ترحيل الرئاسة إلى المجهول أكثر , وبري يحذر من حرب أهلية
السفير :
لماذا أقدم الرئيس سعد الحريري على طرح قضية تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية أمام «كتلة المستقبل» النيابية قبل حوالي الأسبوع؟
عندما دُعي نواب «المستقبل» إلى الجلسة الاستثنائية التي ترأسها الحريري في «بيت الوسط»، عشية اليوم الأول من ثلاثية الحوار الوطني، اعتقد معظمهم أن الاجتماع متصل باتخاذ موقف من القضايا المثارة في الحوار وأبرزها السلة المتكاملة، خصوصا أن رئيس «التيار الأزرق» كان قد مهد لذلك بسهرة جمعته ورئيس مجلس النواب نبيه بري قبل يوم واحد في عين التينة.
غير أن الحريري فاجأ معظم نوابه عندما قدم عرضا سياسيا طرح فيه الاحتمالات المطروحة رئاسيا: استمرار الفراغ الرئاسي، المضي بتبني ترشيح سليمان فرنجية حتى النهاية، تبني ترشيح ميشال عون أو البحث عن رئيس توافقي.
لم يكتف الرجل بذلك، بل عرض للخيارات البديلة اذا كان متعذرا المضي بالوضع الحالي، بدءا من الانسحاب من طاولة الحوار الوطني، وصولا الى الاستقالة من الحكومة، مرورا بالانسحاب من الحوار الثنائي مع «حزب الله». هذه الخيارات تحديدا كان قد عرضها كلها أمام بري قبل 24 ساعة، وقال له إن الوضع الحالي يؤدي الى تراكم الخسائر، فأجابه بري «مبادراتك تسببت لك بخسائر عند جمهورك ولكنها جعلتك تربح على المستوى الوطني»، فرد الحريري بسرعة: «كيف أصرف الأرباح الوطنية في صناديق الانتخاب يا دولة الرئيس»، حسب الرواية «المستقبلية».
وباستثناء الحماسة التي يعبر عنها علنا وزير الداخلية نهاد المشنوق بدعوته المتكررة الى كسر المراوحة وتوسيع الهوامش والخيارات (نظرية الحد من الخسائر)، فإن نتيجة اجتماع الساعات الأربع، لم تكن مفاجئة للحريري، لا بل مدركا أنها النتيجة نفسها التي كان يمكن أن «يكتشفها» لو أراد وضع ترشيح سليمان فرنجية على «السكة الديموقراطية» نفسها!
يصبح السؤال: ما هو الهدف من طرح الترشيح وهل استفاد الحريري من النتيجة وكيف يمكنه أن يستثمرها في الاتجاهات الداخلية كافة (في تياره ومع حلفائه ومع خصومه)؟
من الواضح أن الحريري يملك أربعة خيارات واذا أراد يستطيع جعلها عشرة خيارات، لكن معضلته تكمن في اقتران هذا الخيار أو ذاك بالقدرة المنعدمة على ترجمة أي منها، وربما يتعادل في ذلك مع قوى لبنانية تملك خياراتها الرئاسية ولكنها لا تملك أيضا القدرة على فرضها، بحيث يتعادل الجميع في العجز وبالتالي في تشريع الأبواب أمام فراغ رئاسي مضى عليه أكثر من سنتين وشهرين.. والحبل على الجرار.
صحيح أن سعد الحريري قال للبطريرك الماروني بشارة الراعي عندما اجتمعا في باريس «أنا مستعد للقبول برئيس ينكل بي لمدة ست سنوات لكنني لست مستعدا لتحمل استمرار الفراغ»، لكن هذه الجملة حمّالة أوجه، ويدرك معناها أقرب حلفاء «بيت الوسط» سابقا، وهو رئيس «القوات» سمير جعجع الذي لم يتردد قبل أيام في مخاطبة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بأن دعاه للصمود أكثر لأن الخيارات تضيق شيئا فشيئا.. وعامل الوقت قد يكون لمصلحة «الجنرال».
الحقيقة التي يدركها جعجع ولا يجاهر بها علنا، ويتفق فيها مع ميشال عون، أن عامل الوقت ليس لمصلحة الحريري لأنه يخسر كل يوم من رصيده باستمرار الفراغ نتيجة أزمته المادية والإهمال السياسي السعودي المتمادي لـ «قضيته». يريد الحريري تسوية تنتشله من مأزقه وتعيد فتح أبواب السرايا الكبيرة أمامه. هو قرع الباب على هامش الحوار الثنائي في عين التينة، عندما همس مدير مكتبه نادر الحريري بسؤال في أذن أحد أعضاء وفد «حزب الله» عن موقف الحزب من رئاسة الحكومة، ما دام هناك أخذ ورد (رئاسي) بين «المستقبل» وعون، لكن الحزب، حسب المصادر «المستقبلية»، لم يقدم الجواب الموعود، بل استمهل قبل أن يقدم ردا رسميا، فيما قالت مصادر محايدة إن الحزب أراد بذلك رمي الكرة في ملعب العماد عون، وذلك للقول إن الضمانات موجودة في الرابية وليس في أي مكان آخر.
لا الحزب يريد أن يعطي ضمانات مباشرة للحريري في موضوع رئاسة الحكومة، ولا الحريري يريد ضمانات من أي جهة على وجه الكرة الأرضية باستثناء «حزب الله». يقود ذلك للاستنتاج أن المسألة باتت تتجاوز رئاستي الجمهورية والحكومة وكل السلة التي يطرحها رئيس مجلس النواب، فـ «حزب الله» لم يعد يقبل بعد التضحيات اليومية غير المسبوقة والقابلة للارتفاع على أرض سوريا، بأن يوافق على عملية تقليدية شبيهة بكل المسار الذي سلكته التسويات الداخلية منذ العام 2005 حتى الآن. هذه المزاوجة بين الخيارات، على حد تعبير رئيس كتلة المستقبل النيابية، لم تعد تقنع الحريري نفسه، لأنه يعتبر أنها أوصلته فعليا الى ما هو عليه اليوم، لذلك يريد تسوية نهائية على قاعدة صلبة، برغم أن معطيات المحيط ووقائعه لا تشي بجهوزية لبنانية وإقليمية لمثل هذا الطموح الحريري المشتهى!
المسألة بديهية عند «حزب الله» وتتصل أولا بضمانات حول موقع لبنان الاقليمي وكيف سيترجم ذلك في أي بيان وزاري، ومستقبل العلاقة اللبنانية السورية، والموقف من سلاح المقاومة وكيفية محاربة الإرهاب، وتأتي في المرتبة الثانية قضايا من نوع إعادة تكوين السلطة عبر قانون انتخابي يعتبره الحزب القضية الوطنية الأولى التي لا تتقدم عليها قضية أخرى، ناهيك عن قضايا أخرى متصلة بتوازنات الحكومة ومضمون بيانها الوزاري وتعيينات الفئة الأولى وتنفيذ مضامين الطائف، وأبرزها إعادة الاعتبار الى مؤسسة مجلس الوزراء (المقر الخاص والنظام الداخلي الخ..).
صحيح أن عامل الوقت اليوم ليس لمصلحة معظم اللاعبين المحليين، سواء أولئك المتحمسون لفرنجية، من الفريقين الآذاريين، أو أولئك الراغبون بوصول ميشال عون، وفي طليعتهم «الجنرال» نفسه وحليفه الماروني الأول سمير جعجع. ربما يصب الوقت بمعناه المفتوح على احتمالات إقليمية ومحلية شتى، لمصلحة طرف لبناني أساسي هو «حزب الله» الذي ضمن النصاب الرئاسي سياسيا منذ لحظة تبني ترشيح فرنجية، ولم يعد مستعدا للتنازل عنه، بأرجحية أن ينعقد لميشال عون إلا اذا قرر الأخير الانسحاب، «وهو لن يفعل ذلك إلا شهيدا.. شهيدا» كما يردد نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي.
ماذا يريد الحريري من وراء طرح الخيارات الأربعة؟
وصلت الرسالة الى الرابية، لكن ميشال عون الذي ينتظر الرئاسة منذ أكثر من ربع قرن، مستعد لأن ينتظر حتى آخر لحظة من عمره. لا يعنيه في حساباته ما يردده الحريري بأنه لا يريد حرق أوراقه مجددا وأن «يصدم» جمهوره، مرددا «سامح الله من كان هو السبب» (أي إقناعه بأن فكرة تبني ترشيح فرنجية مضمونة سياسيا بالكامل).
عود على بدء. السعوديون لا يملكون رؤية للبنان رئيسا وحكومة وتسويات. هم يفكرون بالمواجهة المفتوحة مع ايران ومقتضياتها. اذا كانت الصياغات الحريرية تصب لبنانيا في هذا الاتجاه، فلن يعارض الديوان الملكي خيارات زعيم «المستقبل»، أما اذا كانت متعارضة، فعندها تصبح عبارة عن انتحار سياسي!
الكل في مأزق. الفراغ مشرع ومفتوح على كل الاحتمالات. لعل الكلمة الأبرز التي قالها الحريري لنوابه: «أنا لا أطلب منكم السير بترشيح ميشال عون. أنا أدعوكم الى البحث عن كل الخيارات».
هل هناك خيار رئاسي توافقي جديد بدأ الهمس باسمه محليا.. تمهيدا لتسويقه خارجيا؟
لننتظر حتى موعد الجلسة الرابعة والاربعين في السابع من ايلول، على مسافة يومين من موعد الحوار في الخامس من الشهر المقبل، أو بالأحرى لننتظر بلا مواعيد.
النهار :
استقدمت قوات النظام السوري والفصائل المعارضة والمقاتلة تعزيزات تضم المئات من المقاتلين مع عتادهم الى مدينة حلب وريفها في شمال سوريا، استعداداً لمعركة "مصيرية" يسعى الطرفان من خلالها الى السيطرة الكاملة على المدينة. وتتجه الأنظار اليوم الى اللقاء الذي يعقد في مدينة بطرسبرج الروسية بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يتوقع ان يطوي صفحة التوتر التي سادت بين البلدين عقب اسقاط مقاتلات تركية مقاتلة روسية على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني 2015 ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في القضايا الاقليمية ومنها الازمة السورية.
وسجلت التعزيزات العسكرية في حلب بعد اعلان الطرفين استعدادهما لمعركة قريبة بعدما أحرزت الفصائل المقاتلة تقدماً السبت في جنوب غرب حلب. وتمكنت اثر ذلك من فك حصار كانت قوات النظام قد فرضته قبل ثلاثة اسابيع على الاحياء الشرقية للمدينة، كما قطعت طريق امداد رئيسية لقوات النظام الى الاحياء الغربية في حلب.
وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له: "كلا الطرفين يحشد المقاتلين تمهيداً لجولة جديدة من معركة حلب الكبرى"، مشدداً على ان "معركة حلب باتت مصيرية للمقاتلين وداعميهم".
واوضح ان "قوات النظام والمجموعات المسلحة الموالية لها أرسلت تعزيزات بالعديد والعتاد إلى مدينة حلب وريفها الجنوبي".
وأضاف ان "نحو الفي عنصر من المقاتلين الموالين لقوات النظام، سوريين وعراقيين وايرانيين ومن حزب الله اللبناني وصلوا تباعا منذ يوم أمس الى حلب عبر طريق الكاستيلو (شمال المدينة) قادمين من وسط سوريا".
وتلقت قوات النظام ضربة قوية السبت بعد تمكن الفصائل المقاتلة من السيطرة على الكليات العسكرية في جنوب غرب حلب، وعلى الجزء الاكبر من حي الراموسة المحاذي لها والذي تمر منه طريق الامداد الوحيدة الى الاحياء الغربية.
وأكد مصدر أمني سوري ان "القوات السورية استوعبت الصدمة وجلبت تعزيزات وثبتت مواقعها بشكل حصين"، لافتا الى انها "تتعامل مع الوضع المتشكل على نحو يشمل كل السيناريوات والاحتمالات".
