تقارب روسي تركي على حساب التقارب الاميركي الايراني , ولبنان على الهامش
السفير :
ليس خافيا ان الجيش اللبناني يكاد يكون المؤسسة الوحيدة النابضة بالحياة والحيوية (الى جانب الاجهزة الامنية) في ظل البطالة المباشرة او المقنّعة التي تعاني منها المؤسسات الدستورية الموجودة «خارج التغطية» منذ بداية زمن الشغور الرئاسي.
وليس خافيا ان أعباء مضاعفة تلقى في هذه المرحلة على عاتق الجيش الذي وجد نفسه في قلب المواجهة مع الارهاب، من دون ان تواكبه او تظلله دولة «مكتملة النمو»، كما يحصل في أماكن أخرى من العالم، تواجه التحدي ذاته. بل ان الادوار انقلبت، فأصبح الجيش مضطرا في أحيان عدة الى ان يغطي، هو، السلطة وان يملأ باللحم الحي فراغها الآخذ في التمادي والتمدد، معوضا، بجهده وحضوره، النقص الحاد في «الكالسيوم» السياسي والدستوري في جسم هذه السلطة.
من ضبط الامن في الزواريب المحلية، الى التصدي للمجموعات الارهابية عند الحدود وفي العمق الداخلي، مرورا بالتحسب الدائم للعدوانية الاسرئيلية.. يتنقل الجيش الذي يعمل «ساعات إضافية»، بما تيسر من قدرات وامكانات.
في هذا السياق، يقول قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«السفير» ان الوضع الامني العام في لبنان «تحت السيطرة ويخضع لمراقبة شديدة من قبل الجيش». وأضاف: الامن هو هاجسنا اليومي، ونحن نعمل 24 ساعة على 24، من أجل تحصين الاستقرار النسبي الذي نحظى به، ونجهض محاولات العبث به.
وتابع قهوجي: نحن نخوض سباقا محموما مع الارهاب الذي يسعى الى استهداف ساحتنا، وفي أحيان كثيرة سبقناه ومنعناه من تنفيذ مخططاته، لكن هذا لا يمنع احتمال حصول اختراقات بين حين وآخر. المهم اننا يقظون ونتحلى بالجهوزية الكافية، ونحن لا نتردد في توجيه ضربات استباقية الى المجموعات والخلايا الارهابية، كلما سنحت لنا الفرصة.
ماذا عن العملية النوعية التي نفذها الجيش مؤخرا في منطقة عرسال، وأدت الى توقيف اثنين من أخطر رموز الارهاب «الداعشي» في لبنان، وهما سامح البريدي (توفي لاحقا متأثرا بجروحه) وطارق الفليطي الذي يستمر التحقيق معه؟
يشدد قهوجي على اهمية هذا الانجاز، لافتا الانتباه الى ان الفليطي صيد ثمين ويملك معلومات هامة تفيد الجيش بالتأكيد، أما مقتل المطلوب الآخر البريدي فلا يغير شيئا في قيمة الصيد، موضحا ان كلا الاثنين على صلة بالكثير من الاعتداءات التي استهدفت في السابق الجيش والمدنيين.
وأشار الى ان العملية كانت نظيفة ونُفذت ببراعة، بحيث لم تسقط اية اصابة في صفوف القوة العسكرية المهاجمة، نافيا ان يكون التوقيت مقصودا، بالتزامن مع ذكرى الهجوم الذي شنته المجموعات المسلحة على مراكز الجيش في مطلع آب 2014.
وأكد قهوجي ان القرار بالتنفيذ اتخذ بعدما أصبح الهدف في متناول اليد، على إيقاع المراقبة والرصد الدقيقين، مشددا على ان المؤسسة العسكرية لا تخوض في اية حسابات او استثمارات، بل تؤدي واجبها.
وبالنسبة الى الوضع في مخيم عين الحلوة، يكشف قهوجي لـ «السفير» انه كانت لدى الجيش معلومات حول نية أحد الرموز المتطرفة في المخيم زعزعة الامن وتوتير الوضع، «فبادرنا الى إبلاغ القوى الفلسطينية في المخيم بذلك، وطلبنا منها ان تتحمل مسؤوليتها في منع اي تهديد أمني كونها متواجدة على الارض، وقد حصل تحرك من قبلها في هذا الاتجاه، علما ان الجيش يتخذ كل التدابير الضرورية تحسبا لكل الاحتمالات».
وماذا عن احتمال التمديد مرة أخرى له، قبل أن تنتهي ولايته الممدة في ايلول المقبل؟
يتجنب قائد الجيش الخوض في اي نقاش تفصيلي حول هذه النقطة، قائلا: أنا لا أتدخل في كل ما يحكى حول التمديد لي او عدمه. لا شأن لي بكل الاخذ والرد في هذا المجال. أنا أتقيد بما تقرره السلطة السياسية، سواء قررت التمديد او تعيين قائد جديد. لا تزجوني في لعبة التجاذبات التي يُفترض إبقاء المؤسسة العسكرية بعيدة عنها، واتركوني أتفرغ لعملي..
بري - باسيل
على صعيد آخر، خرق الاجتماع بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل في عين التينة، أمس، بحضور الوزير علي حسن خليل، حالة الجمود السياسي.
ويأتي هذا الاجتماع عقب اشارات ايجابية تبادلها الطرفان خلال خلوة الحوار، خصوصا حين أشاد باسيل بإحدى مداخلات بري، مشيرا الى انه يرى فيه الامام موسى الصدر، الامر الذي تلقفه رئيس المجلس بإيجابية، وهو كان حريصا على التأكيد امام زواره خلال الايام الماضية ان مواقف باسيل في سياق الخلوة «كانت متوازنة وواقعية جدا».
وقال بري لـ «السفير»، أمس، ان البحث بينه وبين باسيل «تركز على الملف النفطي إضافة الى ما يمكن فعله في جلسة 5 أيلول الحوارية»، أضاف مبتسما: «لمن يهمه الامر، لم نتطرق الى الشأن الرئاسي».
