، داعياً إلى الكفّ عن تشويه جمال لبنان.
وفي هذه الأثناء تبقى الساحة الداخلية رازحةً تحت وطأة الشغور الرئاسي، في غياب بشائر أيّ حلّ، رغم التعويل على جهود دولية أو عربية، وليس آخرها الجهد المصري المتمثل بزيارة وزير الخارجية سامح شكري الذي يصل الى بيروت مساء اليوم في زيارة تستمرّ حتى بعد غدٍ الأربعاء، يلتقي خلالها رئيسَي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وتمّام سلام، ووزيرَ الخارجية جبران باسيل وقادةَ الأحزاب اللبنانية. وعلمت «الجمهورية» أنّها زيارة استطلاعية ولا يحمل خلالها شكري أيَّ مبادرة، كما تَردّد في بعض الأوساط.
وفي الانتظار، ووسط صمتِ الرئيس سعد الحريري، تفاعلت المواقف الرئاسية التي أعلنَها الامين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله لجهة تجديد التزامه دعمَ ترشيح العماد ميشال عون، والحكومية مع إبداء انفتاحه وإيجابيته في موضوع رئاسة الحكومة المقبلة بعد انتخاب الرئيس، والنيابية لجهة حسمِه تبنّي ترشيح الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب المقبل. وقد رأى البعض أنّ هذه المواقف يمكن أن تفتح ثغرةً في جدار الأزمة السياسية، فيما انتقدها البعض الآخر معتبراً أنّها «لا تؤسس لحلول بل لإطالة عمر الأزمة».
معادلة عون - الحريري
على أنه بدا من المواقف في عطلة نهاية الأسبوع ولا سيما مواقف نصرالله أنه تمت إعادة تعويم معادلة عون- الحريري ولكن بشروط، تلخصها التساؤلات الآتية: أيّ ثمن يطلب نصرالله أن يدفعه الحريري، وهل يستطيع الحريري أصلاً أن يدفع الثمن، سواء في السياسة الحكومية، أو الأداء، أو كيفية إدارة الدولة، أو السلاح، أو مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية، أو المحكمة الدولية، أو العلاقات مع سوريا بين الدولتين وبين حكومتَي البلدين ومع نظام الرئيس بشّار الأسد.
وهل يمكن أن يتنازل الحريري انتخابياً ويساهم في إنتاج قانون انتخابي جديد على أساس النسبية، سواء بالنسبية الشاملة أو النسبية ضمن القانون الانتخابي المختلط؟ (راجع ص 4)
برّي
في غضون ذلك، وصَف رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره خطاب نصرالله بأنّه «إيجابي بكلّ المضامين التي تناولها». وأشار الى أنّ ما قاله السيّد نصرالله عن الحريري «لم يكن مفاجئاً»، معتبراً «أنّ مثل هذا الطرح، يفترض في الاساس أن يكون طبيعياً».
وسُئل بري: هل إنّ مواقف السيد نصرالله ستساعد على إيجاد حلول؟ قال: «يفترض أن يعمل الجميع في هذا الاتّجاه».
وردّاً على سؤال آخر، قال بري: «تبلّغتُ من تيار «المستقبل» أنّ نقاشاً يدور داخله ويَميل الى إمكان السير بالقانون المختلط الذي اقترحته (أي 64×64). وقد أبلغت الى «المستقبل» استعدادي للتجاوب الى أبعد الحدود والبحث، إنْ لزمَ الامر، في أيّ مادة من اقتراح القانون الذي قدّمته (المختلط) تكون محلّ التباس أو تُشتمُّ منها رائحة ظلامة، خصوصاً أنّ الهدف الرئيسي لهذا الاقتراح هو التوازن ووحدة المعايير».
