الحراك المدني إلى الواجهة من جديد , مَنْ سيبيعه لِمَن هذه المرة ؟
السفير :
لقاء سان بطرسبورغ يعزز الغموض السوري. لكن شيئا ما يتحرك ما بين موسكو وأنقرة وطهران. اللقاء الثلاثي الأطراف للاتراك والروس عقد، ووزير الخارجية الايراني حسن جواد ظريف في العاصمة التركية اليوم، بعد اتصال بينه وبين نظيره الروسي سيرغي لافروف. اما نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف فسيكون في طهران الاثنين المقبل.
لم يقدم لقاء سان بطرسبورغ حتى الآن اجابات شافية لما دار بين الرئيس فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان، او لما دار في الاجتماعات الثلاثية الاضلاع (الجيش والاستخبارات والخارجية) للدولتين. «الدرة اليتيمة» التي نطق بها الاتراك أمس تمثلت بالاعلان عن الرغبة في المشاركة مع الروس في الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش» حتى لا يتكاثر في سوريا وغيرها.
الاتراك الذين ما زالوا يقولون إن لا مكان للرئيس بشار الاسد في المستقبل، لم يتطرقوا الى «انعطافة» تركية حول الشأن السوري. صحيح ان سلوكهم الميداني كان يشتهي انتصارا «داعشيا» مثلا في مدينة عين العرب في العام الماضي، ورعاية امنية وحدودية لتمديد عصابات التكفير في الاراضي السورية، وهو بهذا المعنى تحوّل تركي يجب مراقبة جديته، الا انه حتى الان ليس «انعطافة»، والاعلان عن الرغبة في محاربة «داعش» في حد ذاته يبدو ملتبسا، طالما ان لائحة الارهاب الخاصة ببوتين، «الصديق» الجديد لاردوغان، تشمل فصائل اخرى لا تقل تكفيرا وارهابا عن «داعش»، على غرار «نور الدين الزنكي» و «احرار الشام» و «جبهة النصرة»، وهي فصائل الكثير منها يتمتع بالحضن الدافئ للاجهزة الأمنية التركية.
ويعزز هذا الغموض سيل التكهنات والتساؤلات. هل تمّت مقايضة روسية ـ تركية، يتخلى بموجبها الروس عن الاعتراف بالتمثيل الكردي في موسكو ودعم قوات «وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري، مقابل اجراءات تركية فاعلة لضبط حدودها المفتوحة امام السلاح والمقاتلين؟ هل تطرق لقاء سان بطرسبورغ الى مصير جثث الجنود الروس الخمسة في ادلب؟ وهل تقوم الاجهزة الامنية التركية حاليا باتصالات لسحبهم من هناك وتسليمهم الى «الحليف» الروسي المستجد؟ هل ينعكس التطبيع بين انقرة وموسكو على مصير الجبهات السورية، وتحديدا في حلب؟ وماذا سيكون موقف الايرانيين في ما لو كان هناك مثل هذه التفاهمات؟ ثم، الا يظهر نوع من الفتور الاميركي تجاه هذا التقارب إن صح التعبير بين روسيا وتركيا؟ وتتوالى التساؤلات.. لماذا هذا الصمت في دمشق؟ وهو صمت غالبا سينجلي بعد ان تتلقى العاصمة السورية زيارة من مسؤول روسي يضعها في اجواء سان بطرسبورغ. والاهم الآن، هل ستتجلى نتائج أي تفاهمات روسية ـ تركية في الاسابيع القليلة المقبلة، ام ستمتد الى ما بعد جلاء صناديق الانتخاب الاميركية عن رئيس جديد في البيت الابيض؟
الاسئلة كثيرة، لكن الاوضاع الملحّة في كل من انقرة وموسكو، قد تعجّل في إبراز ملامح التفاهمات بينهما. ولعل طاولة مفاوضات جنيف التي كان يفترض أن تلتئم في آب الحالي، قد تمنح مؤشرات اضافية على ما يمكن أن يكون.
اللافت الآن، أن موسكو كأنها تنتهج سياسة متعددة الأوجه. التطبيع مع اردوغان الجريح، يوازيه تصعيد في الدور السوري. موسكو الآن لاعب اساسي في تفاصيل التفاصيل المتعلقة بالهدنة في حلب. الإعلان الآن عن احتمال توسيع قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، قد لا يكون عبثيا وهو يترافق مع الاعلان ايضا عن مناورات بحرية كبيرة قبالة السواحل السورية خلال الايام المقبلة، على الرغم من التوتر المستجد مع اوكرانيا والغرب في شبه جزيرة القرم.
وتبدأ المناورات البحرية الاثنين المقبل، بحسب ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية، بمشاركة سفينتي «سيربوخوف» و «زيليوني دول» الصاروخيتين ومجموعة من السفن المساندة، وذلك بهدف «التحقق من قدرة قوات الأسطول على تسوية الأزمات المتعلقة بالتهديدات الإرهابية».
بالتوازي مع ذلك، قال النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي لشؤون الدفاع والأمن فرانتس كلينتسيفيتش لصحيفة «ايزفيستيا» الروسية إنه «بعد تحديد وضعها القانوني، ستصبح حميميم قاعدة عسكرية روسية، سنشيد فيها بنية تحتية مناسبة، وسيعيش عسكريونا في ظروف كريمة». لم يستبعد المسؤول الروسي احتمال زيادة عدد الطائرات العسكرية الروسية المتمركزة في سوريا، لكنه اكد انه «لن يتم نشر اسلحة نووية وقاذفات ثقيلة بصورة دائمة» فيها.
وفيما كانت القاذفات الاستراتيجية الروسية تشن غارات جوية على مواقع لتنظيم «داعش» في الرقة، أكد بوغدانوف ترحيب موسكو بإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو استعداد بلاده لبحث عمليات مشتركة مع روسيا ضد «داعش». وقال بوغدانوف «بالطبع تركيا شريك مهم جداً، وإذا كانت لديهم هذه التوجهات، فلا يسعنا سوى أن نرحب بما قاله جاويش أوغلو. وباعتقادي، فإن ذلك جاء نتيجة لاتصالات أجريناها مع شركائنا الأتراك على المستوى الأعلى وعلى مستويات أخرى. وأعتقد أنه إعلان مهم جدا».
وكان وزير الخارجية التركي أكد في وقت سابق استعداد أنقرة لدراسة إمكانية شن عملية عسكرية مشتركة مع روسيا ضد «داعش»، معلناً ان بلاده «ستكثف مشاركتها في العمليات ضد داعش، وسترسل مقاتلاتها لقصف مواقع التنظيم». وأضاف «إننا نعرف جميعا أين يتواجد إرهابيو داعش، ونحن كنا ندعو دائما إلى التركيز على العمليات ضدهم».
وأكد جاويش اوغلو أن وفدا يضم ثلاثة مسؤولين اتراك يمثلون الجيش والاستخبارات والخارجية «كان في روسيا الخميس لإجراء مباحثات حول سوريا»، مضيفاً «سنبحث في التفاصيل كافة. لطالما دعونا روسيا الى تنفيذ عمليات ضد داعش...عدونا المشترك الاقتراح ما زال مطروحا». وبحسب الوزير التركي، كُلف الوفد التركي الذي يزور روسيا البدء بتطبيق القرارات التي اتخذها اردوغان وبوتين الثلاثاء.
وقال الوزير التركي «فلنحارب معاً التنظيم الإرهابي للقضاء عليه في اقرب فرصة» لكي لا يتمدد في سوريا ولا الى دول اخرى.
النهار :
كما في مستهل كل جلسة لمجلس الوزراء، يكرر رئيس الوزراء تمّام سلام أمام ضيوفه المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت باعتبار ان استمرار الشغور الرئاسي أثر ويؤثر سلباً على عمل باقي المؤسسات الدستورية. وقال الرئيس سلام لـ"النهار" ان "لا حل الا بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام الحياة السياسية. وأؤكد ان لبنان يحتاج الى رئيس حكيم وحكم بين الناس، وثمة ستة أو سبعة أسماء من خارج الاسماء الاربعة المتداولة يمكنها القيام بهذه المهمة".
ورداً على ما يحكى في أوساط "التيار الوطني الحر" عن حل رئاسي في أيلول أو مواجهة في تشرين، أبدى رئيس الوزراء تشاؤمه باقتراب موعد الحل اذ ان ايلول على الأبواب، ولا ضوء في الافق. وأضاف: "معاناتنا طويلة في ظل هذا القصور في الملف الرئاسي وهو قصور يتكرر منذ زمن الاستحقاق الرئاسي".
لكنه لم يتخوّف من مواجهة "فالظروف غير مهيأة لمواجهة. ومن سيواجه من؟ لا امكان لمواجهات لان الجميع في مأزق ولو توافرت الظروف قبل اليوم لكانت المواجهة وقعت منذ زمن. الفعل الممكن هو الاستقالة من الحكومة، وهو لا يقدم شيئاً، بل بالعكس يسيء الى المؤسسات ويدفع الى انهيار اضافي. ولا يمكن تهديدي بهذا الأمر إذ انني حسمت أمري في هذا الاتجاه، وترددت أمام المسؤولية الوطنية. ولكن اذا صمم اللبنانيون على خراب بلدهم فلا يمكن أي قرار دولي ان يحفظ استقرارهم، فالمجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان لكن هذا الحرص يسقط أمام ارادة اللبنانيين".
وأشار الرئيس سلام الى ان "الوضع المالي جيد، لكن الوضع الاقتصادي ليس جيداً. إلاّ أن الوضع المالي لا يمكن ان يستمر محصناً اذا استمر الوضع السياسي في التراجع، وقد اضطر مصرف لبنان الى اتخاذ اجراءات لاعادة هندسة الوضع المالي للمحافظة على الاستقرار المالي لانه يواجه وضعاً معقداً دولياً ايضاً".
مجلس الوزراء
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان الرئيس سلام إستطاع من خلال الحزم الذي أبداه في مستهل جلسة مجلس الوزراء العادية أمس أن يشيع أجواء مؤاتية لإقرار معظم جدول الاعمال ببنوده الـ59. فقد دعا الوزراء الى "وضع الخلافات جانباً ومباشرة إقرار المشاريع المطروحة لإن الناس لا يستطيعون إنتظار الجدل البيزنطي فيما قضاياهم جامدة". ورفض "إثارة أي موضوع خارج هذا الاطار". وأكد "أن المرحلة الحالية دقيقة كما أن إستمرار الشغور الرئاسي أخذ منحى مختلفا عن السابق في ضوء المبادرات الداخلية والخارجية التي لم تسفر عن أية نتيجة".
وشدد على "ان خطة النفايات لا يجوز المسّ بها لأن البلاد لا تتحمل عودة شبح النفايات مجدداً". وأعلن انه سيواكب عن كثب "تطور موضوع النفايات".
وأوضحت المصادر ان ثمة بنوداً خلافية لم تبصر النور مثل موضوع معالجة بيروت لنفاياتها بالتفكك الحراري كما لم يمر موضوع تعيين فائض الاساتذة الثانويين وكذلك إتفاق رضائي مع إحدى الشركات في شأن مطبوعات وزارية.
الى ذلك، خطا مجلس الوزراء خطوة مهمة في ما يتعلق بقانون سلامة الغذاء بموافقته على إطلاق آلية تعيين رئيس الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء ونائب رئيسها وأعضاء مجلس إدارتها وذلك من طريق وزارة التنمية الادارية ومجلس الخدمة المدنية. ووصف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني لـ"النهار" ما صدر عن مجلس الوزراء بإنه "خطوة جديّة" نحو تعيين الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء. وقال انه اختيار الاشخاص الذين تنطبق عليهم شروط التعيين سيجري بناء على اقتراح من وزير التنمية الادارية، على ان يصار بعد ذلك الى إختيار الكفايات بحسب الاختصاصات. وقال: "لقد إنطلق قطار الهيئة للوصول الى تنفيذ القانون على ان يتم تعيين أعضاء الهيئة في غضون شهرين تقريباً".