ونقلت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات عن مصدر ميداني ان "الجيش وحلفاءه استقدموا التعزيزات العسكرية اللازمة لانطلاق عملية استرجاع النقاط التي انسحب منها" جنوب غرب حلب. وقالت ان الجيش يسعى الى استرداد هذه المناطق "بعملية عسكرية وشيكة قد تنطلق في أي وقت". كما اشارت الى اعلان "لواء القدس الفلسطيني الذي يؤازر الجيش العربي السوري عن وصول تعزيزات كبيرة له إلى معمل الإسمنت" حيث تتركز الاشتباكات حاليا بين الطرفين.
وفي موازاة ذلك، تمكنت قوات النظام منذ ليل الاحد حتى الفجر من ادخال عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمحروقات إلى مناطق سيطرتها في غرب حلب عبر طريق الكاستيلو.
ويخشى سكان الاحياء الغربية ان يتمكن مقاتلو الفصائل من فرض حصار كامل عليهم، مما دفع قوات النظام الى استخدام طريق الكاستيلو الذي كان طريق الامداد الوحيد الى الاحياء الشرقية لسيطرة الفصائل، قبل تمكنها من قطعه في 17 تموز اثر معارك ضارية امتدت اسابيع.
وقال عبد الرحمن بأن هذه الطريق باتت "المنفذ الجديد الذي تعمل قوات النظام على تأمينه كبديل موقت من الطريق الرئيسي الذي كانت تعتمده ويمر عبر منطقة الراموسة".
وبث تلفزيون "الاخبارية" السوري في شريط اخباري عاجل: "بدء دخول صهاريج المحروقات والمواد الغذائية والخضروات الى مدينة حلب".
ودخلت هذه المساعدات غداة ارتفاع غير مسبوق لاسعار المواد الغذائية وندرة بعضها في الاحياء الغربية، للمرة الاولى منذ عام 2013.
ويقيم نحو مليون و200 الف نسمة في الاحياء الغربية لسيطرة النظام في مقابل نحو 250 الفاً في الاحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة.
تعزيزات المعارضة
في المقابل، استقدمت الفصائل المعارضة والاسلامية تعزيزات عسكرية أيضاً. وقال عبد الرحمن ان "المئات من مقاتلي الفصائل وتحديدا من جبهة فتح الشام ("جبهة النصرة" سابقا قبل فك ارتباطها عن تنظيم "القاعدة") ومقاتلي تركستان يصلون تباعا من محافظة ادلب وريف حلب الغربي الى محيط حلب".
وأعلن تحالف "جيش الفتح" الذي يضم "جبهة فتح الشام" وفصائل اسلامية أخرى، في بيان ليل الاحد "بداية المرحلة الجديدة لتحرير حلب كاملة"، وقال: "نبشر بمضاعفة اعداد من المقاتلين ليستوعبوا هذه المعركة القادمة. ولن نستكين باذن الله حتى نرفع راية الفتح في قلعة حلب".
وصرح رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" انس العبدة في مؤتمر صحافي باسطنبول: "انطلقنا الآن من حالة حصار إلى حالة تحرير كامل حلب... هناك فرصة حقيقية أمام الضباط والجنود الذين يقاتلون مع الجيش الاسدي للانشقاق".
لقاء بوتين واردوغان
ومع الاستعدادات العسكرية في حلب، يلتقي بوتين واردوغان في بطرسبرج اليوم.
وصرح إردوغان في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية الرسمية بأنه يريد إعادة ضبط العلاقات مع روسيا على صفحة بيضاء ومعاودة التعاون في مجموعة من المجالات.
وأشار الرئيس التركي مراراً إلى بوتين باعتباره "عزيزي" أو "المحترم" فلاديمير كما وصفه بالصديق.
وقال :"هذه الزيارة تبدو بالنسبة الي معلماً مهماً جديداً في العلاقات الثنائية ... بداية جديدة من صفحة بيضاء".
وأضاف: "ستفتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية - التركية. ستشمل هذه الصفحة الجديدة التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي".
وعشية القمة الروسية - التركية، دعت روسيا واذربيجان وايران الى التصدي "بشكل شامل" للارهاب في اعلان مشترك تم تبنيه في ختام قمة لرؤساء روسيا واذربيجان وايران في باكو.
واشنطن
وفي نيويورك، رأت المندوبة الاميركية الدائمة لدى الامم المتحدة السفيرة سمانتا باور أن حسم المعركة على مدينة حلب، لن يكون سريعاً، متخوفة على مصير المدنيين العالقين في القتال.
وقالت امام مجلس الامن الذي انعقد لمناقشة الازمة في حلب: "كلما طال أمد القتال، علق عدد أكبر من المدنيين في الوسط، ودفعوا ثمناً أكبر".
ولاحظت أن "القتال خلال الايام الاخيرة يؤكد ما عرفناه منذ فترة طويلة جداً... وهو انه على رغم القوة الكبيرة لنظام (الرئيس السوري بشار) الاسد وروسيا وايران وحزب الله، فان اياً من الطرفين لن يتمكن من تحقيق نصر سريع وحاسم في المعركة على حلب".
واستمع اعضاء المجلس الى شهادات من اطباء سوريين عرضوا صوراً صادمة لاطفال مصابين بهجمات بالبراميل المتفجرة، وقالوا انهم لم يتمكنوا من انقاذهم بسبب نقص الادوية.
منبج
وعلى جبهة أخرى، يطارد مقاتلو "قوات سوريا الديموقراطية" آخر فلول تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) داخل مدينة منبج في ريف حلب حيث لا يزال عشرات الجهاديين يقاتلون في جيب بوسط المدينة، متوقعين الانتهاء من "تحرير المدينة بالكامل" خلال ساعات.