أما باسيل، فأكد لـ «السفير» ان لقاءه ببري كان جيدا ومريحا، موضحا انه تناول مسائل تتعلق بالحوار والنفط وغيرهما. ولفت الانتباه الى ان هناك امورا نتناغم فيها، وأمورا ننسق فيها، فيما تبقى مسائل أخرى قيد النقاش.
وأشار باسيل الى ان العلاقة بيننا وبين الرئيس بري «دخلت في مرحلة جديدة، كان التفاهم النفطي من بين طلائع مؤشراتها، ونحن الآن نتشاور ونتعاون حول ملفات استراتيجية في البلد»، وتابع: «إذا كان البعض لا يعجبه هذا التطور في العلاقة مع بري فهذه مشكلته، علما ان هذا البعض يعترض، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع دولته».
واكد باسيل على موقف «تكتل التغيير» المبدئي الرافض للتمديد والداعي الى تعيين قائد جديد للجيش، وقال بعد اجتماع «التكتل»، أمس: «هذه المرة سقطت الذريعة التي استعملوها ضدنا بأن أحد أقرباء رئيس التكتل العماد ميشال عون مرشح، لذلك، سنتخذ موقفا في حال التمديد لقائد الجيش جان قهوجي».
النهار :
وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان بإعادة العلاقات بين بلديهما الى سابق عهدها، بعد لقاء أول لهما منذ اسقاط انقرة قاذفة "سوخوي - 24" روسية في تشرين الثاني 2015 على الحدود السورية. لكن الرئيسين فضلا عدم الخوض في الملف السوري المثير للخلاف بينهما واختارا البدء بالقضايا الاقتصادية والتجارية التي تضررت مباشرة منذ نشوب الأزمة بين البلدين.
وأكد بوتين وأردوغان خلال اللقاء الذي انعقد في بطرسبرج، عزمهما على التوصل الى تفاهم مشترك على تسوية في سوريا.
وفي مؤتمر صحافي بعد المحادثات الموسعة بين الجانبين، صرح الرئيسان بأنهما لم يتناولا المسألة السورية خلال المحادثات التي شارك فيها أعضاء الوفدين، لكنهما يخططان لعقد لقاء منفصل بمشاركة وزيري الخارجية وممثلي الاستخبارات للبحث في سبل التسوية السورية بشكل منفصل.
وقال بوتين تعليقاً على اللقاء المرتقب: "سنتبادل المعلومات وسنبحث عنو الحل"ز واضاف أن تركيا تشاطر روسيا تفاهما على ضرورة مكافحة الإرهاب.
وأشار الى أن مقاربات بلاده لسبل التسوية في سوريا لم تكن مطابقة دوماً للمقاربات التركية في السابق، لكنه شدد على أن لموسكو وأنقرة هدفاً مشتركاً في هذا السياق، وهو تسوية الأزمة السورية. و"انطلاقاً من هذا الموقف المشترك سنبحث عن حل مشتركة مقبول". وأوضح "إننا ننطلق من استحالة التوصل الى تحولات ديموقراطية إلا بالوسائل الديموقراطية. هذا هو موقفنا المبدئي". وأضاف: "أعتقد أن من الممكن توحيد ودجهات نظرنا وتوجهاتنا".
وكانت تصريحات بوتين وأردوغان في مستهل لقائهما قد أظهرت تبايناً في تعاملهما مع قضية إسقاط القاذفة الروسية.
وفي حين أشار أردوغان الى اسقاط القاذفة على أنه "الحادثة المعروفة"، وصف بوتين الأمر بأنه "مأساة أسفرت عن مقتل عسكري روسي في تشرين الثاني الماضي"، مشيراً الى أن هذه الحادثة أدت الى تدهور العلاقات الثنائية بين البلدين الى أن أبلغت مستوى منخفضاً جداً. ورأى أن زيارة الرئيس التركي الى روسيا، على رغم الفترة العاصفة التي تعيشها تركيا، تدل على الرغبة المشتركة في معاودة الحوار وإعادة العلاقات التي تصب في مصلحة الشعبين التركي والروسي.
وقال: "لقد مررنا بلحظات معقدة جداً في العلاقات بين بلدينا ونرغب بشدة، واشعر بأن اصدقاءنا الأتراك يرغبون كذلك، في التغلب على الصعوبات". ولاحظ أن إعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى مستواها السابق سيستغرق "بعض الوقت" ويتطلب "عملاً شاقاً"، مؤكد\اً أن بلاده تتطلع الى الغاء سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على أنقرة، الا ان الجانبين قالا انهما يرغبان في إعادة العمل في مشاريع طاقة كبيرة تضررت بسبب الأزمة".
وأمل أردوغان أن تصير العلاقات الروسية - التركية "أقوى"، واصفاً دعم بوتين لأنقرة بعد المحاولة الانقلابية بأنه كان مهماً.
وقال: "سنعيد علاقاتنا الى مستواها القديم وأكثر من ذلك، والجانبان مصممان على أن تكون لهما الارادة الضرورية" للقيام بذلك.
وكانت العلاقات بين موسكو وانقرة تدهورت بعد اسقاط الطائرة الحربية الروسية عند الحدود السورية، مما حمل روسيا على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا وشن حرب كلامية قاسية على أردوغان.
وخلال لقاء مع رجال أعمال، شدد الرئيس الروسي على ان إعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى ما كنت ستتم "على مراحل".
ولم يوقع أمس أي عقد، والحظر الروسي على شراء فاكهة وخضار تركية لا يزال قائماً مع احتمال رفعه بحلول نهاية السنة الجارية استناداً الى مسؤولين روس.
وقال وزير التنمية الاقتصادية الروسي ألكسي أوليوكايف إن المحادثات الروسية - التركية، على حد علمه، لم تتناول مسألة دفع تركيا تعويضات مالية عن إسقاط القاذفة الروسية.
المستقبل :
انخرط الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان بودّ متبادل في لقائهما في سان بطرسبورغ أمس، في رهان فتح صفحة جديدة في العلاقات بين بلديهما أحسن مما كانت عليه قبل الوقيعة التي تسببت بها حادثة «السوخوي الروسية»، فركزا على ما يفيدهما من مجالات التعاون خصوصاً الاقتصادي، و»حيّدا» الإشكال السوري بينهما بتأكيدهما الخلاف والنية في الوقت نفسه على تجاوزه الى «هدف مشترك» بدءاً بـ«لقاء منفصل«، بينهما بحضور وزيري الخارجية ومسؤولي الاستخبارات.
