خرج الجميع من طاولة الحوار كما دخلوا , تمييع وتضييع وتسلية وكذب على الجمهور اللبناني
السفير :
خرجت جلسة اليوم الثاني من خلوة عين التينة، عن السياق التقليدي الذي اتخذته نقاشات طاولة الحوار الوطني على مدى 20 جلسة سابقة، الى درجة ان بعض الحاضرين فوجئ بمناخها «المعتدل»، واعتبر ان الحوار الحقيقي بدأ بالامس فقط.
وقد اختصر أحد المشاركين في الجلسة المشهد بالقول: «لعل الروح القدس حلت على المتحاورين، فأصبحوا فجأة حكماء وإصلاحيين».
وبينما كان النقاش يتمحور، في اليوم الأول، حول السلة المتكاملة، تحول مرة واحدة، وبجدية غير مسبوقة في اتجاه آخر أوسع مدى، يتجاوز المواقف «المحنطة» حول الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب، ليحاول فتح كوة إصلاحية في كتلة «الباطون المسلح» التي ترزح تحتها الدولة ومؤسساتها.
أما «التعويذة» التي فعلت فعلها على الطاولة، بعد الاستعانة بكتاب الطائف، فكانت الآتية: انشاء مجلس شيوخ للطوائف استنادا الى قواعد القانون الارثوذكسي، بالتزامن مع انتخاب مجلس نواب وطني.
يلحظ نص اتفاق الطائف تأسيس مجلس الشيوخ بعد اول مجلس نيابي وطني يُنتخب خارج القيد الطائفي. بالامس، تقدمت الـ «مع» على الـ «بعد»، فصار المجلسان عبارة عن مسارين متلازمين.
ولكن، ماذا لو كانت نسائم التفاؤل التي تسربت من عين التينة عابرة، وهل من عوامل موضوعية يمكن ان تؤسس لخرق حقيقي في جدار الازمة، والى أي درجة تستطيع «شياطين التفاصيل» ان تعبث بالتقاطعات العامة التي ظهرت أمس، وماذا إذا تعارضت التفسيرات لمفهومي مجلس الشيوخ ومجلس النواب اللاطائفي؟
صحيح ان النقاش الذي جرى في اليوم الثاني للخلوة كان شديد الاهمية، تبعا لانطباعات أغلبية المتحاورين، لكنه يبقى من دون قيمة عملية إذا لم يصل الى نتائج واضحة، وبالتالي فان التجارب علّمت اللبنانيين ان الامور في خواتيمها، وحتى ذلك الحين، يظل الحذر مشروعا وضروريا.
ولعل أبلغ تعبير عن هذا الواقع، عبر عنه قطب سياسي مشارك في الحوار، بقوله لـ «السفير» ان الصورة التي افرزتها النقاشات هي أشبه بناطحة سحاب جميلة يجري تصميمها على الورق، لكن لم يتم بعد المباشرة في بنائها، والمحك يبقى في انتقالها من الجانب النظري الى الارض.
وأبرز الاشكاليات التي تواجه الحوار حول الطرح الاصلاحي المقترح هي التوافق على مقاربة موحدة للآليات التي ستُعتمد في انتاج مجلسي الشيوخ والنواب، وسط تعدد في الاجتهادات، يُخشى معه ان تضيع الفرصة الجديدة السانحة للتفلت من براثن الازمة.
والاختبار الادق في هذا المجال، يتعلق بتفسير معنى انتخاب مجلس وطني للنواب، خارج القيد الطائفي، علما ان الامر الوحيد المتفق عليه هو الابقاء على المناصفة، أما جرعة النسبية وحجم الدائرة فهما موضع خلاف.
ومع ذلك، فان الرئيس فؤاد السنيورة أعطى إشارات إيجابية أولية فاجأت خصومه الذين سجلوا له مرونته في التعامل مع المعادلة الاصلاحية المقترحة، وقابليته للتوسع في البحث فيها، بعدما كان «تيار المستقبل» من أشد المتحسسين حيال صيغ من هذا النوع، قد تقود وفق حساباته، الى تعزيز حضور المكونات الأخرى في النظام.
ولكن موقف السنيورة لم يمنع المرحبين به من طرح التساؤلات الآتية: هل هذا الموقف نهائي ام عابر؟ وما هي دلالاته إذا صمد؟ والى أي حد يعبر عن قناعة مستجدة لدى «المستقبل» بأنه من الأفضل تطبيق «الطائف» حرفيا، لضمان بقائه واستمراريته ولو تطلب ذلك بعض التنازلات، بدل التطبيق الاستنسابي الذي قد يحقق مكاسب تكتيكية، لكنه يهدد على المستوى الاستراتيجي بسقوط الاتفاق والنظام الذي بُني عليه.
أما المفاجأة الأخرى التي باغتت بعض أطراف 8 آذار فجاءت من الحليف.
«انتظرناها من السنيورة.. أتت من باسيل»
«انتظرناها من فؤاد السنيورة فأتت من جبران باسيل». قال مصدر بارز في 8 آذار لـ «السفير»، موضحا ان وزير الخارجية أوحى خلال المداولات بانه يربط الموافقة على ثنائية المجلسين بإقرار مبدأ إجراء انتخابات رئاسية وفق المعيار المطروح من قبل «التيار الوطني الحر»، والمتمثل في وجوب انتخاب الرئيس المسيحي القوي، وصاحب الحيثية التمثيلية الاوسع في بيئته، «بينما كان من الافضل لو ان باسيل التقط اللحظة الإصلاحية المفصلية التي سنحت أمس، للبناء عليها والخوض في تطوير النظام السياسي ككل، خصوصا انه يحمل شعار التغيير والإصلاح، مع الأخذ بعين الاعتبار ان تنفيذ أي اتفاق محتمل يجب ان يبدأ من انتخاب رئيس الجمهورية».
وفيما اعتبر بعض أطراف طاولة الحوار انه لا يجوز تنفيذ إصلاحات دستورية جوهرية في ظل غياب رئيس الجمهورية، شدد الرئيس نبيه بري على ان أي تفاهم اصلاحي قد يحصل على طاولة الحوار لن يُقر في مجلس النواب، قبل انتخاب الرئيس، وذلك حماية لحقه في ابداء رأيه والطعن في ما لا يقنعه.
