لم تكن تكفي حال القرف التي يعيشها اللبنانيون بفعل الارتفاع المتزايد والحاد في درجات الحرارة وفي ساعات التقنين في التيار الكهربائي التي تُسجل معدلات متصاعدة في العاصمة وأرقاماً قياسية تتعدّى الساعات العشرين في بعض القرى والأرياف، ليأتي موضوع احتجاز المئات منهم لساعات داخل سياراتهم أمس نتيجة اعتصام مياومي مؤسسة كهرباء لبنان للمطالبة بتثبيتهم، وقطعهم أوتوستراد مار مخايل - النهر قبالة المؤسسة في الاتجاهين، ليفاقم حالهم سوءاً على سوء ونقمة على نقمة.. نقمة المياومين رفضاً لقطع الأرزاق ونقمة المواطنين رفضاً لقطع الطرق.

فقطع هذه الطريق تسبب بزحمة سير خانقة امتدت الى نهر الكلب واحتجاز المئات في سياراتهم دفعتهم إلى مناشدة المسؤولين الأمنيين بضرورة فتحها لوجود حالات طارئة صحية وغير صحية، ما حوّل القضية من قضية اجتماعية محقّة حفاظاً على لقمة عيش إلى نقمة عيش عبّر عنها المواطنون رفضاً لقطع الأرزاق.. والطرق.

ويأتي تحرك المياومين الذين قدموا من مختلف المناطق وتجمّعوا في مؤسسة الكهرباء في منطقة النهر وسط إجراءات أمنية مشدّدة، قبل أيام على انتهاء العقود المبرمة مع شركات مقدمي الخدمات في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، وعدم وضوح مصير الخدمات التي توفرها هذه الشركات. 

وقد تخلل الاعتصام إشكال بين القوى الأمنية والمياومين الذين اعتدوا على سيارات الإطفاء التي حاولت فتح الطريق. كما تم تسجيل حالة إغماء أحد المياومين في خلال التدافع مع القوى الأمنية. وبعد جهود متواصلة، تمكنت القوى الأمنية من فتح الطريق، وأصدرت بياناً قالت فيه إن عناصرها حاولوا منذ الساعة العاشرة والنصف قبل الظهر «بالوسائل السلمية فتح الطريق أمام المواطنين العالقين على أوتوستراد شارل حلو»، مؤكدة أنها «لن ندّخر وسيلة لفتح الطريق لأنه لا يجوز السماح بتعطيل مصالح المواطنين الآخرين لأي سبب أو مطلب كان«. 

بعد الظهر، توجه المعتصمون إلى مقرّ مجلس الخدمة المدنية في محلّة فردان، حيث التقى وفد منهم رئيسة المجلس فاطمة عويدات الصايغ. وأعلن الوفد بعد اللقاء، أن «المجلس كان متعاطفاً مع قضيتنا، وقرر تأجيل المباريات المقررة السبت، الى أجل غير مسمى إلى حين تهدئة الأجواء«.

ولاحقاً عقدت لجنة العمال المياومين وجباة الإكراء في «كهرباء لبنان« اجتماعاً بعد انتهاء الاعتصام، طالبت فيه إدارة مؤسسة كهرباء لبنان بإلحاق الناجحين بالفئتين 4/1 و4/2 في ملاك المؤسسة في أسرع وقت ممكن. وقال البيان «إن توقيت إجراء امتحانات الفئة 5/1 بالتزامن مع قرب انتهاء عقود مقدّمي الخدمات لا يصبّ في مصلحة المياومين، لذلك ترى ضرورة تأجيل الامتحانات الى ما بعد البت بمصير عقود الشركات وذلك لتبيان مصير المياومين«. وحذر البيان شركات مقدمي الخدمات من مغبّة صرف العمال المياومين والجباة في حال تم قصراً تجديد العقود بتاريخ 28/8/2016 مع مؤسسة كهرباء لبنان. 

وكان قرار مجلس إدارة كهرباء لبنان قد نصّ على حصرية المباراة، بنحو 897 مياوماً ومتعاقداً، وذلك عقب موافقة مجلس النواب في العام 2014 على إدخال المياومين الذين يقدرون اليوم بنحو 1500 مياوم وجابي إكراء. وقد طلبت المؤسسة في قرارها أن تكون حصة مديريتي التوزيع 199 مستخدماً، وحصة سائر المديريات 698 مستخدماً أي ما مجموعه 897 مستخدماً فنياً وإدارياً. وأشارت مصادر مؤسسة الكهرباء لـ«المستقبل» الى أن المؤسسة تتخوّف من زجّ نحو 1500 مياوم لا تحتاج اليهم فعلياً، مشيرة الى أنها تعاني ضغوطاً كبيرة في هذا المجال.