حماسة اردوغان تجاه روسيا، التي عزاها الى أن بوتين كان من أوائل الذين اتصلوا به بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، كانت واضحة المغزى أكثر تجاه «الشريك الأطلسي»، إذ وقّت وزير العدل التركي بكر بوزداك وصول رئيسه الى سان بطرسبورغ لـ«يحذر» واشنطن من التضحية بالعلاقات مع بلاده من أجل فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة.
فقد تعهد الرئيس الروسي ونظيره التركي بإعادة العلاقات بين بلديهما الى سابق عهدها، بعد أول لقاء بينهما منذ إسقاط أنقرة مقاتلة روسية في تشرين الثاني الماضي. وهذه أول زيارة يقوم بها اردوغان الى الخارج منذ محاولة الانقلاب الفاشل في 15 تموز الماضي وما تلاها من حملة تطهير غير مسبوقة أثارت انتقادات شديدة من الغربيين الذين توترت علاقاتهم كثيراً بتركيا.
وفي تصريح للصحافيين في مؤتمر صحافي مشترك بعد لقائهما في سانت بطرسبرغ، قال بوتين «لقد مررنا بلحظات معقدة جداً في العلاقات بين بلدينا ونرغب بشدة، وأشعر أن أصدقاءنا الأتراك يرغبون كذلك، في التغلب على الصعوبات».
وأكد بوتين أن إعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى مستواها السابق سيستغرق «بعض الوقت» ويتطلب «العمل الشاق»، مؤكداً أن بلاده تتطلع الى إلغاء سلسلة من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على أنقرة، إلا أن الجانبين قالا إنهما يرغبان في إعادة العمل في مشاريع طاقة كبرى تضررت بسبب الأزمة.
وقال اردوغان إنه يأمل أن تصبح العلاقات الروسية - التركية «أقوى»، مؤكداً أن دعم بوتين لأنقرة بعد المحاولة الانقلابية كان مهماً. وأوضح «سنعيد علاقاتنا الى مستواها القديم وأكثر من ذلك، والجانبان مصممان على أن تكون لديهما الإرادة الضرورية» للقيام بذلك.
وقال بوتين «الحياة تتغير بسرعة»، مضيفاً أن العقوبات الروسية المفروضة على تركيا بشأن إسقاط الطائرة قد ترفع تدريجياً.
وأوضح أن إصلاح العلاقات مع تركيا سيُعزز الاستقرار في «العالم كله»، وشدد على تأييده لطريقة تعامل اردوغان مع محاولة الانقلاب الفاشلة، وأشار إلى أنه كان من أول الزعماء الذين اتصلوا به لإبداء الدعم.
وتابع الرئيس الروسي أنه يأمل أن تستعيد أنقرة النظام بشكل كامل، مضيفاً «أريد أن أقول مرة أخرى إنه من موقفنا المستند إلى المبادئ هو أننا دائماً وبشكل قاطع ضد أي محاولات بإجراءات غير دستورية«.
وأضاف «أريد أن أعرب عن الأمل في أن يتغلب الشعب التركي في ظل قيادتكم على هذه المشكلة (ما بعد الانقلاب) وأن يجري استعادة النظام والشرعية الدستورية«.
وكانت العلاقات بين موسكو وأنقرة تدهورت بعد إسقاط الطائرة الحربية الروسية عند الحدود السورية، ما حمل روسيا على فرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا وشن حرب كلامية قاسية على اردوغان، ولكن وفي تغيير مفاجئ في حزيران الماضي قبل بوتين رسالة من اردوغان تقدم فيها باعتذاره على حادث إسقاط الطائرة.
وقام إثر ذلك بإلغاء الحظر على توجه الروس في رحلات الى تركيا، وأشار الى أن موسكو ستنهي الإجراءات ضد واردات الغذاء التركية وشركات البناء.
وتضرر قطاع السياحة التركي الذي يعتبر أساسياً في اقتصاد هذا البلد، من جراء مقاطعة السياح الروس الذين تراجعت أعدادهم بنسبة 93 في المئة في حزيران بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام 2015.
والآن وعقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز الماضي، تنتشر مخاوف في العواصم الغربية من أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، تقترب بشكل أكبر من موسكو، وأعرب اردوغان بصراحة عن خيبة أمله من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكان بوتين أحد أوائل المسؤولين الأجانب الكبار الذين اتصلوا هاتفياً باردوغان لإدانة انقلاب 15 تموز، ولم يُعرب عن تأثره على غرار المسؤولين الأوروبيين من عمليات القمع التي تلته.
وأكد بوتين الثلاثاء أن روسيا «تعارض بحزم أي محاولة للتحرك بطريقة غير دستورية»، معرباً عن الأمل في أن «تتمكن تركيا من تجاوز هذه المشكلة وأن يعود القانون والنظام الدستوري».
وتاريخياً لم تكن العلاقات بين تركيا وروسيا، القوتان اللتان تسعيان الى فرض نفوذهما في منطقة البحر الأسود الاستراتيجية ومنطقة الشرق الأوسط، خالية من التوترات.
ولكن قبل أزمة إسقاط الطائرة الروسية تمكنت موسكو وأنقرة من تجنب أن يضر الخلاف بينهما حول سوريا وأوكرانيا بالتعاون الاستراتيجي حول قضايا من بينها خط أنابيب الغاز «تركستريم» الذي يصل الى أوروبا، ومحطة الطاقة النووية التي تبنيها روسيا في تركيا.
وبعد الأزمة جُمد هذان المشروعان وانخفض مستوى التجارة بين البلدين حيث تفيد أرقام أعلنها الكرملين أن المبادلات التجارية بين البلدين تراجعت بنسبة 43% الى 6,1 مليارات دولار (5،5 مليارات يورو) بين كانون الثاني وأيار الماضيين.
