كسرت حلب الحصار، وقلبت الموازين وصحت «نبوءات» النظام السوري وحلفائه بأن  معركة حلب، ستكون معركة الحسم للصراع في سوريا، ولكن على غير ما اشتهت أهواؤهم ورهاناتهم؛ فاذا بالنظام وحلفائه يتذوقون طعم الحصار في الاحياء الغربية للمدينة؛ بعد ان نجح مقاتلو فصائل المعارضة بوصل الاحياء الشرقية، التي كانت تحت حصار النظام، بالمناطق المحررة جنوب غرب المدينة في الوقت الذي أعلن مساء أمس تحالف «جيش الفتح»، الذي يضم فصائل مقاتلة عدّة من بينها «فتح الشام»، جبهة النصرة سابقاً، عن بدء معركة تحرير حلب بالكامل. 
وإزاء هول المفاجأة والهزيمة المدوية، لم يجد النظام امامه سوى الاستنجاد بالروس والايرانيين والميليشيات الطائفية المتحالفة معه. غير ما رسمته معارك الايام الستة من هجوم المعارضة الواسع والشامل؛ ثبت ان كل من استنجد به بشار الاسد لم يكن على قدر الآمال. فكانت غارات جوية روسية عنيفة وهجمات مضادة فشلت جميعها وتحطمت امام ثبات مقاتلي المعارضة.  
فبعد أن حقق مقاتلو المعارضة مكاسب كبيرة على الأرض بخرقهم يوم السبت حصارا لشرق حلب الواقع تحت سيطرتهم تعرضوا لهجوم جوي مكثف امس من القوات الموالية للنظام.
وتسعى قوات النظام لوقف تقدم قوات المعارضة الذي تسبب أيضا في قطع طريق الإمداد الرئيسي إلى قطاع غرب حلب الذي تسيطر عليه قوات النظام ذاتها.
وبدأ الهجوم على مجمع الراموسة العسكري الذي يضم عددا من الكليات العسكرية يوم الجمعة. وأدت السيطرة على مجمع الراموسة والاتصال مع شرق حلب إلى عزل غرب حلب الذي يسيطر عليه النظام من خلال قطع الطريق الجنوبي المؤدي للعاصمة دمشق.
كما أتاحت تلك الخطوة للمقاتلين الحصول على الأسلحة المخزنة في المجمع والتي يستخدمها جيش النظام في الصراع المستمر منذ خمسة أعوام كمركز لقصف أهداف للمعارضة.
وسمح التقدم المفاجئ في الراموسة لمقاتلي المعارضة  باختراق شريط يسيطر عليه النظام يوم السبت والالتحاق بمقاتلين في القطاع المحاصر في شرق حلب.
لكن عنف القتال والضربات الجوية المستمرة لقوات روسية وسورية في الراموسة ومحيطها لم تسمح بفتح ممر آمن لسكان شرق حلب بحسب ما قال ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومن المؤكد ان تغير مكاسب المعارضة مطلع هذا الأسبوع ميزان القوى في حلب خاصة بعد أن قال الأسد إن حصار القوات الحكومية والقوات الحليفة في أوائل شهر تموز للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شرق حلب سيكون مقدمة لاستعادة المدينة. وستمثل خسارة المعارضة لحلب ضربة قوية لها.
وقال قيادي فيما سمي ائتلاف الجماعات المعارضة المعتدلة في حلب يدعى أبو الحسنين «بسطنا سيطرتنا على كل الراموسة.. ونحن في خنادقنا و(تنفذ) اليوم غارات جنونية لم نشهدها من قبل» مشيرا لاستخدام قنابل «عنقودية وفراغية».
ومع سيطرة مسلحي المعارضة على أجزاء من مجمع الراموسة العسكري الذي يضم عددا من الكليات العسكرية نشروا صورا للأسلحة والذخيرة التي استولوا عليها.
ونشرت فتح الشام التي كانت سابقا جبهة النصرة صورا لصفوف من المركبات المدرعة والذخائر ومدافع الهاوتزر والصواريخ والشاحنات.
وقال معارضون والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجبهة الأمامية لقوات المعارضة تتقدم في الاتجاه الشمالي الغربي نحو غرب حلب وعلى أطراف حي الحمدانية ومنطقة سكنية تسمى مشروع 3000 شقة.
وإلى الشمال من الحمدانية وفي اتجاه تقدم مسلحي المعارضة يقع مجمع عسكري ضخم آخر هو أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية.
وهنأ التحالف الوطني السوري المعارض قوات المعارضة على ما حققوه من مكاسب كبيرة قال إنها بعثت رسائل واضحة لنظام الأسد وإيران وروسيا مفادها إنهم لن يستطيعوا هزيمة الشعب السوري أو إملاء شروط للتسوية.
وتتصاعد المخاوف في غرب حلب الذي يسيطر عليه النظام من أن تقع تحت حصار المعارضين مثلما كانت تحاصر قوات النظام شرق حلب لأن طريق الراموسة الرئيسي الممتد جنوبا إلى دمشق لنقل البضائع قد قطع.
وقال المرصد إن الأنباء عن تقدم المعارضين تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ما يصل إلى أربعة أمثالها في غرب حلب.
وبعد قطع طريق الراموسة قال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن السيارات العسكرية ما زالت قادرة على دخول غرب حلب والخروج منها عن طريق الطرق المتبقية المتجهة شمالا لكنها ليست آمنة بما يكفي لعبور المدنيين.
وفي شرق حلب، عمت مظاهر الاحتفال بعد كسر المقاتلين للحصار. وقال عبد الرحمن إن ثلاث شاحنات محملة بالخضراوات عبرت إلى شرق حلب لكنها كانت مجرد بادرة رمزية وما زال الممر خطر للغاية على المدنيين أو على الإمدادات.