وفي انتظار ما ستؤول اليه مداولات الجلسة الثالثة والاخيرة من الخلوة، أبلغ قيادي في 8 آذار «السفير» ان المتحاورين باتوا امام اختبار مفصلي للنيات، بعدما اقتربت الامور من لحظة الحقيقة، على وقع النقلة النوعية التي سجلت البارحة فوق رقعة «الشطرنج الحواري».
ولفت القيادي الانتباه الى ان هناك فرصة حقيقية لإحداث إصلاح عميق في بنية النظام، تحت سقف الطائف، آملا في عدم تفويتها، ومشيرا الى ان المحك لنيات الفريق الآخر، لاسيما «تيار المستقبل»، يكمن في الموافقة على اجراء انتخابات نيابية متحررة من القيد الطائفي وفق النسبية الشاملة، ضمن المناصفة، بالتزامن مع انشاء مجلس شيوخ انطلاقا من التمثيل الطائفي لكل المكونات اللبنانية، على ان يناط به التصدي للقضايا الاساسية، ومن بينها بعض البنود التي يلحظ الدستور انها تحتاج الى أكثرية الثلثين (ومنها على سبيل المثال: اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، قوانين الاحوال الشخصية).
وأكد القيادي ذاته ان تحقيق تقدم في هذا الاتجاه سيُطلق دينامية من شأنها تسهيل معالجة التعقيدات التي لا تزال تمنع انتخاب رئيس الجمهورية.
السنيورة لـ «السفير»: الكنز تحت أقدامنا!
وسألت «السفير» الرئيس السنيورة عن تعليقه على أجواء التفاؤل التي شاعت بعد انتهاء اجتماع طاولة الحوار البارحة، فقال: نحن امام محاولة لاستشراف مخارج من ضمن الدستور، بدل ان يكتفي كلٌ منا بالاستمرار في التمترس خلف طروحاته. حزب الله متمسك بمرشحه الرئاسي ميشال عون ونحن متمسكون بموقفنا المعروف ونرفض ان يُفرض علينا رئيس، ولا يبدو ان أحدا منا بوارد التراجع، فلماذا لا نفتش عن طريقة تفكير جديدة، قد تكون منتجة.
واضاف: ما هو مطروح، ان نسعى الى فتح كوة في جدار المأزق، عبر مجلس الشيوخ الذي يرمز الى إعجاز النظام اللبناني وقدرته على ابتكار التوازنات والضمانات. ربما يكون الكنز تحت أقدامنا، فيما نحن نفتش عنه بعيدا. دعونا نستكمل هذا المسعى بجدية، على قاعدة إقرار مبدأ تأسيس مجلس شيوخ يريح الطوائف، لعل ذلك يسمح بمقاربة مغايرة ومتقدمة لقانون الانتخاب، ويهمني أن أوضح ان كل الافكار قابلة للنقاش، وعقلنا منفتح، لكنني لم التزم بالنسبية المطلقة، والمسألة الوحيدة المتفق عليها هي تثبيت المناصفة في مجلس النواب الذي سينتخب على اساس وطني
النهار :
ان "يُحتفى" في اليوم الثاني من ثلاثية الحوار بنفض الغبار عن مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية الملحوظين في اتفاق الطائف مع بنود "نائمة " كثيرة أخرى لا يعني سوى ان المتحاورين يواجهون ما لم يكن مفاجئاً اطلاقا من اللحظة الاولى لانعقاد هذه الجولة وهو انها مفضية الى دوران في فراغ يملي انقاذ الحوار في ذاته. ووسط مناخات الذكرى الخامسة عشرة لمصالحة الجبل التاريخية التي ستحيا في المختارة السبت المقبل، بدت العودة المفاجئة الى احياء بعض البنود الاصلاحية في اتفاق الطائف بمثابة مفارقة من مفارقات الحوار وقت تتعقد امام المتحاورين سبل اختراق الازمة الرئاسية. فمع ان أحداً لا يمكنه انكار الاهمية الكبيرة لمبدأ تطبيق الطائف بكل مندرجاته، وهو النشيد الذي كرره بعض المحاورين أمس، أبلغت مصادر وزارية مواكبة لإعمال الحوار النيابي "النهار" ان النتائج أظهرت ان لا إختراق سيتحقق سواء في موضوع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية أم في موضوع إعداد قانون للانتخاب، وإن ما طرح عن إنشاء مجلس للشيوخ ليس سوى ملهاة ستتكرس في إنشاء لجنة متابعة.
اليوم الثاني
وفي وقائع اليوم الثاني للجولة الحوارية الجارية برز وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري بتشكيل ورش عمل لدرس قانون انتخاب وطني يحفظ قاعدة المناصفة وفق النسبية الكاملة، ومجلس شيوخ مذهبي وفق القانون الارثوذكسي يضمن حقوق الطوائف الامر الذي اعتبر "الأرنب" الذي أخرجه الرئيس بري من كمّه، إما لأن ظروف الرئاسة لم تنضج بعد، كما لمح في مداخلته مؤيّداً ما كان قاله النائب وليد جنبلاط، وإما لأنه خبر كيف دفنت كل مشاريع واقتراحات قوانين الانتخاب في مقابر اللجان الفرعية والمشتركة.
لكن الرئيس فؤاد السنيورة استعار من الشاعر نزار قباني عبارة "ما أحلى الرجوع اليه"، أي الى الدستور القائم على نظام يؤمن التنوّع ومصالح كل فئة. "والرجوع اليه يرضي الكل، وهو القاعدة الاسمنتية الصلبة التي يقف عليها الوطن. دستورنا قدّم أمرين: النظام البرلماني الديموقراطي الذي يحترم ارادة الشعب والنظام الجماعي او مجلس الشيوخ الذي يحفظ مصالح الجماعات"، وقال:" فعلياً هذا النظام هو افضل ما يمكن ان يؤمن التنوع كما يؤمن لكل فئة حضورها ومصالحها".
