كما توقع المراقبون , حوار كاذب , لا رئيس ولا إصلاحات ولا قرارات
السفير :
انتهت ثلاثية الحوار. لا إنجاز فعلياً يوضع في سلّتها. عملية الهروب إلى الأمام لم تنجح. لا مناقشة الملفات العالقة نجحت ولا السلة المتكاملة على شاكلة «اتفاق الدوحة» نجحت ولا الكوّة التي فتحت لبدء تطبيق إصلاحات الطائف الأساسية، بشكل فعلي، بعد 27 عاماً من إقراره، بقيت مفتوحة.
إذا كان قرار تشكيل لجنة مهمتها وضع اقتراح قانون إنشاء مجلس الشيوخ يحتاج إلى شهر من الآن، فكم سنة سيحتاج التوصل إلى اقتراح القانون ومن ثم إقراره في مجلس النواب قبل الحديث عن وضعه موضع التنفيذ؟
ليس واضحاً بعد لماذا فضّل الرئيس نبيه بري أن ينتظر حتى الجلسة المقبلة في 5 أيلول حتى يزوده أعضاء هيئة الحوار الوطني بأسماء مندوبيهم وممثليهم إلى ورشة العمل تلك، لكن ذلك بدا إشارة إلى أن الخطوة الاصلاحية الموعودة باءت بالفشل أو تكاد. إشارات الفشل لا تقف عند حدود المهلة بل تتخطاها إلى تراجعات بالجملة عن المواقف التي حفلت بها الجلسة الثانية من ثلاثية الخلوة الحوارية.
قد يكون بري أراد أن يضع الجميع أمام ضغط عامل الوقت، ريثما يتأكدوا أن لا بديل عن السير بقرارات كبيرة تكسر المراوحة التي بدأت تأخذ بطريقها من رصيد البلد والسياسيين على حد سواء. لكن الواضح أن مجلس الشيوخ لن تقوم له قائمة من دون ارتباطه بانتخابات نيابية تجرى على أساس وطني، أي وفق الدائرة الوطنية والنسبية. هما توأم وأي أمر آخر لن يسير به لا بري ولا أي من حلفائه، لأنه إذا كان الهدف من طرح مجلس الشيوخ هو تطمين كل شرائح المجتمع وتمثيلها بشكل عادل وفق «القانون الارثوذكسي» أو ما يشبهه، فإنه من البديهي أن يكون دور مجلس النواب عندها تمثيل اللبنانيين تمثيلاً وطنياً. أما أن ينتخب النواب على أساس قانون تسووي يخلص إلى مجلس شبيه بالمجلس الحالي، فهذا يعني عملياً أنه سيكون للبنانيين مجلسا شيوخ من دون مجلس نيابي!
راح النقاش في جلسة يوم الأربعاء باتجاه لا يمت بصلة للطبقة السياسية التي اعتادت أن تبيع وتشتري بالمفرق. بدت «لحظة تجلّ» بأن يدخل الجميع في نقاش عميق وعلمي وجدي وهادئ يطوّر مفهوم الدولة ويطمئن مختلف الطوائف في الوقت نفسه. لكن «جلسة التجلي» سرعان ما راح مفعولها في الجلسة الثالثة، أمس، فصار التجلي تخليا، على ما قال النائب علي فياض، الذي خرج من الجلسة بكثير من التشاؤم من كثرة «القنابل المتفجرة التي وضعت في طريق الاصلاح السياسي».
استعان المتحاورون بالطائف لعلّ تطبيقه يشكل مدخلاً لحلحلة الملفات العالقة، لكن التفاؤل الذي ساد الجلسة الثانية انتهى مفعوله مع بداية الجلسة الثالثة، وإن كان الرئيس نبيه بري، قال أمام زواره، أمس، انه خرج من خلوة الحوار أكثر تفاؤلا مما كان عليه عند انطلاقتها، قبل أن يستدرك «إن الأمور تبقى في خواتيمها، وما تقول فول ليصير بالمكيول».
بري الذي توقع انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة، متفقا مع ما كان قد قاله قبله وزير الداخلية نهاد المشنوق، أصر على أن «هناك فرصة لتطبيق الإصلاحات المدرجة في اتفاق الطائف آملا في ألا تكون مهمة اللجنة التي ستشكل تقطيع الوقت، كما يخشى البعض، بل وضع تصور عملي لانشاء مجلس الشيوخ وانتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي، من دون أن يعني ذلك تجاهل أهمية انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن».
لكن ذلك لا ينفي أن الجلسة التي قيل إنها «أمّ الجلسات»، كانت مليئة بالخيبات على حد وصف أحد المشاركين. من كان متحمساً للموضوع عاد وتراجع، فيما بدا الوزير جبران باسيل كمن التقط الإشارات متأخرا. تخلى عن تحفظاته التي طبعت الجلسة الثانية، بعنوان «لا أولوية تتقدم على انتخاب رئيس الجمهورية»، وذهب إلى «الزبدة»: الأولوية لمجلس شيوخ يراعي الهواجس المسيحية، كأن ينتخب أعضاؤه على أساس القانون الارثوذكسي مقابل انتخاب مجلس نواب على أساس الدائرة الوطنية والنسبية.
لكن هذه المرة، وقف النائب سامي الجميل في خانة المتصدي «لأي محاولة لترحيل ملف الرئاسة وصرف النظر عن انتخاب رئيس للجمهورية»، وجاراه في ذلك الوزير بطرس حرب وإن بنفس أقل حزماً. بالرغم من أن الرئيس بري كان واضحاً في تأكيده، أكثر من مرة، على أنه لن يتم إقرار ما اتفق عليه دستورياً إلا بعد انتخاب الرئيس، الذي يحق له الطعن ورد القوانين.
لكن الانعطافة النظيفة جاءت من عند الرئيس فؤاد السنيورة، الذي حافظ على موقفه الإيجابي من المبادرة التي تبناها إلى حد التسويق لها بين المتحاورين في الجلسة السابقة، مذكّراً أنها ليست تعديلاً للنظام بل هي تطبيق له. ثم رفدها بالكثير من التفاصيل التي أصر على طرحها بالرغم من أنه يمكن تركها لورشة العمل. تحدث عن صلاحيات مجلس الشيوخ ودوره، حتى فجّر بهدوء كل الإيجابيات التي تحدث عنها سابقاً، من خلال ثلاث نقاط:
- دعا إلى تمثيل الطوائف في مجلس الشيوخ نسبياً وليس بالتساوي، مخالفاً ما أعلنه في جلسة الأربعاء.