المستقبل :
عين الحلوة مجدداً في عين الحدث الأمني، لكن هذه المرة إيجابياً بتطور جديد ولافت على خط ملف المطلوبين الذين كانوا لجأوا إلى المخيم وسلموا أنفسهم إلى مخابرات الجيش، وتمثل بتسليم اثنين منهم أحدهما محمد الطه نجل قائد كتائب عبد الله عزام وأحد أبرز المطلوبين للسلطات اللبنانية توفيق الطه والآخر من آل درويش.
وبحسب أوساط فلسطينية متابعة لهذا الملف فإن هاتين العمليتين كما أنهما ليستا أول الغيث لن تكونا الأخيرتين، وبالتالي فإن حواجز الجيش اللبناني عند مداخل المخيم والتي شهدت في أقل من أسبوعين تسليم تسعة مطلوبين ستسجل مزيداً من الحالات المماثلة خلال الأيام والأسابيع وربما الأشهر القادمة، حيث تشير هذه الأوساط إلى أن هناك ما يزيد على 600 شخص داخل مخيم عين الحلوة من جنسيات مختلفة يصنفون مطلوبين للسلطات اللبنانية لكن تتفاوت القضايا الملاحقين فيها بين الصغيرة والعادية والمتوسطة والكبيرة أو الخطيرة، ولا تستبعد هذه الأوساط أن يشمل تسليم المطلوبين بعض من يُطلق عليهم «الرؤوس الحامية» أو المطلوبين البارزين خصوصاً أن الباب أصبح مفتوحاً أمامهم لذلك أكثر من أي وقت مضى وفق الأوساط نفسها. حيث علمت «المستقبل« أن هناك قنوات فُتحت فعلاً من قبل بعضهم عبر أطراف فلسطينية ولبنانية من أجل جس النبض!.
ويعتبر مسؤول فلسطيني كبير في هذا السياق أن ما يُسجل من عمليات تسليم مطلوبين لأنفسهم أو حتى تسليم آخرين منهم من قِبل القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة لا يمكن النظر اليه إلا من الزاوية الإيجابية باعتباره يشكل تنفيساً لضغط أمني كبير يلقي بثقله على المخيم وأهله وهو يرى في هذه الإيجابية ثمرة طبيعية لمرحلة جديدة ومتقدمة من التنسيق والتعاون اللبناني الفلسطيني في مجال استباق أي محاولات لتفجير الوضع في المخيم أو استخدامه ممراً للإساءة لأمن واستقرار لبنان.
ويضيف المسؤول نفسه أن ما يجري في عين الحلوة من تسليم مطلوبين يُشكل رسالة باتجاهين: باتجاه الجوار اللبناني بأن المخيم بدأ يتحرر من عقدة الذنب الأمنية التي كان يحمله اياها وجود مئات المطلوبين والفارين اليه من وجه العدالة بأنه يرفع الغطاء عن كل مخل بالأمن أو مسيء للاستقرار موجود داخل عين الحلوة، ورسالة طمأنة إلى من يرغبون بتسليم أنفسهم من المطلوبين داخل المخيم بأن الفرصة أصبحت متاحة لهم اليوم أكثر من أي وقت مضى.
لكن ثمة عوامل أخرى وفق المسؤول نفسه تساهم في إنجاح وتسريع وتكرار تسليم المطلوبين لأنفسهم وأبرزها المعاملة الحسنة التي تُعامل بها مخابرات الجيش من يسلمون أنفسهم وبالمقابل ضغط الأوضاع النفسية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المطلوبون أنفسهم، حيث بات معظمهم يعتبر أنه بوضعه الحالي داخل المخيم كمن يمضي محكومية في سجن كبير حيث لا يمكنه الانتقال خطوة واحدة خارجه أو ربما خارج الحي الذي يتواجد فيه داخل المخيم كما هي الحال بالنسبة لبعض المطلوبين، بينما يعتبر آخرون أنهم يظلمون معهم عائلاتهم وأسرهم سواء الموجودة داخل المخيم والتي تصبح بطبيعة الحال تحت العين الأمنية إذا خرجت من المخيم، أو المقيمة خارجه إذا أرادت التواصل مع أبنائها المطلوبين داخل المخيم.
الديار :
لبنان على باب مرحلة اخرى من العبث السياسي، البحث عن مرشح خامس خارج الحلقة الرباعية (امين الجميل، ميشال، عون، سليمان فرنجية، سمير جعجع) التي باتت بمثابة الحلقة المفرغة..
قبل اسابيع وصلت اشارات دولية «العماد جان قهوجي هو الشخصية المثالية لادارة المرحلة بعدما تورط اهل السياسة في سلسلة من الفضائح التي لا تقل مفاعيلها الكارثية على البلد، مع التأكيد على ان هناك من هو مستعد للمساعدة على احداث ديناميكية سياسية تفضي الى انجاز الاستحقاق الرئاسي حتماً قبل انقضاء العام الحالي».
هذه الاشارات وصلت الى النائب وليد جنبلاط الذي بادر الى حركة التفافية من خلال الحديث الخاطف عن «سخافة التمديد». فهم ما هو موقف رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي طالما قيل انه يعاني من «عقدة العسكر» بالرغم من والده الراحل كمال جنبلاط كان من اقرب المقربين الى الرئىس فؤاد شهاب.
في الوسط السياسي كيف يقبل «وليد بيك» بالعماد ميشال عون، وكانت بينهما الحرب الضارية لمن يتذكر تلة 888 في سوق الغرب، ولا يقبل بقهوجي الذي من طراز آخر، وبعقلية اخرى، وفعل المستحيل لمنع الانفجار الداخلي.
اما تعليقات البعض في الوسط السياسي فهي ان عون بات «ظاهرة مستهلكة». كل المؤشرات تدل على ان الرجل في نهاية حياته السياسية، وهو تجاوز الثمانين، وسلسلة الصدمات، والانتظارات، والمناورات انهكته، ولم يعد جنرال أيام زمان.
