ما زال الحوار راوح مكانك , ولا سلة ولا من يحزنون
السفير :
لم يعد من قبيل المبالغة القول إن سوريا يجري تحويلها الى عاصمة «الجهاد العالمي»، وفيها «المطبخ السرّي» الذي تقود العملَ فيه كبارُ عقول «السلفية الجهادية» في العالم وأمهر قادتها على الإطلاق. وراء الأسماء الكثيرة للتنظيمات المسلّحة بتفاعلاتها وتحالفاتها وخصوماتها، وخلف تفاصيل الأحداث الدموية اليومية، هناك في مكان ما تقبع ثلّة من الأشخاص يعملون ويفكّرون ويخططون بعيداً عن الأسماء والتنظيمات والتفاصيل، تاركين قيادة المعارك والإشراف على الميادين والجبهات لأهلها من قادة عسكريين وميدانيين.
أما هذه المجموعة الصغيرة، فلديها مهمة أخرى قد تكون الأكبر والأخطر، هي الحفاظ على شعلة «الجهاد» متّقدة وتأمين الظروف والشروط اللازمة لضمان استمرار اشتعالها في سوريا أطول وقت ممكن، وأيضاً لضمان سلاسة انتقالها، كشعلة الأولمبياد، إلى بلد مضيف آخر عندما يحين الوقت، مع الحرص على أن تكون الشعلةُ ساعة الانتقال قد أصبحت أكبر وأكثر توهجاً.
النكهة المصرية تعمّ في أركان «المطبخ السرّي» بل تكاد تكون النكهة الوحيد الطاغية. يصعب تفسير ذلك، لكن لا شك في أن مصريّة ايمن الظواهري، زعيم «القاعدة»، كانت أحد الأسباب التي وقفت وراء طغيان هذه النكهة في توقيت حسّاس كادت الأمور فيه تتفلّت من يديه ويتحول إلى «ملك بلا مملكة». فلم يعد سراً أن عدداً من كبار قادة «القاعدة» قد انتقلوا من الشتات الذي انتشروا فيه بعد هجمات الحادي عشر من ايلول، ليستقروا مؤخراً في الأراضي السورية. وقد لا يكون من قبيل الصدفة أن معظم هؤلاء من الجنسية المصرية.
وعكس ما يشاع، فإن القيادات المصرية لم تكن تمانع عملية فك الارتباط بين «النصرة» و»القاعدة»، بل هي التي مهّدت لها وسهّلت القيام بها من دون تعريض بنية «النصرة» لأي اهتزازات قاسية. ويمكن ملاحظة أن الحديث عن فك الارتباط تزامن مع بدء توافد القيادات المصرية إلى سوريا وتحديداً في الربع الأخير من العام 2014. وهو ما يؤكد أن اتخاذ القرار حول هذا الأمر لم يكن بسبب الرغبة في تجنب القصف الجوي فقط، بل تضافرت العديد من الأسباب من بينها التمويه على الانتقال الجماعي لقيادات «القاعدة» إلى سوريا.
كما تشير المعطيات إلى أن بعض هؤلاء القيادات عملوا على إعادة صياغة الإستراتيجية العسكرية المتبعة من قبل «جبهة النصرة» ووضع لمسة خبرات عشرات السنين عليها. ومن أبرز نقاط هذه الإستراتيجية هي سحب اي تهديد للغرب وأميركا من التداول، وهو ما يفسر تراجع الجولاني عن التهديدات التي أطلقها ضد «الشعب الأوروبي» إبان بدء غارات التحالف الدولي في العام 2014. إذ يميل هؤلاء إلى إعادة العمل بسياسة «ضرب العدو القريب» وهي السياسة التي كان يفضلها الظواهري في بداية انخراطه بالجهاد في مصر.
وأبرز القيادات المصرية التي وصلت إلى سوريا مؤخراً، هي: سيف العدل المصري، الذي يوصف بأنه «وزير دفاع القاعدة» واسمه محمد صلاح الدين زيدان، وهو عضو مجلس شورى «القاعدة» والرجل الثالث في التنظيم، وأحد المرشحين لخلافة الظواهري. وكان يترأس «اللجنة الأمنية» في تنظيم «القاعدة» منتصف تسعينيات القرن الماضي، كما لعب «دورًا أساسيًّا في بناء القُدرات التشغيلية للمُنظمة، بفضل خبراته العسكرية التي لا تُقدر بثمن» حسب آري ويسفيوز الباحث في المركز الأميركي لمكافحة الإرهاب. ولكن من غير الثابت ما إذا استقر في سوريا أم عاد وغادرها بعد إتمام مهمته فيها والتي يعتقد أنها تتعلق بتطهير الصف الأول من «جبهة النصرة» من بعض القيادات، وبالتقارب مع بعض التنظيمات الأخرى.