- لم يمانع في اعتماد لبنان دائرة واحدة، لكنه قال إن النسبية بحاجة إلى نقاش.
- ذهب إلى اقتراح أن يكون لمجلس الشيوخ حق الاعتراض على قوانين يصدرها المجلس النيابي.
وإذا كانت النقطتان الأولى والثانية كافيتين لنسف أي إيجابية، فإن الاقتراح الثالث جاء ليخلق نزاعاً عملياً بين الصلاحيتين، برغم تأكيده نظرياً أن مجلس الشيوخ ليس سلطة تشريعية تنازع مجلس النواب على صلاحياته.
النقاش السابق لأوانه خلق انطباعاً لدى معظم الحاضرين أن النقاش انتهى وأن السنيورة أعطى بالشكل ثم جوّف ما أعطاه بالمضمون.
بعد استنفاد كل وسائل العلاج، صار السؤال مشروعاً: ماذا بعد؟ لا اتفاق على رئيس الجمهورية ولا اتفاق على قانون الانتخاب ومجلس النواب لا يعمل ومجلس الوزراء يعمل بالحد الأدنى.
الإجابات لا تطمئن، خصوصا مع تسليم جميع المتحاورين أن المعركة الانتخابية تبدأ فعلياً قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات. ثلاثة أشهر هي الحد الفاصل بين الدولة والمجهول. أي استهتار بالوقت من خلال تأجيل التفاهم على رئيس للجمهورية أو الاتفاق على قانون انتخابي جديد أو البدء بتطبيق اصلاحات الطائف (أبرزها انشاء مجلس الشيوخ)، يعني الوصول إلى موعد الانتخابات النيابية بدون قانون جديد.
هل يمكن إجراء الانتخابات في العام 2017، وفق قانون الستين؟
نظرياً الأمر ممكن، لكن عملياً، قد يؤدي ذلك الى تهديد الاستقرار.
ما البديل؟
ثمة بديلان كل واحد منهما أسوأ من الآخر. التمديد الثالث قد يكون كارثة، ولن يتمكن أحد من تسويقه وحتى إن حصل ذلك، ثمة خطر جدي من أن تؤدي المقاطعة إلى منع مجلس النواب من الاجتماع للتمديد لنفسه. وهذا يقود عملياً إلى السيناريو الأخير، الذي يخشى منه الجميع، أي الفراغ الشامل: لا رئيس للجمهورية، تصبح الحكومة مستقيلة وعاجزة عن تصريف الأعمال، المجلس النيابي تنتهي صلاحيته من دون تمديد ولايته. عندها يصبح الحديث عن تسوية أقل من الطائف وأكثر من الدوحة، أمرا لا مفر منه.
النهار :
لم يكن مصير الجولات الحوارية الثلاث التي اختتمت أمس على مجرد مخرج شكلي لتبرير ترحيل الحوار شهراً كاملاً الى الخامس من أيلول، إلاّ مماثلاً لمصير جلسة مجلس الوزراء التي انتهت بدورها الى ترحيل متكرر لملف الخليوي والاتصالات والانترنت الذي فاضت فضائحه ولم تتمكن الحكومة من بت أي اجراء في شأنه.
هذا الدوران في العقم السياسي الذي طارد بلعنته المتحاورين كما الوزراء اخترقه انجاز أمني وعسكري مباغت عد بمثابة احدى أقوى الضربات التي وجهها الجيش الى تنظيم "داعش" عبر أكبر رأسين محليين له في عرسال من خلال عملية اتخذت دلالاتها الامنية والمعنوية البارزة لكونها جاءت بعد يومين فقط من الذكرى الثانية للهجوم الارهابي على عرسال وخطف مجموعتين من العسكريين في الجيش وقوى الامن الداخلي في البلدة. وتمكنت وحدة خاصة من الجيش نفذت العملية من محاصرة منزل في محلة عين عطا داخل عرسال عقب عملية رصد دقيقة تولتها مخابرات الجيش وأطبقت عليه عصر أمس واشتبكت مع من كانوا في المنزل مما أدى الى اصابة مسؤول "داعش" في داعش سامح البريدي المعروف في بلدته عرسال بلقب "سامح السلطان" والذي يعد أخطر المطلوبين لدى الجيش، كما قتل ابن البلدة الارهابي طارق محمد الفليطي وأوقف عدد من المطلوبين السوريين. ويعتبر البريدي صيداً سميناً للجيش الذي تعقبته مخباراته أكثر من سنتين اذ انه مطلوب في استشهاد الرائد بيار بشعلاني والرقيب أول ابرهيم زهرمان في العام 2013، كما يعتبر مهندس التفجيرات في بيروت والضاحية والمسؤول الاول عن السيارات المفخخة التي كان "داعش" يرسلها الى الداخل اللبناني وهو متورط في قتال الجيش في عرسال وخطف عسكريين وعمليات اغتيال. أما الرأس الآخر الفليطي الذي لقي حتفه فمسؤول أيضاً عن خطف عناصر قوى الامن الداخلي وتسليمهم الى "جبهة النصرة" وعن عمليات اغتيال في عرسال.
وتزامناً مع هذا التطور، قال الرئيس سعد الحريري في سلسلة تغريدات له أمس عبر "تويتر": "أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى مرور ثلاث سنوات على تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس الحبيبة"، مشدداً على أن "الجهة التي خططت لتلك الجريمة معروفة للقاصي والداني ولن تفلت من العقاب مهما طال الزمن"، ومؤكداً أن "سيف العدالة سيلاحق المجرمين وينال منهم عاجلاً ام آجلاً ودماء شهداء طرابلس أمانة لن نسمح بالتفريط بها مهما غلت التضحيات".
الحوار إلى أيلول
في غضون ذلك، انتهت الايام الثلاثة من الحوار الى "ربط نزاع" مع الجولة المقبلة التي حددت في الخامس من أيلول بعدما بدا واضحاً ان فسحة الارتياح التي أثارتها فكرة احياء مجلس الشيوخ لم تعمر سوى 24 ساعة سرعان ما حضرت بعدها شياطين الخلافات العميقة والتناقضات حول تفاصيل " البنود الاصلاحية " في الطائف وكذلك حول قانون الانتخاب والنسبية لتطيح كل الاوهام التي علقت على مجريات اليوم الثاني من الحوار. وحتى اللجان التي كان يزمع تشكيلها كاعلان سعيد لانتهاء ثلاثية الحوار لم تبصر النور، فاقتصرت النتائج على تأكيد المتحاورين استكمال المشاورات حتى الموعد الجديد بغية التحضير لتأليف ورش عمل أو لجان تعمل على خط قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ وان يحال قانون اللامركزية على اللجان المشتركة. وتقرر اقامة ورشة عمل تمهيداً لاقتراح قانون يتعلق بانشاء مجلس الشيوخ على ان يزود اعضاء هيئة الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري أسماء مندوبيهم وممثليهم في ورشة العمل قبل الخامس من أيلول.
بيد ان الرئيس بري خالف الاجواء والخلاصات التي انتهت اليها الجولات الحوارية وقال في ختام اليوم الثالث منها إنه خرج "أكثر تفاؤلاً مما توقعت في اليوم الاول وتبقى الامور ونتائجها في خواتيمها". واذ تمّ الاتفاق على ان يسلم كل فريق اسم مندوبه قبل الخامس من أيلول، أوضح رئيس المجلس انه سيجري درس صيغ لمجلس الشيوخ وقانون الانتخاب خارج القيد الطائفي.
مجلس الوزراء
ولم تكن جلسة الوزراء أفضل حالاً من الجولات الحوارية اذ اتسمت اجواء الجلسة التي خصصت تكراراً لملف الخليوي بصخب واسع وخرجت من دون نتائج. وامتدت الجلسة أكثر من أربع ساعات بدءاً من عصر أمس وشهدت كما كان متوقعاً مناقشات حادة في ملف الاتصالات. وقد عرضت مصادر وزارية لـ"النهار" خلاصة ما دار على هذا الصعيد، فقالت ان الجلسة بدأت بعرض قدّمه وزير الاتصالات بطرس حرب عن شركات الخليوي والانترنت ووضع المدير العام للوزارة، المدير العام لهيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف. وما أن إنتهى من عرضه حتى رد عليه وزير الخارجية جبران باسيل بإسهاب. ثم كانت مداخلة لوزير الزراعة أكرم شهيّب الذي طرح إقالة يوسف، الأمر الذي أثار نقاشاً شارك فيه عدد من الوزراء وتبيّن من خلاله أن منطلقات بعضهم هي الايحاء بأن يوسف فقد غطاء الجهة السياسية التي تدعمه ويحاول إيجاد غطاء لدى "حزب الله"، فيما كان منطلق وزراء آخرين انه لا يجوز إتخاذ موقف في حق يوسف وهو لا يزال يواجه دعاوى امام القضاءين الجزائي والادراي مما يؤثّر عليها كما يؤثر على مناقشات لجنة الاتصالات النيابية في ملف الانترنت غير الشرعي. ثم أن مجلس الوزراء لا يمكنه بت أمر مدير عام من دون طلب من الوزير المعني وهو في هذه الحال وزير الاتصالات. وتدخّل رئيس الوزراء تمام سلام فأنقذ الموقف بإقتراح إعطاء مهلة شهر للوزير حرب كي يعود الى المشروع الرقم 431 الذي ينص على إنشاء مؤسسة "ليبانتيليكوم" وفيها حلّ لموضوعيّ الخليوي والانترنت وكذلك لموضوع يوسف. وأشار حرب الى انه اذا صدر قرار ظني في حق يوسف فهو سيأتي الى مجلس الوزراء بإقتراح إقالته من أحد المنصبيّن اللذين يتولاهما حالياً.
المستقبل :
رغم أنّ الإناء السياسي لا ينفك ينضح بما فيه من خواء وتعطيل وتنكيل بهيكلية الدولة ومؤسساتها المتأكلة على مائدة الشغور الرئاسي، غير أنّ الهيكل الوطني الآيل للسقوط فوق رؤوس الجميع لا يزال صامداً متعاضداً بفضل دعاماته الأمنية والعسكرية الراسخة في حفظ أرض الوطن وتمتين أواصر استقراره في مواجهة المدّ الإرهابي العابر للحدود. وبالأمس، أضاف الجيش عملية جديدة إلى سجل إنجازاته النوعية من خلال الهجوم المباغت الذي شنه في «وادي عطا» وأسفر عن تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» وتوقيف قياديين فيها مسؤولين عن سلسلة عمليات إجرامية بحق المدنيين والعسكريين في عرسال والداخل اللبناني، على أنّ هذه العملية التي تندرج في إطار الأمن الاستباقي نجحت كذلك في إحباط «عملية إرهابية كبيرة كان يستعد أفراد الخلية لتنفيذها في الداخل» كما كشف مرجع أمني لـ»المستقبل» بالإضافة إلى سلسلة هجمات أخرى كانوا بصدد شنّها على مراكز عسكرية.
وفي تفاصيل العملية النوعية مسبقة الإعداد والتخطيط التي نفذتها قوة عسكرية خاصة عصر أمس، أنها استهدفت بعد رصد وتعقب وانتشار ميداني متلائم مع طبيعة المهمة منزلاً في محلة وادي عطا في عرسال واشتبكت على مدى نحو نصف ساعة مع مسلحين إرهابيين كانوا يتحصنون في داخله وتمكنت في نهاية المطاف من توقيف 4 إرهابيين بينهم إثنان من أخطر القياديين في «داعش» هما طارق الفليطي وسامح البريدي الذي أصيب خلال الاشتباك إصابة حرجة نقل على إثرها إلى مستشفى دار الحكمة في بعلبك حيث ما لبث أن توفي متأثراً بجراحه.