وأضاف: "الناس تواقة للرجوع الى الدستور والقانون والنظام سيّد الكل، والى ان تعود الكفاءة معياراً لاختيار المسؤولين فلا يطمح أحد الى التلاعب بالدستور وتعديله لصالح فلان أو علتان. وعلاقتنا بالعالم ليست على ما يرام وكلها إنذارات". واكد أن "الامور لا تركب من دون رئيس جمهورية ". وأشار الى أن الازمة "جعلتنا نستولد امس فرصة جديدة هي فكرة التوافق فلا يفرض أحدنا رأيه على الآخر"، ملمحاً بذلك الى امكان البحث عن مرشح توافقي بدل وقوف كل طرف عند مرشحه.
ورحّب النائب طلال ارسلان "بالموقف المتقدم والإيجابي بإنشاء مجلس شيوخ يكون مرتبطاً بقانون الانتخاب".
ثم شرح الرئيس بري وجهة نظره في قانون للانتخاب " يحفظ قاعدة المناصفة وبأن كلمة وطني تعني ٥٠ بالمئة مسيحيين و٥٠ بالمئة مسلمين، رغم تفاوت عدد المسيحيين والمسلمين بين الداخل والاغتراب،ويؤدي الى خفض 90 في المئة من كوليسترول الطائفية"، كما شرح مفهومه "لمجلس شيوخ ينتخب على أساس المشروع الارثوذكسي ".
واشار النائب سليمان فرنجيه الى ان "هذا يأتي بعد الغاء الطائفية السياسية ".وذكّر الوزير بطرس حرب بتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية مرحباً بانشاء مجلس شيوخ اذا كان يريح الطوائف. أما النائب سامي الجميّل، الذي دعا إلى علنية جلسات الحوار ما دام بعض الأطراف يسرّب محاضرها بما يلائمه إلى الصحف ووسائل الإعلام، فركزعلى دور رئيس الجمهورية الميثاقي والدستوري الأساسي في أي شكل من أشكال عمل المؤسسات نظراً إلى حقه في رد القوانين أو الطعن فيها أو الإيعاز بإصلاحها ونشرها بمراسيم بما يعني أنه لا يمكن إجراء إصلاحات في غيابه وخارج المؤسسات. وشدد على أن انتخاب الرئيس هو بداية الإصلاح ونقطة الإنطلاق للخروج من الأزمة، كذلك لا يجوز تجاوز المؤسسات الدستورية في أي شكل أيضاً. فوافق الجميع ولكن الرئيس بري ارتأى السعي إلى اتفاق على بعض النقاط، مثل مشاريع قانون اللامركزية الإدارية التي يريد إرسالها إلى لجنتي الإدارة والعدل والداخلية في مجلس النواب للاتفاق على أحدها، وتشكيل لجنة من هيئة الحوار للبحث في قانون إنشاء مجلس الشيوخ من منطلق مباشرة التحضير له على أن تُطرح هذه المشاريع لإقرارها بعد انتخاب الرئيس.
وايّد الرئيس نجيب ميقاتي الجميل مقترحاً الاتفاق على استكمال تطبيق الطائف باقرار مجلس الشيوخ وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية وقانون الانتخاب واللامركزية الادارية على ان يلتزم الرئيس المقبل اقرارها لأنها كلها تعزز استكمال تطبيق الطائف ويمكن ان تكون الطريق الأسرع والأسهل لانتخاب رئيس.
وقال بري ردا على مداخلات إن مجلس الشيوخ يقوم على المساواة وتأمين حقوق الطوائف ولكن مجلس النواب لا يمكن ان يكون مجلس شيوخ آخر. وقال الوزير ميشال فرعون ان مجلس الشيوخ يحتاج الى وقت، مشدداً على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وتساءل: ما الذي يمنع من التصويت على قانون الانتخاب؟ ولاحظ ترحيباً وتشوقاً لمناقشة إصلاحات لتطوير النظام السياسي، لكنه يحتاج الى وقت والى ورش عمل وجلسات وقيادات وغيرها كما حصل في الطائف.
جاء الجواب من السنيورة بأن هناك جموداً ومحاولة لفتح كوة وادخال ضوء جديد يجعلنا نفكر بطريقة جديدة.
ورحب نائب رئيس المجلس فريد مكاري بطرح الرئيس بري وباستجابة المتحاورين له.
وقال الوزير جبران باسيل للرئيس بري إنه "يسمع في كلامه صوت الامام موسى الصدر، نحن نطالب بقانون انتخاب يؤمن العدالة وتعالوا نفكر خارج الكلاسيكية ونقبل بعضنا بالبعض".
وهنا قال بري:" مجلس الشيوخ ضمان وطني والضمان الثاني هو مجلس النواب الوطني ولا يمكن لبنان ان يتجاوز هذه السنة من دون رئيس للجمهورية ويجب الاعتماد على الحلٰ الوطني أكثر من الانتماء الى أ- س (ايران والسعودية)". وأيد النائب محمد رعد سلّة الاصلاحات بما فيها قانون يؤمن التمثيل العادل والصحيح.
وتعهّد الجميع شرطين للسير بالاصلاحات: انتخاب رئيس واقرار قانون الانتخاب قبل ايلول 2016.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء عصر اليوم ستشهد سجالاً في موضوعيّن: الاول ,يتعلق بملف الاتصالات بين الوزيريّن باسيل وحرب على خلفية عقديّ الخليوي والانترنت. والثاني، طرح الحزب التقدمي الاشتراكي تغيير المدير العام لوزارة الاتصالات المدير العام لهيئة "اوجيرو" عبد المنعم يوسف الامر الذي سيواجه بمعارضة قوية بإعتبار ان الموضوع لا يزال أمام القضاء.
واوضحت مصادر وزارية ان موضوع تمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي يمضي في مسار بعيد منالاضواء لدى وزير الدفاع سمير مقبل.