وكشفَ برّي في هذا السياق عن أنّه «على تواصل سرّي مع «المستقبل» منذ شهر ونصف الشهر، والأمرُ نفسُه بدأتُه منذ ثلاثة أسابيع مع «التيار الوطني الحر» حول القانون الانتخابي الذي أعتبره «بيضة القبّان» في السلّة ويحلّ أكثرَ من 90 في المئة من المشكلات، تماماً كما حصل في الدوحة، على أمل ان نتمكّن من إحداث ثغرة انتخابية يُبنى عليها في الخامس من أيلول المقبل».
وحول موقفه من ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، قال بري: «منذ أن رشّح الحريري النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية أصبحتُ معه ظالماً كان أم مظلوماً، لأنّه كان جريئاً أكثرَ مِن غيره حتى أكثرَ من حلفاء فرنجية».
وأضاف: «المصلحة الوطنية تقتضي أن يأتي سعد الحريري رئيساً للحكومة وليس أيّ شخص آخر غيره، ومصلحة لبنان تكمن في البحث عن كلّ العناصر التي تبعِد الفتنة، وإنّ توَلّي الحريري رئاسةَ الحكومة يساعد كثيراً في تعزيز الاستقرار الداخلي».
وردّاً على سؤال: أليست هناك بدائل للحريري؟ أجاب: «لا أرى بدائل أفضل منه، ثمّ إنّني أسأل: هل توجد هناك بدائل أفضل منه لرئاسة الحكومة؟».
فتفت لـ«الجمهورية»
وفي هذا السياق، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية» أنّ كلام الرئيس فؤاد السنيورة «فُسّر فعلاً بسوء نيّة، وأنّ طريقة ردّ السيّد نصرالله عليه فيها هبوط في الأخلاق الإعلامية». واعتبر أنّ السنيورة كان يقصد بكلامه القول إنّه عندما يكون عندنا مثل الرئيس برّي في المجلس والرئيس سلام في رئاسة الحكومة واللذين يستطيعان التواصل مع الجميع، فنحن نريد رئيسَ جمهورية من المستوى نفسه.
فالعماد ميشال عون لا يستطيع أن يكون في هذا الموقع». وأضاف: «كذلك يدرك الجميع أن لا مشكلة بالنسبة الى الرئيس السنيورة مع الرئيس بري، ولا مشكلة أيضاً في موضوع رئاسة الحكومة، خلافاً لكلّ ما يقال، لأنّه بالنسبة الى كلّ تيار «المستقبل»، وفي مقدّمهم الرئيس السنيورة، مرشّحُنا لرئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري، ومَن يحاول أن يفتن في الداخل هو السيّد حسن».
وتابع فتفت: «أمّا وعود السيّد نصرالله بالانفتاح فلا نستطيع أن نأخذها على محمل الجد. هناك سوابق كثيرة، و«حزب الله» لم يلتزم أيّ شيء لا في الحوار ولا في الدوحة ولا في «إعلان بعبدا» ولا نثقُ بكلامه المرفوض أيضاً دستورياً، لأن ليس هو من يعيّن رئيس الحكومة ولا هو من يسمّي رئيس الجمهورية.
مِن حقّه أن يكون له رأي سياسي، ولكن ليس من حقّه القول إمّا هذا وإمّا التعطيل. ففي طريقة استمرارِه في دعم ترشيح عون إصرار على تعطيل رئاسة الجمهورية وعمل المؤسّسات، وكلّ ما نطلبه منه هو نزول نوّابه الى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس، وليدَع اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها، ولديه ما يكفي من القوة السياسية مع حلفائه لكي يكون رأيه مسموعاً ديموقراطياً».
«14 آذار»
مِن جهتها، اعتبرَت مصادر بارزة في قوى 14 آذار لـ«الجمهورية» أنّ السيّد نصرالله «يتصرّف في لبنان كما يتصرف السيّد علي خامنئي في إيران، أي كمرشد للجمهورية تعود إليه عملية تسمية المرشحين وتزكيتُهم لتولّي المناصب الرسمية، وكان نصرالله واضحاً في تسمية المرشّحين لتولّي رئاستَي الجمهورية ومجلس النواب، وأعطى لنفسه حقّ تسمية رئيس الحكومة، وفي أحسن الحالات وضَع الفيتو على أيّ شخصية لا يرضى بها».