وفي سياق ملف النفايات، يشار الى ان طلاب حزب الكتائب نفذوا أمس اعتصاماً أمام مطمر برج حمود رفضاً لاقامته في المنطقة ولم يخل الاعتصام من مناوشات مع قوى الامن الداخلي.
هولاند ولبنان
على صعيد آخر، برز تأكيد جديد امس للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "فرنسا ستكون حاضرة دائماً لضمان أمن لبنان"، مشدداً على "التعبئة الخاصة" من باريس "من اجل مسيحيي الشرق".
وقال خلال تدشين مستثمرين لبنانيين فندقاً فخماً في ارنا بومبادور بوسط فرنسا: "في كل مرة تتعرض فرنسا لهجوم، يقف اصدقاؤنا اللبنانيون الى جانبنا، وفي كل مرة يهاجم لبنان، وقد حصل ذلك في الأيام الاخيرة، نحن بدورنا الى جانبه".
وأضاف: "سنكون دائماً حاضرين لضمان امن لبنان"، مذكّراً بأن جنوداً فرنسيين "موجودون في لبنان ضمن قوة اليونيفيل" الموقتة التابعة للأمم المتحدة في الجنوب.
ورأى ان على البلدين "اللذين يضربهما الارهاب" و"يكافحان هذه الآفة" ان "يظهرا تضامناً كبيراً". وأفاد ان "الرهان" يكمن في "الحفاظ على وحدة لبنان ووحدة أراضيه"، وقال: "تعلمون حرص فرنسا على لبنان".
وتحدث أيضاً عن "تعبئة خاصة من أجل مسيحيي الشرق في مواجهة معاناتهم"، مؤكداً ان وجود هؤلاء "لا غنى عنه لانهم يساهمون تحديداً في توازن" المنطقة.
وختم: "أعلم أن البابا ملتزم تماماً عدم نسيان مسيحيي الشرق في هذه الازمة الرهيبة، لكنني وددت ان أقول لكم ان فرنسا بدورها ملتزمة هذا الامر".
المستقبل :
لكي لا يلدغ البيارتة من الجحر نفسه، وحتى لا يعود النزف من الجرح نفسه فتتكرر تجربة الذل نفسها حين ضاقت الأرض بما رحبت على نفايات العاصمة الحاضنة لكل اللبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق، كان لا بد لبلدية بيروت أن تسارع إلى تدارس البدائل العلمية والتقنية والبيئية التي تتيح لها الاستقلالية في معالجة نفاياتها بآلية «التفكك الحراري» وعلى هذا الأساس جاء طلبها بالأمس من مجلس الوزراء استثناءها من الخطة المرحلية الموضوعة، الأمر الذي استمهل المجلس في الرد عليه مع الموافقة على تكليف لجنة برئاسة الوزير أكرم شهيب درس الملف و«العودة برؤية واضحة مبنية على معطيات». في وقت كانت الخطة الحكومية المرحلية للنفايات تتعرض لتحرك «كتائبي» مضاد عند موقع مطمر برج حمود للمطالبة بوقف المشروع، وهو مطلب أعرب شهيب عن رفضه قائلاً لـ«المستقبل»: «بين أزمة تفشي النفايات في الشوارع والأحياء التي كادت تطيح ببيئة لبنان وبصورته وبآخر مواقع الدولة والسلطة التنفيذية، وبين الحل الذي اعتمدناه في «نهر الغدير» (الكوستابرافا) و»برج حمود»، فإنّ الخطة التي وضعناها هي الحل الوحيد الممكن والمقبول والعمل قائم ومستمر لإنهاء المرحلة الأولى منها».
وإذ أوضح أنّ «الخطة التي تمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء وبحضور كافة الوزراء حينها قد لا تكون الحل الأمثل لكنها بالتأكيد الحل الممكن الوحيد»، علّق شهيب على التحرك الاعتراضي الكتائبي بالأمس فقال: «حزب الكتائب حزب عريق ووزراؤه أدركوا على الرغم من النقاشات الحادة والطويلة حول الموضوع أنه الحل الوحيد، أما الكلام اليوم عن أنّ الحل ليس بيئياً فهو كلام ليس في مكانه، فلنذهب معاً إلى الكلام العقلاني والعلمي ولتكن هناك متابعة للعمل بعد إقرار الخطة من قبل كل القوى السياسية بما فيها حزب «الكتائب» الذي يعي تماماً مسؤولية الحفاظ على الاستقرار خلال تنفيذ الخطة التي أقرها مجلس الوزراء خوفاً من عودة النفايات إلى بعض المناطق»، مع إشارته إلى أنّ أهالي برج حمود عانوا ما عانوه على مر السنين من تكدس «جبل النفايات» من منطقة المتن وساحل المتن.
ورداً على سؤال، أجاب شهيب: «قمنا بجولة في منطقة نهر الغدير بمشاركة رئيس بلدية برج حمود الذي اطلع على الأعمال حيث بدا العمل الجدي واضحاً تماماً، فضلاً عن إيضاح كل النقاط التي طرحها رئيس البلدية وحزب «الطاشناق» وبعض المهندسين من قبل مكتب دولة الرئيس تمام سلام بحضور مجلس الإنماء والإعمار»، وأردف داعياً «كل من يعترض إلى إرسال أصحاب خبرة واختصاص لمتابعة الأعمال ومراقبة أي خلل في التنفيذ إذا كان موجوداً»، وختم بالقول: «فلننقذ المنطقة المصابة منذ سنوات الحرب بجبل النفايات والحكمة تقضي بدعم المشروع وليس بتعطيله، وأظن أنّ حزب «الكتائب» حريص على عدم عودة النفايات إلى الشوارع والأحياء وبين منازل المواطنين».