التعليقات تقول ان قائد الجيش ان وصل فهو يسند ظهره الى مؤسسة عسكرية، وبقوة ضاربة، وقد يكون فؤاد شهاب الآخر ويقاتل ضد «اكلة الجبنة» الذي هم «أكلة الدولة» الذين لديه الكثير من المعلومات والمعطيات والوثائق حول تورطهم في الفساد الكبير الذي يضرب مفاصل البلاد كلها.
ومعارضو قهوجي، وقد يكون جنبلاط من بينهم، يعتقدون ان انتخابه في الظروف الراهنة لن يجعله يظهر بمظهر من وصل الى القصر بانقلاب عسكري فحسب، بل انه سيجعل منه الرجل القوي بالرغم من الصلاحيات المحدودة التي اولته اياها المادة 49 من الدستور، وبعض المواد الاخرى.
واللافت ان هناك من انبرى لمحاولة كسر الثقة العميقة بين قهوجي و«حزب الله» من خلال الترويج بأن قائد الجيش هو «رجل اميركا» او مرشح اميركا، وهذا يعني ان معركته الاستراتيجية ستكون، تلقائياً، ضد الحزب.
هناك، بطبيعة الحال، من يطرح اسم حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، وعلى اساس ان من ينجح، بتلك السلاسة وبتلك الفاعلية، في ادارة معركة الليرة اللبنانية، بما تعرضت له من حصار ومن ضغوط، ينجح في ادارة معركة الدولة اللبنانية التي هي، حالياً، في اسوأ احوالها.
المعارضون يقولون ان ادارة العمليات النقدية عبر الشاشات، والاروقة الزجاجية، مختلفة كلياً عن ادارة العلميات السياسية وحيث التقاطع بين لعبة القبائل ولعبة المافيات، ناهيك عن لعبة الطوائف.
وهم يعتبرون ان سلامة يستطيع ان يكون المايسترو في الظل، وحيث المال يفضل ان يبقى بعيداً عن العيون، اما ان يكون المايسترو في الضوء، فهنا اللعبة الخطرة عليه كشخص كما على الدولة.
ـ الرئىس الدونكيشوت ـ
الذين يؤيدون سلامة يقولون، وفي اطار التجربة اللبنانية المعقدة، ان مفهوم «الرئيس القوي» هو ذاته مفهوم «الرئيس الدونكيشوت»، ليشيروا الى مواقف رأت ان الاخذ بالمفهوم الكلاسيكي للرجل القوي، اي الرجل الماروني القوي في ظل الصراع السني ـ الشيعي يعني خراب البلد.
وهؤلاء يعتقدون ان الرجل القوي هنا مثل الرجل الضعيف. كلاهما مصيبة. ولبنان بحاجة الى شخصية حكيمة تعرف بدقة حدود الاشياء وحدود المعادلات على الساحة اللبنانية، وهذه من مواصفات حاكم مصرف لبنان.
وفي هذا الصدد، يقول رئىس حكومة سابق لـ«الديار» ان القادة الاربعة بامكانهم احباط اي محاولة لانتخاب قهوجي او سلامة، ليشير الى ان بكركي احسنت صنعاً حين لم تدخل في الاسماء، ولكن هناك من استدرجها الى ما هو اسوأ حين باركت، بالماء المقدس، الفكرة القائلة بوجوب ان يكون الرئىس الثالث عشر من الحلقة الرباعية اياها، اي ماروني آخر هو خارج الهيكل، حتى ان مرشحاً وسطياً بارزاً قال لـ«الديار» ان ما حصل في الصرح البطريركي انما شابه «الحرم الكنسي» يلقى على المرشحين الآخرين.
رئىس الحكومة السابق يضيف «اننا ندرك محنة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي كان يعتبر ان اختيار واحد من الاربعة يمكن ان يشق الطريق الى قصر بعبدا الذي حصل ان الرئىس سعد الحريري بادر الى ترشيح فرنجية، وكان واضحا انه ترشيح تكتيكي، ليرد عليه الدكتور سمير جعجع بترشيح عون، وهو ترشيح تكتيكي ايضاً. هكذا سقط الاختبار، وان كان الاعتقاد العام ان ملف الاستحقاق الرئاسي ليس بأي يد لبنانية، وانما بأيد خارجية تتعامل بانورامياً مع المشهد الاقليمي، ومن باب المندب وحتى رأس الناقورة.
ـ الستاتيكو ـ
مثلما الستاتيكو العسكري في سوريا، وهذا ما اظهرته معارك الأيام الاخيرة، الستاتيكو السياسي في لبنان، ومثلما الدوران العسكري في سوريا الدوران السياسي في لبنان، ومع اعتبار ان وجود زهاء مليوني نازح سوري في لبنان، وفي ظل التصدع السياسي والمذهبي، يجعل الوضع اللبناني امام مفترقات (وخيارات) بالغة الخطورة.
غير ان مؤشرات ميدانية كثيرة تثبت ان معركة حلب لن تتوقف عند الوضع الملتبس الذي هي عليه الآن. الاستعدادات في ذروتها من قبل النظام كما من قبل المعارضة، فيما اشارت معلومات الى ان الروس استقدموا اسلحة متطورة جداً، وهم الذين يعتبرون ان معركة حلب هي معركة مصيرية. من يمسك بمفتاح (او بمفاتيح) المدينة يمسك بمفتاح الدولة في سوريا التي تقوم استراتيجيا على 3 محاور (دمشق، حلب، والساحل).
تاليا، السيطرة على هذا المثلث مسألة حياة او موت بالنسبة الى النظام الذي يؤكد ان انقرة وبالرغم من انشغالاتها الداخلية لم تسحب اصابعها من حلب حيث يوجد ضباط اتراك الى جانب جماعة نور الدين زنكي والفرقة التركمانية (او التركمانستية) فالمسألة لا تقتصر على مقاتلي الشيشان والداغستان في القوقاز وانما تعدتها الى آسيا الوسطى بما في ذلك تركمانستان واوزبكستان.
