وجه الرئيس الإيراني المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما يطالبه فيها بإعادة ملياري دولار (1.8 مليار يورو) من الأرصدة الإيرانية التي حجزها القضاء الأميركي في أبريل.
وكتب أحمدي نجاد الذي قد يترشح إلى الانتخابات الرئاسية في مايو 2017، “أنصحك بقوة ألا تسمح بأن يقترن اسمك بهذا الافتراء التاريخي والعمل القاسي (…) وبأن يزيد الريبة بين بلدينا”.

وتصب هذه الرسالة، وفقا لمحللين، في خانة الحشد الجماهيري واللعب على مشاعر الجناح المتشدد داخل إيران لضمان تأييد واسع في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولا يخفي السواد الأعظم من المحافظين امتعاضه من سياسة “الانفتاح” التي تنتهجها إدارة الرئيس حسن روحاني في عدد من الملفات مع الدول الأوروبية وأميركا.

ويعول هؤلاء على تصعيد شخصية متشددة تعود بالعلاقات الإيرانية الغربية إلى ما كانت عليه قبل سنوات قليلة من وصول روحاني للسلطة. ويبدو أن نجاد المعروف بتصلب مواقفه إزاء الغرب يمثل رهانا حقيقيا لطموحات المتشددين الذين تضررت الكثير من مصالحهم سواء السياسية أو الاقتصادية جراء السياسات الجديدة.

ففي 20 أبريل قررت المحكمة العليا الأميركية حجز نحو ملياري دولار من الأموال الإيرانية المجمدة حاليا في نيويورك وتوازي سندات استثمر بها البنك المركزي الإيراني.

ويطالب بمبلغ مساو نحو ألف ضحية وعائلات ضحايا اعتداءات اتهم القضاء الأميركي إيران بتدبيرها أو دعمها.

وفي عدادهم أقارب 241 جنديا أميركيا قتلوا في أكتوبر 1983 في هجومين انتحاريين استهدفا الوحدات الأميركية والفرنسية في القوة متعددة الجنسيات في بيروت.

ورفعت إيران شكوى ضد مصادرة هذا المبلغ إلى محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية الرئيسية في الأمم المتحدة..

وكتب أحمدي نجاد “إن هذه الرسالة لا تحمل طابعا سياسيا لكنني كتبتها فقط من وجهة نظر إنسانية للدفاع عن مصالح الأمة”.

ونشرت الرسالة في وقت كثف فيه الرئيس الإيراني السابق الذي حكم بين 2005 و2013، اللقاءات العامة والخطابات قبل نحو عشرة أشهر من الانتخابات الرئاسية.

وتميزت رئاسته بالخطاب المعادي للغرب وإسرائيل . وفي أثناء ولايته أثار البرنامج النووي الإيراني أيضا توترا شديدا مع الغرب. لكن خلفه الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي انتخب في 2013 شرع على الفور في مفاوضات مع القوى العظمى ما سمح بالتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي في يوليو 2015 وبتطبيع جزئي للعلاقات مع البلدان الغربية.

ومن المتوقع أن يترشح روحاني لولاية رئاسية ثانية. أما أحمدي نجاد الذي احتفظ ببعض الشعبية خاصة لدى الفئات الفقيرة، فقد أثار أيضا خلال السنتين الأخيرتين من رئاسته غضب المحافظين بسبب مواقفه.

وتتصاعد مشاعر اليأس في إيران نتيجة لفشل إدارة الرئيس حسن روحاني في تحويل الوعود الانتخابية إلى نتائج على أرض الواقع، كما لم يجن الإيرانيون، إلى الآن، شيئا من الاتفاق النووي، ولا يزال اقتصاد البلاد في حالة من الشلل، ما دفع برموز كبار في الدولة إلى مهاجمة الاتفاق النووي والتهديد بنسفه ما لم تتغير المعطيات.

ويستثمر المتشددون في إيران هذا الوضع في تأليب الرأي العام على سياسات روحاني “المنفتحة” ويحشدون إلى العودة إلى المربع الأول بذريعة أن العالم يعمل على خداعهم بالوعود.

ويؤكد محللون أن الرصيد الشعبي للرئيس روحاني بدأ بالتآكل مع عجزه عن تلبية طموحات الناخبين المتعطشين لتغييرات موعودة.
وتذهب تحليلات إلى أن الأجهزة المتنفذة في إيران تخطط وتعمل في الخفاء لإقصاء روحاني بعد أن أتم المهمة التي أتوا به من أجلها وهي التنفيس عن اقتصاد البلد ولو لفترة قصيرة.
وبموجب الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى الكبرى مع إيران، استرجعت البلاد البعض من الأرصدة المجمدة وتمكنت من ضخ بعض الدماء في اقتصادها المنهك ما يعطي هامشا كبيرا للمناورة أمام المتشددين الذين عبروا في أكثر من موقف عن استعدادهم للعودة إلى وضع ما قبل الاتفاق.
وهاجم المرشد الإيراني الأعلى، الأسبوع الماضي، الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي قائلا إنه لم يفعل شيئا لإيران حتى الآن.

 

صحيفة العرب