والآن ومع معاناة روسيا من أزمة اقتصادية سببها العقوبات الغربية بسبب أوكرانيا وانخفاض أسعار النفط إضافة الى التوقعات الاقتصادية الضعيفة بالنسبة لتركيا، يرغب الرجلان في إعادة العلاقات التجارية بينهما مرة أخرى. وقال اردوغان إنه يريد الآن أن ينفذ مشروع تركستريم «بالسرعة الممكنة»، بينما قال بوتين إن العمل في المشروع قد يبدأ «في المستقبل القريب»، وإن استعادة العلاقات التجارية بين البلدين ستتم «على مراحل».
وأكد اردوغان كذلك أن الجانبين يهدفان الى أن يصل حجم التجارة بينهما الى 100 مليار دولار بحلول 2024، إلا أن وزير الاقتصاد الروسي اليكسي يوليوكاييف صرح للإعلام أن إعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى مستوى ما قبل الأزمة قد يستغرق عامين.
وخلال لقاء مع رجال أعمال شدد الرئيس الروسي مساء الثلاثاء على أن إعادة العلاقات التجارية بين البلدين الى ما كانت عليه سابقاً ستتم «على مراحل».
ولم يتم الثلاثاء التوقيع على أي عقد، والحظر الروسي على شراء فاكهة وخضار تركية لا يزال قائماً مع إمكانية رفعه بحلول نهاية السنة الحالية، حسب ما قال مسؤولون روس.
وتجنب الزعيمان التطرق الى النزاع السوري خلال المؤتمر الصحافي، إلا أن كليهما قالا إنهما سيبحثان هذا النزاع بعد المؤتمر الصحافي، في حين أكد بوتين أن الطرفين ملتزمان بالتوصل إلى حل سلمي.
وتشن روسيا غارات جوية دعماً لبشار الأسد الذي تعارضه تركيا بشدة. وأكد اردوغان في مقابلة مع الإعلام الروسي قبل المحادثات أن على الأسد التنحي، وهو الموقف الذي يعارضه بوتين.
وقال مسؤول تركي رفيع إن لقاءات اردوغان خلال زيارته الحالية على رأس وفد رفيع إلى روسيا تسير بشكل «إيجابي جداً«. وأضاف أن هناك تطابقاً في الآراء وتصميماً بين الجانبين التركي والروسي، خلال الاجتماع الثنائي لزعيما البلدين والاجتماع على مستوى الوفود، لعودة العلاقات بين البلدين إلى مستوى ما قبل تشرين الثاني 2015 وإلى أبعد من ذلك
الديار :
«اذا هوى هوى معه الاعتدال». كلام خاص جداً لمرجع كبير يعتبر ان الرئيس سعد الحريري «حتى لو اختلفنا معه حول كل شيء يبقى الضرورة الوطنية، الضرورة القصوى».
البديل داعي الاسلام الشهال ام سالم الرافعي ام احمد الاسير؟ السؤال لنائب طرابلسي، دون ان يحجب هذا ما يقال في اوساط المستقبل حيث الحيرة الكبرى حيال ما يجري، حتى الرئيس فؤاد السنيورة الذي يعرف عنه انه الاكثر تماسكاً والاكثر براعة في اللعب ا للغوي والسياسي يبدو وكأنه يتخبط...
في الاوساط اياها: أين الحريري، داخلياً وخارجياً، سياسياً ومالياً وحتى عائلياً؟
ثمة سؤال آخر: لمن اراد الحريري ان يوصل رسالة ما حين طرح امام اعضاء كتلة المستقبل احتمال ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية؟ ولماذا لم يفعل ذلك حين دعا النائب سليمان فرنجية الى باريس وطرح امامه فكرة ترشيحه، الامر الذي فاجأ نواب ووزراء المستقبل بمن فيهم وزير العدل المستقيل (المستقيل حقاً؟) اشرف ريفي الذي لا ينبس ببنت شفة.
كل نواب المستقبل دأبوا على الترديد «القرار الاخير والكلام الاخير للشيخ سعد».، كيف تحول الرجل فجأة من ظاهرة توتاليتارية مستشرية في معظم الاحزاب والتيارات والحركات السياسية الى ظاهرة ديموقراطية، ويعنيها رأي احمد فتفت، وكاظم الخير، وخالد زهرمان، وعاصم عراجي وغيرهم وغيرهم؟
هذا حين كانت الاتصالات على اشدها بين جبران باسيل ونادر الحريري. ربما اراد الحريري القول: «اعتذر جنرال مجلس الحكماء في التيار وعلى رأسهم فؤاد السنيورة اعترضوا على رغبتي ايصالكم بسيارتي الخاصة الى قصر بعبدا».
لا داعي، اذاً، لكل تلك التصريحات اليومية المملة حول الاستمرار (لاحظوا كلمة الاستمرار) في دعم فرنجية، فيما المستشار غطاس خوري الذي قد يكون الوحيد الذي يفصح له الحريري عن كل همومه، وخفايا همومه، يريد كسر الحلقة المفرغة بأي ثمن لينتقل رئيس تيار المستقبل من بيت الوسط الى السرايا الحكومية...
جهات سياسية مؤثرة وفاعلة تقول لـ«الديار» ان بعض الساسة، كما بعض الوسطاء، لا يرون ما يجري حولهم، ولا ينظرون الى ما وراء الاشياء.
في نظر الجهات اياها ان الزلزال السوري احدث هزات ارتدادية قاتلة في لبنان نجحت قوى معينة في استيعابها بل والسيطرة عليها لوقف «المخطط الآخر» الذي كان يستهدف لبنان تحديداً.
تضيف «هناك الآن قوى داخلية وخارجية تعمل من اجل احداث تغييرات دراماتيكية، ان لم تكن تغييرات كارثية، في الخارطة الداخلية للبنان، واذ كانت اثارة النائب سامي الجميل لمسألة سلاح «حزب الله» من قبيل البروباغندا السياسية، بحثاً عن موقع او بحثاً عن موقف متميز، فان ما يقوله آخرون في الغرف المقفلة يتجاوز بكثير القنابل الصوتية».