وإذ يُعتبر البريدي «مهندس» تفجيري بئر العبد والرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2013، لفت المرجع الأمني إلى أن الخلية الإرهابية التي جرى استهدافها أمس والتي تضم البريدي والفليطي وسوريين آخرين مسؤولة عن عمليات تفخيخ السيارات لتفجيرها في الهرمل وقصف اللبوة بالصواريخ وخطف عناصر قوى الأمن الداخلي خلال أحداث بلدة عرسال عام 2014 فضلاً عن قتل مدنيين من البلدة وتنفيذ إعدامات بحق عدد من أهلها آخرهم قتيبة الحجيري الذي جرى قتله العام الجاري بتهمة التعامل مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، مع الإشارة إلى أنّ الموقوف الفليطي كان هو من أعطى الأمر بقتل الرقيب الشهيد علي البزال كما أنه والبريدي كانا من ضمن المجموعة التي كمنت لقوة من الجيش في شباط 2013 ما أدى حينها إلى استشهاد الرائد بيار بشعلاني والرقيب ابراهيم زهرمان.
المرجع الأمني الذي نوّه بكفاءة القوة العسكرية الخاصة ونجاحها التام في تنفيذ العملية من دون إصابة أي من عناصرها، أشار في السياق عينه إلى أنّ عناصر «داعش» سرعان ما انهاروا وبدأوا بالفرار كـ«الصيصان» بعد الإطباق عليهم بشكل محكم، لافتاً في معرض تأكيد أهمية العملية إلى أنّ عدداً من المسؤولين في الأجهزة الأمنية الغربية سارعوا إلى الاتصال بقيادة الجيش اللبناني أمس للتهنئة على هذا الإنجاز النوعي في مكافحة الإرهاب.
الحوار والحكومة: مكانك راوح
سياسياً، جمعت مصيبة المراوحة طاولتي الحوار الوطني ومجلس الوزراء أمس بعد يوم ماراتوني طويل بدأ في عين التينة وانتهى في رياض الصلح من دون أن يسفر عن تحقيق أي خرق في جدار أي من الملفات الخلافية بين الأفرقاء، رئاسياً ونيابياً وحكومياً.
فعلى مستوى الحوار، أنهت «الثلاثية» خلواتها بجولة أخيرة شهدت تبايناً محتدماً في وجهات النظر الدستورية بين اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري تلازم مساري النقاش حول قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، وبين إصرار رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على الفصل بين المسارين، بحسب ما نقلت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل»، مشيرة في خلاصة تقويمها للجلسة الى أنها تميزت بإعادة تأكيد بري تفاؤله بانتخاب رئيس للجمهورية «قبل رأس السنة» المقبل، وبأنها نجحت في وضع مشروع اللامركزية الإدارية على السكة القانونية الدستورية مع تبني المتحاورين تحويل المشروع الذي سيقدمه الجميل إلى لجنة نيابية فرعية من الإدارة والعدل والبلديات لمناقشته ووضع التعديلات اللازمة عليه قبل عرضه أمام الهيئة العامة للإقرار، فضلاً عن قرار تشكيل لجنة متخصصة تُعنى بدرس مسألتي قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ على أن تضم في عضويتها ممثلين عن الكتل النيابية (نواب أو خبراء) لوضع الخطوط العريضة في هذا المجال تمهيداً للاجتماع في 5 أيلول موعد انعقاد جلسة الحوار المقبلة. وفي هذا السياق قدّم رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة مداخلة استعرض فيها مواصفات مجلس الشيوخ وصلاحياته مذكّراً بأنّ الرئيس سعد الحريري كان سبّاقاً في تضمين إحدى مبادراته الوطنية بند إنشاء هذا المجلس في إطار استكمال تطبيق اتفاق الطائف.
أما على طاولة الحكومة، فاشتدت أزمة ملف الاتصالات أمس تحت وطأة الحملة الشعواء التي شنها وزراء «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» ضد مدير عام هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، ليخلص النقاش الحاد الذي دار في هذا الإطار واستغرق كامل مدة انعقاد جلسة مجلس الوزراء إلى طلب رئيس المجلس تمام سلام من وزير الاتصالات بطرس حرب تطبيق القانون رقم 431، بعد أن شدد الوزير رشيد درباس على ضرورة عدم التعدي على صلاحيات الوزير المختص والركون إلى ما يقترحه لحل أزمة ملف الاتصالات. وفي نهاية الجلسة أكد حرب أنه بنتيجة التحقيقات القضائية الجارية سيقترح على الحكومة ما يجب عمله من إجراءات في هذا الملف.
الديار :
نحن الموقعين ادناه فرسان الطاولة المستديرة، نعلن عجزنا عن انتخاب رئيس للجمهورية وعن صياغة قانون الانتخاب، كما نعلن ان مجلس الشيوخ هو «كوميديا دستورية اخترعناها لنضحك على انفسنا وعليكم».
يكفي ان نعلم ان العماد ميشال عون والنائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية تغيبوا عن اليوم الثالث لنتبين ان ثلاثية الحوار ثلاثية الاصفار.
ما حدث تسويق للاوهام. النائب علي فياض اكتشف (اكتشف؟) ان ثمة من زرع قنابل متفجرة لتعطيل اي اتجاه الى اصلاحات سياسية، وهو الآتي من المكان الذي تعرف فيه تفاصيل التفاصيل وتحلل فيه تفاصيل التفاصيل...
الرئيس نبيه بري قال من اليوم الثاني «صورتنا بتقطع الرزق». هذه هي الخلاصة. كيف يمكن للطبقة السياسية ان تبادر الى الانتحار الجماعي من خلال اصلاحات يفترض ان تبدأ بقانون الانتخاب لانه هو من يعيد انتاج السلطة؟
فياض قال «ان البعض كان يأخذنا الى اقصى التفاول كما حدث البارحة ويأخذنا الى اقصى التشاؤم كما حدث اليوم»، في حين قالها الرئيس فؤاد السنيورة، بصراحة، لدى دخوله الى ردهة الحوار «ان قانون الانتخاب لم يصل بعد الى بر امانه، وهو يدور في حلقة الخطر وقد يبقى قانون عام 1960 ابغض الحلال».
النائب غازي العريضي قال ان الحوار ليس مضيعة للوقت، سائلاً عن البديل، هذا هو رأي جنبلاط الذي اذ يلاحظ ان القصر فارغ، يبدي تخوفه من ان يكون المسرح فارغاً ايضاً، لا بد من شد اهتمام الناس الى خارج ثقافة الشارع.