دي فريج وباسيل
بالعودة إلى مجريات جلسة مجلس الوزراء أمس، فقد أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنها كانت «عادية» بمجملها باستثناء السجال الذي دار بين الوزيرين نبيل دي فريج وجبران باسيل رفضاً من الأول لإصرار الأخير على تسييس الملفات التقنية. وفي التفاصيل أنه حين رفض رئيس الحكومة إثارة ملف الاتصالات في غياب الوزير المعني بطرس حرب، أجابه باسيل بأنّ هذا الملف هو ملف سياسي بامتياز كما هو الحال بالنسبة لملفات الكهرباء والماء و«سد جنة»، عندها طلب دي فريج الكلام رافضاً إعطاء ملف «سد جنة» صبغة سياسية وقال: «من غير الممكن مقاربة ملف يؤمن الماء لأهل بيروت من زوايا سياسية، ورفضنا له مبني على دراسات بيّنت كلها أنّ المشكلة في ملف سد جنة تقنية بحتة لا سياسية، لكن بما أنّ الوزير باسيل لا يملك حججاً تقنية داعمة للملف فهو يحاول تسييسه». فردّ باسيل متوجهاً إلى دي فريج: «بكرا لمّا يمشي سد جنة بتتأكد إنو سياسي»، وهو ما أجاب عليه دي فريج قائلاً: «إذا مشي بالسياسة بتكون سرقة مش معناها تأمنت الشروط التقنية اللازمة».
الديار :
على وقع معارك حلب، بتداعياتها السيكولوجية والسياسية، يحاول تنظيم «داعش» وما باتت تسمى بـ«جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة) اختراق الشمال اللبناني ثانية، ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة وسيكون لها تأثيرها على مجمل الساحة اللبنانية...
وتشير معلومات موثوقة الى ان خطة الاختراق تستند الى تأكيدات من جهات لبنانية تنتهج خطاً عقائدياً قريباً من خط التنظيم والجبهة بأن الوضع اللبناني هو «حتماً» في الطريق الى الانهيار، حتى ان هذه الجهات تلجأ الى تصريحات لمسؤولين لبنانيين في هذا الاتجاه...
المسألة لا تتعدى، في المرحلة الاولى، اكثر من «الضرب على الزجاج»، فالدولة تتناثر في لبنان الذي سيشهد تباعاً سلسلة من الانفجارات السياسية والاجتماعية التي تستتبع، حتماً، انفجارات امنية لا بد من اتخاذها كمظلة للنفاذ ليس فقط الى الشمال اللبناني بل الى العمق...
واللافت ان المعلومات تشير الى ان مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية ستشهد تطورات على الساحة السورية قد تساعد او تفرض العودة، وبقوة، الى لبنان، ليتبين من قراءة دقيقة لهذه المعلومات ان هناك عواصم اقليمية ترعى، بصورة او باخرى، التنظيمات المتطرفة، ستؤمن «بطريقتها الخاصة» ما يمكن ان يسمى «الغزوة الثانية» للبنان.
هذا من اجل ارساء قواعد جديدة للعبة الداخلية في لبنان، وان اقتضى الامر خوض مواجهة مع «حزب الله» ومع التأكيد على ان هناك خلايا لم يتم اكتشافها حتى الان، ويمكن لها ان تصعد الى السطح بمجرد ان تعطى لها الاوامر بذلك.
هذه ليست المعلومات الوحيدة التي يتم تداولها وراء الضوء، ثمة احاديث عن «اشهر خطرة» وان هناك من يعد لعمليات اغتيال حساسة وتكون لها تداعياتها الدراماتيكية على المشهد اللبناني.
احد المشايخ، وفي خطبة الجمعة، وصف الجمهورية اللبنانية بـ«الجمهورية الميتة» وحيا «جيش الفتح» وسلاطين بني عثمان، مشددا على ان الراية (اي راية) سترفرف في كل الانحاء.
وفي الاتصالات التي تجري من اجل الا تخرج جلسة الحوار بـ«سلة فاضية» في 5 ايلول المقبل، كان هناك من يحذر بأن التنظيمات الارهابية تتربص بالساحة اللبنانية، وانها تنتظر اي هزة سياسية او امنية او اجتماعية من اجل التسلل الى العمق اللبناني.
الاجهزة الامنية بكامل استعداداتها لمواجهة اي احتمال، هذا في الاوقات العادية، غير ان مسؤولين كبار يعتبرون ان فشل جلسة الحوار يعني الدخول في «النفق الكبير»، لا سيما وان الرهان على اي انقسام في الوضع الاقليمي استحال الى سراب.
مصادر ديبلوماسية عربية واجنبية تقول ان فشل المفاوضات حول اليمن يؤشر على ان الحل السوري قد يستغرق عقداً كاملاً. هذه مدة كافية لكي تختنق الدولة في لبنان ان بموجات النازحين، او بالتدهور الاقتصادي والاجتماعي.
والنتيجة ان التنظيمات المتطرفة ستكون جاهزة للتحرك مع محاولات دؤوبة للدخول في النسيج اللبناني، اي ان حالة الاجترار الراهنة لن تستمر. الكل يتحدثون عن انزلاق لبنان نحو المجهول مما يتسرب من الغرف المقفلة يشير الى التباين الكبير في النظرة الى المستقبل. هناك من يعتبر ان كل التطورات تعمل لمصلحة العماد ميشال عون الذي سيدخل الى قصر بعبدا قبل نهاية العام الحالي، وان حديث «التناغم» هو حديث حقيقي، ويمهد للسيناريو الخاص بالتمهيد للحدث السعيد.