وتشير الجهات اياها الى ان هناك قوى لبنانية لها نظرتها الخاصة للعلاقة مع اسرائيل، كما ان لها نظرتها الخاصة الى النظام البديل في سوريا، والتزاماته وعلاقاته وحتى بنيته الايديولوجية. هذا يعني ان الازمة ليست قطعاً ازمة رئاسة جمهورية، بالمعنى التقني للكلمة، ولا ازمة قانون انتخاب، بل ازمة الصورة التي يفترض ان يكون عليها لبنان».
وهي تضيف «ان الوضع لا يحتاج الى مؤتمر تأسيسي. لو طبق دستورالجمهورية الثانية، لا سيما المادة 95 من الدستور التي تقضي بتشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية لتشكلت حالة جديدة في لبنان وتمكنت من تفادي التصدع الراهن الذي لا يمكن معالجته فقط بملء الشغور في قصر بعبدا وانما بارساء مفاهيم فلسفية، وبنيوية، لتعزيز علاقات الثقة بين اللبنانيين».
والجهات المذكورة تعتبر ان جلسات طاولة الحوار هي فقط لخفض التوتر، لكن الحل الحقيقي يكون بمؤتمر لبناني يكون بعيداً عن منطق اللوياجيرغا، والعلاقات القبلية بين الطوائف، على ان تدخل الاستراتيجية الدفاعية في اساس اعادة بناء الجمهورية لمواجهة الاحتمالات الاسرائيلية والسورية على السواء.
ـ في قلب العصفورية ـ
تلاحظ ايضاً ان الرئيس نبيه بري يبدو شديد التفاؤل حين يحذر من «العصفورية» اذ «اننا في قلب العصفورية حيث النشاط السياسي يقتصر على التراشق بالتهم حول تعطيل الانتخابات الرئاسية، فيما الجمهورية هي المعطلة لاسباب تجعل من الشغور الرئاسي مسألة تلقائية».
مراجع سياسية وتقرّ بأن الازمة اللبنانية باتت جزءاً من كوكتيل الازمات في المنطقة، وان هذه الازمات باتت من التشابك بحيث يستحيل فصل اي منها عن الاخرى. اما التشديد على انتخاب رئيس الجمهورية فليس لانه سيهبط من السماء ومعه الحلول السحرية لكل الازمات، وانما لانه يحافظ على الاقل، على شكل الدولة.
ـ لا تدعوا لبنان ينفجر ـ
وفي رأي هذه المراجع، فان استمرار التدهورالسياسي والاقتصادي، وحتى الاجتماعي، لا بد ان يفضي الى الهاوية. انتخاب رئيس للجمهورية يمكن ان يساعد على اعادة العمل للمؤسسات وانتظامها بالحد الادنى على الاقل.
ما يصل الى لبنان من دول صديقة لم يعد يقتصر على النصائح والتحذيرات. الامر تجاوز ذلك الى قرع ناقوس الخطر: لا تدعوا لبنان ينفجر!!
في كل الاحوال، وحتى في الوسط الجنبلاطي سؤال ما اذا كانت «زلة لسان» السنيورة منشأها داخلي او خارجي، وأي رسالة يراد ايصالها الى بري؟
هل يفترض برئيس المجلس النيابي ان يبتعد عن «حزب الله» حتى في المسائل ذات الحساسية السياسية والاستراتيجية الكبرى، وهو الذي له رأيه الخاص في شخصية الرئيس العتيد والذي يتقاطع مع رأي الحريري؟
ـ من وراء القنبلة؟ ـ
من وراء قنبلة السنيورة في وجه بري؟ للعلم فقط، التحليلات لم تنقطع. مقربون من رئيس المجلس يقولون انه ليس بالشخصية التي تتزحزح لا بزلات اللسان، وسواء كانت فرويدية ام مبرمجة، ولا بالتهديدات، ولا بالايحاءات التي تصل الى عين التينة بين الحين والآخر.
لا بل ان الاسئلة تذهب الى ابعد من ذلك. هل ما زال فؤاد السنيورة رجل سعد الحريري، كما كان رجل ابيه الراحل رفيق الحريري، ام انه رجل جهة اخرى وهي التي تتولى ادارة الخيوط؟
حتى الآن، لا يزال الحريري على رأس اللعبة، ولا يزال يصر على علاقات وثيقة مع بري. ما صدر عن السنيورة (والاعتذار اخذ شكل التأكيد) لا بد ان تكشف خلفياته الايام المقبلة. ربما كان المقصود: اياك ان تلعب باتفاق الطائف والا فان رئاسة المجلس ستذهب الى آخر. اليوم محمد رعد من اجل «الزكزكة» فقط، غداً... عقاب صقر.
اوساط سياسي وترى انه اذا كان ما صدر عن السنيورة مقصوداً، وهو مقصود فعلاً، فان الرجل لا يعرف ان يقرأ على الارض، وربما ما تحت الارض، جيداً، الا اذا كان «مرغماً» على قول ما قاله.
النتيجة ان الازمة الداخلية الى تصاعد. الحريري يعتذر من الجنرال: لا أنت في القصر ولا أنا في السرايا. من الخاسر هنا؟
ـ باسيل: رئيس ميثاقي ـ
وفي حين يجري الحديث عن مرشح من خارج المربع الذهبي، لوحظ قول الوزير جبران باسيل اثر اجتماع تكتل التغيير والاصلاح «لسنا متمسكين بشخص العماد عون وانما بمبدأ يحفظ البلد. وعندما يختار الشعب شخصاً آخر فنحن معه».
واشار الى «ان هناك من يمنع التوافق ويقود البلد الى الخراب». مضيفاً بأنه «يحق لنا ان نتهم من يمنع الحلول الميثاقية بإيصال البلد الى مكان بشع»، ومشدداً على «اننا لن نقبل الا برئيس ميثاقي».
وحول التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تردد انه قد يتخذ موقفاً شخصياً حاسماً من المسألة قبل انتهاء خدمته في 30 ايلول المقبل، بدا ان التيار الوطني الحر يزمع اتخاذ خطوات تصعيدية.