ورأت المصادر أنّ ما جاء على لسان نصرالله في خطابه الأخير «لا يمكن اعتباره بشائر حلّ توافقي، وإنّما شروط استسلام وإذعان يَفرضها على اللبنانيين. فهو، بدلاً من أن يتعاطى مع الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية كشركاء في القرار والخيار، يتعاطى معهم كوصيّ وصاحب الكلمة الفصل، ولا يتعاطى مع اللبنانيين على قدم المساواة، وإنّما بفوقية واستعلاء يستمدّهما من فائض قوّة السلاح الذي يملكه.
وما طرَحه ليس تسوية سياسية بين اللبنانيين وإنّما محاولة لترجمة قراءته الخاصة لموازين القوى الاقليمية على الساحة اللبنانية، علماً أنّ قراءته لا تعكس الواقع وإنّما تمنّياته للواقع، ذلك أنّ المحور الذي ينتمي إليه ليس بالقوّة التي تَسمح له بفرض شروطه، والمحور الذي يواجهه ليس بالضعف الذي يفرض عليه الرضوخ لشروطه»
اللواء :
بالمفهوم السياسي للأمور، لا شيء جديداً يمكن أن يُبنى عليه، فيما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في مهرجان «زمن الإنتصارات» ببنت جبيل، من مواقف سياسية تتصل بالاستحقاق الرئاسي، وإن كانت حملت مؤشرات انفتاح واستعداد للتفاوض مع تيّار «المستقبل» في شأن رئاسة الحكومة، مع العلم أن الحزب و«المستقبل» يتفاوضان من خلال الحوار الثنائي بينهما في عين التينة، منذ أكثر من سنتين، وهما يستعدان لخوض جولة جديدة من الحوار غداً الثلاثاء في جلسة بلغ رقمها 32 بحسب التسلسل الرقمي لها، وبالتالي فإن الانفتاح الذي عبّر عنه نصر الله، لم يكن سوى رسالة، يفترض أن تردّ عليها كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها غداً، والذي سيسبق جولة الحوار مع الحزب، والتي يُفترض أن تتركز على جدول أعمالها المؤلف من موضوعين هما: رئاسة الجمهورية، وتخفيف الاحتقان المذهبي.
على أن قراءة «المستقبل» لرسالة نصر الله، تراوحت بين وجهتي نظر:
الأولى: ترى أن خطاب السيّد نصر الله لم يكن تصعيدياً، مثلما كان متوقعاً، إذ أنه لم يحمل على المملكة العربية السعودية، على غير عادته، سوى ببعض النكزات، وحملت لهجته إزاء الحرب الدائرة في سوريا بعض «التطرية» ولا سيما إزاء مخاطبة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بمنطق «المصالحة والتسوية»، بحسب عضو الكتلة النائب عمار حوري، والذي رأى في ذلك إشارة واضحة إلى أن الوضع الميداني في حلب يراوح، بدليل أن منطقه لم يكن منطق المنتصر، وطبعاً لم يكن منطق المهزوم.
وفي تقدير حوري، أن موضوع رئاسة الحكومة لا يختاره نصر الله ولا غيره، بل تحدده الأغلبية النيابية بموجب الاستشارات النيابية الملزمة وفق الدستور.
أما وجهة النظر الثانية، فحصرت ردّها على نصر الله، بموضوع السلّة الثلاثية التي طرحها، أي رئاسة الجمهورية للنائب ميشال عون، ورئاسة المجلس النيابي للرئيس نبيه برّي، ورئاسة الحكومة نتفاوض عليها بعد رئيس الجمهورية، وترى في ذلك محاولة فرض تسوية معيّنة، مستقوياً بوضعه العسكري والسياسي، وهذا أمر مرفوض، مثلما أكد عضو الكتلة النائب أحمد فتفت الذي أعلن أنه لن يقبل بشروط «حزب الله».