والثاني هو أبو الخير المصري، واسمه عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، الذي تبين أنه عُيّن نائباً عاماً لزعيم «القاعدة» خلفاً لناصر الوحيشي الذي قتل في اليمن جراء غارة أميركية، وذلك بعد ظهوره في مقطع فيديو يعطي فيه زعيم «النصرة» الضوء الأخضر لإعلان الانفكاك. قبل ذلك كان أبو الخير المصري مسؤولاً عن التنقل والأمور اللوجستية والمصاريف التي يقدمها لعملاء «القاعدة» ممن يتم ارسالهم بمهام خارجية، بالإضافة إلى منصبه كمسؤول «العلاقات الخارجية» وعضو مجلس شورى. ويقيم أبو الخير ،حالياً، في محافظة إدلب في الشمال السوري في معاقل «جبهة النصرة».
وكذلك انتقل إلى الأراضي السورية القيادي في «القاعدة» أبو محمد المصري الذي كان يوصف بأنه الذراع اليمنى لأسامة بن لادن. وهو ضابط سابق في الجيش المصري ويعتبر من المؤسسين الأوائل لتنظيم «القاعدة» ومن كبار قادته العسكريين، واسمه المتعارف عليه هو عبد الله أحمد عبد الله. ويحمل ألقاباً اخرى مثل أبو محمد الزيات وأبو مريم وصالح، ويعتقد أنه نسيب «أبو الفرج اليمني» الذي كان يشغل منصب مسؤول «اللجنة الشرعية» لجماعة الجهاد المصرية قبل أن يعتقل في العام 2003.
ويعتقد أنه اجتمع في سوريا في وقت من الأوقات خلال الأشهر الماضية ثمانية اشخاص من أعضاء «مجلس شورى القاعدة» وهو عدد كبير ويحمل العديد من الدلالات بخصوص توجهات التنظيم على صعيد الإقامة والتمركز. وهو ما يهدد بوجود نية للتنظيم لتحويل سوريا إلى ملاذ له شبيه باليمن خلال العقد الماضي بعد هجمات الحادي عشر من ايلول.
وبالرغم من عدم توافر أدلّة على اتخاذ تنظيم «القاعدة» قراراً بنقل مركزه إلى سوريا، إلا أن انتقال قسم اساسي من بنيته القيادية إلى الأراضي السورية يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن التنظيم اصبح ينظر إلى سوريا باعتبارها العاصمة الحيوية لنشاطه. وتأتي التحذيرات الأميركية من وجود «مخاوف متزايدة من قدرة «جبهة النصرة» المتنامية على شن عمليات خارجية، قد تهدد الولايات المتحدة وأوروبا» كي تزيد من القناعة بأن سوريا لم تعد في نظر التنظيم مجرد مقر لأحد فروعه، بل هي مقر مركزي ينشط فيه كبار قادة «القاعدة» وتدار من خلاله أكثر أنشطة التنظيم سرية وخطورة.
قد يبدو غريباً الحديث عن ذلك، في الوقت الذي أعلنت فيه «جبهة النصرة» حلّ نفسها وتشكيل تنظيم جديد باسم «جبهة فتح الشام» ليس له أية ارتباطات خارجية، وفق ما قاله زعيمها أبو محمد الجولاني قبل ايام. إلا أن صورية هذه الخطوة والطريقة التي تم إخراجها بها، قد تكون سبباً لترجيح تفسير آخر «للمخالعة الرضائية» بين الطرفين وهو محاولة التمويه والتغطية على نزوح «البنية القيادية للقاعدة» إلى سوريا واتخاذها معقلاً اساسياً من معاقلها، بالإضافة إلى اسباب أخرى فرضتها التطورات الاقليمية والدولية المحيطة بالأزمة السورية. وهناك وجه آخر للمفارقة السابقة قد يبين حقيقة الأمر. فإذا افترضنا أن انفصال «النصرة» عن «القاعدة» حقيقي كما يزعم قادتها، فمن يأوي قادة «القاعدة» المتواجدين في سوريا، ومن يؤمن لهم الحماية؟.
ولا يقتصر تصدير القيادات المصرية إلى سوريا على «جبهة النصرة» فحسب، والتي ينبغي الإشارة إلى أن أحد أعضاء مجلس الشورى فيها يحمل الجنسية المصرية ويعد من القيادات المخضرمة في «الجهاد العالمي» وهو أبو الفرج المصري، واسمه أحمد سلامة مبروك، وظهر إلى جانب الجولاني أثناء إلقائه خطاب إعادة تشكيل الجبهة. بل تعدّى ذلك إلى بعض التنظيمات الأخرى وأهمها «حركة أحرار الشام» التي أصر الظواهري منذ البداية على تمييزها عن باقي التنظيمات واختيارها لتكون محل ثقته وعنايته منذ أن اختار أبا خالد السوري مندوباً له داخل الحركة.
ومن هؤلاء رفاعي طه، ويحمل لقب أبو ياسر المصري، وقد قتل بغارة أميركية في ريف إدلب في نيسان الماضي. ويعتبر من مؤسسي تنظيم «القاعدة» بعد أن رفض مراجعات الجماعة الاسلامية في مصر وترك منصب رئيس مجلس الشورى التابع لها، ويقترب أكثر فأكثر من اسامة بن لادن وأيمن الظواهري ويكون أحد قادة الجماعة التي وافقت على بيان تأسيس «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» الذي صدر في العام 1998. وتشير بعض المعلومات إلى أن الرفاعي هو الذي خلف أبا خالد السوري مندوب الظواهري السابق في «حركة احرار الشام» بعد مقتل الأخير في العام 2014. وبعد مقتل الرفاعي يعتقد أن محمد شوقي الاسلامبولي، شقيق قاتل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، اصبح هو من يمثل الظواهري داخل «حركة أحرار الشام».
وقد قتل مع الرفاعي قيادي آخر، لكنه لم يحظ باهتمام إعلامي كبير، يتناسب مع حجمه القيادي، وهو أبو عمر المصري الذي هو نفسه أبو ربيعة المصري الذي يعتبر آخر قائد لكتيبة «الخطاب» التي قاتلت في الشيشان في تسعينيات القرن الماضي. وكان من اللافت أن أبو يحيى الحموي القائد العام لـ «أحرار الشام» قد نعى هذين القياديين على حسابه على «تويتر»، في إشارة إلى أهميتهما لدى الحركة.
وقد انتسب إلى الحركة في وقت مبكر من العام 2012 أحد أكبر مؤسسي تنظيم «القاعدة» أبو ايوب المصري واسمه شريف محمد فؤاد هزاع، الذي قدم إلى سوريا بعد دعوته من قبل القيادي في الحركة أحمد نجيب. وهزاع من أعضاء جماعة الجهاد المصرية ومن أصدقاء أيمن الظواهري مثله في ذلك مثل الأسماء السابقة.
قد تكفي المعطيات السابقة لتفنيد مسرحية «فك الارتباط» وإثبات صوريتها وعدم مصداقيتها. غير أن هذه النقطة تصبح غير مهمة إطلاقاً في ظل المخاطر التي تكشف عنها معطيات «نزوح القيادات»، بخصوص نظرة «القاعدة» إلى الأراضي السورية. فهل هذا الانتقال هو انتقال مؤقت لتنفيذ مهام محددة، أم هو تمهيد لإقامة طويلة؟.
النهار :
على الطابع القاتم الذي اكتسبه عيد الجيش أمس في ظل تكرار حرمانه للسنة الثالثة احياء الاحتفال التقليدي بتخريج دورة الضباط الجدد وتقليدهم السيوف بيد رئيس الجمهورية، ربما شكلت هذه المناسبة بتوقيتها حافزاً اضافياً للضغط على مجمل القوى السياسية التي ستتجه اليوم الى "تجربة المجرب " في جولة الحوار الجديدة. لكن هذه المصادفة لم تظهر أي تبديل محتمل في المعطيات المتشائمة التي سادت عشية انطلاق ثلاثية الحوار في عين التينة اليوم ولثلاثة ايام متعاقبة في ظل غموض واسع حيال أي امكان لاختراق الانسداد الذي يحوط هذه الجولة في البنود المطروحة على المتحاورين والمعروفة ب"السلة " التي تتناول ملفات ازمة الفراغ في رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة.
