تبدل المشهد في حلب في اليومين الاخيرين مع تمكن مقاتلي المعارضة بما فيهم "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً التي كانت مرتبطة بتنظيم "القاعدة") من اختراق الحصار الذي يفرضه النظام على الأحياء الشرقية لحلب، بفتح طريق إمداد من جنوب المدينة بعد الإستيلاء على مجمع للكليات العسكرية والراموسة. وبذلك باتت فصائل المعارضة تطوق الأحياء الغربية التي يسيطر عليها النظام.
وبينما أكد الاعلام السوري الرسمي ان الجيش النظامي أوجد طريقاً بديلاً الى الأحياء الغربية، طغى الخوف على السكان فسارعوا الى تخزين المواد الغذائية التي سرعان ما سجلت أسعارها ارتفاعاً كبيراً.
وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له: "تدور اشتباكات متقطعة ترافقها غارات جوية ولكن بدرجة أقل" في جنوب غرب مدينة حلب، غداة خسارة الجيش السوري مواقع مهمة تضم كليات عسكرية في هذه المنطقة.
وأعلنت فصائل مقاتلة وجهادية في اطار تحالف "جيش الفتح"، أهمها "حركة احرار الشام" و"جبهة فتح الشام"، بعد هجومين عنيفين الجمعة والسبت، كسر الحصار الذي يفرضه الجيش السوري منذ 17 تموز على الأحياء الشرقية لحلب ويقيم فيها 250 الف شخص.
وبعد سيطرتهم على الكليات العسكرية التقى مقاتلو الفصائل القادمين من داخل مدينة حلب آخرين قادمين من منطقة الاشتباكات في حي الراموسة المحاذي، والذي تمر منه طريق الامداد الوحيدة الى الاحياء الغربية.
وتحدث مصدر في الفصائل عن ادخال المقاتلين "سبع شاحنات خضار وفاكهة" الى الاحياء الشرقية من طريق الراموسة.
الا ان المرصد السوري رأى ان المدنيين لن يتمكنوا من المرور عبر هذا الطريق لخطورته.
وقال قائد قطاع حلب في "حركة نور الدين الزنكي" المقاتلة عمر سلخو: "الطريق للاستخدام العسكري حالياً... وسيسمح للمدنيين بعبورها بعد تأمينها بشكل كامل".
وصرح قيادي في ائتلاف الجماعات المعارضة المعتدلة في حلب يدعى أبو الحسنين: "بسطنا سيطرتنا على كل الراموسة... ونحن في خنادقنا و(تشنّ) اليوم غارات جنونية لم نشهدها من قبل"، مشيراً الى استخدام قنابل "عنقودية وفراغية".
وقال معارضون والمرصد السوري إن الجبهة الأمامية لقوات المعارضة تتقدم في الاتجاه الشمالي الغربي نحو غرب حلب وعلى أطراف حي الحمدانية ومنطقة سكنية تسمى مشروع 3000 شقة.
وإلى الشمال من الحمدانية وفي اتجاه تقدم مسلحي المعارضة، يقع مجمع عسكري ضخم آخر هو أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية.
واستناداً الى المرصد، فقد قتل أكثر من 700 رجل من قوات النظام السوري والفصائل المقاتلة والجهادية على حد سواء في المعارك الدائرة في جنوب حلب منذ أسبوع، غالبيتهم من الفصائل نتيجة "التفوق الجوي" لقوات النظام وكثافة الغارات الجوية.
وكان الجيش السوري قد فرض طوقاً على خطوط امداد الاحياء الشرقية في حلب عندما سيطر على طريق الكاستيلو شمال غرب المدينة في 17 تموز الماضي.
نفي رسمي
ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" عن مصدر عسكري أن "هذه المجموعات الارهابية لم تتمكن من كسر الطوق المفروض على الارهابيين فى الاحياء الشرقية".
وقال المصدر إن "سلاح الجو ينفذ 21 طلعة قتالية ويوجه 86 ضربة جوية الى تجمعات الارهابيين ومحاور تحركهم في جنوب وغرب حلب خلال الساعات الـ12 الماضية".
وأغارت الطائرات الحربية السورية والروسية على احياء عدة في الجهة الشرقية، وتضمن ذلك القاء براميل متفجرة.
وأكد مراسل التلفزيون الرسمي ان "الجيش أوجد طريقاً بديلاً لدخول المواد الغذائية والمحروقات" الى الاحياء الغربية.
وأوضح عبد الرحمن أن "قوات النظام تعمل على فتح طريق جديد من الاحياء الغربية في اتجاه الشمال وتسعى حاليا الى تأمينها لضمان امكانية استخدامها".
وعلى رغم ذلك، بدا الخوف والتوتر واضحين على سكان الاحياء الغربية، فسارعوا الى الاسواق لشراء المواد الغذائية والماء للتخزين تحوطاً لاستمرار الحصار.
وقال أحد سكان الاحياء الغربية طلب عدم ذكر اسمه: "الاسواق باتت خالية تماماً من المواد الغذائية والمحروقات في اول يوم حصار، الأكيد ان الايام المقبلة ستكون أصعب".
ولاحظ المرصد أن الأنباء عن تقدم المعارضين تسببت بارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ما يصل إلى أربعة أضعاف في غرب حلب.
واعتبر عبد الرحمن ان "قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها تعرضوا لخسارة مهمة جداً". وقال إن الفصائل المقاتلة والجهادية "لم تتمكن من كسر الحصار عن احياء حلب الشرقية فحسب بل انها قطعت أيضاً آخر طرق الامداد الى الاحياء الغربية التي باتت محاصرة" ويقيم فيها نحو مليون و200 الف نسمة.