وقال: «إذا كان الرئيس سعد الحريري سيصل إلى رئاسة الحكومة، فأنه سيصل بتسمية مجلس النواب وبما يمثل سياسياً، وليس بتسمية نصر الله»، مذكّراً بأنه منذ سنة 2006 وحتى «إعلان بعبدا» مروراً بالدوحة لم يلتزم نصر الله بشيء وقّع عليه، في حين استبعد النائب محمّد قباني لـ«اللواء» أن يدخل الرئيس الحريري بمقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، مشيراً إلى أنه «ليس وارداً لديه هذا الأمر، ولا يجوز النظر على أن هناك مقايضة بين الرئاستين».
وفي تقدير مصدر نيابي، أن نصرالله حاول في خطابه رمي طعم السلة المتكاملة التي يخطط لها، لكن في نهاية الأمر فان ميزان القوى هو الذي يفرز رئيس الحكومة، وطالما أن كتلة «المستقبل» لا تزال تملك الأغلبية في المجلس النيابي، فلا بدّ أن تأتي الاستشارات النيابية لمصلحة الرئيس الحريري، جازماً بأن لا انتخابات نيابية من دون رئاسة الجمهورية، لأن ذلك انتحار موصوف.
مهما كان من أمر هذه النظرة السياسية لخطاب السيّد نصرالله في بنت جبيل، فان الرئيس برّي يرى في الخطاب بأنه «ايجابي».
وحين سأله زواره، أمس، عمّا إذا كان يؤيد مجيء الرئيس الحريري للحكومة أجاب: انه ما زال عند موقفه المؤيد لعودته إلى رئاسة الحكومة، لأنه لا يرى أفضل منه.
وحول قانون الانتخاب، أمل الرئيس برّي، بحسب ما نقل عنه زواره، أن تحصل ثغرة وتقدم في هذا المجال قبل موعد طاولة الحوار في الخامس من الشهر المقبل، موضحاً انه يجري مروحة من الاتصالات مع القوى السياسية في هذا الشأن.
وكان نصر الله جدد في خطابه التزام الحزب بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، موضحاً بأن هذا الالتزام كان قبل حرب تموز، وجاءت الحرب لتؤكد هذا الالتزام. ورد على الرئيس فؤاد السنيورة من دون أن يسميه، معتبراً ان الغلطة التي ارتكبها بتسمية النائب محمّد رعد لرئاسة لمجلس مقصودة، وليست زلة لسان، معلناً بأنه مهما كانت نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة، فان مرشّح الحزب لرئاسة المجلس الوحيد والاكيد والقديم الجديد هو الرئيس برّي، «وليخيطوا بغير هالمسلة». وزاد انه في ما يعني رئاسة الحكومة نحن سنكون ايجابيين ومنفتحين ولن نصعب الأمور.
على أن اللافت في خطاب نصرالله، هو انه توجه إلى «داعش» وجبهة «النصرة»، داعياً هذه الجماعات إلى وقف القتال لمصلحة أميركا في المنطقة، وإلقاء السلاح إذا ما زال عندهم شيء من الإسلام وشيء من حب النبي، وشيء من العلاقة بالقرآن، وبعد ذلك ممكن أن نتكلم بمصالحات وتسويات، وختم مخاطباً هؤلاء: «يا جماعة، اجلسوا وفكروا قليلاً فقط، ستكتشفون انه تم استغلالكم، وانه آن وقت حصاد بعضكم، وهو «داعش»، وحصاد الباقين آت عندما لا يعودون بحاجة لهم».