ـ حكومة سوريا الحرة ـ
المعارضة ايضا ترى في معركة حلب رهانها الاخير فإما ان تبقى على الارض وتدخل الى المدينة لتتشكل هناك «حكومة سوريا الحرة»، مع انشاء مجلس نيابي موقت ودون اغفال الثقل المعنوي والديموغرافي للمدينة وتأثيرها ليس فقط على المحيط وانما على كل الانحاء السورية.
ام المعارك في حلب، اذا انتصر النظام يتكرس مثلث السلطة ومثلث الدولة ايضا واذا انتصرت المعارضة بانت لديها المدينة الموازية لدمشق، وربما قام النظام الموازي الذي تعترف به الدول.
هذا ما تدركه دمشق كما تدركه موسكو وتدركه ايران من هنا كان الحديث عن معركة «تحطيم العظام» خلال هذا الشهر، ودون ان يعرف ما ا اذا كان فلاديمير بوتين سيتمكن من اقناع رجب طيب اردوغان بسحب ضباطه ومستشاريه ومسؤولي استخباراته من حلب بوجه خاص ومن سوريا بوجه عام.
ـ قنبلة السنيورة ـ
امس كانت الجلسة الثالثة والاربعون لانتخاب رئيس الجمهورية. غالبية النواب يستجمون خارج لبنان وعدد الحضور تدنى الى ما تحت ربع عديد اعضاء المجلس النيابي ربما تأثرا بأجواء جلسات الحوار التي انتهت بضوء احمر خارجي «لا رئىس ولا اي شيء اخر الى ان تتبدل الظروف في سوريا».
قنبلة الرئىس فؤاد السنيورة في ساحة النجمة كانت حين انهى تصريحا له بالقول «ان الاجدر ان يتولى رئاسة الحكومة الرئىس سعد الحريري والاجدر ان يتولى رئاسة مجلس النواب محمد رعد».
الذي كان يتكلم رئىس كتلة المستقبل لا النائب احمد فتفت ولا النائب عاصم عراجي. التصريح وصل على جناح السرعة الى السرايا الحكومية وكان هناك تساؤل ما اذا كانت كتلة المستقبل قد سحبت الثقة من الرئىس تمام سلام الذي يقول مقربون منه ان قرأ التصريح مليا ليتبين ان المقصود دعوته الى التنحي.
المفأجأة كانت في عين التينة. مصادر الرئيس نبيه بري لا تصدق ان السنيورة يمكن ان تصدر عنه زلة لسان الا اذا كانت زلة لسان فرويدية....
والمعروف عن السنيورة انه يفكر كثيرا قبل الادلاء بأي تصريح كي تأتي كل كلمة كما نصل السكين في مكانها، رئىس المجلس النيابي يعلم مدى «الود» الذي يكنه له رئىس كتلة المستقبل ولكن ليس الى الحد الذي يعلن فيه ان رعد اكثر جدارة منه في رئاسة المجلس النيابي.
وكانت هناك اسئلة في عين التينة من قبيل لماذا اختار السنيورة رئىس كتلة نواب «حزب الله» ولم يختر النائب غازي يوسف او النائب عقاب صقر مثلا. اذا كانت المسألة مسألة مناورة للعب بين حركة «امل» و«حزب الله» فهذا يعني ان زلة اللسان لا تستحق حتى التعليق.
على كل السنيورة اصدر تصحيحا ومع ان كلامه كان واضحا ومباشرا فقد اعتبر ان ثمة من فسر الكلام بصورة خاطئة او فهمه بصورة ملتوية.
شهر كامل من الموت السريري (الاضافي). في هذا الشهر يتحدد مصير سوريا الذي في اطاره يتحدد مصير لبنان. بري اعاد سلته الى الضوء بالنسبة اليه المواقف التي تشدد على انتخاب رئىس الجمهورية هي مواقف عرجاء فالخلل في تنفيذ اتفاق الطائف وفي بعض الآليات السياسية وفي طريقة الاصطفاف السياسي والخلل في قانونية الانتخاب هذه كلها اسباب تملأ الطريق الى القصر الجمهوري بالألغام.
نظريته ان رئىس الجمهورية يفترض ان يدخل الى القصر على سجادة حمراء لا على حقل من الالغام. دعوته بكل بساطة وكما تؤكد مصادره هي نزع الالغام التي لا تهدد رئاسة الجمهورية فحسب الجمهورية ايضا.
الجمهورية :
تسللت الجلسة الثالثة والاربعون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من خلف النصاب السياسي المفقود، من دون أن يشعر بها أحد، وحجزت مكاناً لها في صف الجلسات الفاشلة في إتمام هذا الاستحقاق. ولعلّ السِمة الجامعة بين هذه الجلسة وكل سابقاتها، انها أكدت بما لا يقبل الشك انّ الملف الرئاسي ما زال «طبخة بحص» عَصيّة على النضوج. إنما ما مَيّز التجربة الفاشلة، أمس، أنها قطعت حبل التوقعات التي سَوّقها منجّمو السياسة في الآونة الاخيرة، وأسقطت كل الرهانات عليها بأنها قد تشكّل «القابلة القانونية» لتوليد الرئيس العتيد.
بَدا جلياً امس، انّ كل تلك الرهانات، مُضافاً اليها رياح التفاؤل التي عصفت بالاجواء الرئاسية في الآونة الأخيرة، لم تكن اكثر من رهان على سراب، خصوصاً انّ القوى السياسية محبوسة في اختلافاتها وتناقضاتها لا بل عجزها عن بلوغ مدار التوافق على رئيس وإنهاء حالة الفراغ التي تضرب الرئاسة الاولى.
والى موعد جديد في السابع من ايلول المقبل، رحّل رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الانتخابية، ويحدوه الامل في أن يكون ايلول بانتخاب رئيس الجمهورية «مَبلول»، الّا انّ ذلك يبقى رهناً بالتقاء الارادات الداخلية، ولَو لمرة واحدة، على وَضع حد للوضع الشاذ الذي يعيشه البلد. ولكنّ هذا يتطلّب معجزة تضرب الأمزجة السياسية، وتفتح مغارة الحلول على مصراعيها.