وتبعاً لما تشير اليه مصادره فهو اذ يعتبر ان الحوار بين تيار المستقبل و«حزب الله» اختراع فذ ويبقي الصراع السني ـ الشيعي في اطار التراشق التلفزيوني، فان طاولة الحوار تعطي الداخل كما تعطي الخارج ان اللبنانيين يمكن ان يلتفوا تحت سقف واحد، وان النزاعات السياسية ستبقى في اطارها التقليدي.
العجز عن انتخاب رئيس الجمهورية والتعجيز في قانون الانتخاب. هكذا، تدريجياً، تستهلك المرحلة الراهنة بانتظار ان تشكل حالة اقليمية يمكن ان تساعد على احداث ثغرة في الجدار، او ان يتسلم الرئيس الاميركي العتيد مقاليد السلطة، مروراً بنيويورك والبحث في مسائل النازحين.
تصريحات اليوم الاخير اظهرت ان طاولة الحوار لم تكن سوى مسرحية فاشلة بكل المقاييس، اذ حين تعجز الطبقة السياسية عن الاتيان برئيس للجمهورية، وبالصلاحيات المحدودة التي نصت عليها المادة 49 من الدستور، كيف يمكن الاتيان بقانون انتخاب لا يقل من حيث الحساسية التقنية والحساسية السياسية عن الدستور.
وزير مشارك في الحوار قال لـ«الديار» «اننا ندرك ان الوضع اللبناني هو وضع موقت، حتى ان وزير الخارجية الفرنسي جان ـ مارك ايرولت لم يجد، وبعد كل المساعي التي قام بها، افضل من الحفاظ على الستاتيكو ريثما تظهر حلحلة ما في المشهد الاقليمي او الدولي...
اما لماذا الحوار، ففي رأي الوزير ان هذا قد يساعد على الحد من التدهور السياسي والاقتصادي لما له من تداعيات سيكولوجية على المستوى العام.
الجلسة المقبلة في 5 سبتمبر. بين العجز والتعجيز هل تحدث المعجزة؟ الرئيس بري يراهن على ما تحمله الايام، لكنه يؤكد ان الرئيس قبل نهاية العام. هذا ليس دعاء بل واقع...
تكريس اللوياجيرغا
«الديار» سألت وزيراً سابقاً وخبيراً قانونياً ودستورياً بارزاً في ما انتهت اليه ثلاثية الحوار. اختزل الأيام الثلاثة بالقول «ان الطبقة السياسية اكثر براعة من ان تنتحر».
لوحظ ان هذا النوع من الانظمة، وثمة انظمة عربية عديدة مماثلة، اما ان يذهب ومعه كل رجاله او ان يبقى ومعه كل رجاله. اصلاح النظام السياسي «نكتة». هكذا يقول لأن اكثر من 80 في المئة من الناخبين معلبون طائفياً او مذهبياً. وبالتالي، اي قانون انتخاب، ولو اعتمد الدائرة الواحدة والنسبية المطلقة، لا بد ان يكرس التركيبة اياها، اللوياجيرغا اياها.
وفي نظر الوزير السابق، فان مجلس الشيوخ هو في الواقع «مجلس فيديرالي»، والمشرعون في مؤتمر الطائف كانوا يدركون جيداً ما هي ابعاد النص حين اشترط لانشاء ذلك المجلس انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ليشير الى ان الوضع على الارض هو الذي يفرض نفسه على النصوص الآن بعدما تغيرت الظروف كثيراً منذ عام 1989 وحتى الآن...
يرى ان المشكلة (المصيرية) الآن هي في الصراع السني ـ الشيعي الآن والذي قد يأخذ منحى خطيراً للغاية اذ بقيت الازمة السورية مفتوحة على النزاعات الجيوسياسية في المنطقة، واذا ما تحول النازحون السوريون، بحكم الامر الواقع، الى قوة على الارض.
ويسأل عن رئاسة مجلس الشيوخ، للارثوذكسي، وهم الطائفة الثالثة من حيث العدد التي تعتبر نفسها الاكثر قدماً على الارض اللبنانية، ام للدروز الذين يعتبر البعض منهم انه لو قامت الدولة اللبنانية على اسس صحيحة لكان هناك تناوب بين الموارنة والدروز على رئاسة الجمهورية؟
كما يسأل عن وضع بري في هذه الحال، اي لدى استحداث غرفة (تشريعية) ثانية تناط بها المسائل المصيرية في مرحلة تضج بالمسائل المصيرية.
المفتاح الفلسفي للدستور
ويلفت الوزير السابق الى ان بري يعتقد ان «المفتاح الفلسفي» لدستور الجمهورية الثانية موجود في المادة 95 التي تقضي بتشكيل هيئة وطنية لالغاء الطائفية السياسية.
وهو يعتبر ان «الرياح الاقليمية سارت في اتجاه مضاد لاتفاق الطائف، بدلاً من الانتقال من الطائفية الى اللاطائفية، الانتقال من الطائفية الى المذهبية، هنا علة العلل التي تتجاوز كل النصوص والتي تجعل الساحة اللبنانية ضحية (وليس فقط رهينة).
وبمعنى آخر فان البنية الفلسفية لوثيقة الوفاق الوطني انهارت، ولم يعد اتفاق الطائف سوى ظاهرة مرحلية بانتظار التطورات التي تعصف بالمنطقة، ودون ان يعلم احد الى اين تمضي بها...
مشاركون في الحوار ويقولون «اننا امام مرحلة طويلة وشاقة»، والى حد القول «ان الجميع كانوا يخدعون الجميع او يضحكون على الجميع»، اذ ليس هذا هو الوقت المناسب، في سياق الصراع الاقليمي، ان لانتخاب رئيس للجمهورية او لاقرار قانون للانتخاب.
لا بد ان هؤلاء المشاركين يعتبرون ان كل ما اتخذ هو لذر الرماد في العيون، فالقوى السياسية اظهرت عجزها عن التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، وكل ما فعلته هو انها دفعت بالانظار الى مسائل اخرى لا بد ان تستهلك الكثير من الوقت لعل بارقة تظهر في سماء المنطقة الملبدة بكل اشكال الغيوم..