باسيل قال: «موقفنا المبدئي قائم وثابت، ونحن مع تعيين قائد جديد للجيش، وهذه المرة سقطت الذريعة التي استعملوها ضدنا بأن احد اقرباء العماد عون (صهره العميد شامل روكز) مرشح»، مؤكداً «اننا سنتخذ موقفاً في حال التمديد لقائد الجيش».
واذ تبدو الازمة الداخلية من دون افق، عاد وزير الداخـلية نهاد المشنوق ليؤكد ان انتخاب الرئيس سيتم قبل نهاية العام، موضحاً «ان التشاور الذي يحصل داخل تيار المستقبل هو تشاور حول الخيارات السياسية التي يجب ان يتبعها التيار لاننا تيار قرار سياسي لا تيار انـتظار سياسي».
واستدراكاً لقنبلة السنيورة الاخيرة، وصف المشنوق بري بـ«صمام امان وطني مهما كانت مواقفه».
الجمهورية :
توزّعت الاهتمامات السياسية بين روسيا لرصد نتائج اللقاء الروسي ـ التركي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في سان بطرسبورغ بعد قطيعة لتسعة اشهر، في ضوء اعلان الاول انّ آراء البلدين إزاء التسوية في سوريا ليست متطابقة، وانّ موسكو سترفع تدريجاً العقوبات والقيود المفروضة على تركيا، وبين حلب التي تستقطب معركتها الانظار لِما سيكون لها من تأثير على مجريات العملية العسكرية والسياسية في سوريا، في وقت أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم امس أنه «تمّ اتخاذ الإجراءات الواجب اعتمادها على كافة المعابر الشرقية منعاً لوصول تداعيات معركة حلب إلينا». امّا في الداخل، وفيما تبقى الآمال معلّقة على إمكان حدوث اختراق ما في جلسة الحوار المقبلة في 5 أيلول المقبل، ظلّت الملفات الخلافية تراوح مكانها، وأبرزها ملف انتخاب رئيس جمهورية.
في انتظار جلسة 5 ايلول، علم انّ الاتصالات مستمرة بين المتحاورين هاتفياً وبلقاءات بعيدة عن الاضواء تحضيراً للأجوبة التي طلبها رئيس مجلس النواب نبيه بري حول جدول الاعمال، سواء في مواضيع قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ والمجلس النيابي الذي ينبغي ان يسبقه وينتخب على أساس وطني لا طائفي.
وردّد بري امام زوّاره امس انّ ما هو مطروح الآن لحلّ الأزمة كان قد طَرحه في ذكرى 31 آب عام 2015، وانه يَرمي من كل ما يقوم به ومن حَضّ للأفرقاء على الاتفاق، الى تكوين الارضية الصالحة المطلوبة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وأبدى قلقه ازاء موضوع قانون الانتخاب لأنه اذا لم يتم التوصّل الى مثل هكذا قانون لن يكون هناك مفر الّا بإجراء الانتخابات وفق قانون الستين أو قانون الدولة، وانّ ما يخشاه هو ان يتمّ انتخاب مجلس نيابي قبل انتخاب الرئيس بحيث قد ينبري البعض الى مقاطعة جلسة انتخاب رئيس المجلس المنتخب وهيئة مكتبه لأنّ هذا المجلس لا يكون دستورياً، وبالتالي لا يستطيع انتخاب رئيس الجمهورية، ما يضع البلاد امام تعقيدات جديدة لا تحمد عقباها.
وسئل بري عن طبيعة لقائه أمس مع وزير الخارجية جبران باسيل؟ فأبدى ارتياحه الى نتائجه لجهة موضوع الملف النفطي وبقية القضايا التي أثيرت خلاله، مشدداً على انه «لم يتناول موضوع رئاسة الجمهورية لا من قريب ولا من بعيد».
مواقف رئاسية
وعلى الصعيد الرئاسي برزت أمس مجموعة مواقف أبرزها اربعة: الموقف الاول عبّر عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق حيث اكد «انه ما زال مقتنعاً بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية سيتم قبل نهاية هذه السنة.
والموقف الثاني لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي قال بعد الاجتماع الاسبوعي لتكتل «الاصلاح والتغيير»: «اذا لم تتمكن أكثرية المسيحيين من إيصال رئيس للجمهورية فعلى الدنيا السلام»، مشدداً على انّ المسيحيين «ليسوا خدّاماً في هذا البلد ولن يكونوا». وأكد انّ المطلوب «هو رئيس ميثاقي، وأيّ أمر غير ذلك مرفوض كلياً».
واوضح انّ «التكتل ليس متمسّكاً بشخص ولا باسم العماد عون، فاذا اختار الشعب اللبناني شخصاً آخر فليكن هذا الشخص». وطالب بـ»العودة الى الشعب اللبناني لمعرفة من هو الأكثر شعبية لدى المسيحيين». معتبراً انّ «هناك من يمنع التوافق ويقود البلد الى الخراب».
امّا الموقف الثالث فأعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في معرض تعليقه على كل ما هو متداول عن «سلّة متكاملة» ومشاريع إصلاحية، فاعتبر «انّ من هو جدّي في تحقيق استحقاق الانتخابات الرئاسية يذهب الى مجلس النواب وينتخب رئيساً للجمهورية ولا يتلهّى، عن قصد أو عن غير قصد، بمواضيع غاية في التعقيد تُطرح خارج إطارها الطبيعي وفي ظروف غير ملائمة أبداً».
وبرز الموقف الرابع في بيان كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، واتّهمت فيه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفاءهما بـ«التسبّب في استمرار الشغور الرئاسي واستمرار حالة التعطيل»، وشددت «على ضرورة وأهمية مُسارعة جميع النواب إلى انتخاب رئيس الجمهورية، حسب الأصول التي يحددها الدستور التي توجب على المجلس الاجتماع فوراً لإنجاز هذا الواجب الدستوري». واعتبرت «انّ الحوار هو الوسيلة الفضلى للتواصل بين اللبنانيين». ودعت الى «التمسّك باتفاق الطائف كمنطلق للخطوات الحوارية وتطبيق ما لم يطبّق منه في الشق الاصلاحي».