واذا كانت الحركة السياسية شهدت عشية بدء الجولة الحوارية الجديدة حيوية لافتة وخصوصاً على محور بيت الوسط بما عكس تركيزاً على آفاق الازمة الرئاسية، فان مواقف غالبية الافرقاء السياسيين لا توحي بمعطيات مشجعة على خروج الحوار من عنق الزجاجة سواء في الملف الرئاسي أم في ملف قانون الانتخاب. وعكست مصادر سياسية بارزة معنية بالحوار هذا المناخ بقولها لـ"النهار" إن ثلاثية الحوار ستكون أمام اختبار صعب جداً لسد "السلة المثقوبة" التي تثقل عليها تراكمات اضافية منذ انعقاد الجولات السابقة وخصوصاً مع بلوغ جلسات اللجان النيابية المشتركة طريقاً مسدوداً في محاولاتها ارساء ارضية الحد الادنى من التوافق على صيغة القانون المختلط بين الاكثري والنسبي، كما مع التطورات التي تناولت مواقف الافرقاء من معادلة ترشيحي كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والتي اثبتت استمرار الدوران في دوامة لا أفق للخروج منها قريباً. ولم يفت المصادر الاشارة الى ان تصعيد المناخ السياسي في الايام الاخيرة عقب الخطاب الذي القاه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورد الرئيس سعد الحريري عليه، رسم مزيداً من الشكوك في نتائج الحوار، علماً ان الزيارة التي بدأها امس لبيروت رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بوروجردي اتخذت دلالات معبرة على توقيت اللحظة المتصلة بـ"الحضور الايراني" في المعادلة اللبنانية الامر الذي يزيد المناخ المشدود تفاقماً، خصوصاً ان المسؤول الايراني رسم عنوان زيارته بوصفه لبنان بأنه "قلعة المقاومة والممانعة". وأضافت انه في هذه المناخات ثمة خشية من ان الا تبلغ الجولات الحوارية حدود انقاذ الحوار نفسه والحؤول دون تعطله أيضاً.
وشهد "بيت الوسط" مساء أمس حركة كثيفة بدأت باجتماع طويل لكتلة "المستقبل" برئاسة الرئيس الحريري ومن ثم عقد لقاء بين الحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في حضور الوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق غطاس خوري.
وعلمت "النهار" ان اللقاء الطويل الذي رأسه الرئيس الحريري لكتلة "المستقبل" شهد بحثاً معمّقاً في مختلف القضايا المطروحة ومنها إجتماع الحوار النيابي الذي تنطلق أعماله اليوم في عين التينة.وكان لافتا أنه تقرر ألا يصدر بيان بعد اللقاء.
كما علمت "النهار" ان الرئيس نبيه بري كثّف أمس إتصالاته تعويماً للحوار النيابي كي لا ينقطع من اليوم الاول وشهدت ليلة أمس إتصالات مع المعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل من أجل توضيح مواقف الحزب بعد التصعيد الذي لجأ اليه الامين العام في إطلالته الاخيرة الجمعة الماضي. وفي الوقت نفسه تبلّغ الرئيس بري من عدد من اطراف الحوار انهم لا يقبلون بإزدواجية المواقف من حيث التهدئة الى طاولة الحوار والتصعيد على المنابر ولا بد من توضيح الامور.
وفي سياق متصل,علمت "النهار" انه ليست لدى كبار المسؤولين معطيات تؤشر لحلحلة على صعيد إجراء الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور بسبب التوتر السائد في المنطقة وبين الاطراف المعنيين بهذا الاستحقاق.
ومن المقرر ان يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية عصر الخميس المقبل بعد إنتهاء اعمال الحوار النيابي وعلى جدول الاعمال 56 بنداً في مقدمها بند الاتصالات المرجأ من الجلسة السابقة.