بري: الرئاسة أولاً
في هذا الجو، اكد بري أمام زوّاره انّ الاستحقاق الرئاسي يبقى الاساس، مشيراً الى انه ما يزال يأمل على طاولة الحوار من ان تحقق الاختراقات المطلوبة. وقال: «لقد قمتُ بأمور كثيرة، وسأقوم بما عليّ في الموضوع الرئاسي الذي كما قلت سأشتغل عليه ليلاً ونهاراً».
ولفت بري الى انه قدّم للمتحاورين في الجلسات الحوارية الاخيرة «تفسيراً لموضوع جدول الاعمال، وأكدتُ انّ ايّ أمر نتّفق عليه لن ينفذ قبل انتخاب رئيس الجمهورية الذي يبقى الاولوية.
وقلتُ لهم انّ علينا ان نمهّد لهذا الانتخاب بالاتفاق على القضايا التي يتضمنها جدول الاعمال، ولن نقدم ايّ بند على الاستحقاق الرئاسي. لكن مع الأسف إنّ البعض يوافق على امر، ثم ينبري بالعودة الى طروحاته السابقة، بما يعطي دليلاً انّ ما يحصل في الجلسة وخارجها ليس سوى عملية مزايدة يمارسها البعض لا أكثر ولا أقل».
واشار بري الى انه ما زال ينتظر ان يتلقّى من اطراف الحوار أسماء ممثليهم الى لجنة إنشاء مجلس الشيوخ، لافتاً الى انّ البحث على طاولة الحوار لم يتطرّق الى هوية رئيس هذه المؤسسة التي اذا ما أنشئت فستكون سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية.
عون: لا كلام
ومع ترحيل الجلسة الانتخابية الى ايلول المقبل، تشير اجواء الرابية الى استعدادات لمواكبة هادئة للتطورات اللاحقة، وخصوصاً تلك المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي.
وفي هذه الاجواء، قرر رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ان يستمر بسياسة الصمت، واوضحت مصادر الرابية لـ»الجمهورية» انّ «الجنرال سيظلّ صامتاً وهو لا يرى لزوماً للكلام الآن، فقد تكلم كثيراً، وقال ما يجب ان يقوله، لكن الأصمّ، هو من يرفض ان يسمع، واذا استطاعوا ان يتجاوزوه فليجرّبوا».
وأوضحت المصادر ان لا علاقة لهذا الصمت بقرارات تيار «المستقبل»، «يِصطِفلوا فيها»، واذا استطاعوا انتخاب رئيس جمهورية ليتفضّلوا».
واكدت المصادر انّ العلاقة بين الرابية وبنشعي مقطوعة، الّا انها نَفت ان تكون العلاقة متوترة مع الرئيس سعد الحريري، مشيرة الى «انّ البعض في تيار «المستقبل» يسعى الى نَسف الجوّ الإيجابي الذي شاع اخيراً، لكنّ الرئيس الحريري لم يقل شيئاً بعد، والاتصالات معه لا تزال مستمرة عبر الدكتور غطاس الخوري والسيد نادر الحريري». وأملت مصادر الرابية في «الّا يستمع الحريري الى الخارج بل الى مصلحة لبنان».
وإذ اشارت الى أننا «تأخرنا كثيراً في انتخاب الرئيس وكان يجب إنجاز الاستحقاق منذ سنتين ونصف السنة»، أكدت في الوقت ذاته «الاستمرار في مقاطعة الجلسات الانتخابية»، مجددة رفض وصول رئيس «كيفما كان».
وقالت: «لنا الشرف في مقاطعة الانتخاب اذا كانوا يريدون إيصال ايّ مرشّح كان، وما نفعله ليس لمصلحة «التيار الوطني الحر» بل لإعطاء ثقة للمسيحيين في الشرق ولبنان وللبنانيين جميعاً بأننا انتخبنا رئيساً لم يرغمنا أحد على انتخابه ولم يُفرض علينا فرضاً من الخارج، بل هو رئيس صنع في لبنان».
ونَوّهت المصادر بمواقف النائب وليد جنبلاط «الذي يقرأ المرحلة بدقة ويدرك مصلحة البلد»، وأبدَت اطمئنانها الى موقف «حزب الله» الداعم ترشيح عون، وقالت: «هو الحزب الوحيد الذي يمسك كلمته، ويا ليت الجميع مثله».
«القوات»: إلتزام بعون
وفي السياق الرئاسي، كان لافتاً بالأمس ما قاله رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع لصحيفة «الرياض» السعودية، حيث أشار الى «اننا نفتّش عن حلّ للأزمة القائمة، ليس لأننا نؤيّد العماد ميشال عون، بل لأننا نريد تسيير المؤسسات اللبنانية»، معتبراً انّ «أيّ اختراق رئاسي، مهما يَكن الشخص، سيكون جيّداً لأنه لا يوجد أسوأ من الفراغ ونتائجه».
بَدا كلام جعجع «مهما يَكن الشخص»، حَمّال أوجه، اذ قرأ مراقبون في طيّاته تخفيفاً من صلابة الالتزام القواتي بعون، واستعداداً لقبول مرشحين آخرين لرئاسة الجمهورية.
الّا انّ مصدراً مسؤولاً في «القوات» قال لـ«الجمهورية» انّ «القوات» تؤيّد العماد عون لرئاسة الجمهورية، و»الموضوع لا يتعلق بالشخص فحسب، إنما برئاسة الجمهورية كمؤسسة، والمعطى الأساسي الذي يفرض نفسه في هذا الاستحقاق هو العماد عون ولا أحد سواه، لأنه يحظى من جهة بتأييد «حزب الله» على رغم انّ الحزب ما يزال يناور في ملف الرئاسة، ويحظى من جهة ثانية بتأييد «القوات».
أضاف المصدر المسؤول: «الموضوع سهل جداً، إذ يمكن لـ»حزب الله» أن يطلب من كل حلفائه النزول الى البرلمان لانتخاب العماد عون، فيصبح رئيساً على الفور، بين اصوات الحزب معطوفة على اصوات «القوات» وعلى اصوات «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب وليد جنبلاط.