قبّاني
ووضع رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب محمد قبّاني اجتماع بري ـ باسيل في اطار محاولة تسريع موضوع النفط، وأبدى اعتقاده بأنّ رئيس الحكومة تمام سلام يتمهّل قبل دعوة اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف حتى يضمن توافقاً على مضمون المرسومين، وقال لـ«الجمهورية»: «أعتقد ان لا خلاف على المرسوم الذي يقسّم البلوكات النفطية، امّا مسودة اتفاقية الاستكشاف والانتاج، فهي كبيرة ومدار نقاش وهناك وجهات نظر مختلفة حولها والبعض أبدى ملاحظات علنية واعتراضات في شأنها.
واعتقد انّ الرئيس سلام يتمهّل لكي لا يقوم بـ»دعسة ناقصة»، ولكي لا يختلف اعضاء اللجنة بعضهم مع بعض، وبالتالي بدلاً من أن نتقدّم نكون سِرنا الى الخلف».
تعيين قائد جيش
في هذه الاجواء، وفيما تغيب التعيينات العسكرية والامنية عن جلسة مجلس الوزراء غداً، لفتت أمس مطالبة «التيار الوطني الحر» مجدداً بتعيين قائد جديد للجيش. وقال باسيل: «موقفنا ثابت برفض التمديد والمطالبة بتعيين قائد جديد للجيش، وهذه المرة سقطت الذريعة التي استعملوها ضدنا بأنّ أحد أقرباء رئيس «التكتل» العماد ميشال عون مرشّح، وسنتّخِذ موقفاً في حال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي».
وكان النائب قباني اعتبر في حديثه لـ«الجمهورية» انّه «من الأفضل حالياً ان لا يتمّ تعيين قائد جيش جديد الّا بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد الذي له رأي أساسي في اختياره». وقال: «مَن يستعجل تعيين قائد جيش، فليتفضّل وينزل الى مجلس النواب وينتخب الرئيس الذي يكون له رأي في تعيينه وسيتعاون معه سنوات عدة».
قهوجي: كسر شوكة الإرهاب
في هذه الاثناء، طمأن العماد قهوجي الى «أنّ المؤسسة العسكرية ستبقى العمود الفقري للوطن، وفي منأى عن أي تجاذبات سياسية أو فئوية».
واكّد خلال تفقّده الوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة طرابلس ومحيطها، ولقائه الضبّاط والعسكريين «أنّ الكفاية القتالية للجيش باتت اليوم أكثر تحققاً وفاعلية من أيّ وقت مضى»، معتبراً أنه «بهذه الكفاية المميزة والروح المعنوية العالية لدى ضباطه وأفراده، إستطاع الجيش أن يكسر شوكة الإرهاب، ويحمي لبنان على رغم احتدام الاحداث الدامية في محيطه، ويثبت أنه من أفضل جيوش العالم أداءً ومناقبية واستعداداً للتضحية».
دعم أميركي للجيش
وكان الجيش اللبناني تسلّم من السلطات الأميركية في مرفأ بيروت 50 آلية «هامفي» مدرعة مجهزة بقاذفات رمانات، و40 مدفعاً من عيار 155 ملم، وكميات من الصواريخ والذخائر الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، إضافة الى أعتدة عسكرية مختلفة.
واكدت السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد «أنّ هذه الشراكة مُستوحاة تماماً من تفاني وإصرار الجنود اللبنانيين: الناس العاديون الذين يمكن أن يضعوا حياتهم كل يوم على خط الدفاع عن الشعب اللبناني والدفاع عن الوطن. كما أننا معجبون جداً بالتخطيط في قيادة الجيش، والمدى الذي وصلوا اليه في تحديد ما يحتاج اليه الجيش للوصول إلى النجاح. لقد حاولنا بكل جهد أن نحقق هذه الطلبات بسرعة».
وشَددت على أنّ التسليم هو جوهري، وهو يعكس ليس فقط التزامنا الوقوف إلى جانب لبنان في حربه اليوم، بل نحن نقف معكم اليوم، كما اننا في طريقنا للوقوف معكم في المستقبل، فيما أنتم تقفون في مواجهة التطرف، وفيما تقفون للدفاع عن طريقة عيشكم التي يعرفها لبنان ويحبها.
اللواء :
باستثناء الدخول الأميركي على مفاعيل قمّة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في شأن معركة حلب والأزمة السورية المعقدة، بالتزامن مع تسليم الجيش اللبناني معدات عسكرية أميركية، وباشراف وحضور شخصي من قبل السفيرة الأميركية الجديدة اليزابيث ريتشارد، لم يسجل على الصعيد المحلي اللبناني أي حراك سياسي ذي تأثير جدي على مسار الأحداث، وإن كان اللقاء المتجدد بين الرئيس نبيه برّي ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، شكل في حدّ ذاته حدثاً، يمكن توظيفه في تحريك ملف النفط المتعثر لدى رئاسة الحكومة، رغم التفاهم الذي تمّ بين الرجلين قبل ثلاثة أسابيع على بلوكات النفط بدءاً من الجنوب باتجاه الشمال.
وإذا كان البيان الرسمي الذي صدر عن عين التينة، لم يشر إلى مسألة النفط، مكتفياً بالاشارة إلى الأوضاع الراهنة والبحث في عدد من الملفات الحيوية، فقد لوحظ ان الوزير باسيل لم يتطرق إلى هذا الموضوع في البيان الذي تلاه بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» ولا في كلمته امام الملتقى الاغترابي اللبناني، مما يشير إلى ان هذا الملف ما زال متعثراً، أقله على خط عين التينة - المصيطبة، حيث ما زال الرئيس تمام سلام يمتنع عن دعوة اللجنة الوزارية ومن ثم مجلس الوزراء إلى إقرار المرسومين العالقين.
ولم تستبعد مصادر وزارية معنية، ان يكون اللقاء الثاني بين الرئيس برّي وباسيل، تناول في جزء منه الرسالة الجوابية التي تلقاها رئيس المجلس، عبر السفيرة الأميركية، من مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين على العرض الذي تقدّم به لمعالجة مسألة ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل.
