تعاطى الغرب مع اليهود كمشكلة لأقلية مثيرة للشغب حيث تسكن لعدم قدرتها على الاندماج في المجتمعات الغريبة عن هويتها الدينية والقومية وكانت التجمعات اليهودية في الغرب بمثابة حواجز ثابتة بينها وبين المسيحيين حالات دون تلاقيهم وأدّت فيما أدّت اليه الى خلافات حادة استحضرت فيها أدوات الدينيين اليهودي والمسيحي لتوفير مقتضيات الصراع المستمر بين الضيوف اليهود والسكان المسيحيين الأصليين لبلاد الغرب .
كانت فلسطين أرض الحل للمشكلة اليهودية والتي تلاقى فيها المتقاتلون والمتنازعون والتي وفرّت لهم الحلّ المناسب للتخلص من اليهود كبذرة غريبة في المجتمع الأوروبي في أرض غير قابلة لنموها الشرير من هنا ساهمت مشكلة الوجود اليهودي في تقبل المشروع الصهيوني والدفع باتجاه منح أرض فلسطين كهبة مجانية لليهود لقيام الدولة العبرية على أرض الميعاد التوراتية .كانت نتيجة تخلص أوروبا من الشعب اليهودي توريط منطقة الشرق الوسط بنزاعات والحروب لا خلاص لها وعلى حساب شعب وأمّة .
من باب المقاربة يبدو أن الغرب يتعاطى مع تنظيم " داعش" تماماً كما تعاطى مع اليهود أيّ كمشكلة وجود متطرف مضر بالسلم الدولي وبناءً عليه يُسهل للتنظيم قيام دولة يُجذب اليها كل المتطرفين الباحثين عن عودة ميمونة لدولة الخلافة وكانت احدى السيناريوهات المقترحة لتقسيم المنطقة قيام دولة سُنية للمتطرفين من قبل مراكز الرأي في دول الغرب ومازال هذا السناريو مطروحاً وبقوّة على أجندت الولايات المتحدة الأمريكية وقد دعت اليه الوزير الأسبق للخارجية الأمريكية كونداليزا رايس .
وثمّة من يجعل من هذه المقاربة مقارنة موضوعية هو بقاء تنظيم الدولة على قيد الحياة رغم قيام حلف دولي مشكل من 34دولة وبقيادة أميركا في ظل خلال واضح وفاضح في آن معاً بين مجموعة من البدو المجانين وبين دول العالم الأوّل مؤيدة من دول العالم كافة .
حتى الآن ما جرى وبعد 4 سنوات من مواجهة "داعش" تقليص مساحة دولة الخلافة في الحيّز العراقي وبقاء التنظيم في جهوزية عالية ان من خلال السيطرة أو من خلال المواجهة أو من خلال القدرة على اعادة السيطرة على ما فقد من مدن اضافة الى قدرته على نقل المعركة الى قلب أميركا وأوروبا وارعاب المجتمع الغربي من خلال اشكال متعددة من ضرب أمن الأوروبيين و الأمريكيين وبسهولة وبأيدي أميركية وأوروبية تطوعت طوعاً لجهاد ديارها الكافرة .
من هنا ومرة جديدة يفرض علينا الغرب قيام ونشأة تطرف مخل بأمن منطقة الشرق الأوسط فبعد التطرف اليهودي جاء التطرف السُني موعود بدولة ويحكى عن تطرف شيعي مماثل في العراق وكردي مدفوع الى قيام دولته الكردية هو الآخر لتصبح المنطقة الشرق الأوسط منطقة تعُج ومحكومة من قبل متطرفين متعددي الهويات في دول متطرفة شبيهة بالدولة اليهودية السعيدة جداً بقيام أخوات لها في الشكل والمضمون شرط أن لا تكتسب منها ما في " اسرائيل " من معايير دولة مفقودة في المنطقة كافة .
الغرب بين هرتزل وأبي بكر البغدادي
الغرب بين هرتزل وأبي بكر...علي سبيتي
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
3957
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro