من ملعب ماراكانا، القلب النابض في مدينة ريو دي جانيرو «الرائعة»، تضاء الليلة شعلة الألعاب الأولمبية الصيفية للمرّة الأولى في جنوب القارة الأميركية، في وقتٍ تعيش البرازيل مرحلة سياسية-إجتماعية مضطربة، وتتقاذف أمواج فساد في عالم الرياضة.
غالبية السبّاحين الروس سيشاركون في الألعاب الأولمبية وكان العالم مختلفاً في 2009 عندما حصلت ريو دي جانيرو على شرف تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية الحادية والثلاثين، متفوّقةً على شيكاغو الأميركية وطوكيو اليابانية ومدريد الإسبانية (66-32).
وشُنّت حروب، سَقطت أنظمة، وتدهورت أسواق مالية ونفطية، لكنّ الأخطر بالنسبة إلى الرياضة انكشاف الغطاء عن فساد عميق تلطّى وراءه مسؤولون وقادة لتجميع ثروات طائلة خلف ستار نزاهة الرياضة وقيَمها.
وبعد فضيحة الاتّحاد الدولي لكرة القدم وتدحرُج رؤوسِه، تهاوت أركان الاتّحاد الدولي لألعاب القوى ورئيسه السابق السنغالي المشتبه به لامين دياك، فتحوّلت «أم الألعاب» إلى مستنقع ملغوم كاد يطيح حتى برئيسه الجديد «اللورد» البريطاني سيباستيان كو.
ريو جاهزة... لكن!
تقع عاصمة البرازيل السابقة قبل انتقال مركز القرار إلى برازيليا عام 1960، على المحيط الأطلسي، ويَقطنها أكثر من 6 ملايين نسمة وتشتهر بشواطئها، خصوصاً كوباكابانا. وهي جاهزة لإيقاد الشعلة على رغم تلويح عمّال المترو بإضرابات قد تعرقل سير المسابقات. وتواجه البرازيل أسوأ أزمة إقتصادية في 80 عاماً، وارتفاع معدّل الجريمة، كما تغيب علامات الفرح عن وجوه راقصي السامبا.
والتباين لافت في ريو بين شوارع ميسورة ومدن صفيح «فافيلا» تبثّ الرعب في قلوب زائري مدينة تنظّم سنوياً أشهر كرنفال في العالم، ومياهها ملوّثة لدرجة أنّ إقامة سباقات المياه المفتوحة باتت مصدر قلق للسبّاحين.
وتحلم البرازيل بدخول مرحلة جديدة بعد استضافتها أهمّ حدث كروي في العالم عام 2014 حيث ذلَّتها ألمانيا 7-1 في نصف نهائي كأس العالم لكرة القدم، ثمّ أكبر تظاهرة رياضية بعد سنتين، وقد أطلقت على الألعاب شعار «عالم جديد».
زيكا ضيف مزعج
لم يكفِ الألعاب الأولمبية مكرُ مسؤولي الرياضة وجشَعهم، فجاءت بعوضة صغيرة تنقل فيروس «زيكا» لتقضّ مضاجع ضيوف ريو.
فيروس ينتقل عن طريق لدغات البعوض، وقد يكون مسؤولاً عن الحمّى، آلام مفاصل وفي حالات نادرة مشكلات عصبية، وبالنسبة إلى النساء الحوامل تشوّهات خطِرة في رأس الجنين.
ويتكاثر البعوض صيفاً، لكنّ شتاء ريو الحالي لم يقنِع الكثير من النجوم بالعدول عن انسحابهم من حدث مرموق يقام مرّةً كلّ 4 سنوات.
وعزف أوّل أربعة مصنّفين في الغولف عن المشاركة خوفاً من زيكا، فتضرّرت رياضة «الأغنياء» بعد أن وجدت صفتها الأولمبية إثر غياب 112 عاماً. أعذار لم يتقبّلها رياضيّون آخرون، ووضعوها في خانة التهرّب من بطولة غير مجدية مادياً.