وفي معلومات وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج وعضو اللجنة الوزارية المكلفة درس ملف النفط، ان لا اجتماع قريباً للجنة التي يرأسها الرئيس سلام، موضحاً ان لا مشكلة في مضمون المرسومين، وإن كان الخلاف السياسي في شأنهما قد زال بعد اللقاء الأوّل بين الرئيس برّي والوزير باسيل، لكن المشكلة تكمن في ان البنك الدولي والشركات التي ستتولى التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية تشترط نوعاً من الاستقرار الضريبي غير الموجود، ومن هنا فإن المشاورات ما تزال مستمرة بين المسؤولين، من دون ان تغيب عنها الصفقات والمحاصصة.
باسيل: لسنا متمسكين بعون
وخارج مسألة النفط، كانت للوزير باسيل مجموعة مواقف، أهمها إعلانه بأن تكتل «الاصلاح والتغيير» ليس متمسكاً بشخص العماد ميشال عون مرشحاً للرئاسة الأولى، لكنه اشترط بأن «أي خيار آخر للشعب اللبناني سنوافق عليه»، في إشارة إلى الاستفتاء الذي سبق ان تحدث عنه عون مراراً.
وإذا كان موقف باسيل لا يمكن صرفه في أي مكان، على حدّ ما علق عليه أحد الوزراء، مشيراً إلى ان الهدف منه، هو الإمساك بالتيار في ظل بروز تيارات وانقسامات داخل التيار نفسه، فإن مصادر في التيار أوضحت لـ«اللواء» ان اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» تناول في قسم لا بأس منه نتائج جلسات الحوار الثلاثية، وأن التركيز كان منصباً على أهمية رئاسة الجمهورية، باعتبار أن هذا الملف يُشكّل أولوية ويرتكز على الميثاقية التي شدّد عليها باسيل نفسه عندما اعتبر ان «اي رئيس بالنسبة لنا غير مقبول، إذا لم يكن الرئيس ميثاقياً».
وأكد القيادي في التيار العوني الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء» ان التيار متمسك بترشيح عون لرئاسة الجمهورية، ولن يقبل بأي طرح آخر في ظل المعطى الحالي.
وعلم ان التكتل توقف أمس، عند المعلومات حول البحث الذي جرى داخل كتلة «المستقبل» حول الملف الرئاسي، وما تردّد عن وجود من يؤيد طرح عون ومن يعارضه، ولفتت مصادر عونية إلى ان الآمال معلقة على ان يتم الإقلاع عمّا وصفته بالأنانيات، مشيرة إلى ان هناك اصراراً على الوفاق واحترام الشراكة الوظيفية، نافية ما قد يفسّر في موقف التكتل لجهة تفضيله اجراء الانتخابات النيابية المبكرة على الرئاسية، مؤكدة في الوقت نفسه انه من دون رئيس الجمهورية لا يمكن تمرير العديد من الملفات التي طرحت في طاولة الحوار.
التعيينات الأمنية
أما في ما خص الموقف من التعيينات الأمنية، فذكّرت المصادر برفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ونفت أن يكون التيار طرح إسماً معيّناً لقيادة الجيش، مشيرة إلى أن كل الاحتمالات تبقى واردة في ما خصّ التحرّك إذا حصل التمديد.
ورداً على سؤال من «اللواء» قالت المصادر العونية: «ليس بالضرورة أن ينسحب وزراء التيار من الحكومة، لكن هناك استعداداً للتعطيل»، متحدثة عن وجود أسماء لها ثقلها في الإمكان أن تُطرح للتعيين، مؤكدة أن التيار لن يقبل بأي مسّ بالدستور.
وكان باسيل قد أعلن رفض التكتل تكرار الخطأ الذي حصل بالتمديد لقائد الجيش بشكل غير قانوني، معلناً أن الموقف لم يتغيّر، «نحن مع تعيين قائد جديد للجيش، وعندما يصبح هناك خلل سيكون لنا الموقف المناسب الذي سنعلن عنه في وقته».
إنكفاء فرنسي
تزامناً، كانت لوزير الداخلية نهاد المشنوق مواقف سياسية مهمّة أيضاً، سواء في خلال تفقّد مراكز إصدار الجوازات البيومترية الجديدة، لدى الأمن العام، أو في الملتقى الاغترابي اللبناني، حيث أكد أن صورة مستقبل لبنان ليست سوداء، معرباً عن قناعته بأنه سيكون هناك انتخاب رئيس قريباً، راصداً ما وصفه بـ«حيوية» تتمثّل في بدء نقاشات داخلية جدّية في كل الأحزاب ستصل إلى نتائج أفضل ولو متأنية، داعياً إلى عدم الاستخفاف بأهمية الاستقرار الأمني ورغبة الجميع في استمراره.
وكشف المشنوق أن القوى الأمنية، وتحديداً شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وجهاز الأمن العام استطاعا أن ينفّذا عمليتين استباقيتين خلال سنة واحدة لمنع قيام أعمال إرهابية كبرى في لبنان، في وقت أن دولاً كبيرة جداً تملك معلومات مسبقة وجدّية لم تستطع القيام بعملية استباقية كما حصل في بروكسل.
وفي مقابلة مع قناة N.B.N، جدد المشنوق أنه ما زال مقتنعاً بأن انتخاب رئيس للجمهورية سيتم قبل نهاية السنة، مشيراً الى أنه لم يحصل تصويت داخل تيّار المستقبل حول ترشيح عون إنما ما حصل كان تشاوراً حول الخيارات السياسية الواجب اتباعها، مضيفاً: «نحن لسنا تيّار إنتظار سياسي بل تيّار قرار، وواجبنا مناقشة أي خيار في المرحلة المقبلة ونتصرّف على أساسه».
وحول تحذير الرئيس برّي من أن عدم التوصّل إلى تسوية سيؤدي إلى مؤتمر تأسيسي أو حرب أهلية، قال المشنوق: «الرئيس برّي صمّام أمان سياسي ووطني دائم مهما قال».
في المقابل، أكد مصدر ديبلوماسي أن حظوظ التوصّل إلى اتفاق رئاسي في الأشهر القليلة المقبلة