"حزب الله " والقانون الاميركي
على صعيد آخر، برز موقف جديد لـ"حزب الله" من قانون العقوبات الاميركي عبر عنه نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في تصريح لوكالة "رويترز" إذ أبدى ارتياحاً الى مجريات الامور مع حاكم مصرف لبنان والمصارف. ومما قال: "الحمد لله من خلال التحرك الذي حصل والنقاشات التي جرت مع حاكم مصرف لبنان والمصارف والمعنيين في لبنان تمت محاصرة القانون بحدوده الدنيا ". واشار الى ان "التطبيق الذي حصل حتى الآن من خلال تعاميم مصرف لبنان كان متوازناً ومنطقيا وان شاء الله تستمر الامور بهذه الطريقة "
المستقبل :
يختتم الحوار الوطني خلواته الثلاثية اليوم بجولة أخيرة تقرّر تركيز النقاش فيها على موضوع قانون الانتخاب ومحاولة رسم معالمه وتحديد الخطوط التوافقية العريضة لماهيته مع الأخذ بالاعتبار ما يقترن به من خطوات إصلاحية للنظام تحت سقف الطائف بدأ المتحاورون أمس بمقاربتها كمسألتي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية. وإذا كان نهج التعطيل الدستوري المتعمّد تمكن من وأد الأمل في أن يخرج الحوار بحل توافقي للأزمة الرئاسية إلا أنه لم يحل دون إطفاء وهج الأولوية الرئاسية على جدول أعمال المتحاورين، على أنّ الخوض في البنود الإصلاحية المندرجة ضمن إطار استكمال تطبيق اتفاق الطائف يأتي في سياق «تعبيد الطريق» أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال «ورش عمل» منبثقة عن «ثلاثية» عين التينة وتُعنى بتقريب المسافات والطروحات المتباعدة بين الأفرقاء السياسيين «تمهيداً» لتطبيقها «بعد انتخاب الرئيس» كما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على استفسارات عدد من أقطاب الحوار.
وفي تفاصيل مجريات جولة الحوار الثانية أمس، وفق ما نقلتها مصادر المتحاورين لـ«المستقبل»، أنّ بري استهل الجلسة بتأكيد «إعطاء الأولوية عند تطبيق ما يتم التوصل إليه في الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية» داعياً في هذا السياق إلى الخوض في بحث مسألة تشكيل مجلس الشيوخ باعتبارها مسألة متلازمة مع النقاش الجاري حول ماهية قانون الانتخاب الجديد المزمع إقراره، من منطلق كونه مرتبطاً بضمان قاعدة المناصفة الوطنية وحفظ حقوق الطوائف والمذاهب في هيكلية الدولة، مع إشارته إلى وجود أكثر من مشروع لقانون الانتخابات النيابية العتيد وعدة مشاريع لقانون اللامركزية الإدارية تم توزيعها على المتحاورين لدراستها. وحين طالب كل من رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل والوزير بطرس حرب بضرورة إرجاء تطبيق أي من الإصلاحات الدستورية إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية لحفظ حقه في رد القوانين وإبداء الرأي فيها كما ينص الدستور، لفت بري الانتباه إلى أنّ ما يطرحه هو بمثابة عملية تمهيدية يُصار خلالها إلى محاولة التوصل لتوافقات سياسية حول البنود المطروحة كقانون الانتخاب ومجلس الشيوخ على أن يكون تطبيق ما يتم التوافق عليه بعد انتخاب الرئيس.
وبينما أثنى عدد من أقطاب الحوار على طرح بري واعتبروه خطوة إيجابية، سارع ممثل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وزير الخارجية جبران باسيل، إلى الخروج عن الصمت الذي التزمه حيال هذا النقاش قائلاً: «كي لا يُفهم صمتنا خطأ فإنني أود إبداء عدم موافقتي على ما طُرح»، وأردف موضحاً في ما يتعلق بمسألة تعطيل النصاب في جلسات انتخاب الرئيس: «نحن نعتبر أنّ التعطيل حق دستوري وسنبقى نعطّل حتى نحصل على ما نريد»، مضيفاً: «مستمرون في التعطيل طالما أنّ «حزب الله» والأكثرية المسيحية معنا وسنظل متمسكين بحقنا كمسيحيين في انتخاب الرئيس وإلا فإنّ المناصفة الحالية تكون مجرد كذبة».
وفي حين أعرب رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عن تأييد «حزب الله» المطلق لكلام باسيل عن أحقية فريقه السياسي بالتعطيل والامتناع عن تأمين النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، عاود باسيل التشديد على ضرورة امتثال المكونات الوطنية للمعيار الذي يطرحه «التيار الوطني الحر» إزاء الاستحقاق الرئاسي لناحية انتخاب عون رئيساً وإلا إجراء استفتاء شعبي أو استطلاع رأي لحسم الحظوظ الرئاسية، الأمر الذي بادر رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية إلى التعليق عليه بإبداء استعداده للموافقة على انتخاب رئيس للجمهورية «مباشرة من الشعب لمرة واحدة».
من جهته، علّق حرب على طرح الاستفتاء الرئاسي بالإشارة إلى عدم وجود أي مادة تنص على مثل هذا الطرح في الدستور، بينما توجّه الجميل إلى باسيل بالقول: ما تقوله يعني «يا عون يا ما في دولة» وبذلك أنت تتعدى على حريتي الشخصية» في اختيار الرئيس.
أما رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة فشدد في مداخلته على تأييد الكتلة لكل من مسألة إنشاء مجلس شيوخ واعتماد اللامركزية الإدارية لكنه أكد في الوقت عينه على كون الأولوية ستبقى لملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية ومن ثم يتم الانصراف لاتخاذ القرارات الإصلاحية تحت سقف الدستور. وفي نهاية الجلسة دعا بري المتحاورين إلى التركيز في جولة الحوار الختامية اليوم على مناقشة قانون الانتخاب والمواضيع المتلازمة معه تمهيداً لتشكيل لجان عمل معنية بدرس هذه المواضيع ومحاولة التوصل إلى توافقات سياسية بشأنها.
الديار :
هل قال الرئيس سعد الحريري لاحد الوسطاء «حين يسمي الرئيس نبيه بري العماد ميشال عون، اسميه في الحال؟».
الاكثر دقة، هل قال الحريري ذلك للنائب وليد جنبلاط الذي اذ رأى في اليوم الاول من ثلاثية الحوار ان «الدوحة اللبنانية» «مش ظابطة»، و«لا أفق»، فإن مصادره تؤكد انه اكثر تشاؤماً من اي وقت مضى، وان المنطقة مقبلة على تطورات لها انعكاساتها المباشرة والخطرة على لبنان.