بولت وفيلبس والآخرون
رقم قياسي من 11360 رياضياً (6222 لاعباً و5138 لاعبة) يمثلون 207 دول وبعثة سيتنافسون بين 5 و21 آب الحالي على 306 ميداليات ذهبية في 28 رياضة أولمبية. من الضيوف الجدد كوسوفو وجنوب السودان، فيما تشارك الكويت تحت العلم الأولمبي لإيقافها دولياً بحجّة تضارب القوانين الرياضية مع الميثاق الأولمبي.
وللمرّة الأولى، تمّ تشكيل فريق للّاجئين، طِبقاً لمعايير حدّدتها الاتّحادات الدولية ضمن برنامج تشرف عليه البطلة الأولمبية الكينية السابقة تيغلا لوروب، وهو يضم السبّاحين السوريين يسرى مارديني ورامي أنيس.
وكما اختتمت ألعاب لندن 2012، على وقعِ الخطوات العملاقة للعدّاء الجامايكي أوساين بولت، وتحطيم السبّاح الأميركي مايكل فيلبس الأرقام القياسية، يأمل الثنائي الأسطوري أن تكون ريو 2016 نهاية مظفّرة لمسيرتهما. ويسعى «البرق» بولت (29 عاماً) إلى الاحتفاظ بلقب سباقات 100 م و200 م والتتابع 4 مرّات 100 م التي توِّج بها في بكين 2008 ولندن 2012 في سابقة تاريخية.
من جانبه، يخوض فيلبس (31 عاماً)، الرياضي الأكثر تتويجاً في تاريخ الألعاب الأولمبية (22 ميدالية بينها 18 ذهبية)، منافسات 3 سباقات فردية في ريو وهي 100 م و200 م فراشة و200 م متنوّعة.
آمال عربية متفاوتة
وتتفاوت الحظوظ العربية بين مشاركات رمزية للبعض ومتوسطة وفاعلة لآخرين. وتوّج العرب بـ 24 ذهبية منذ انطلاق الألعاب، أوّلها في أمستردام 1928. ولعنة المنشّطات طالتهم أيضاً، فاستبعِد العدّاء السعودي يوسف مسرحي (400 م)، والمصري إيهاب عبد الرحمن وصيف بطل العالم 2015 في رمي الرمح.
ومن أبرز المرشّحين العرب لحصد ميداليات «القرش» التونسي أسامة الملولي حامل ذهبيتي 1500 م في بكين 2008 و10 كلم حرّة في لندن 2012، مع مواطنته حبيبة لغريبي التي حصَدت ذهبية 3 آلاف م موانع في لندن 2012 بعد شطبِ نتيجة خصمتها الروسية المتنشّطة.
سبّاحون روس سيشاركون...
إلى ذلك، عُلم لدى الاتّحاد الدولي للسباحة أنّ غالبية السبّاحين الروسيين، بينهم فلاديمير موروزوف ونيكيتا لوبينتسيف الذين تقدّموا باستئناف لدى محكمة التحكيم الرياضي اعتراضاً على إيقافهم، سيشاركون في الألعاب الأولمبية.
ولم يستأنف سبّاحان قرار استبعادهما أمام محكمة التحكيم الرياضي، هما ميخائيل دوفغاليوك (التتابع 4 مرّات 200 م حرّة) وناتاليا لوفتسوفا (50 م حرّة).
وأوضَح الاتّحاد الدولي لوكالة فرانس برس أنّ منتخبات كرة الماء (رجال وسيّدات) والسباحة الإيقاعية والغطس ستشارك جميعها في الألعاب.
«الضوء الأخضر» لـ 11 ملاكماً
توازياً، أعلنَ الاتّحاد الدولي للملاكمة أنّ 11 ملاكماً روسيّاً حصلوا على الضوء الأخضر من اللجنة الأولمبية الدولية للمشاركة في الدورة.
وبحسبِ الإجراءات التي فرَضتها اللجنة الأولمبية الدولية عقِب صدور تقرير المحقّق الكندي ريتشارد ماكلارين، واتّهَم فيه الحكومة الروسية بالإشراف على نظام ممنهَج لتعاطي المنشّطات بين الرياضيين، فإنّ الاتّحاد الدولي للملاكمة درس حالة الملاكمين الروس وأعطى موافقته على مشاركتهم