ومع أن هذا الخطاب فسّر بأنه نوع من هزيمة في معركة حلب، الا أن نصرالله شدّد على انه ليس امامه خيار الا أن نبقى وأن نحضر في الساحات في حلب وفي غير حلب وفي كل مكان يقتضيه الواجب أن نكون سنكون.
لا تعيينات الخميس
على صعيد آخر، خلا جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد قبل ظهر الخميس المقبل، والذي وزّع على الوزراء السبت، من أي بند يتعلق بالتعيينات العسكرية، في إشارة قد تكون إلى أن الموضوع لن يبحث في هذه الجلسة، الا إذا شاء نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل أن يعرضه من خارج جدول الاعمال بعد التفاهم مع رئيس الحكومة تمام سلام.
لكن مصادر وزارية رأت في خلو جدول الأعمال من هذا البند مؤشراً إلى أن التعيينات لن تكون ضمن سلّة واحدة، بمعنى أن التمديد للأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير الذي ينتهي التمديد له في 25 آب الحالي، سيتم قبل هذا الموعد بقرار سيتخذه الرئيس سلام بناء لطلب وزير الدفاع، باعتبار أن صلاحية مركز خير تعود لرئاسة الحكومة، على أن يأتي التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بعد ذلك، أي في شهر أيلول وتحديداً في 23 أيلول المقبل، عندما تنتهي مُـدّة التمديد الثاني له، بالتزامن مع انتهاء ولاية رئيس الأركان اللواء وليد سلمان، حيث تفرض انتهاء مدة خدمته العسكرية إلى تعيين رئيس جديد للاركان، يرجح أن يكون العميد حاتم ملاك.
وفي تقدير هذه المصادر أن التمديد لقهوجي لسنة واحدة بات محسوماً، طالما انه لا تزال امام مُـدّة خدمته العسكرية سنة، وطالما أن الفراغ في قيادة الجيش ممنوع، حسب تعبير الرئيس برّي.
وتوقعت هذه المصادر أن يتغيب وزيرا «التيار الوطني الحر» عن الجلسة التي سيعرض فيها الأمر أو أن يعترضا، من دون أن يقدما على الاستقالة، باعتبار أن هذا الأمر لن يؤثر على الوضع الحكومي، خصوصاً وان أغلبية الوزراء ستكون مع التمديد لقهوجي بقرار من وزير الدفاع إذا تعذر التوافق في الحكومة.
وفي سياق متصل، لاحظت مصادر نيابية ن تحالف الرابية - معراب امام اختبار جديد حين يتم التمديد لقهوجي، إذ أن مصادر قواتية أعربت عن تأييدها لهذه الخطوة، رغم معارضة التيار، ولم تستبعد أن تكون اللقاءات بين طرفي الثنائي المسيحي تبحث في هذا الامر لتجنيبه أي هزة جديدة في هذا الشأن.
وسيبحث مجلس الوزراء الخميس في تقرير اللجنة الوزارية المكلفة دراسة تلوث مجرى نهر الليطاني، والذي وزّع على الوزراء في 9 آب الحالي، بالإضافة إلى موضوع تعيين أساتذة في التعليم الثانوي الذي أدرج بنداً أوّل على جدول اعمال الجلسة والذي يتضمن 85 بنداً، بناء للوعد الذي قطعه الرئيس سلام لوزير التربية الياس بو صعب في الجلسة الماضية.
وبين البنود المدرجة على الجدول 36 موضوعاً من الجلسة الماضية، في حين أن معظم البنود الجديدة ذات طابع يتعلق بشؤون عقارية، إلى جانب طلب لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الموافقة على مذكرة تفاهم بين رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية ورئاسة مجلس الوزراء الفلسطينية تتعلق بمشروع التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، الى جانب تفويض رئيس مجلس الوزراء تأليف بعثات الحج الرسمية لعام 2016، وسفره الى نيويورك لحضور الجمعية العامة&