صخرة على طريق القصر
وهناك من يرى ان عون هو بمثابة «الصخرة» التي ليست فقط على طريق القصر بل على طريق الدولة، ودون ان يكترث بالانعكاسات الكارثية للازمة، حتى ان قطباً سياسياً يعتبر ان الجنرال لن يبقى بالحجم اياه حين يكتشف انه داخل زنزانة دستورية وبما تعنيه الكلمة.
هذا القطب يشير الى ان حليفه «حزب الله» هو الذي يدفع ثمن وقوفه الى جانبه والى حد اتهامه بتعطيله الاستحقاق الرئاسي، وبشل الدولة، من خلال مقاطعته للجلسات الانتخابية مع ان نواب الحزب لا يذهبون الى ساحة النجمة الا بصحبة عون والنائب سليمان فرنجية، اي ان المشكلة ليست في الحزب وانما في رئيس تكتل التغيير والاصلاح الذي تساوره الشكوك من تلك «اللحظة الشكسبيرية» لتهريب مرشح آخر الى قصر بعبدا.
في 8 آذار اسئلة من قبيل هل فشل الدكتور سمير جعجع في اقناع الرئيس سعد الحريري بتبني ترشيح عون ما دام فرنجية قد صرح، علناً بأنه مستعد للانسحاب اذا ما حصل المرشح الآخر على الاجماع الوطني...
جعجع والخفايا
مصادر رفيعة المستوى في 8 آذار تعتبر ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» يعرف الكثير من خفايا الداخل ومن خفايا الخارج، لتسأل ما اذا كان جعجع الذي يردد، بصورة متواصلة، ان «حزب الله» لا يريد الجنرال رئيساً، فهل هو يريد، فعلاً، برؤية هذا الاخير في القصر الجمهوري، ام ان ترشيحه له لاحراقه، وبالدرجة لقطع الطريق على رئيس تيار المردة والوصول الى القصر؟
مورفي والادغال اللبنانية
ريتشارد مورفي، المبعوث الاميركي صاحب العبارة الشهيرة «الضاهر او الفوضى»، تحدث في نهاية التسعينات عن تجاربه في الشرق الاوسط، واصفاً الاوضاع السياسية في لبنان بـ«الادغال» وحيث يتداخل اللبناني مع السوري مع الفلسطيني مع الايراني مع السعودي مع الاسرائيلي.
وله هذا التوصيف المثير «بالرغم من ان مساحة لبنان لا تتعدى الـ10 آلاف كيلومتر مربع، كما ان عدد سكانه بالكاد يناهز الـ4 ملايين فانه عبارة عن دول داخل دولة»، اي ان كل حي من احياء بيروت تابع لدولة، والانتقال من حي الى آخر هو اشبه ما يكون بالانتقال من دولة الى اخرى...
وعلى هذا الاساس، لكل من هذه الدول رأيها في شخصية الرئيس ومواصفاته وحتى في فرشاة الاسنان التي يستخدمها.
ولا يعرف ما اذا كانت السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد قد اطلعت على كلام واحد من ابرز مساعدي وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط، لكن سلفها ريتشارد جونز كان يقول انه البحث عن رئيس الجمهورية بين خيوط العنكبوت.
كلام عن ان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل يزمع التقدم بمبادرة بعدما كان زار فرنجية في بنشعي التكهنات تنتشر في اكثر من مكان 3 سنوات لعون و3 سنوات لفرنجية... هل معقول؟
معادلة اينشتاينية
حين سألت «الديار» رئيس حكومة سابق رأيه قال «هذه معادلة اينشتاينية» ليستدرك ان هذه معادلة منطقية، مشيرا الى ان هناك من سيعترض، حتماً، باعتبار ان ذلك من جهة تلاعب بالدستور، ومن جهة ثانية مس بـ«المدة المقدسة» للولاية كما لو ان الفراغ ليس انتهاكاً للدولة التي هي اهم من الدستور واهم من الولاية.
في الكواليس ان الفاتيكان، الخائف على زوال «الحلم اللبناني» حقق «خرقاً ديبلوماسياً» يمكن ان يساعد على انجاز الاستحقاق الرئاسي، وان كانت تطورات الساحة التركية التي تستتبع، حكماً، تطورات على الساحة السورية قد ترجىء لبعض الوقت وصول «الكرة الديبلوماسية» الى بيروت.
المراجع اللبنانية تبدو في حالة انتظار للاتصالات «الفائقة الاهمية» التي تجري حالياً، ودون ان تكون الهدنة الروسية في حلب بعيدة عن الخطوط الديبلوماسية التي فتحت على وجه السرعة بعد قمة سان بطرسبرغ. رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان في موسكو، ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى انقرة، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الى طهران...
السؤال هنا اين هي الديبلوماسية الاميركية، وهل يمكن تسوية الصراع في سوريا بمعزل عن خط واشنطن - الرياض، وان كانت العاصمتان تختلفان في نقاط كثيرة حول طريقة التعاطي مع مجمل الملف السوري.
الاميركيون انفسهم كانوا يقولون ان نصف الازمة السورية على الاقل بين يدي رجب طيب اردوغان، النصف الآخر موزع على كل الاطراف الاخرى التي لا يمكن ان يكون تأثيرها مماثلاً لتأثير تركيا التي تجمعها مع سوريا حدود بطول 845 كيلومتراً والتي لديها امكانات بشرية وعسكرية واستخباراتية تفوق ما لدى دول المشرق العربي مجتمعة واكثر.
حتى العيون اللبنانية على خط موسكو - انقرة مروراً بطهران، لا انتظار لازمة اليمن التي عادت الى نقطة الصفر وستبقى في نقطة الصفر، وان كانت هناك اوساط ديبلوماسية تعتبر ان المسألتين السورية واليمنية تتقاطعان في نقطة ما، لموسكو دورها، للربط بين التسويتين..