وتابع المصدر: «امّا ما هو مطلوب من الرئيس سعد الحريري فهو غير منطقي، لأنّ الحريري ليس حليفاً لعون، على عكس «حزب الله»، وما يؤمّنه من نصاب وميثاقية قد يكون كافياً لإجراء انتخابات الرئاسة».
«المستقبل»: إلتزام بفرنجية
وعلى ضفّة تيار «المستقبل»، أوضح النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية» انّ «العقدة الرئاسية لا تزال على حالها ولا معطيات جديدة إطلاقاً»، وجدّد تَمسّك «المستقبل» بمبادرة الرئيس الحريري ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
وقال: «لا شيء استجَدّ لحصول اي تغيير، ولا فرنجية انسحب او أعلن انه لن يكمل في السباق الرئاسي. وكذلك لم يقدّم احد طرحاً آخر ليجد قبولاً. فلا جديد والوضع كله على حاله، ولا سبب استجدّ لكي نقول إنه حصل تبديل».
ونفى الجسر حصول أي تصويت في اجتماع كتلة «المستقبل»، وقال: «انّ الرئيس الحريري قدّم في الاجتماع عرضاً لموضوع رئاسة الجمهورية منذ اليوم الاول للشغور حتى الآن بشكل متسلسل ومتماسك وموضوعي ودقيق، وذلك بعد الطرح الذي أثير في الاعلام في الفترة الاخيرة عن انتخاب الجنرال عون رئيساً في جلسة 8 آب، وحصلت مناقشات وكل طرف أدلى بدلوه وأبدى رأيه في الموضوع الرئاسي وأعطى حجته بطريقة موضوعية صَرف، ولم يحصل أي تصويت.
صحيح انّ البعض لا يمانع وصول العماد عون الى الرئاسة، إنما لم يكن هناك ايّ حماس او قبول لانتخابه رئيساً».
وكشف الجسر، في مجال آخر، انّ الجلسة الحوارية الجديدة بين تيار»المستقبل» و»حزب الله» ستنعقد الثلثاء المقبل في 16 الجاري.
اللواء :
بين استحقاق الجلسة المقبلة لهيئة الحوار في الخامس من أيلول، وترحيل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية إلى السابع من أيلول، في جلسة تأخذ الرقم التسلسلي 44 بفارق يومين بين الاستحقاقين، لا يعني في نظر المصادر النيابية سوى تقارب زمني لا أكثر ولا أقل، وإن كان هذا الترحيل لما يقارب الشهر، يعكس عمق المأزق الذي تواجهه البلاد منذ الوقوع في الفراغ الرئاسي منذ سنتين وثلاثة أشهر.
ذلك ان ثلاثية الحوار التي انعقدت في عين التينة على مدى ثلاثة أيام بددت الآمال بالتوصل إلى حل سريع لانتخابات الرئاسة، في ظل استمرار المواقف على حالها، في حين ان جلسة انتخاب الرئيس للمرة 43 لم تنعقد مثل سائر سابقاتها بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، والذي خف وهجه بالتناقص إلى 31 نائباً، وبالتالي لم يكن امام الرئيس نبيه برّي سوى ترحيل الجلسة إلى 7 أيلول، أي بعد يومين من موعد جلسة الحوار ذي الرقم 21 والتي يفترض ان تخصص لتسمية كل فريق شخصية نيابية أو دستورية لمتابعة موضوعي مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب.
ورغم ان المواقف لم تحمل جديداً عما سبقها من مواقف في جلسات الحوار، فإن الأحاديث التي دارت بين النواب، على هامش انتظار النصاب الذي لم يأت، تمحورت حول أمرين:
الاول: ما اشيع عن شبه إجماع لكتلة «المستقبل» برفض انتخاب النائب ميشال عون، وهو ما نفاه رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة ونواب الكتلة الذين أكدوا انه لم يحصل تصويت داخل الكتلة، بل ان ما حصل كان مجرّد مواقف قد تتباين وقد تلتقي، لكن القرار النهائي يعود للكتلة عبر بيان يصدر عنها، وهو ما لم يحصل، وعلى العكس أكدت الكتلة بلسان رئيسها ونوابها استمرار تمسكها بمرشحها الرئاسي النائب سليمان فرنجية.
والثاني: ما أعلنه الرئيس السنيورة في مؤتمره الصحفي، مذكراً بما قاله امام هيئة الحوار، حول عدم إلزامية وصول من يمثل أكثر من طائفته إلى الموقع الذي يريده في حال غياب التوافق، والا لكان الرئيس سعد الحريري مكان الرئيس تمام سلام في رئاسة الحكومة، والنائب محمّد رعد مكان الرئيس نبيه برّي في رئاسة المجلس النيابي، الأمر الذي اثار إلتباساً وسوء فهم، دفع الرئيس السنيورة لاحقاً إلى إصدار توضيح لم يخل من اعتذار، أوضح فيه الهدف من كلامه، وليس ما فهم بأنه «زكزكة» للرئيسين برّي وسلام، ليؤكد احترامه للشخصين ولدورهما الوطني، مشيراً إلى ان كلامه فسّر أو فهم خارج سياقه.
قبل هذا الالتباس وسوء الفهم، كان الرئيس السنيورة قد عقد مع نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان اجتماعهما التقليدي، خلال كل جلسة مفترضة لانتخاب الرئيس، خرج بعده رئيس كتلة «المستقبل» ليعلن ان «الامور مش ماشية»، مشيراً إلى ان كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب رعد في الحوار عن ضرورة الاتفاق على رئيس الجمهورية، بأنه كلام إيجابي، إلا إذا كان رعد يريد ان يكون هذا الاتفاق «اتفاق اذعان»، وهذا أمر نرفضه لأن الاتفاق عادة يجب ان يكون بالرضا وليس بالإذعان».
وليس بعيداً عن هذه الأجواء، كشف عضو وفد كتلة «المستقبل» إلى الحوار الثنا