فرضت معركة حلب إيقاعها على الداخل اللبناني الذي بدت قواه السياسية مشدودة الى متابعة تطورات المواجهة على هذه الجبهة «الإقليمية - الدولية» التي يبدو أنها أصبحت مفترق طرق، بالنسبة الى العديد من لاعبي المنطقة.. والمتلاعبين بها.
وفي انتظار انقشاع دخان المعركة واتضاح مفاعيلها على الجوار الإقليمي والاستحقاق الرئاسي الشديد التأثر بالمناخات الخارجية، تبين أن كتلة المستقبل النيابية قررت في اجتماعها الأخير برئاسة الرئيس سعد الحريري رفض دعم ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، خلافاً للترجيحات البرتقالية بدنو لحظة اكتمال التحول في خيار الحريري من سليمان فرنجية الى الجنرال.
وبينما أفادت بعض المعلومات أن أعضاء كتلة «المستقبل» توزعوا بين 23 نائبا ضد عون و3 معه، قال مصدر بارز في الكتلة لـ «السفير» إن حصيلة الاجتماع أفضت الى «موقف كاسح» ضد دعم ترشيح عون، موضحا أنه لم يحصل تصويت بالمعنى الحرفي للكلمة، بل أخذ كل نائب وقته في شرح وجهة نظره وتفسير دوافعها.
وعما إذا كانت المعارضة الكاسحة لترشيح عون تعني، بمعادلة الأرقام، أن معظم نواب «المستقبل» رفضوه، أجاب المصدر: أكثر من معظم النواب رفضوا تأييد الترشيح!
وأشار المصدر الى أن الموقف من ترشيح عون طُرح على بساط البحث في الاجتماع السابق للكتلة، حتى يذهب الرئيس فؤاد السنيورة الى خلوة الحوار وهو مستند الى موقف رسمي وواضح من الكتلة حيال ترشيح عون، وذلك تحسباً لكل الاحتمالات التي قد تواجه النقاش.
وفي انتظار ما يمكن أن يطرأ حتى موعد الجلسة الجديدة للحوار في الخامس من أيلول المقبل، يبدو أن ملف النفط تحرك مجددا بعدما كان قد غطّ في «قيلولة سياسية»، نتيجة تحسس بعض القوى السياسية من صحوة التفاهم الموضعي بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون.
وعلمت «السفير» أن بري تلقى عبر السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد رسالة جوابية من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين على العرض الذي كان قد تقدم به رئيس المجلس لمعالجة مسألة ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وفلسطين المحتلة، ومعاودة المباحثات في هذا الشأن.
وبينما أحيطت تفاصيل رد آموس بتكتم رسمي، أفادت المعلومات أن هناك بعض الالتباسات أو القطب المخفية في رسالته تحتاج الى شروحات وتوضيحات، لا سيما لجهة إشارته الفضفاضة الى دور للأمم المتحدة في هذا الملف، في حين ان بري كان قد طرح حصر التعاون مع القوات الدولية (اليونيفيل) تحت سقف القرار الدولي 1701، بغية تجنب أي استدراج سياسي للبنان في اتجاهات سياسية مريبة.
واستعدادا للتعامل مع كل السيناريوهات والعروض، طلب بري إجراء مشاورات مع خبراء يمثلون الأطراف الداخلية المعنية، لتحصين الموقف اللبناني الرسمي وتوحيد المقاربة حيال الأفكار الأميركية المستجدة.
أما الشق الداخلي من «الاستحقاق النفطي»، فقد طرأت عليه بعض الحلحلة، خصوصا على خط عين التينة - المصيطبة، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق أمام دعوة الرئيس تمام سلام قريبا اللجنة الوزارية ومن ثم مجلس الوزراء الى إقرار المرسومين الشهيرين العالقين، كما قال بري لـ «السفير»، مشددا على أن النزاع الحدودي مع العدو الاسرائيلي لا علاقة له بما يجب أن نفعله نحن لجهة استكمال العدّة التنظيمية والإجرائية، وعرض البلوكات تمهيدا لتلزيم ما نراه مناسبا.
وفي سياق متصل، أكد سلام أمام زواره أمس أن الموضوع النفطي لا يزال قيد المتابعة وهو يتطلب الكثير من العناية بكل جوانبه الحساسة والدقيقة وهناك تقدم فيه.
وسألت «السفير» سلام عما إذا يراهن على إمكان وصول الحوار الى نتائج في أيلول المقبل؟ فأجاب: هل من بديل من الحوار، وهل يصبح الوضع أفضل من دونه؟ سواء توصل الى حلول أم لم يتوصل اليها، البلد قائم على الحوار والتوافق، واذا لم يحصل الحوار والتوافق فما هي الخيارات غير المزيد من الانهيار والتراجع؟
وأكد أن التعيينات الأمنية والعسكرية ستطرح في وقتها لكن ليس في جلسة الخميس المقبل، موضحا أن موضوع التمديد أو عدمه لقائد الجيش يعالجه وزير الدفاع الذي يتواصل مع كل القوى لتحديد ما يمكن الاتفاق عليه ثم يطلعني على النتيجة. وأكد أنه سيتم حكماً تعيين رئيس للأركان لأنه لم يعد ممكناً التمديد له.
وفي هذا الإطار، أبلغ مصدر مطلع «السفير» أن طبخة التمديد للعماد جان قهوجي تكاد تنضج، وهذا الخيار الاضطراري بات محسوماً في ظل تعذر تعيين قائد للجيش.
وأشار المصدر الى أنه سيتم قريبا تعيين رئيس للجامعة اللبنانية خلفاً للدكتور عدنان السيد حسين، لافتا الانتباه الى أن أسهم الدكتور فؤاد أيوب هي الأكثر ارتفاعاً للحلول مكانه.