تبقى مشكلة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي قناة N.B.N تحدثت عن «بحث جدي في موضوع القادة الامنييين الثلاثة ستتم مناقشته حين يعود وزير الدفاع سمير مقبل من الخارج»، اي ان ملف قائد الجيش هو ضمن الثلاثة مع رئيس الاركان دون ان توضح اتجاه البحث.
الى ذلك، كان لافتاً تأكيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بان بلاده «ستكون حاضرة دائماً لضمان امن لبنان»، مضيفا« بـ«ان الرهان يكمن في الحفاظ على وحدة لبنان ووحدة اراضيه، وعلى البلدين اللذين يضربهما الارهاب ويكافحان هذه الآفة ان يظهرا تضامناً كبيراً».
وتحدث عن «تعبئة خاصة من اجل مسيحيي الشرق في مواجهة معاناتهم»، مشدداً على ان وجودهم «لا غنى عنه لانهم يساهمون تحديداً في توازن المنطقة.
الجمهورية :
ظلّت مدينة حلب في قلب الحدث، وتواصَلت الاستعدادات لجولة معارك جديدة فيها ستكون الأعنف، وسترسم مسارَ التحوّلات في المنطقة، في وقتٍ أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أنّ إيصال مساعدات إنسانية إلى سكّان المدينة يتطلّب تهدئةً لمدة 48 ساعة. وفي هذه الأجواء جدّدت فرنسا دعمَها للبنان وأكّدت حضورَها الدائم لضمان أمنِه. ودعا الرئيس فرنسوا هولاند إلى «تعبئة خاصة من أجل مساعدة مسيحيّي الشرق في مواجهة معاناتهم». أمّا في الداخل، فالملفات الخلافية تُراوح مكانها، وكذلك العقدة الرئاسية، في وقتٍ نفى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن يكون قد سوّقَ داخل تيار «المستقبل» فكرةَ ترشيح عون رئيساً، وأكّد لـ«الجمهورية» أنّ ما اقترَحه هو التفكير في خيارات بديلة، «حيث لن يكون النائب سليمان فرنجية مرشّحَ تيارالمستقبل إلى الأبد». أضاف المشنوق: «نحن تيّار قرار ولسنا تيّار تشاور وانتظار، ويجب أن نضع خيارات بديلة أمامنا للخروج من الأزمة. أنا قلت نريد رئيساً، ولم أقل نريد العماد عون.
تتسارع الخطوات الدولية والإقليمية لرسم معالم مستقبل الحل السياسي للأزمة السوريّة. وفي هذا السياق، يزور نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف طهران الاثنين المقبل لاجراء مراجعة سياسية واستراتيجية لعقدة حلب، و»البحث في تطوّرات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً ما يجري في سوريا»، كما أعلنَت السفارة الروسية في إيران. وعشيّة هذه الزيارة، ناقشَ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف دعمَ جهود التسوية السوريّة.
ظريف في أنقرة
من جهته، وبعد التقارب الروسي ـ التركي ولقاءِ الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان في بطرسبورغ، يحطّ وزير الخارجية الايراني في أنقرة اليوم، وذلك في أوّل زيارة لمسؤول ايراني رفيع المستوى الى تركيا بعد الانقلاب العسكري الفاشل فيها، للقاء المسؤولين الاتراك، وفي مقدّمهم أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم ووزير الخارجية مولود تشاوش اوغلو، والبحثِ معهم في قضايا إقليمية ودولية والأزمة السورية والعلاقات الثنائية.
أوغلو
وكان وزير الخارجية التركي قد دعا روسيا إلى عمليات مشتركة ضد تنظيم «داعش» في سوريا. ووصَف زيارة أردوغان إلى روسيا بالمثمرة للغاية. وقال إنّ موسكو وأنقرة ستتّخذان خطوات لإقامة اتصالات فورية على المستوى الرئاسي والعسكري.
وفي الشأن السوري أوضَح أنّهم يختلفون مع روسيا حول مصير الرئيس بشّار الأسد. وقال: إختلافنا حول الأسد لا يَعني إنهاءَ الحوار حول سوريا أو تبنّي مواقف أخرى. وأضاف: «إنّ مصير الأسد مسألة لا تتعلق بتركيا أو روسيا، وإنّما يشكّل قضية مهمّة بالنسبة الى مستقبل سوريا ككلّ والدول المعنية»، لافتًا إلى أنّ دولاً مثلَ إيران وروسيا ولبنان ومجموعات داخل سوريا تعطي انطباعاً ببقاء الأسد... غير أنّ الدول التي ترغب في رحيل الأسد أكثر، وموقف الغرب والولايات المتحدة الأميركية واضح، كما أنّ دولَ الخليج تؤكّد ضرورةَ رحليه، ونحن بدورنا نشدّد على رحيله، وهذا ليس فعلاً عاطفيًا، لا سيّما وأنّ استمرار نظام قتلِ 500 ألف إنسان ليس أمراً صائباً، وإلى جانب ذلك فالأهمّ هنا هو موقف السوريين أنفسِهم والمعارضة السورية، حيث إنّ هناك مَن يقاتل ضدّ النظام».
وحول إمكانية بقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية، أكّد أوغلو أنّه «لا يمكن أن يكون هناك مرحلة انتقالية مع الأسد، علينا التفكير بموضوعية، ولا نعتقد أنّ الأسد قادر على تحويل البلاد سياسيًا، وإن كنّا نريد تحوّلاً في سوريا فيجب تشكيل حكومة انتقالية من دونه».
أمن الحدود
وسط هذا المشهد، يبقى الأمن على حدود لبنان تحت المجهر، وقد واصَل الجيش اللبناني استهدافَ مواقع لـ»جبهة النصرة» في جرود عرسال ورأس بعلبك. وأوقفَت مديرية المخابرات عشرةَ سوريين دخَلوا البلاد خلسةً وفي حوزتِهم بطاقات صحية وتلقيح تحمل شعارَ تنظيم «داعش» من منطقة الرقّة.
هولاند
وفي المواقف الدولية، قال هولاند إنّه «في كلّ مرّة تتعرّض فرنسا لهجوم، يقف أصدقاؤنا اللبنانيون إلى جانبنا، وفي كلّ مرّة يهاجَم لبنان، وقد حصَل ذلك في الايام الأخيرة، نحن بدورنا إلى جانبه». وذكّرَ بأنّ جنوداً فرنسيين موجودون في لبنان عبر قوّة اليونيفيل في الجنوب .
وقال هولاند خلال تدشين مستثمرين لبنانيين فندقاً فخماً في ارنا بومبادور في وسط فرنسا إنّ على البلدين «اللذين يضربهما الإرهاب» و»يكافحان هذه الآفة» أن «يُظهرا تضامناً كبيرا». واعتبَر أنّ الرهان يَكمن في «الحفاظ على وحدة لبنان ووحدة أراضيه».
وإذ تطرّقَ إلى «تعبئة خاصة من أجل مسيحيّي الشرق في مواجهة معاناتهم»، شدّد على أنّ وجود هؤلاء «لا غنى عنه لأنّهم يساهمون تحديداً في توازن» المنطقة».
أضاف: أعلمُ أنّ البابا ملتزم تماماً عدمَ نسيان مسيحيّي الشرق في هذه الأزمة الرهيبة، ولكنّني وددتُ أن أقول لكم إنّ فرنسا بدورها ملتزمة «هذا الأمر».
إنتخابات الرهبنة المارونية
وفي استحقاق مسيحيّ مهم، مِن المتوقّع أن تنتخب الرهبنة اللبنانية المارونية اليوم رئيساً عامّاً للسنوات الستّ المقبلة. وفيما تشير الترجيحات الى تقدّم أحدِ الرهبان على الآخرين تبقى النتائج رهنَ الصندوقة.
وتُعتبر انتخابات الرهبنة استحقاقاً يخرج عن إطاره المحلّي البحت ليصلَ الى دورها في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنّها لعبَت دوراً محوريّاً وأساسياً أيامَ الحرب وما قبلها مع الرؤساء العامّين، الأباتي بطرس قزي، والأباتي شربل قسيس والأباتي بولس نعمان.
وتأخذ الانتخابات أهمّية كبيرة نظراً لمصادفتها مع أحداث عدّة، أبرزُها الفراغ الرئاسي وافتقاد الموارنة والمسيحيين لرئيس الجمهورية، والتهجير الذي يطاول مسيحيّي الشرق، وإعادة طرح الدور المسيحي في السلطة في لبنان.
وأمام هذا الواقع، هناك أسئلة كثيرة تُطرح بشأن كيفية عمل الرهبنة في المرحلة المقبلة، ومدى تدخّلِ الفاتيكان في إدارة شؤونها، خصوصاً أنّها تتبع روما مباشرةً، والأمر الأهمّ هو علاقتُها مع بكركي، بعد قرار الفاتيكان حصرَ التعاطي بالشأن العام بالبطريرك الماروني وتفرّغ الرهبنة للعمل الاجتماعي والتربوي.
وفي وقتٍ أعلنَت الأحزاب المسيحية الفاعلة عدمَ تدخّلِها في الانتخابات، ينتظر الجميع تصاعدَ الدخان الأبيض اليوم لإعلان الأباتي الجديد، إلّا إذا حصلت مفاجأة ليست في الحسبان.
اللواء :
صدقت التوقعات بالنسبة لمجلس الوزراء، مثلما صدقت توقعات تقرير «اللواء» الذي نشر قبل يومين بالنسبة لهيئة سلامة الغذاء، حيث أطلقت الجلسة التي اتسمت بالهدوء النسبي آلية تعيين أعضاء هذه الهيئة الملحوظة في قانون سلامة الغذاء، عبر وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية.
على ان أبرز ما أفرزته الجلسة وتزامن معها هو عودة أزمة النفايات إلى الواجهة من جديد، سواء من خلال المواجهات التي حصلت بين القوى الأمنية وطلاب حزب الكتائب ومعهم نشطاء من حملة «لبناني نظيف» الذين نفذوا اعتصاماً داخل مكب برج حمود، رفضاً لمشروع ردم البحر بالنفايات، وأعقب ذلك تضارب بالايدي والعصي وسقوط اصابات في صفوف المحتجين، أو من خلال «المواجهات الكلامية» التي حدثت في مجلس الوزراء، على خلفية طلب وزارة الداخلية والبلديات استثناء بلدية بيروت من الخطة المرحلية التي أقرّتها الحكومة قبل فترة لمعالجة أزمة النفايات التي استعصت على الحل أكثر من ثمانية أشهر، ثم لم تجد الحكومة حلاً لها سوى إقامة مطمرين في برج حمود و«الكوستا برافا»، وبطبيعة الحال لم يحسم النقاش الذي استحوذ على معظم أعمال الجلسة، غير ترحيل مشروع معالجة نفايات بيروت بواسطة التفكيك الحراري إلى اللجنة الوزارية التي يرئسها الوزير اكرم شهيب لاجراء بحث إضافي بما يتعلق بالخطة المستدامة والعودة برؤية واضحة مبنية على معطيات لعرضها على مجلس الوزراء.
اما تعبير الهدوء النسبي الذي ساد أجواء الجلسة أمس، بحسب ما وصفها أحد الوزراء لـ«اللواء» فيعود إلى ان السياسة بسجالاتها ونقاشاتها الحادّة، غابت عن طاولة مجلس الوزراء التي أقرّت عدداً من بنود جدول أعمالها المؤجلة من جلسات سابقة، باستثناء المشادة الكلامية العابرة بين الوزيرين جبران باسيل ونبيل دو فريج، والتي أتت كبديل عن ضائع بسبب غياب وزير الاتصالات بطرس حرب، طرف «النقارة» الدائم مع باسيل.