ما يقال في الاروقة الخلفية، ونقلاً عن قطب سياسي، يشي بان المنطقة المقبلة على انقلاب استراتيجي لا يمكن تصوره، وكما استضاف الملك المغربي الراحل الحسن الثاني في الصخيرات رئيس الوكالة اليهودية الراحل، واحد آباء اسرائيل، ناحوم غولدمان الصحافي اليهودي الفرنسي البارز جان دانييل عشية الاتصالات التي افضت الى اتفاقية كمب ديفيد بين انور السادات ومناحيم بيغن، هناك كلام عن دوريضطلع به حالياً ملك المغرب محمد السادس.
حديث عن ان توجه دول عربية نحو اقامة علاقات مع تل ابيب لم يعد في مرحلته الاولى، لا بل ان المسألة قطعت اشواطاً بعدما تلقى الوسطاء وعداً من بنيامين نتنياهو بانه سيكون اكثر مرونة في التعاطي مع المبادرة الديبلوماسية العربية التي كرستها قمة بيروت في عام 2002.
وتشير المعلومات الى ان وتيرة الاتصالات تسارعت على نحو دراماتيكي بعد محاولة الانقلاب في تركيا والتي حملت الرئيس رجب طيب اردوغان على الانكفاء الى الداخل وربما الى داخل الداخل.
وتقول المعلومات ايضاً ان هناك جهات رصدت ردة الفعل لدى القواعد الشعبية في احدى الدول العربية الفاعلة ليتأكد ان الغالبية الساحقة مع هذا الاتجاه، وصولاً الى القواعد الفلسطينية. المعارضة محدودة جداً ولا تأثير لها، فيما تدعم الولايات المتحدة ومعها البلدان الاوروبية، الجهود التي تبذل حالياً، وعلى اساس ان مثل ذلك التطور لا بد ان يكبح الجنوح الاسرائيلي نحو يمين اليمين، وبالتالي قطع الطريق على الحاخامات والحلول محل الجنرالات.
مشهد ياسر عرفات واسحق رابين في حديقة البيت الابيض يمكن ان يتكرر بين محمود عباس وبنيامين نتنياهو الذي يتطلع الى علاقات عسكرية واقتصادية، واستراتيجية بطبيعة الحال مع بعض الدول العربية الثرية، وبعدما رفع احدهم شعار «العبقرية الاسرائيلية والمال العربي».
لا شيء الآن قبل ان يتسلم الرئيس الاميركي العتيد مقاليد السلطة في كانون الثاني المقبل.
وهنا تطرح مرجعيات لبنانية بات لديها الكثير من المعطيات حول المدى الذي وصلت اليه الاتصالات واللقاءات (والوساطات)، اسئلة عن تداعيات الانقلاب الاستراتيجي على لبنان...
هذه الاسئلة تزداد تعقيداً في ظل ما يحكى عن انه سيكون للاسرائيليين وبالتنسيق مع عواصم عربية، دور بالغ الحساسية في بعض المناطق السورية، وبالصورة التي لا بد ان تكون لها ارتداداتها على لبنان، وربما على الخارطة اللبنانية.
بل كيف يمكن اعادة تركيب لبنان في هذه الحال اذا كانت مرجعيات فريق داخلي معين في صدد اقامة علاقات استراتيجية مع اسرائيل، فيما مرجعيات فريق آخر مستنفرة سياسياً وعسكرياً ضدها...
ساسة لبنانيون ويستعيدون ما كان يقوله ديبلوماسيون غربيون منذ السنة الاولى لاندلاع الازمة في سوريا من ان هذه الازمة لا بد ان تفضي الى حدوث زلزال على مستوى العلاقات، كما على مستوى الخرائط، في المنطقة.
ـ مخاطر كارثية ـ
اكثر خطرا بكثير من تداعيات الصراع السعودي - الايراني والحروب المتنقلة على الساحة السورية، كون اقامة علاقات بين دول عربية، لطالما نأت بنفسها عن ذلك لأسباب شتى، واسرائيل في ظروف المواجهة السنية - الشيعية، بكل ابعادها الجيوسياسية، ستعرض اكثر من بلد عربي لمخاطر كارثية، ومنها لبنان بطبيعة الحال.
وتبعاً لما تراه مراجع لبنانية، فإن المسألة لا تقتصر على ان «العقل الاسبارطي» في اسرائيل لا يزال يضج بهاجس الثأر من الذين دحروا الاحتلال في عام 2000، وحطموا اسطورة الجيش الذي لا يقهر في صيف 2006. الاسرائيليون يريدون الكثير الكثير من لبنان.
هذا يضع «حزب الله» امام واقع جديد لم يكن ليتصور انه يمكن ان يحصل في يوم من الايام. وبطبيبعة الحال، فان الفريق اللبناني الذي اتخذ من الحزب مادة يومية، وعلى مدار الساعة، للهجوم، لا بد ان تكون امامه مهمة اخرى وخطيرة جداً...
والمراجع تسأل ما اذا كان ذلك يعني تفجير الداخل اللبناني، وحتى بتوظيف النزوح السوري الذي يلقي بأثقاله على كل الاحتمالات اللبنانية، اضافة الى التنسيق مع «جبهة النصرة» التي اذ تحولت الى «جبهة فتح الشام» (الشام بالمفهوم التاريخي)، فهي على علاقة وثيقة مع دول عربية كما مع الاجهزة الاميركية التي زودتها بالصواريخ والاسلحة المختلفة...
ـ شعوب... النوم العميق ـ
وبحسب المراجع، لا مجال للرهان على اي ردة فعل في المشرق العربي حيث الشعوب اما انها تغط في نوم عميق او انها غارقة في مشكلاتها الداخلية التي لا حدود لها.
المراجع لاحظت كيف ان قيادة الحزب ركزت في الآونة الاخيرة على التطبيع، وهذا ما اثاره رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي حتى من السرايا الحكومية في بيروت.