مصادر جنبلاط: لا تسوية
اما مصادر النائب وليد جنبلاط فلا تجد تسوية للأزمة اللبنانية قبل تسوية الأزمة السورية، وربما ازمات اخرى. وعلى هذا الاساس، فان ما يجري لا يعدو محاولة للبحث عن ابرة وسط كومة من القش.
اوساط ديبلوماسية عربية وتقول ألا رئيس للجمهورية، ولا انتخابات نيابية، قبل ان تحل مشكلة «حزب الله»، لتشير الى ان قرار دول فاعلة في المنطقة ان التسوية في سوريا باتت مرتبطة عضوياً بتسوية وضع الحزب، ودون ان يكون وارداً التعاطي مع الوضع اللبناني خارج هذا السياق.
واذ فهم من جلسة اليوم الثاني ان التفاهم يقوم على انشاء مجلس للشيوخ لقاء قانون للانتخاب على اساس النسبية، جرت «جوجلة» المسألة مساء الاربعاء في بيت الوسط، وكان هناك رفض كامل للنسبية...
وكان لافتاً ان مصادر عين التينة نقلت عن بري انه خرج من ثلاثية الحوار اكثر تفاؤلاً، لتضيف ان رئيس المجلس النيابي، وعراب الحوار، لاحظ ان القوى المشاركة، وبالرغم من التباين في المواقف او في وجهات النظر، اظهرت جدية واضحة في مقاربة الجوانب المختلفة للازمة، واتجاهاً الى التوافق ان لم يكن اليوم فغداً.
الجمهورية :
إنتظر اللبنانيون أن تتمخّض «ثلاثية الحوار» عن إنجازٍ ما في السياسة، فجاءَهم من الميدان إنجازٌ حقّقه الجيش اللبناني في أجواء عيده الحادي والسبعين. تمثّلَ في عملية أمنية نوعية أطبَقت خلالها وحدةٌ من الجيش على موقع لتنظيم «داعش» الإرهابي، في عمقِ أماكن تمركزِه، وألقت القبضَ على عدد من الرؤوس الكبيرة التي روّعت لبنان قتلاً وترهيباً. واللافت، بالتزامن مع هذا الإنجاز ضدّ داعش، التهديدُ الجديد الذي أطلقَه التنظيم الإرهابي، وتوعُّده أوروبا بهجمات دامية ودعوتُه إلى حرقِ فرنسا، بحسبِ شريط الفيديو الذي نشرَته صحيفة «ميرور» البريطانية أمس الخميس، ويَظهر فيه عناصر التنظيم وهم بصَدد خوضِ معارك دامية مع الجيش العراقي في ريف مدينة كركوك. وقد ارتسَمت ملامح الفرح والنصر على وجوه إرهابيّي «داعش» لدى قصفِهم المكثّف لمناطق تمركزِ الجيش، فيما عبّروا عن استعدادهم لتدمير أوروبا وحرقِ فرنسا بشكل خاص.
إنتهت ثلاثية الحوار بلا توافق رئاسي أو حكومي، أو على مستوى القانون الانتخابي، بل جلُّ ما حقّقته أنّها حاولت دخولَ مجلس الشيوخ، لعلّ التوافق عليه يشكّل جسر عبور إلى توافقات أخرى، ومنحت لنفسها فرصة حتى الخامس من أيلول المقبل لتشكيل لجنة لبحث آليات «بناء» مجلس الشيوخ.
رئيس مجلس النواب نبيه بري أعربَ أمام زوّاره عن بالغ ارتياحه للمسار الذي سَلكته الثلاثية والجوّ الإيجابي والجدّي الذي ساد المناقشات.
وقال إنه نتيجة هذه الأجواء خرجَ من الجلسات الحوارية أكثرَ تفاؤلاً ممّا كان عليه قبل الدخول الى الثلاثية، إلّا أنّ الامور تبقى في خواتيمها و»ما تقول فول ليصير بالمكيول».
وأكّد بري على الوعد الذي قطعه بأنه سيسعى ليلَ نهار للوصول الى توافقات، خصوصاً حول القانون الانتخابي وكذلك حول رئاسة الجمهورية.
وأشار بري الى انّ المتحاورين توافقوا على ان يُحال قانون اللامركزية الادارية الى اللجان المشتركة (لجنة الادارة والعدل ولجنة الداخلية)، وقال إنّ في إمكان اللجنتين الشروع في دراسة هذا الأمر اعتباراً من اليوم.
وبعدما أبدى ارتياحه للنقاشات التي احاطت طرحَ تشكيل مجلس الشيوخ، اشار بري الى انّ الكرة الآن في ملعب القوى السياسية التي عليها ان تسمّي مندوبيها او ممثّليها في ورشة العمل التي تَقرَّر إنشاؤها تحضيراً لاقتراح قانون بهذا الخصوص يرسَل الى اللجان النيابية المختصة، على ان يزوّدني اعضاء هيئة الحوار بأسماء مندوبيهم وممثليهم لورشة العمل قبلَ الخامس من ايلول.
ولفتَ بري الانتباه الى أنّ هناك فرصة لتحقيق إصلاحات، سواء عبر إنشاء مجلس شيوخ والبحث في المجلس النيابي الوطني خارج القيد الطائفي، والمهمّ عدم تجاهل أهمّية انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن. (راجع ص. 6 - 7)
الجيش يضرب «داعش»
في تطوّر أمنيّ لافت للانتباه في مكانه وزمانه ونوعيتة ودلالاته، نفّذت وحدة من الجيش اللبناني عملية امنية نوعية في خراج بلدة عرسال، واقتحمت مركزاً لتنظيم «داعش» الارهابي، وألقت القبض على من فيه.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، أنّه وبعد عمليات رصدٍ ومتابعة، نفّذت وحدة خاصة من الجيش هجوماً مباغتاً في محلّةِ وادي عطا في جرود عرسال على مركز كان تتمركز فيه مجموعة من تنظيم داعش، حيث دارت اشتباكات بين الجيش وعناصر المجموعة، تمكّنَ خلالها الجيش من الإطباق على المجموعة المؤلفة من أربعة عناصر، توفّي أحدهم متأثّراً بجراحه. فيما اقتيدَ الثلاثة الآخرون الى مديرية المخابرات في بيروت وبوشِر التحقيق معهم.
