حشد حزب الله قوات اضافية في معركة حلب التي أعادت المعارضة السورية السيطرة عليها وتدحرج أمامها الجيش السوري الذي لم تسعفه الطائرات الروسية المتفرغة لقصف حلب وتدمير ما تبقى فيها من حجر بعد تهجير وقتل البشر والذي أثبت مرّة جديدة أنه عاجز عن مواجهة الشعب السوري رغم ما توفر له من امكانيّات ايرانية وروسية وفرص أميركية ولولا حزب الله لفرّ ليس من أرض المعارك فحسب بل من سوريا كلها وأعلن تأييده المطلق للثورة السورية .
هذه المرّة دفع حزب الله بنخبة النخبة الى معركة حلب لتحقيق وعد خسره في النصر الذي يحتاجه مع كل مناسبة أساسية من مناسبات الحزب لما في ذلك من ربط بين المقاومتين ضدّ العدو وأعداء النظام السوري وشبه العلاقة بين عدوين لدودين للحزب ومحور المقاومة والممانعة .
كانت الفرصة مؤاتية عدما دخل الحزب حلباً وتراجعت المعارضة الى خلف خطوط النار ليدخل بعدها الجيش السوري واعلامه الحربي فاتحاً أبواب حلب على الشرعية المفقودة ولكن سرعان ما شنّ السوريون هجوماً متعدد الجبهات واسترجعوا من خلاله وبسرعة هائلة ما ظنّ النظام أنه ربحه مع مناطق أخرى كانت في عهدة " الدولة " .لجعل مناسبة الانتصار على العدوان الاسرائيلي في تموز مجالاً ملائماً لربط العدوانيين والانتصاريين ببعضهما البعض لتوحيد جهود المقاومة في جبهة واحدة وضدّ عدو واحد وقد اعتبر المحررون لحلب من أتباع النظام والمعارضة بأن معركتها كانت بمثابة أمُ المعارك لما لها من أبعاد وحسابات سياسية وعسكرية وميدانية .
هل فعلاّ يحتاج السيّد حسن نصرالله أمين عام حزب الله الى وعد حلب الذي قطعه كوعد تموز؟ يبدو مهرجان المناسبة تقليدياً ومجرد احياء لمناسبة من مناسباتنا الكثيرة ولا جديد فيها بل هي مادة لذاكرة لم يطلع منها الجنوبيون بعد بكل ما حملت من أبعاد ونتائج سياسية واجتماعية وأرباح وخسائر في الأرواح والممتلكات . لذا يأخذ السؤال مأخذه ومحمله على جدية اللحظة المناسبة لتحسين شروط التعاطي مع المناسب لا كأحياء بقدر ما هي استمرار وحلب وجه من وجوه استمرارها في سوريا ككل وعليه يصبح لزاماً اختراق الواقع الميداني بانتصار ما يشجع على تحريك جمود التعاطي مع حدث الحدث بعد أن أصبح عبئًا ثقيلاً لافتقاده الى امكانية الاستمرار خلف عجلة رحى الاستنزاف بدون مقابل لمستقبل يعيد بعض ما خسره النظام من حكم .
حتى الآن تبدو المعارك في حلب في ميزان التوازن بين فريقين لا يملكان نفس امكانيّات القوّة فمن يقف في العراء ليس كمن يتظلل بالطائرات الروسية والسورية وبالصواريخ والبراميل والآليات المدرعة والأسلحة الفتاكة لذا اذا استطاع المقاومون وفي الساعات الأخيرة من تحقيق فوز أو فتح ما في جدار النصرة أو فتح الشام فمعنى ذلك أن الوعد المقطوع في مناسبة الوعود القديمة يصبح له معنى وتدور المناسبة في الفلك المشحون والمطلوب ويكون لخطاب السيّد معان جديدة غير متكئة على تاريخ قد تمّ صرفُه خاصة وأن الجماهير لا تصفق الاّ للمنتصرين كونها تخضع لقوّة ومنطق البطل وتحبطها الهزائم وتخيفها لذا كانت هذه الجماهير دائماً مع البطل القوي وتاريخها مع الأبطال في لبنان حافل السجل .