هذا يؤكد ان المسألة على النار. ما هي استراتيجية «حزب الله» في هذه الحال، وهو الذي يلاحظ كيف ان طائرات الاستطلاع الاسرائيلية تحولت الى زائر يومي وثقيل الظل لبعض المناطق اللبنانية؟ هذا يبقى مجرد سؤال.
الثابت، وكما تشير المراجع اياها، ان حدوث مثل ذلك «التطور النوعي» مع تل ابيب لا يمكن ان يكون دون هزات ارتدادية معقدة جداً او خطرة جداً.
اكثر من جهة سياسية اعتبرت ان انجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان غالباًَ ما تم على ارض ساخنة. وقيل ان الساحة الداخلية، الشديدة الهشاشة والشديدة الاحتقان، لا تتحمل اي عملية تسخين، وقد يكون الامر بالتسخين الاقليمي...
غير ان مصادر ديبلوماسية في بيروت تعتقد ان ما يحكى الآن عن تسارع وتيرة الاتصالات بين دول او دولة عربية واسرائيل لا بد ان يزيد في تعقيد الازمات اللبنانية، ومن رئاسة الجمهورية الى قانون الانتخاب وهلمجرا...
ـ مغامرة بري ـ
هل كانت دعوة الرئيس نبيه بري الى ثلاثية الحوار، وعلى اساس السلة التي طرحها والتي اثبتت الايام عدم قابليتها للتطبيق، مغامرة في ظروف ليست مؤاتية على الاطلاق؟
جلسة الامس بدت فضفاضة جداً، وطرحت خلالها عناوين كبيرة من قبيل تطوير النظام السياسي في اطار اتفاق الطائف، وانشاء مجلس الشيوخ، وحتى اللامركزية الادارية.
هذا مع الاشارة الى ان الدستور يطرح شروطاً حاسمة قبل انتخاب مجلس الشيوخ الذي قيل انه يطمئن الطوائف، لا سيما الصغيرة، مع ان المشكلة ليست في الدروز، ولا في السريان، ولا في اللاتين، ولا في الاشوريين، ولا في الاقباط، ولا في البهائيين. مشكلة لبنان في الصراع بين الاكثريتين السنيّة والشيعية، وحيث الكثيرون يتطوعون للنفخ في الابواق.
في هذه الحال، هل ان مجلس الشيوخ هو الذي يطمئن السنّة من الشيعة، والشيعة من السنّة؟
التصريحات التي صدرت عن وزراء ونواب اتسمت بالتفاؤل. وزير المال علي حسن خليل وصف جلسة الامس بالأهم في تاريخ الحوار، متوقعاً انطلاق ورش العمل لتنفيذ ما تبقى من اتفاق الطائف. ووزير السياحة ميشال فرعون رأى في ما حدث وكأنه هروب الى الأمام.، لاحظ «ان النقاش في مسألة تطوير النظام مهم، ومسألة مجلس الشيوخ تحتاج الى نقاش مطول، ولكن هناك استحقاقين داهمين هما قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية» بعدما جرى الحديث عن قانون انتخاب مقابل مجلس الشيوخ.
واكد على «عدم ربط الاستحقاقين بنقاط خلافية، وخصوصاً ان الوقت يداهمنا، ولا نريد الخوض في مشاكل جديدة»، معتبرا «ان ربط القانون الانتخابي بمجلس الشيوخ لن يحل الازمة في الوقت المناسب».
النائب طلال ارسلان وصف الجلسة بالايجابية، والنائب علي فياض ذهب الى أبعد من ذلك حين قال ان الجلسة كانت «عميقة وجدية، والنقاش فتح على مصراعيه لبحث تطوير النظام السياسي ضمن اتفاق الطائف، على ان يبحث اليوم موضوع مجلس الشيوخ».
الجمهورية :
وفي الجولة الثانية من «ثلاثية الحوار»، أمكنَ لأطرافِ طاولة الحوار أن يتّفقوا على ثبات اتّفاق الطائف في الوجدان السياسي الداخلي، وأن يدوروا بجدّية وإيجابية حول إمكان توليد مجلس للشيوخ، وأن يخطوا خطوة إلى الأمام نحو اللامركزية الإدارية. حيث تقرّر تحويل مشروع اللامركزية الإدارية إلى لجنتَي الإدارة والعدل، والداخلية النيابيتين للشروع في دراسته. وما خلا ذلك، يبقى مصير القانون الانتخابي الجديد في عِلم الغيب، فيما قانون الستين، أو قانون الدوحة، جاثم حتى الآن على صدر الانتخابات النيابية المقبلة، دون أن تبرز أية رافعات جدّية، بصيَغ انتخابية جديدة وثقيلة تَزيحه من الطريق، وهذا ما يَضع الجولة الثالثة اليوم التي ستبحث دور وصلاحيات وكيفية انتخاب مجلس الشيوخ، أمام اختبار القدرة والنوايا في إمكان بلوَرة القانون الانتخابي العادل. مع الإشارة هنا الى ما أكّده رئيس مجلس النواب نبيه بري من أنّ الوصول الى قانون انتخابي على اساس وطني، ينَزّل 90 في المئة من «كوليسترول» الطوائف. وأمّا رئاسة الجمهورية، فما زالت قابعة في عمقِ الانقسام السياسي، واللافتُ للانتباه ما وعد به بري أنه سيَعمل ليلاً نهاراً على موضوع الرئاسة، مؤكّداً للمتحاورين: «لن يمضي هذا العام إلّا ويكون لدينا رئيس للجمهورية».
مصادر مشاركة في الجولة الثانية من ثلاثية الحوار، لخّصَت لـ«الجمهورية» وقائعَها، على النحو الآتي:
- بري، إفتتح الجلسة بكلمة موجزة عمّا تمّ بحثه في الجولة الاولى، وقال حول قانون الانتخاب، بالامس تحدّثنا عن الالتزام بالدستور، وأنا فكّرت بمجلس الشيوخ، فلماذا لا ننطلق من هذه النقطة، مجلس شيوخ ومجلس نيابي.
- الرئيس فؤاد السنيورة: من المرّات القليلة، كنت البارحة سعيداً / كما يقول نزار قباني ما أحلى الرجوع اليه، اي الدستور، هو قاعدة الإسمنت الاساسية، قدّم مسـألتين، النظام البرلماني الذي يخدم إرادة الفرد، ومجلس شيوخ الذي يخدم إرادة المجموعات.