جعجع
في لقاء صحافي عقده أمس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع صرح بانه ليست لديه"ذرة شك في ان إيران و"حزب الله" لا يريدان إجراء إنتخابات رئاسية وأزيد من عندي أنهما لا يريدان العماد عون". لكنه دعا الى "إحداث خرق في موضوع رئاسة الجمهورية ولو كانت المحاولة غير مضمونة". ووصف خيار إنتخاب مرشح غير العماد عون بأنه "إقتراح غير جدي". ووصف العماد عون بإنه "براغماتي وهو مرشح نفسه وليس مرشح غيره". ورداً على سؤال قال: "ان الحريري في لقائه الاخير معه سأله هل تضمن عون ؟" ودعا الى إستعادة عون من "حزب الله". رأى "ان السعودية الان في مكان آخر وخارج موضوع الرئاسة لإنشغالها بحرب اليمن". وركز على أهمية "الاستعجال" في إنتخاب عون. ولمح الى إمكان لبننة الاستحقاق الرئاسي و"الوضع معقد ولذا فإنه يتطلب حلاً معقّداً".
سليمان
وفي المواقف البارزة التي اطلقت في عيد الجيش، الرئيس ميشال سليمان مساء في حديث الى برنامج "وجها لوجه " من "تلفزيون لبنان " بأن الجيش أثبت حرصه وقوته في الحفاظ على لبنان كما ثبت التفاف اللبنانيين حوله وشدد على وجوب الا يبقى أي سلاح خارج الشرعية "وهو الامر الذي اثرناه في الاستراتيجية الدفاعية اذ لا قيام للدولة الحقيقية الا بتوحيد البندقية تحت لواء الشرعية وبالاستراتيجية الدفاعية ". وقال انه اذا لم تبدأ هيئة الحوار من عودة الاعتراف باعلان بعبدا فهي لن تتمكن من التوصل الى نتائج، معرباً عن اعتقاده ان "حزب الله " لا يطمح الى دولة مستقلة وهو حزب لبناني ويريد الدولة. وأكد سليمان انه "ليس مع منطق الامر لي بل هو مع الامن لي ولذا طالبت باستدعاء الاحتياط والسلاح يجب ان يكون فقط في يد الجيش ". وشدد على ان لا قيام للدولة الا باعلان بعبدا الذي اخطأت الخارجية اللبنانية في شطبه العام الماضي من القمة العربية. واوضح ان اعلان بعبدا هو ترجمة لسياسة تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية وهو مطلب تاريخي لبناني وتحديداً مسيحي. وفي الملف الرئاسي طالب "حزب الله " بالنزول الى مجلس النواب وانتخاب من يريده رئيسا للجهورية، متخوفاً من توظيف ملف الرئاسة ورقة مقايضة اقليمية وان يأتي الحل السياسي في سوريا على حساب لبنان في حال استمرار الفراغ الرئاسي. كما شدد على انه لا يجوز اصدار قانون جديد للانتخاب قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه استبعد الاتجاه الى مؤتمر تأسيسي معربا عن ثقته بكلام الرئيس نبيه بري في هذا الموضوع.
المستقبل :
تنطلق أعمال خلوة الحوار اليوم، على مدى ثلاثة أيام، وسط سقوف منخفضة التوقعات، دفعت بعض أقطاب الخلوة الى إبلاغ «المستقبل» بأن جلسة الحوار ستنعقد ولكن لا أفق ملموساً يمكن البناء عليه سوى محاولة غير مضمونة النتائج سيقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتوصّل الى توافق حول قانون الانتخاب، في ظلّ انسداد واضح وصريح حول ملف الاستحقاق الرئاسي.
خلوة الحوار التي عرض الرئيس سعد الحريري أجواءها مع كتلته النيابية أمس، ومن ثم في لقاء مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في بيت الوسط بعد «عشاء حواري» مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة أول من أمس، تلتئم اليوم بحضور كامل أقطابها بجدول أعمال معروف يمكن أن يخرقه نقاش حول ملفّين: موازنة 2017 والنفط.
