تطرق نبيه بولس في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" إلى الشيخ السعودي، الذي تحول إلى فقيه للجماعات الجهادية السورية، وناقد شرس لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وكتب بولس عن "الدور التعبوي الذي يمارسه المحيسني، خاصة في المعركة الحالية في حلب". وتطرق إلى إعلان الشيخ "الملحمة الكبرى للجهاد في سوريا، التي ستبدأ بعد ساعات"، مشيرا إلى أن "الشيخ السعودي كان شخصية مغمورة، وأصبح في مركز الجماعات الجهادية المتمردة في سوريا". وفي الوقت الذي إحتشدت فيه مجموعات من الجماعات المسلحة لوقف تقدم جيش النظام وأعوانه حول حلب، قام المحيسني بدور التعبئة. وقال محمسا المقاتلين: "أين الذين يريدون 72 زوجة من الحور الحسان؟".
وانتشرت خطبته على يوتيوب، وشاهد الآلاف صورته، وسمعوا صوته المتهدج وهو يتحدث عن الحور العين. وقال إن "زوجة لك أيها الشهيد في الجنة لو بصقت في البحر بصاقا لأصبح حلوا، ولو قبّلت فمك لملأته عسلا وشهدا، إذا عرقت ملأت الجنة عطرا".
ويشير الكاتب في التقرير إلى المقاتلين الذين اجتمعوا حوله، وقرّبوا هواتفهم الذكية؛ ليسجلوا كل كلمة كان يتفوه بها. "هذا عن القبلة التي ستقدمها الحور العين للشهيد، فكيف بعناقها، وكيف بغنائها؟"، قال الرجل، مضيفا: "أين خطاب الحور الحسان؟".
ويرى الكاتب أن ظهور المحيسني هي الصورة الأعلى، فهو بالتأكيد واحد من الشخصيات الغريبة التي أنتجتها الحرب السورية ضد نظام بشار الأسد. ويقول إن عبدالله المحيسني، 29 عاما، ليس إلا نجما من نجوم الجهاد، وعماد إمبراطورية إعلامية، تهدف إلى الحصول على الدعم المالي والسياسي والشرعي؛ لإقامة الدولة الإسلامية على تراب سوريا. ولدى المحيسني حضور قوي في "تويتر"، فواحد من حساباته له 355.000 تابع. ولديه قناة لها أتباع مكرسون على خدمة "تيلغرام" بـ32.000 متابع. ويظهر في برنامج منتظم على قناة تلفزيونية تبث عبر الإنترنت "سوريا في أسبوع".
ولدى المحسيني أيضا قدرة بارعة على جمع المال. ففي آذار/ العام الماضي، عندما دخل مقاتلو "جيش الفتح "إدلب"، أعلن المحيسني أنه قام بجمع 5 ملايين دولار لشراء الذخيرة اللازمة للمعركة. وبصفته قاضيا عاما لجيش الفتح، فهو عادة ما يقوم بالتوسط بين الجماعات المسلحة المتناحرة، بل حاول مرة التوسط بين جبهة النصرة وعدوها اللدود تنظيم الدولة.
ويرى المحلل في الشؤون السورية، سام هيللر، أن سر نجاح المحيسني نابع من أنه "منغمس في المعركة"، "فهو في داخل سوريا، وليس في تركيا أو أي مكان آخر، وهو في جبهة القتال، وأصيب بجراح أكثر من مرة".
وجاء حضور المحيسني مع أن نشأته وعمله لم يشيرا إلى ارتباط بالجهاد الدولي. فهو ابن قارئ معروف للقرآن ورجل أعمال ثري، ما زال يعمل في مسجد داخل السعودية. وولد المحيسني في مدينة بريدة التي وصفتها مرة ساندرا ماكي مؤلفة كتاب "السعوديون: في داخل مملكة الصحراء" بأنها "مركز الأصولية حتى في الظروف العادية".
وتشير سيرته على موقعه إلى أنه بدأ يعمل لكتابة رسالة الدكتوراه بجامعة أم القرى، حيث كتب رسالة عن "أحكام لاجئي الحرب في الفقه الإسلامي".
وبحسب قوله: "ولأن سوق الجهاد قد بدأ.. فقد قررت الذهاب للجهاد في سوريا، ودعم إخواني في جبهة النصرة وأحرار الشام". وبحلول عام 2013، تحوّل نحو جهود توفير المال للحملات العسكرية وحملات "جاهد بمالك"، ودعم الكتائب الإسلامية. وقدم متبرعون محتملون في قطر والكويت المال الكافي لشراء ما بين 50 – 150 من بنادق القنص أو الكلاشينكوف، وهؤلاء هم المتبرعون على المستوى الفضي. أما الذهبي، فهم من يقدمون المال الكافي لشراء ثماني قنابل هاون. وعلى المستوى الماسي، هم الذين يتبرعون بما يكفي لشراء دفاعات مضادة للطائرات.
وأدت جهوده هذه إلى إثارة انتباه السعوديين، الذين لاحقوه لوقف جمع المال، ومنعوه من السفر. ولكنه تسلل في الفترة ما بين آب وتشرين الأول من السعودية عبر الكويت وتركيا إلى سوريا. وناقش رسالته العلمية لاحقا خارج السعودية ومن جامعة "أي أس أر"، التي تمنح شهادات خلال فترة قصيرة.
وهناك من يتساءل عن رواية المحيسني وعلاقته المتوترة مع السلطات السعودية. وزعمت صحيفة "السفير" اللبنانية في عام 2014 أن حملات جمع التبرعات التي يقودها المحيسني يتم الإعلان عنها في السعودية وقطر ومناطق أخرى. ومهما يكن مصدر الأموال التي زعمت الصحيفة أن المحيسني جمعها من جمعيات يترأسها مسؤولون سعوديون، إلا أنه أصبح نجما.
(عربي21)