لم يكُن الزلزال البلدي الذي أطاح أوسع تحالف سياسي في عاصمة الشمال (طرابلس) سوى امتحان خاضه الوزير أشرف ريفي لفرض نفسه في أي انتخابات نيابية مقبلة، ونجح. قبل أن تجتاح لائحة «قرار طرابلس»، التي رعاها ريفي، لائحة «لطرابلس» التي ضمّت تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وتيار العزم برئاسة نجيب ميقاتي وكل وزراء طرابلس ونوابها، ظهر ريفي واثقاً من الفوز استناداً الى استطلاعات رأي أظهرت أنه يوازي في قوة شعبيته قوة كل أركان التحالف المضاد مجتمعين.
ويبدو الرجل متحمّساً جدّاً لخوض الانتخابات النيابية، ولا سيما أن «الأجواء التي سادت طرابلس وكانت لمصلحته في الانتخابات البلدية الأخيرة لا تزال هي نفسها»، إذ ينقل بعض الذين يلتقون به أن «هذه الحماسة مردّها إلى نتائج استطلاعات رأي جديدة قامت بها الشركات نفسها التي استعان بها ريفي سابقاً، وهي تجزم بأن في استطاعته الفوز بـ16 مقعداً في حال أجريت الانتخابات النيايبة وفق قانون الستين». وأشار هؤلاء إلى «عامل آخر» يعوّل عليه ريفي، وهو دعم القوات اللبنانية له، وتحديداً في عكّار، إضافة إلى دعم النائب خالد ضاهر الذي يملك حيثية كبيرة في المنطقة. ويبدو أن وزير العدل مرتاح، نتيجة ما كشفته الانتخابات البلدية، حيث أظهرت ضعفاً كبيراً في الوضع التنظيمي لتيار المستقبل، إضافة إلى عمل نوابه وكوادره على الأرض في المدينة، كذلك في المنية والضنية، ولن يكون هناك أي طرف قادر على دعم تيار المستقبل للوقوف في وجه أي لائحة يدعمها ريفي.
من جهة أخرى، وفيما لا يزال حزب القوات اللبنانية يؤكد أنه «لم يتمّ البحث بعد في توحيد اللوائح الانتخابية في المناطق مع التيار الوطني الحر»، يجزم مسؤولو الحزب في الجلسات المغلقة بأنهم سيخوضون الانتخابات مع التيار الوطني الحر. ويؤكد هؤلاء أن «تيار المستقبل لن يجرؤ على دعم خصوم القوات في أيّ منطقة»، وأن «نقطة الاختبار الأساسية ستكون في الأشرفية وزحلة، حيث لن يستطيع المستقبل أن يصوّت لمصلحة خصوم القوات. حتى في زحلة يمكن أن يوزع أصواته، فيعطي القوات ويستبدل مرشحي التيار الوطني الحر بمرشحي الكتائب أو الكتلة الشعبية مثلاً». ويلفت هؤلاء إلى أن «السبب الرئيسي الذي سيمنع تيار المستقبل من لعب هذه الورقة هو خوفه من أن تلجأ القوات إلى المثل في مناطق تعتبر حساسة بالنسبة إلى المستقبل كعكار مثلاً، حيث هناك نواب مسيحيون موجودون على لوائحه، وهو بحاجة إلى كل صوت قواتي، وعدم مراعاتنا في زحلة والأشرفية سيفقده هذه الأصوات». في المقابل، ثمة وجهة نظر في تيار المستقبل تقول إن «المستقبل ينتظر الانتخابات النيابية كي يردّ الصاع صاعين للقوات اللبنانية التي صوّت مناصروها في الانتخابات البلدية لمصلحة اللائحة المنافسة للائحة البيارتة».
على صعيد آخر، استقبل الرئيس نبيه بري وزير الخارجية جبران باسيل أمس. وأكدت مصادر مطلعة على اللقاء أنه كان «سياسياً واستراتيجياً، وأبعد من النفط»، وإن كان البحث تطرق الى الملف النفطي لناحية التنسيق في شأن الموقف من الطروحات الأميركية حول حل الخلافات الحدودية البحرية مع إسرائيل. وأوضحت أن اللقاء «كان إيجابياً للغاية، وأكثر من ودود، ويبدو أن الرجلين تجاوزا الى حدّ بعيد مسألة الكيمياء المفقودة بينهما». وتابعت أن الطرفين «على نغمة واحدة في ما يتعلق بقانون الانتخاب وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وهناك تنسيق دقيق ونقاش استراتيجي في شأن كل الملفات، كالرئاسة والحكومة ومجلسي النواب والشيوخ وكل ما يتعلق بالنظام»، مشيرة الى هناك شعوراً عميقاً بأن بري «مقتنع بأن رئيساً للجمهورية سينتخب قريباً، وبالتالي لا ينبغي ترك الأمور معلقة على توقيت الراموسة».
وكان باسيل قد شدّد بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح أمس على «رفض التمديد لمجلس النواب، كما لن نقبل بإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين». وعن قيادة الجيش، سأل «هل سنعود إلى نفس الخطأ بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بشكل غير قانوني؟ موقفنا لم يتغير. نحن مع تعيين قائد جديد للجيش، وعندما سيصبح هناك خلل بهذا الأمر سيكون لنا الموقف المناسب الذي سنعلن عنه في وقته». وكانت مصادر التيار الوطني قد لمّحت منذ فترة إلى أن هناك رأياً سائداً في التيار يطالب بالقيام بمعركة لتعيين بديل لقهوجي، مع إبقاء احتمال تعليق المشاركة في الحكومة، أو الانسحاب منها. ولفتت المصادر إلى أن هذا الاتجاه يحظى بتأييد واسع، لأنه سيُحرِج الحلفاء والخصوم في آن واحد.
وفي سياق آخر، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في كلمة له في مؤتمر «المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال» أن «هناك إجماعاً على أن لا توطين ولا تجنيس، رغم كل التلميحات الدولية»، معتبراً أنه كان «هناك تراخ من قبل الحكومة السابقة لجهة التعامل مع النزوح السوري وتبسيطه، حيث بات أكثر من 29 في المئة من سكان لبنان هم من الأجانب، والحكومة الحالية مقصّرة في مواجهة المجتمع الدولي لجهة المطالبة بالتعويض على لبنان».