وبحسب ما أوضحت مصادر وزارية، فإن باسيل حاول طرح موضوع الاتصالات لكن الرئيس تمام سلام أكّد له ان الوزير المعني غائب خارج البلاد ولا لزوم لفتح هذا الموضوع والنقاش فيه، وطلب الدخول مباشرة بجدول الأعمال، «لاننا نريد ان ننتج شيئاً للناس».
لكن وزير الخارجية، ردّ شاكياً من تسييس كل المواضيع حتى الإنمائية منها، مستشهداً بسد جنة، فرد عليه دو فريج رافضاً هذا التوصيف لا سيما فيما يتعلق بسد جنة، مشيراً إلى ان معارضته له مبنية على أسس علمية ودراسات لا علاقة لها بالسياسة.
غير ان باسيل أصرّ على موقفه، واضاف: بكرا بتشوف لما بيمشي السد ان الموضوع سياسي، فرد دو فريج: «لما تقنياً لا يكون عندكم حجج تقولون الموضوع سياسي، انا لا يمكن ان أسير بما يضر البيئة والمياه والناس.
وخلال مناقشة جدول الأعمال، كانت هناك إشكالية حول موضوعين:
الاول: طلب وزارة الداخلية السماح لبلدية بيروت بمعالجة نفاياتها بشكل مستقل في الفترة، وهو ما اثار نقاشاً هادئاً بين الوزراء شهيب، وحسين الحاج حسن ومحمّد فنيش ونهاد المشنوق والرئيس سلام الذي شرح مراحل خطة النفايات التي توصلت إليها الحكومة بعد استفحال الأزمة، مشدداً على ان ما توصلت إليه الحكومة هي خطة مرحلية، لافتاً النظر إلى وجود شركات كبيرة مهتمة بالنفايات وبالتفكيك الحراري، وأشار إلى انه في حال انشئت محرقة وكانت بعيدة عن شركة الكهرباء، أو معملاً للطاقة فلن يكون الأمر مفيداً.
وأعلن سلام أنه مع تفهّمه لطلب وزير الداخلية، فإنه غير موافق على خروج بيروت عن الخطة المستدامة، مقترحاً العودة إلى اللجنة حتى لا تتعرّض الخطة لأي اهتزاز، وهكذا كان.
أما الإشكالية الثانية، فقد حصلت بين وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب ووزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، على خلفية طرح تعيين الفائض من الأساتذة في التعليم الثانوي، والذي يقدّر عددهم بنحو 1800 أستاذ، حيث اعترض حناوي لجهة ضرورة بحث الملف في حضور وزير المال، خاصة وأن تكلفة تعيينهم تقارب العشرة مليارات ليرة سنوياً، لكن بوصعب أصرّ على طلبه ثم وافق على وعد الرئيس سلام وضعه كبند أول على الجلسة المقبلة التي تقرر أن تعقد الخميس المقبل.
ولاحظت المصادر الوزارية أن الحديث لم يتطرّق إلى مسألة التعيينات العسكرية، لكن المصادر نفسها قالت لـ«اللواء» «ما الذي يمنع التمديد في آخر لحظة لقائد الجيش الحالي، ولآخر مرّة، لأن العماد جان قهوجي سيُحال على التقاعد في أيلول 2017؟».
وفي تقدير مصادر وزارية أخرى، أن هدوء جلسة الأمس قد لا ينسحب على الجلسة المقبلة المثقلة بالمواضيع الدقيقة، وفي مقدمها التعيينات العسكرية والتي تشمل قيادة الجيش ورئاسة الأركان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير الذي ينتهي مفعول التمديد الأخير له في 25 آب.
ومع أن التمديد مجدداً للواء خير يعود للرئيس سلام باعتباره خاضعاً لسلطة رئاسة الحكومة، فإن تأجيل تسريح قائد الجيش قد يواجه بمعارضة من قِبَل وزيري التيار العوني قد لا تصل إلى حدّ الانسحاب أو الإستقالة من الحكومة، رغم تأكيد مصادر عونية بأن التيار قد يصل بمعركته ضد التمديد لقهوجي إلى النهاية، وأن التلويح «بالثورة» صحيح ولكن ليس بمعنى الإنقلاب، لأنه يُدرك تماماً كيف يعارض وكيف يعبّر عن ذلك بأسلوب حضاري.
ولفتت المصادر إلى أنه بالإمكان اللجوء إلى تعطيل الحكومة مثلما يمارسه التيار في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب مرجح لكن القرار النهائي لم يتخذ بعد.
جرود عرسال
في هذا الوقت، شهدت بلدتا عرسال ولا سيما جرود عرسال ورأس بعلبك إشتباكات وقصفاً مدفعياً من قِبَل الجيش الذي استهدف نقاطاً وتحركات للمسلحين المتمركزين في الجرود، في أعقاب غارة الطيران المروحي التي نفّذها الجيش مساء أمس الأول على جرود عرسال.
وإذ أفيد عن سقوط إصابات في صفوف عناصر جبهة «النصرة»، تحدثت معلومات عن مقتل مساعد «أمير» هذه الجبهة في القلمون السورية أبو مالك التلي في غارة الليل.
ولفتت معلومات الی ان هذا القصف لمواقع المسلحين طاول ليلا جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال بالمدفعية الثقيلة، حيث سمعت أصوات القصف في سائر بلدات البقاع الشمالي والهرمل، مع تسجيل سماع أصوات تحليق مروحيات الجيش في الأجواء.
تزامناً، تمكّنت دورية من مخابرات الجيش من توقيف عشرة سوريين كانوا دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة خلال توجههم إلى عرسال، بعد أن مكثوا أياماً عدّة في بلدة «غزة» في البقاع الغربي، وعثر في حوزة بعض هؤلاء الموقوفين على بطاقات صحية وتلقيح تحمل شعار تنظيم الدولة الإسلامية من منطقة الرقة.