جعجع
على أن «ثلاثية الحوار» ليست أحسن حالاً بالنسبة الى غير المشاركين فيها، وخصوصاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي رأى أن المرحلة «بلا أفق» محلياً وإقليمياً. وقال في لقاء مع مجموعة صحافيين أمس إن الصورة «واضحة بالنسبة إلينا ومفادها أن إيران و»حزب الله» لا يريدان انتخاب رئيس للجمهورية وأزيد على ذلك أنهما لا يريدان انتخاب النائب ميشال عون رئيساً». أضاف: «ثمة حلّ وحيد ممكن وإن كان غير مضمون وهو السعي لانتخاب عون». ورداً على سؤال عمّا إذا كان يضمن عون في حال وصوله الى قصر بعبدا قال: «الدستور هو الضمانة لأن الصلاحيات محدّدة وواضحة وكل شيء منوط بالغالبية النيابية».
أضاف جعجع: «بصرف النظر عن الشخص نحن ذهبنا في خيار عون لأننا وجدنا فيه الحلّ الممكن والوحيد ولو لم نتخذ هذا الخيار لكان انتخب النائب سليمان فرنجية خلال أسابيع مع التذكير باتصال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند به بعد دعم ترشيحه من النائب سعد الحريري». لكنه أوضح أن الحريري «لا يمكن أن يُلام ولم يبادر من منطلق رفض انتخاب رئيس قوي بدليل أنه كان أول مَن فكّر بدعم ترشيح عون، لكن المسؤول عن عدم انتخاب الجنرال هو «حزب الله» الذي لم يضغط على حلفائه لانتخاب عون. هذا الأمر لا يمكن أن نطلبه من الحريري وإنما من «حزب الله» الذي هو حليف عون».
ورفض جعجع اللجوء الى خيار رئاسي ثالث «لأن رئيس تسوية يعني أن لا وجود لرئيس جمهورية».
عيد الجيش
من جهة أخرى، حلت مناسبة عيد الجيش في الأول من آب لهذا العام كما في العام الذي سبقه، بمرارة وغصة، تزامناً مع استمرار تغييب رأس الجمهورية، الذي اعتاد الجيش أن يقيم احتفالاته بحضوره وبرعايته، حيث يقلد السيوف للضباط الجدد، ومع بقاء عدد من العسكريين اللبنانيين المخطوفين في أيدي تنظيم «داعش» الإرهابي، واستبدلت باحتفالات رمزية في بيروت والمناطق، في حين أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي في «أمر اليوم» الذي وجّهه الى العسكريين، «أنكم حميتم وما زلتم تحمون لبنان، لبنان صيغة العيش المشترك، التي أرسى دعائمها اتفاق الطائف، وحافظتم على سيادة الوطن ومكانته الإقليمية والدولية«. وأشاد عدد من الوزراء والنواب والسياسيين بـ»الجيش ودوره في حماية الوطن، ومواجهة القوى الإرهابية على الحدود»، آملين «حل قضية العسكريين المخطوفين وعودتهم سالمين الى أهاليهم ومؤسستهم العسكرية». كما ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في المناسبة، قداساً في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، مذكراً بـ»الغاء احتفال تقليد السيوف للضباط للمرة الثالثة على التوالي بسبب شغور سدة الرئاسة».
الديار :
اذا هبط الوحي من اي مكان، واستيقظ الضمير لدى اهل السياسة عندنا، الضمير المعطل كما كل المؤسسات الدستورية في الدولة...
حين كان الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكار ديستان رئيساً للجنة الدستورية في الاتحاد الاوروبي قال: «لقد حوّلنا الضمير السياسي الى مؤسسةًَ». لم يعد ظاهرة شخصية بل نهجاً وفلسفة عمل...
اللبنانيون يتمنون ان يذهب المتحاورون اليوم الى عين التينة لا ليسترخوا في ظل شجرة التين، او في ظل الرئيس نبيه بري، وانما ليمسحوا الغبار عما بقي لديهم من ضمير سياسي في زمن المافيات، والفضائح، وفي زمن النخاسة السياسية والاستراتيجية...
اليوم، وغداً، وبعد غد، اختبار للقوى السياسية ما اذا كانت قادرة على انقاذ لبنان، وانقاذ اللبنانيين، او ترك لبنان، واللبنانيين، تذروهم العواصف والحرائق التي تضرب المنطقة من كل حدب وصوب...
ان اخفق المتحاورون، واظهروا انهم عاجزون (والى الابد)، فاي هوة، واي هاوية، تنتظر لبنان اذا كان «اهل البلد» (هل حقاً ان اللبنانيين ما زالوا اهل البلد؟) امام «فرصة اخرى»، «خدعة اخرى» لتغطية العجز او لتغطية الفشل...