وقال مصدر عسكري لـ«الجمهورية» إنّ العملية كانت نظيفة بالكامل، بحيث تمّت من دون أيّة إصابات في صفوف وحدة الجيش اللبناني، كما انّها
كانت عملية شديدة الاحتراف، وفي هذا الإطار تلقّى الجيش في ساعات ما بعد العملية سلسلة اتّصالات من أجهزة عسكرية ومخابراتية غربية، تشيد بالعملية وبحِرفيتها.
وأشار الى انّ من النتائج الفورية للعملية، انّها أربَكت المجموعات الارهابية، وقد رُصِدت استغاثاتٌ من قبَلهم. كما أنّ الجيش ظفر فيها على صيد ثمين، تجلّى أوّلاً في توقيف زعيم المجموعة المدعو طارق الفليطي، المعروف تاريخه الإجرامي والارهابي، فهو مسؤول في هذا التنظيم، وهو شقيق رنا الفليطي زوجة الدركي الشهيد علي رامز البزال. حيث كان المدعو طارق الفليطي قد أعطى الامر بإعدام صهره الشهيد البزال.
كما أنّه قتَل بيدِه قتيبة الحجيري منذ فترة قصيرة بتهمة أنّه يتعاون مع مخابرات الجيش. فضلاً عن أنّه من المخططين لأعمال إرهابية في الداخل اللبناني ومسؤول عن تفخيخ سيارات وإرسالها الى لبنان. وهو من المشاركين والمحرّضين على اعتداءات على الجيش والمواطنين في بلدة عرسال، وكان آخرها الاعتداء على المختار محمد علولي.
وتجلّى الإنجاز الثاني في قتلِ الإرهابي سامي البريدي المعروف بـ«سامح السلطان»، وبحسب المصدر فإنّ البريدي أصيبَ إصابة خطرة وسرعان ما توفّي متأثّراً بجروحه.
ولفتَ المصدر الانتباه الى انّ البريدي يعَدّ أحدَ أخطر مسؤولي داعش، فهو من المسؤولين المهمّين في داعش، وشاركَ في أحداث عرسال والاعتداء على مراكز الجيش اللبناني في آب 2014، وهو المسؤول عن اقتحام فصيلة قوى الامن في عرسال واعتقال عناصرها وتسليمهم الى داعش.
إضافةً إلى أنّه هو المسؤول عن تفجير بئر العبد والرويس، وإطلاق صواريخ على منطقة الهرمل، وهو كان حاضراً مع طارق الفليطي عندما أقدما على قتلِ قتيبة الحجيري. وكذلك في تفخيخ السيارات وإطلاق النار باتّجاه الجيش ومقتل الشهيد الرائد بيار بشعلاني والمعاون الشهيد ابراهيم زهرمان، وعمليات خطف وتصفية لأبناء عرسال.
وأشار المصدر الى أنّ مِن بين الموقوفين سوريَين اثنين، عُرف منهما محمد المحمد، وهو مطلوب لمشاركته في أعمال إرهابية وقتال الجيش. وقال المصدر إنّ كلّ أفراد المجموعة على درجة عالية من الخطورة، وكانوا يقومون بالتخطيط لعمليات إرهابية كبيرة في العديد من المناطق اللبنانية.
وقال المصدر إنّ رمزية العملية أنّها تأتي أوّلاً في شهر آب وفي أجواء عيد الجيش، والجيش لا ينسى ما تعرّضَت له وحداته في آب 2014، وثانياً أنّها تؤكد انّ الجيش قد استعاد المبادرة، وهو يقدّم على مدار الساعة الدليل تلوَ الدليل على أنّه هو المتحكّم بالميدان العسكري والرادع للمجموعات الإرهابية والمانع لها من ان تتسلّل الى لبنان وتبني إماراتها فيه.
أضاف المصدر أنّ هدف الجيش كان وما يزال وسيبقى أنه لا بدّ من الانتصار على الارهاب، كما أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي، ولا يظنّن أحد انّ الجيش سينسى شهداءَه أو جنوده المخطوفين، فهؤلاء أمانة لدى المؤسسة العسكرية، ولا يظنّ كلّ من ساهم في الاعتداء على البلد وسيادته وساهمَ في قتلِ المواطنين اللبنانيين وجنود الجيش، أنّه سيفلِت من العقاب والحساب.
مجلس الوزراء متمّم للحوار
تحت سقف طاولة الحوار التي عكسَت اتفاقاً ضمنياً بضرورة التهدئة خلال المرحلة المقبلة، وبروحيّة عدم الذهاب بنقاش أيّ ملف الى حدّ الصدام، انعقَد مجلس الوزراء عصر امس، بعد ساعة على انتهاء «ثلاثية الحوار»، في أجواء محتدمة لكن غير متفجّرة. إذ بدت الجلسة نسخةً متمّمة لطاولة الحوار، كلّ فريق لا يزال خلف متراسه: لا أحد تنازلَ، ولا طرف كسَر الآخر.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام افتتح الجلسة بتذكيره المعتاد انّ انتخاب رئيس الجمهورية هو باب حلّ كلّ الأزمات، وطلبَ بَعدها وزير التربية الياس بوصعب الكلام، فأثار مأساةَ حادثة غرقِ الطفل كيفين مدلج خلال وجوده ضمن مخيّم صيفي، وقال: «منذ الحادثة عجزتُ عن تحديد المسؤولية، فمَن هي السلطة المسؤولة؟ ومَن يعطي التراخيص؟ الموضوع بدا متشعّباً جداً، فتبيّن انّ هناك أربعاً إلى خمس وزارات عليها مسؤولية في موضوع المخيّمات الصيفية، ولكن لا مرجعيّة محدّدة».
فطلبَ سلام القيام بخطوات لتنظيم هذا الملف في أسرع وقت ممكن.
ثمّ أخذ وزير الاتصالات بطرس حرب الكلام، عارضاً للأجوبة التي أعدّها حول الأسئلة الموجهة له في الجلسة الماضية في ملف الاتصالات. واعتمد، في معرض أجوبته، على مستندات ثبوتية وتقارير مفصّلة.
ولدى انتهائه، تناوبَ الوزراء على الإدلاء بمداخلاتهم، وكان أبرزها كالعادة مداخلة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي اتّهم مجدداً حرب بمخالفة القانون والدستور وحملَ مع وزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل ابو فاعور وأكرم شهيّب على مدير عام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف مطالبين بمحاكمته وإقالته.
