ان "يُحتفى" في اليوم الثاني من ثلاثية الحوار بنفض الغبار عن مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية الملحوظين في اتفاق الطائف مع بنود "نائمة " كثيرة أخرى لا يعني سوى ان المتحاورين يواجهون ما لم يكن مفاجئاً اطلاقا من اللحظة الاولى لانعقاد هذه الجولة وهو انها مفضية الى دوران في فراغ يملي انقاذ الحوار في ذاته. ووسط مناخات الذكرى الخامسة عشرة لمصالحة الجبل التاريخية التي ستحيا في المختارة السبت المقبل، بدت العودة المفاجئة الى احياء بعض البنود الاصلاحية في اتفاق الطائف بمثابة مفارقة من مفارقات الحوار وقت تتعقد امام المتحاورين سبل اختراق الازمة الرئاسية. فمع ان أحداً لا يمكنه انكار الاهمية الكبيرة لمبدأ تطبيق الطائف بكل مندرجاته، وهو النشيد الذي كرره بعض المحاورين أمس، أبلغت مصادر وزارية مواكبة لإعمال الحوار النيابي "النهار" ان النتائج أظهرت ان لا إختراق سيتحقق سواء في موضوع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية أم في موضوع إعداد قانون للانتخاب، وإن ما طرح عن إنشاء مجلس للشيوخ ليس سوى ملهاة ستتكرس في إنشاء لجنة متابعة.

 

اليوم الثاني
وفي وقائع اليوم الثاني للجولة الحوارية الجارية برز وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري بتشكيل ورش عمل لدرس قانون انتخاب وطني يحفظ قاعدة المناصفة وفق النسبية الكاملة، ومجلس شيوخ مذهبي وفق القانون الارثوذكسي يضمن حقوق الطوائف الامر الذي اعتبر "الأرنب" الذي أخرجه الرئيس بري من كمّه، إما لأن ظروف الرئاسة لم تنضج بعد، كما لمح في مداخلته مؤيّداً ما كان قاله النائب وليد جنبلاط، وإما لأنه خبر كيف دفنت كل مشاريع واقتراحات قوانين الانتخاب في مقابر اللجان الفرعية والمشتركة.
لكن الرئيس فؤاد السنيورة استعار من الشاعر نزار قباني عبارة "ما أحلى الرجوع اليه"، أي الى الدستور القائم على نظام يؤمن التنوّع ومصالح كل فئة. "والرجوع اليه يرضي الكل، وهو القاعدة الاسمنتية الصلبة التي يقف عليها الوطن. دستورنا قدّم أمرين: النظام البرلماني الديموقراطي الذي يحترم ارادة الشعب والنظام الجماعي او مجلس الشيوخ الذي يحفظ مصالح الجماعات"، وقال:" فعلياً هذا النظام هو افضل ما يمكن ان يؤمن التنوع كما يؤمن لكل فئة حضورها ومصالحها".
وأضاف: "الناس تواقة للرجوع الى الدستور والقانون والنظام سيّد الكل، والى ان تعود الكفاءة معياراً لاختيار المسؤولين فلا يطمح أحد الى التلاعب بالدستور وتعديله لصالح فلان أو علتان. وعلاقتنا بالعالم ليست على ما يرام وكلها إنذارات". واكد أن "الامور لا تركب من دون رئيس جمهورية ". وأشار الى أن الازمة "جعلتنا نستولد امس فرصة جديدة هي فكرة التوافق فلا يفرض أحدنا رأيه على الآخر"، ملمحاً بذلك الى امكان البحث عن مرشح توافقي بدل وقوف كل طرف عند مرشحه.
ورحّب النائب طلال ارسلان "بالموقف المتقدم والإيجابي بإنشاء مجلس شيوخ يكون مرتبطاً بقانون الانتخاب".
ثم شرح الرئيس بري وجهة نظره في قانون للانتخاب " يحفظ قاعدة المناصفة وبأن كلمة وطني تعني ٥٠ بالمئة مسيحيين و٥٠ بالمئة مسلمين، رغم تفاوت عدد المسيحيين والمسلمين بين الداخل والاغتراب،ويؤدي الى خفض 90 في المئة من كوليسترول الطائفية"، كما شرح مفهومه "لمجلس شيوخ ينتخب على أساس المشروع الارثوذكسي ".
واشار النائب سليمان فرنجيه الى ان "هذا يأتي بعد الغاء الطائفية السياسية ".وذكّر الوزير بطرس حرب بتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية مرحباً بانشاء مجلس شيوخ اذا كان يريح الطوائف. أما النائب سامي الجميّل، الذي دعا إلى علنية جلسات الحوار ما دام بعض الأطراف يسرّب محاضرها بما يلائمه إلى الصحف ووسائل الإعلام، فركزعلى دور رئيس الجمهورية الميثاقي والدستوري الأساسي في أي شكل من أشكال عمل المؤسسات نظراً إلى حقه في رد القوانين أو الطعن فيها أو الإيعاز بإصلاحها ونشرها بمراسيم بما يعني أنه لا يمكن إجراء إصلاحات في غيابه وخارج المؤسسات. وشدد على أن انتخاب الرئيس هو بداية الإصلاح ونقطة الإنطلاق للخروج من الأزمة، كذلك لا يجوز تجاوز المؤسسات الدستورية في أي شكل أيضاً. فوافق الجميع ولكن الرئيس بري ارتأى السعي إلى اتفاق على بعض النقاط، مثل مشاريع قانون اللامركزية الإدارية التي يريد إرسالها إلى لجنتي الإدارة والعدل والداخلية في مجلس النواب للاتفاق على أحدها، وتشكيل لجنة من هيئة الحوار للبحث في قانون إنشاء مجلس الشيوخ من منطلق مباشرة التحضير له على أن تُطرح هذه المشاريع لإقرارها بعد انتخاب الرئيس.
وايّد الرئيس نجيب ميقاتي الجميل مقترحاً الاتفاق على استكمال تطبيق الطائف باقرار مجلس الشيوخ وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية وقانون الانتخاب واللامركزية الادارية على ان يلتزم الرئيس المقبل اقرارها لأنها كلها تعزز استكمال تطبيق الطائف ويمكن ان تكون الطريق الأسرع والأسهل لانتخاب رئيس.
وقال بري ردا على مداخلات إن مجلس الشيوخ يقوم على المساواة وتأمين حقوق الطوائف ولكن مجلس النواب لا يمكن ان يكون مجلس شيوخ آخر. وقال الوزير ميشال فرعون ان مجلس الشيوخ يحتاج الى وقت، مشدداً على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وتساءل: ما الذي يمنع من التصويت على قانون الانتخاب؟ ولاحظ ترحيباً وتشوقاً لمناقشة إصلاحات لتطوير النظام السياسي، لكنه يحتاج الى وقت والى ورش عمل وجلسات وقيادات وغيرها كما حصل في الطائف.
جاء الجواب من السنيورة بأن هناك جموداً ومحاولة لفتح كوة وادخال ضوء جديد يجعلنا نفكر بطريقة جديدة.
ورحب نائب رئيس المجلس فريد مكاري بطرح الرئيس بري وباستجابة المتحاورين له.
وقال الوزير جبران باسيل للرئيس بري إنه "يسمع في كلامه صوت الامام موسى الصدر، نحن نطالب بقانون انتخاب يؤمن العدالة وتعالوا نفكر خارج الكلاسيكية ونقبل بعضنا بالبعض".
وهنا قال بري:" مجلس الشيوخ ضمان وطني والضمان الثاني هو مجلس النواب الوطني ولا يمكن لبنان ان يتجاوز هذه السنة من دون رئيس للجمهورية ويجب الاعتماد على الحلٰ الوطني أكثر من الانتماء الى أ- س (ايران والسعودية)". وأيد النائب محمد رعد سلّة الاصلاحات بما فيها قانون يؤمن التمثيل العادل والصحيح.
وتعهّد الجميع شرطين للسير بالاصلاحات: انتخاب رئيس واقرار قانون الانتخاب قبل ايلول 2016.