وإذا تخلّينا عن افكارنا الدقيقة المتعلقة بالمصالح، نجد انّ هذا النظام هو افضل ما يمكن لبيئة فيها تنوّع. ويعطي لمجلس النواب ان يفكّر بالصالح العام الذي يتصل بالادارة والاقتصاد، اي ما يتصل بكلّ الناس. إذا عدنا الى هذه القواعد، نكون قد وضعنا الخطوة الاساسية لاستعادة البلد كبلد.
إنّ العالم ملهيّ عنّا، مصر دَينها يبلغ 50 مليار دولار، وهي دولة كبيرة، نحن دولة صغيرة دَينها 73 مليار دولار/ ومنذ العام 2011 لدينا عجز في ميزان المدفوعات والبنك المركزي استنفد كلّ الاسلحة التي لديه.
الناس يتطلّعون لعودة القانون والجدارة واستقطاب الطاقات، الناس توّاقون للدستور والقانون وعدم اللجوء الى تعديل الدستور لصالح فلان وفلان. إنّ المساحة تضيق ادارياً ومالياً واجتماعياً، وبعلاقتنا بالعالم، وهذه إنذارات.
تحدّثنا حول اولوية انتخاب رئيس، وأن لا احد يفرض على احد رأيَه، كلّنا مدركون للمخاطر الواقعة علينا، رئيس الجمهورية هو الناظم، وإذا لم يرجع فهناك تكبير للمشكلة. فدعونا نستولد من الأزمة فرصة جديدة، هذه هي القاعدة، ونأخذ بعين الاعتبار كلّ مؤشرات الإنذار. أنا حتماً مع مجلس شيوخ، وهذا هو إعجاز النظام السياسي اللبناني.
- النائب طلال أرسلان: لا شكّ في انّ خرقاً حصَل البارحة حول مجلس الشيوخ، وأنا أرى إيجابية كبيرة جداً في موقف الرئيس السنيورة. وهذا الامر مرتبط بقانون الانتخاب، فلتكن لجنة من هذه الطاولة لبحثِ هذا الموضوع، وقانون انتخاب وطني ومجلس شيوخ لتطمين الطوائف، حتى نخرج من الكلام العام الذي لا يحلّ، إلى نتيجة.
- بري: اللجان الاساسية هنا، بالنسبة الى قانون الانتخاب سأعرض عليكم ما حصَل معي (هنا روى بري للمتحاورين ما حصَل معه في روما عندما التقى هو والرئيس نجيب ميقاتي البطريرك الماروني الكارينال بشارة الراعي، بحيث قدّم تصوّراً لاعتماد مجلس شيوخ متلازماً مع اوّل مجلس نيابي (وطني) خارج القيد الطائفي، يحترم المناصفة، ويكون مجلس الشيوخ على اساس المشروع الارثوذكسي).
وتابع بري: ما اقوله لكم الآن هو للنقاش، والموافقة عليه او عدم الموافقة يعود لكم، نظام الغرفتين في لبنان مشكلة لأنّ نظام الغرفة الواحدة» مِش ماشي»، لذلك نفصل بالصلاحيات المحددة والمفصولة لكلّ مِن مجلس النواب ومجلس الشيوخ. الآن نعود الى نفس النقاش، تفضّلوا وأبدوا رأيكم، وعندها تشكّل لجنة مختصّة.
- النائب سليمان فرنجية: ما قلته يا دولة الرئيس أجاب على سبعين في المئة ممّا اريد ان اسأله، لكن هل هذا مع إلغاء الطائفية السياسية؟
- هنا قدّم بري شرحاً تاريخياً لمواقفه حول موضوع الطائفية السياسية، ودعواته منذ التسعينات لإلغاء هذه الطائفية، وكذلك مواقفه حول الزواج المدني، وكيف تمّ إفشال كل هذه الدعوات. وقال: كلمة أخيرة احبّ ان أوردها، وهي انّ قانون انتخاب على اساس وطني، ينَزّل 90 في المئة من «كوليسترول» الطوائف.
- الوزير بطرس حرب: ما يطرح لا شكّ انه ايجابي، انّ البعض كان يعتبر انّ تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية يؤدي الى تضييع حقوق بعض الطوائف. إذا كانت المصلحة الوطنية تستدعي ان نؤسّس مجلس شيوخ وقانون انتخاب وطني على اساس المناصفة فهذا شيء ايجابي، لكنّ الامر يحتاج الى نقاش تفصيلي في الآليات والدوائر.
هذا يردّنا الى شيء، هو طرحٌ مبارك إلّا أنّه يحتاج الى وقت. ونتطلع الى تجارب الدول الاخرى، لكن نعود الى موضوع الرئاسة. هناك استحقاق داهم اسمُه انتهاء ولاية المجلس، ماذا نفعل، ما تطرحونه يحتاج الى وقت.
- بري: يمكن ان نسَرّع الموضوع دون أن نتسرّع.
- حرب: الانتخابات تبدأ قبل الانتخابات بستة اشهر.
- النائب سامي الجميل: جلسة دسمة، اريد ان استفسر، انتم تقصدون مجلساً نيابياً طائفيا لا مذهبياً اي على اساس المناصفة؟ اذا اتّفقنا على كلّ هذا من دون ان ننتخب رئيس الجمهورية، فماذا نكون قد فعلنا؟
- بري: اذا رئيس الجمهورية جاء ليعترض على الدستور يكون قد خانَ الدستور، علماً انّه يحق له الاعتراض والطعن لدى المجلس الدستوري.
- الجميّل: ما يُطرح مهم ومفيذ، لكن في ظلّ وجود رئيس وحضوره. وفي حالة اكتمال المؤسسات، علماً انّ مناقشة الصلاحيات لمجلس الشيوخ دقيقة.
- بري: أؤكد على ما اتفقنا عليه البارحة بأن لاشيء يقَرّ دستوريا قبل انتخاب رئيس.