وأثار بعضُ الوزراء ملفّ الهدر في المال العام، فقال وزير السياحة ميشال فرعون: «أيّ حكومة نحن؟ سَكتنا عن ملف النفايات لأنّها كانت على الارض، والآن نسمع عن هدر الاتصالات، فكلّ ملفات الهدر تُثار ولا تحرّك الحكومة ساكناً».
فاقترَح وزير الثقافة روني عرَيجي تجزئة ملف الاتصالات، وقال: «لنحِل العقد الموقّع بين «أوجيرو» والمديرية العامة للإنشاء والتجهيز إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لكي تبدي رأيَها. أمّا قضية عبد المنعم يوسف، فيمكن إرسال إيعاز الى القضاء للتسريع في محاكمته مع احترام فصل السلطات. وإذا كان هناك من ملف إداري، فليبتّ به التفتيش المركزي».
ثمّ ذكّر باسيل بأنّ العقد الموقّع بين «أوجيرو» وهيئة الإنشاء والتجهيز أصبح بقيمة 170 مليار ليرة بعدما كان 90 مليار ليرة، سائلاً كيف تُضاف مهامّ إلى هذه المديرية بطريقة غير قانونية تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، وأصلاً كيف يبرَم العقد ويجدّد خارج صلاحيات مجلس الوزراء ومِن دون مرسوم؟
فأجابه حرب: «هذا العقد يجدّد منذ كنتم أنتم في الوزارة، فلماذا تعترضون عليه الآن»؟
وبقي السجال في هذا المنحى الى أن حاولَ سلام إنهاءَه بتخريجةٍ كلّفَ فيها وزير الاتصالات العمل على تطبيق القانون 431 لجهة إنشاء مؤسسة «ليبان كول» وإنشاء الهيئة الناظمة للاتصالات. لكنّ باسيل وبوصعب وأبو فاعور وشهيّب رفضوا هذا الاقتراح، في اعتبار أنّ هذا ليس المشكل الوحيد في ملفّ الاتصالات. فردّ رئيس الحكومة: «طالما هناك قضاء فلندَعه يأخذ مجراه، ونحن نتحمّل مسؤوليتنا في اتّجاه تطبيق القانون».
فأجاب بو فاعور سلام: «إذا كنتَ تريد إصدار هكذا قرار فهذا حقّك، ونحن لن نقف في وجهك لكنّنا لن نسكت في الخارج».
بدروه، قال باسيل لسلام: «إذا كنتَ تريد إنهاء الموضوع، فبالنسبة إلينا لم ينتهِ ولن نقبل أن ينتهي هكذا».
وهنا، ارتأى سلام تركَ هذا الأمر لمزيدٍ من النقاش، ورفعَ الجلسة إلى الخميس المقبل، وقال إنّها لدرس جدول الأعمال من دون الإعلان عن إدراج بند الاتّصالات ضمن جدولها أو القول إنّها لمتابعة هذا الملف.
اللواء :
كأن امراً ما، يشبه «تعويذة فشل» هبطت على رؤوس الجميع، فحالت دون تحقيق أي إنجاز محلي، لا في «ثلاثية الحوار» التي انتهت أمس، من دون ان تحقق أي اختراق، لا في انتخاب الرئيس، ولا في قانون الانتخاب، ولا حتى في الإصلاحات الدستورية، التي كانت بمثابة «أرنب الحوار»، فيما الحديث عن «السلة الكاملة» و«الدوحة اللبنانية» تبخر مع طي أقطاب الحوار اوراقهم بانتظار الجولة الجديدة بعد شهر بالتمام والكمال، بعدما ادركوا ان كل بلد يحترق في المنطقة يحتاج إلى دوحة، على حدّ تعبير راعي الحوار الرئيس نبيه برّي.
أما مجلس الوزراء فهو لم يستطع بدوره ان يخطو خطوة واحدة نحو الامام في ملف الاتصالات، فأرجأ البحث فيه للمرة الثالثة أو ربما الرابعة، ريثما تنضج نتائج التحقيقات المرتبطة بفضيحة الانترنت غير الشرعي، حيث شكل المدير العام لهيئة «اوجيرو» المهندس عبد المنعم يوسف نجم الجلسة، إلى حدّ توقع وزير الزراعة اكرم شهيب ان يدخل «موسوعة غينيس»، فيما أحدث التقرير الذي قدمه وزير الاتصالات بطرس حرب، في سياق رده على ملاحظات الوزراء «صدمة» لدى عدد من الوزراء بسبب كونه جاء حاداً على حدّ تعبير وزير الزراعة ميشال فرعون الذي كشف لـ«اللواء» ان التقرير فتح «ملفات مخيفة» تتعلق بهدر أموال عامة بين العامين 2008 و2009.
وحيال ذلك، قرّر الوزير حرب عقد مؤتمر صحفي اليوم يكشف فيه كل شيء، بما في ذلك قرب صدور القرار الظني في فضيحة الانترنت غير الشرعي.
«ثلاثية الحوار»
ولم ينفع «تكتيك» الرئيس برّي بالاكثار في طرح موضوعات للنقاش على طاولة الحوار في التخفيف من صدمة الفشل والعجز التي انتهت إليها ثلاثية الحوار دون تحقيق أي إنجاز، أو حتى أي تقدّم، بالنسبة للملفات والبنود التي تمت مناقشتها على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
وكان واضحاً منذ اليوم الأوّل عجز الأطراف السياسية اللبنانية عن عزل الملفات الداخلية عن أزمات المنطقة وتداخلاتها الإقليمية من جهة، فضلاً عن غياب كامل للمبادرات المدروسة والتي كان توفرها يمكن ان يخففم ن حجم الفشل المريع.
وتساءلت أوساط سياسية متابعة للأجواء الخلافية التي سادت الحوار عن مبررات المضي في طرح الاستحقاق الرئاسي على طاولة الحوار، في ظل هذا العجز الداخلي عن التوصّل إلى توافق مقبول، وإخراج هذا الملف من الضغوطات والتدخلات الخارجية.
واعتبرت هذه الأوساط فشل الاتفاق على قانون جديد لل