لا مفاجآت في الجلسة الـ43 لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان التي عقدت الإثنين، حيث حضر 31 نائبا فقط، يمثلون كل الكتل السياسية، ليخلصوا إلى أن انتخاب الرئيس مازال بعيدا، وبعيدا جدا.
ويقول مراقبون إنه ليس مهما ما صدر من مواقف مواكبة لتلك الجلسة، بقدر ما هو ملفت الهمس الذي يدور في الكثير من الكواليس حول تبدّل ما في موقف تيار المستقبل باتجاه القبول بالتصويت لصالح المرشح ميشال عون للعبور إلى قصر بعبدا.

وقد سرّبت وسائل إعلام لبنانية معلومات عن اتصالات بين التيار وحزب الله لبحث آفاق ذلك الخيار وإمكانيات عقد صفقة كاملة مقرونة بضمانات يقدمها الحزب للتيار ورئيسه في مشهد الحكم الذي يلي انتخابات الرئاسة.

ولكن متابعين يستبعدون التوصل إلى صفقة لا تمر عبر قناتي الرياض وطهران، كما يرون في الهمس تناقضا مع فشل جلسات الحوار الثلاث الأخيرة والتي كان هدفها، وفق رؤى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الاتفاق على جملة من التوافقات تشمل الرئاسة والحكومة وقانون الانتخابات.

وتعتمد التسريبات على النقاش الداخلي الجاري في كواليس تيار المستقبل تحضيرا لمؤتمره العام، والذي قد تتناول مداولاته إمكانات الذهاب نحو خيار ميشال عون رئيسا بعد إخفاقه في دفع مرشحه سليمان فرنجية إلى قصر الرئاسة.

وفي المعلومات المسربة فإن كتلة تيار المستقبل قد ناقشت فعلا هذا الأمر، لكن دون أن يؤدي الأمر إلى حصول تصويت على المسألة. ورأت أوساط متابعة أن مجرد طرح الموضوع للنقاش يعبّر عن مزاج جديد داخل المستقبل يتناول الأمر بصفته احتمالا، بعد أن كان خيارا مستحيلا.

ونقلت أجواء قريبة من أجواء المداولات داخل “المستقبل” أن الرأي الكاسح كان ضد القبول بدعم ميشال عون، وأن الرئيس سعد الحريري، الموجود خارج لبنان، قد أخذ علما بالأجواء الرافضة لعون رغم أن مصادر في التيار الوطني الحرّ كانت تحدثت عن إعداد ورقة تفاهم بين الجانبين يتابع تفاصيلها نادر الحريري رئيس مكتب سعد الحريري.

وكانت أجواء الأيام الأخيرة قد عبّرت عن تراجع حظوظ ميشال عون لرئاسة الجمهورية على نحو خفف من تفاؤل “الرابية” في هذا الصدد والتي ذهبت إلى اعتبار أن الأمور محسومة والمسألة “مسألة وقت فقط”.

واعتبرت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الكلام عن صفقات خفيّة تحمل عون رئيساً لا تعدو عن كونها بالونات اختبار للاستهلاك المحلي، والدليل أن موقف بري مازال رافضا لدعم عون كما أن موقف النائب وليد جنبلاط قد مال إلى التحفّظ بعد تصريحاته المرحبة بانتخاب أي رئيس حتى لو كان العماد.

وتستبعد أوساط مراقبة أن يتطوّر الموقف المحلي للتيار قبل اجتماع سعد الحريري بالعاهل السعودي الملك سلمان وولي ولي عهده نجله الأمير محمد المتواجدين هذه الأيام في طنجة في المغرب.

وكانت أنباء في بيروت تحدثت عن مغادرة الحريري للبنان لمدة شهر سيتفحص خلالها المزاجين الإقليمي والدولي في هذا الصدد. لكن أوساطا سعودية رأت أن أولويات الرياض هذه الأيام مركّزة على الوضع اليمني، وأن لا جديد في موقفها تجاه لبنان.

وبناء على جمود حظوظ المرشحين المعلنين نقل عن رئيس الحكومة تمام سلام مطالبته المسيحيين بترشيح شخصية خامسة، فيما نقل عن الرئيس بري ثقته بانتخاب رئيس قبل نهاية العام.

وتربط بعض التوقعات المزاج المتفائل لبري مع ملف النفط الذي بدا أن واشنطن مهتمة بتحريكه وتتابع أمره مع بيروت من خلال سفارتها من جهة، ومع إمكانات التسوية السورية التي قد تطل برأسها على أطلال معارك حلب وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إلى روسيا وعودة التواصل الأميركي الروسي لتحريك قناة جنيف للتفاوض بين النظام والمعارضة.

وتنبه مراجع دبلوماسية في بيروت إلى أن الإنجاز الذي حققته المعارضة في حلب، قد قلب الأوراق في لبنان وأربك تحالف 8 آذار.

وترى هذه المراجع أن التحالف الذي يقوده حزب الله لا يملك فرض رؤاه على نظام الحكم في لبنان أو ترجيح خياره في الرئاسة، وأن لا مصلحة لتيار المستقبل للقبول في هذا الوقت بالذات بالمرشح القريب من حزب الله ودمشق وطهران وهو الذي رفضه في السنوات الأخيرة وفي أوقات كانت الأرجحية الميدانية في سوريا تميل إلى مصلحة النظام السوري.

صحيفة العرب