يختتم الحوار الوطني خلواته الثلاثية اليوم بجولة أخيرة تقرّر تركيز النقاش فيها على موضوع قانون الانتخاب ومحاولة رسم معالمه وتحديد الخطوط التوافقية العريضة لماهيته مع الأخذ بالاعتبار ما يقترن به من خطوات إصلاحية للنظام تحت سقف الطائف بدأ المتحاورون أمس بمقاربتها كمسألتي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية. وإذا كان نهج التعطيل الدستوري المتعمّد تمكن من وأد الأمل في أن يخرج الحوار بحل توافقي للأزمة الرئاسية إلا أنه لم يحل دون إطفاء وهج الأولوية الرئاسية على جدول أعمال المتحاورين، على أنّ الخوض في البنود الإصلاحية المندرجة ضمن إطار استكمال تطبيق اتفاق الطائف يأتي في سياق «تعبيد الطريق» أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال «ورش عمل» منبثقة عن «ثلاثية» عين التينة وتُعنى بتقريب المسافات والطروحات المتباعدة بين الأفرقاء السياسيين «تمهيداً» لتطبيقها «بعد انتخاب الرئيس» كما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على استفسارات عدد من أقطاب الحوار. 

وفي تفاصيل مجريات جولة الحوار الثانية أمس، وفق ما نقلتها مصادر المتحاورين لـ«المستقبل»، أنّ بري استهل الجلسة بتأكيد «إعطاء الأولوية عند تطبيق ما يتم التوصل إليه في الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية» داعياً في هذا السياق إلى الخوض في بحث مسألة تشكيل مجلس الشيوخ باعتبارها مسألة متلازمة مع النقاش الجاري حول ماهية قانون الانتخاب الجديد المزمع إقراره، من منطلق كونه مرتبطاً بضمان قاعدة المناصفة الوطنية وحفظ حقوق الطوائف والمذاهب في هيكلية الدولة، مع إشارته إلى وجود أكثر من مشروع لقانون الانتخابات النيابية العتيد وعدة مشاريع لقانون اللامركزية الإدارية تم توزيعها على المتحاورين لدراستها. وحين طالب كل من رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل والوزير بطرس حرب بضرورة إرجاء تطبيق أي من الإصلاحات الدستورية إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية لحفظ حقه في رد القوانين وإبداء الرأي فيها كما ينص الدستور، لفت بري الانتباه إلى أنّ ما يطرحه هو بمثابة عملية تمهيدية يُصار خلالها إلى محاولة التوصل لتوافقات سياسية حول البنود المطروحة كقانون الانتخاب ومجلس الشيوخ على أن يكون تطبيق ما يتم التوافق عليه بعد انتخاب الرئيس.

وبينما أثنى عدد من أقطاب الحوار على طرح بري واعتبروه خطوة إيجابية، سارع ممثل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وزير الخارجية جبران باسيل، إلى الخروج عن الصمت الذي التزمه حيال هذا النقاش قائلاً: «كي لا يُفهم صمتنا خطأ فإنني أود إبداء عدم موافقتي على ما طُرح»، وأردف موضحاً في ما يتعلق بمسألة تعطيل النصاب في جلسات انتخاب الرئيس: «نحن نعتبر أنّ التعطيل حق دستوري وسنبقى نعطّل حتى نحصل على ما نريد»، مضيفاً: «مستمرون في التعطيل طالما أنّ «حزب الله» والأكثرية المسيحية معنا وسنظل متمسكين بحقنا كمسيحيين في انتخاب الرئيس وإلا فإنّ المناصفة الحالية تكون مجرد كذبة». 

وفي حين أعرب رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عن تأييد «حزب الله» المطلق لكلام باسيل عن أحقية فريقه السياسي بالتعطيل والامتناع عن تأمين النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، عاود باسيل التشديد على ضرورة امتثال المكونات الوطنية للمعيار الذي يطرحه «التيار الوطني الحر» إزاء الاستحقاق الرئاسي لناحية انتخاب عون رئيساً وإلا إجراء استفتاء شعبي أو استطلاع رأي لحسم الحظوظ الرئاسية، الأمر الذي بادر رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية إلى التعليق عليه بإبداء استعداده للموافقة على انتخاب رئيس للجمهورية «مباشرة من الشعب لمرة واحدة».

من جهته، علّق حرب على طرح الاستفتاء الرئاسي بالإشارة إلى عدم وجود أي مادة تنص على مثل هذا الطرح في الدستور، بينما توجّه الجميل إلى باسيل بالقول: ما تقوله يعني «يا عون يا ما في دولة» وبذلك أنت تتعدى على حريتي الشخصية» في اختيار الرئيس.

أما رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة فشدد في مداخلته على تأييد الكتلة لكل من مسألة إنشاء مجلس شيوخ واعتماد اللامركزية الإدارية لكنه أكد في الوقت عينه على كون الأولوية ستبقى لملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية ومن ثم يتم الانصراف لاتخاذ القرارات الإصلاحية تحت سقف الدستور. وفي نهاية الجلسة دعا بري المتحاورين إلى التركيز في جولة الحوار الختامية اليوم على مناقشة قانون الانتخاب والمواضيع المتلازمة معه تمهيداً لتشكيل لجان عمل معنية بدرس هذه المواضيع ومحاولة التوصل إلى توافقات سياسية بشأنها.