- الجميّل: انا اتحدّث كي اؤكّد على ذلك، النقاش شيّق وجيّد ويا ليت من زمان دخلنا بهذا النقاش. (مشيرا إلى قضايا إصلاحية اللامركزية، قانون الانتخاب ومجلس شيوخ).
- الرئيس نجيب ميقاتي: بدأنا مرحلة لتسهيل انتخاب رئيس، والعنوان هو تسهيل تطبيق الطائف: اللامركزية، مجلس الشيوخ وقانون انتخاب. فلنضَع خارطة طريق، وننتخب رئيساً يتعهّد بتطبيقها.
- أرسلان: الكلام حول ان لا شيء دستوريا قبل انتخاب رئيس، فيما لو بلغنا تشرين من دون ان ننتخب رئيساً واتّفقنا على قانون انتخاب ومجلس شيوخ وعلى اللامركزية، هل هذا يعني انّنا ننتخب على اساس الستّين؟ بحسب النصوص الدستورية، يجب ان نسير باتّجاه إلغاء الطائفية السياسية.
لذا اقترح ان يبقى التوزيع الطائفي، لكن الدائرة وطنية والنظام الانتخابي وطني. ومجلس الشيوخ لديكَ اربع طوائف أساسية، والمسيحيون اربع طوائف، يتساوى فيها التمثيل على قاعدة المناصفة، لأنّ الفروقات في التمثيل تجعل مجلس الشيوخ بلا معنى. قانون الستين سيؤدي الى فتنة في البلد فلا تتسرّعوا فيها.
- السنيورة: سأسير بشكل عملي، استَمعنا الى وليد بك يقول البارحة انّ القضية لم تستوِ بعد، لدينا منذ الآن وحتى الانتخابات الاميركية على الاقلّ شهران ونصف، ما نقوم به ليس تعديلاً للنظام بل لتطبيق للنظام، كيف نعمل في هذا الوقت ورَش العمل، اقول ذلك بصدق كي يدركَ الناس انّ هناك روحاً ايجابية بين القوى في بحثِ هذه الموضوعات، وهذا يعطي صورة ايجابية عمّا يجري.
ومع كلّ هذا التهشيم الذي يجري في المؤسسات بسبب الاحزاب والطوائف دعونا نعُد الى فكرة الجدارة. اقترح ان نسير بورَش عمل مترابطة لدراسة هذه الموضوعات.
- فرنجية: اذا دخلنا بمجلس شيوخ، علينا ان ندرس قانون الانتخاب بنفَس جديد.
- آغوب بقرادونيان: امام الطروحات الجديدة هناك مخاوف، لذلك اقترح ان يبقى التوزيع المذهبي في المجلس والمساواة بين المذاهب في مجلس الشيوخ.
- بري: إذا اردنا ان نسير بهذا الأمر (اي مجلس الشيوخ) لا بدّ ان يكون مجلس النواب منتخباً على اساس النسبية الكاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة.
- الوزير ميشال فرعون: نشكرك دولة الرئيس على النقاش الهادئ، في حين انّ ما يجري على الاقلّ هو تطوير للطائف، وجلسة اصلاحية تتجاوز الدوحة. الرئاسة لا تحتاج الى تفاهم فقط، بل الى الثلثين. امّا قانون الانتخاب فهو لا يحتاج الى ثلثين، فما الذي يمنع ان ننزل الى المجلس النيابي ونقرّ قانوناً بالاكثرية؟
- بري: عليك ان تأخذ ما قاله سليمان بك من انّ تشكيل مجلس الشيوخ يغيّر في وجهة قانون الانتخاب.
- السنيورة: هذا تفكير، يفتح كوّةً في جدار الحل.
- بري (متوجّهاً الى فرعون): ما تقوله الآن، انا قلته البارحة، اذا مشينا في هذا الامر نكون نطبّق دستورنا، واذا فعلنا ذلك نفتح اوتوستراداً امام رئيس الجمهورية.
- نائب رئيس النواب فريد مكاري: ما طرحه الرئيس بري يبدو انّه يلقى قبولاً من الجميع. حتى نربح وقتاً ضَع دولتك الميكانيزم لتطبيق هذا الموضوع.
- النائب اسعد حردان: الوضع مهمّ الى درجة انّه يحتاج الى نقاش، ونحن لا زلنا نستمع مجلس شيوخ. انطلقنا البارحة من نقطة حيوية هي ضرورة تطبيق الدستور ومن ثمّ التزامن بين قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ وتطبيق قانون وطني انتخابي. فليشكّل فريق عمل لإنضاج هذه المسائل.
جبران: أنا متلذّذ بالاستماع الى الحديث، لأنّي لا اريد التعليق ان يبدو وكأنّه سلبي او يبدو كموافقة.
وأنا اسمع الإمام موسى الصدر فيك يا دولة الرئيس اليوم. نحن كتيّار او كمسيحيين، نحن من الناس الذين قلنا انّنا نريد ان نحكي بقانون انتخاب، وظننت انّنا سنحكي اليوم بهذا الموضوع، فطرح موضوع مجلس الشيوخ الذي اعتبرناه فتحة للتفكير بمجلس النواب وطنيا.
نعود الى مقاربة مجلس الشيوخ، هذا الموضوع يجب ان يأتي في سياق متكامل ليطمئن الجميع.. قانون الانتخاب من حقّ الرئيس ان يطعنَ به دستورياً وإنّ من حق مجلس النواب وكفَتوى ان يشرّع قانون الانتخاب في إطار صلتِه بتكوين السلطة. هناك ناس في البلد غير مطمئنّين ونحن منهم، وهناك من هو مشغول بالُه على الطائف، بينما نحن قبلاً رَفضنا الطائف واليوم لم نوافق عليه بل سلّمنا به.
اليوم نُتّهم انّنا نفرض رئيساً، لو كنّا نسمّي «ابو ناعسة» مرشّحاً للرئاسة لكُنّا نفهم ذلك، لكن بما انّ المسيحيين بأكثريتهم يريدون فلاناً، المسألة مختلفة.
هل علينا ان ننتظر الانتخابات الاميركية، شهرين، ثلاثة، فلنجرِ انتخابات نيابية لكن على قاعدة ان يتمّ اختيار من ي<