 

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء عصر اليوم ستشهد سجالاً في موضوعيّن: الاول ,يتعلق بملف الاتصالات بين الوزيريّن باسيل وحرب على خلفية عقديّ الخليوي والانترنت. والثاني، طرح الحزب التقدمي الاشتراكي تغيير المدير العام لوزارة الاتصالات المدير العام لهيئة "اوجيرو" عبد المنعم يوسف الامر الذي سيواجه بمعارضة قوية بإعتبار ان الموضوع لا يزال أمام القضاء.
واوضحت مصادر وزارية ان موضوع تمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي يمضي في مسار بعيد منالاضواء لدى وزير الدفاع سمير مقبل.

"حزب الله " والقانون الاميركي
على صعيد آخر، برز موقف جديد لـ"حزب الله" من قانون العقوبات الاميركي عبر عنه نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في تصريح لوكالة "رويترز" إذ أبدى ارتياحاً الى مجريات الامور مع حاكم مصرف لبنان والمصارف. ومما قال: "الحمد لله من خلال التحرك الذي حصل والنقاشات التي جرت مع حاكم مصرف لبنان والمصارف والمعنيين في لبنان تمت محاصرة القانون بحدوده الدنيا ". واشار الى ان "التطبيق الذي حصل حتى الآن من خلال تعاميم مصرف لبنان كان متوازناً ومنطقيا وان شاء الله تستمر الامور بهذه الطريقة "