"فتاة بعمر 18 سنة" حوّلها مدير ثانويتها شيطاناً، لمجرد قولها انها جربّت مرة المخدرات، فكانت النتيجة كارثية، تشويه سمعتها أمام الزملاء، بتعليق ورقة على حائط المدرسة باجراء الطرد الذي اتخذه في حقها من دون عرضها على لجنة أطباء. تدخُل وزارة التربية لم يمنعه من تنفيذ حكمه عليها الذي خففه بالسماح لها تقديم الامتحانات النهائية، مع معاملتها حينها كمجرمة. في "سجن انفرادي" قدمت المسابقات، مع منع أي انسان من الاقتراب منها ومحادثتها ورغم ذلك نجحت في تخطي الصعاب.
"حكم بالاعدام"
"كان خطأ الفتاة براءتها، حين صرحَتْ أمام معلمة الدين في أثناء شرحها درساً عن آفة المخدرات انها سبق وجربت التعاطي مرة وتوقفت عن ذلك، فسارعتْ المعلمة وأبلغتْ المدير، الذي بدلاً من سلوكه الطريق الصحيح بنقاش القضية مع أهلها رفع كتاباً الى وزارة التربية التي تركت له الحق بانزال حكمه عليها"، بحسب ما قاله أحد الاداريين في الثانوية لـ"النهار".
وأضاف ان "المدير ضغط على الفتاة للاعتراف الخطي بما قالته، كما تسلح بتقرير من ثانوية الحدادين التي درست فيها الفتاة قبل ان تنتقل مع افادة حسن سلوك الى الثانوية الجديدة، يشير الى انه سبق وجرّبت المخدرات، عرض مستنداته امام الوزارة وأنزل حكم الاعدام عليها من دون ان يكلف واياهم عناء عرضها على مختصين والتأكد من براءتها التي نثق بها والدليل انها نجحت في الامتحانات"، ولفت الى انه "سبقَ واتهمَ تلميذة بالدعاره من خلال تصوير نفسها وبيع الصور لزملائها وكانت النتيجة ان قضى على مستقبلها وكاد يقضي على حياتها بعد ان حاولت الانتحار".
تدبير وقائي!
" قرار المدير ليس مبنياً على معطيات بل على خبرية جرى تداولها"، بحسب رئيس الدائرة التربوية في الشمال، عبد الباسط عباس الذي أضاف ان "الفتاة كانت في ثانوية الحدادين قبل ان تنتقل الى الثانوية الجديدة لتنتقل معها أحاديث عن بعض الاخلال بالآداب التربوية، لم يثبت التحقيق ذلك، لكن بعد تناقل هذا الكلام وكي لا يؤثر على سير العمل في الثانوية، أراد المدير ابعادها عن الثانوية مع السماح لها بتقديم امتحانات نهاية السنة لصف البكالوريا، لم نكن راضين عن القرار، لكن ادارة المدرسة ذهبت الى هذا الخيار".
"لم يُجرَ للفتاة فحوصات، بل ان ما اتخذ بحقها تدبير احتياطي وقائي"، ولفت عباس لـ"النهار": "التقيتُ أهلها مرات عدة وضعتهم في أجواء ما يدور، وطلبتُ منهم فيما اذا كانت الأخبار صحيحة ضرورة سلوكهم طريق المعالجة وعدم التعرض للفتاة، لم يتقبلوا الأمر، دافعوا عنها دفاعاً مستميتاً، وكوننا لا نريد إشكالات على مستوى الأهل وادارة المدارس، بل حفظ اداراتنا وحق الطلاب، نتابع الوضع ونسعى لاعادة إدخالها الى الثانوية فلن نسمح بحرمانها من الدراسة". وختم "نتواصل مع الجمعيات التي تهتم بقضايا تعاطي المخدرات وننتظر ما سنصل اليه في سياق متابعتنا لهذه الحالات، وفي النهاية ادعو كل الجمعيات المدنية والاهلية التي تهتم بمتابعة هذا الجيل الى تنشيط حركتها مع مساعدتنا لها في اكثر من مجال، لانقاذ الطلاب من اية حالة مرضية سلوكية يتعرضون لها سواء كانت سلوكيات اخلاقية او ادمان او سلوكيات تتنافى مع واقع النظام التربوي العام".
المدمن ليس مجرماً!
رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات محمد مصطفى عثمان الذي يتابع ملف الفتاة أكد لـ"النهار" أن" المدمن مريض يحتاج الى علاج وليس مجرماً، حتى المتعاطي اذا حوكم واعلن عن رغبته في المعالجة لا يتم توقيفه ويحول بالقانون الى مركز معالجة وليس الى السجن، وما فعله المدير امر خطير، شوّه سمعة الفتاة من دون اثبات، ومما اتهمها به امام بعض الاشخاص انها قامت باعطاء صديقتها المخدرات وتصويرها وتهديدها انها تمارس الجنس مع شاب، وكل الكلام لا اساس له من الصحة. وحتى لو افترضنا انها تعاطت المخدرات فهي مريضة تحتاج الى علاج".
واضاف" التقيت برئيس الدائرة التربوية في الشمال تباحثنا في القضية وننتظر لقاء ثانياً للوصول الى حلول، لاسيما وانهم اخذوا القرار من دون اجراء فحوصات مخبرية لها لمعرفة ان كانت مدمنة ام لا". ولماذا التأخر عن حل الأمر؟ " لم نتأخر اطلعتُ على الأمر قبل شهر رمضان ومنذ ذلك الوقت أعملُ جاهداً لاعادة حق الفتاة التي طعنت في سمعتها باجراء تعسفي لا يستند الى دليل"!
أهل الفتاة قدموا كتاباً الى وزارة التربية، من دون الوصول الى نتيجة، ليبقى مستقبل ابنتهم في مهب قرارات عشوائية قد تقتلع جذور ما زرعوه !
المصدر: "النهار"