قيل لنا مرات عدة هذه الطبقة السياسية قضاؤكم وقدركم. وزير سابق قال لـ «الديار» المطلوب ثورة ضد... القضاء والقدر».
الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري التقيا، الاثنان حائران لان القوى الاقليمية ايضاً في حالة من الحيرة او التيه، والاثنان مقتنعان بان الاشهر المقبلة قد تأتي بجديد بما في ذلك بعض الانفراج في المنطقة ما دامت واشنطن وموسكو تجاهرن برغبتهما في نقل الشرط الاوسط من «ثقافة الازمات» الى «ثقافة التسويات»، غير ان طريق الجلجلة طويل ومعقد وشاق، ثم ان الوقت ضاغط جداً. الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في 8 تشرين الثاني المقبل، الروس والاميركيون متفاهمون على الخطوط العريضة، كما يستشف من تعليقات محللين على صلة يومية ومباشرة مع الادارة.
المشكلة في التفاصيل، السفيرة الاميركية اليزابت ريتشارد تتجنب الغوص في هذه التفاصيل. امام زوارها تطرح الاسئلة، وتبدو متوجسة (جداً) من وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض.
المراسلون الاميركيون الذين يعرّجون على بيروت، وقد تكاثروا حين احتدمت معارك حلب، يفاجئون من يسألهم عن سياسات بلادهم اذا ما انتخب المرشح الجمهوري. الرد قد يكون واحداً، وهو ان هناك من يعتبر ترامب «عميلاً روسياً» او «ممثلا شخصياً لفلاديمير بوتين في البيت الابيض». الكل تقريباً يتوقعون اغتياله لانه سيعرض مصالح استراتيجية كثيرة في العالم للخطر او للاضطراب...
الساحة اللبنانية تعيش تحت وطأة المعلومات، والتحليلات، المتناقضة، بانتظار ان يوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق مصادر معلوماته حول القرار الدولي بانجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية العام.
في الكواليس يتردد ان الحريري وضع امام بري المعطيات التي لديه. لا شي ء يشي بان قطار الحلحلة سينطلق في وقت قريب، ومصادر في عين التينة تؤكد ان الكلام الاخير للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله لا يعني «تفجير» الاستحقاق الرئاسي، كما صرح عدد من نواب تيار المستقبل، لان الازمة الرئاسية «تتمترس» في اساس الصراع، وليست مرتبطة بالمواقف التي تعلن في سياق هذا الصراع.
لا معطيات حسية، بل الكل يستندون الى التحليلات، والكل من زاويته الخاصة او من خندقه الخاص، الرئيس فؤاد السنيورة ما زال عند قناعته التي لها خلفياتها بطبيعة الحال، من ان بري يريد ان يحمل «الاوركسترا» بكل اعضائها الى «مكان آخر».
هذا بالرغم من ان المقربين جداً من عين التينة يقولون بل يؤكدون ان بري يؤكد انه ليس هو ولا السيد نصرالله يريدان المس باتفاق الطائف «ولو كانا يبغيان خلاف ذلك فما الذي يمنعهما من المجاهرة برأيهما؟».
لكن رئيس كتلة المستقبل يضع على طاولته نص خطاب سابق للامين العام لـ«حزب الله» وفيه يدعو الى عقد مؤتمر تأسيسي ينطلق من الحقائق السياسية والعسكرية، فضلاً عن الحقائق الديموغرافية، على الارض. اما وقد تراجع عن ذلك في خطاب لاحق فلانه تلقى نصيحة من بري على ان يتم التعاطي تكتيكياً مع هذه المسألة»، بحسب مصادر السنيورة.
ـ النازحون بند اول ـ
لا احد يستطيع ان يقنع السنيورة بغير ذلك، وهو الذي يتولى ادارة جناح الصقور في تيار المستقبل.
وما تكشف عنه «الديار» ان مراجع مشاركة في الحوار تلقت نصائح من سفارات دول اوروبية في بيروت بان تضع ملف النازحين السوريين كبند اول في جدول اعمال الحوار لان هذا الملف تحول الى «ورقة خطيرة في يد قادة الصراع في الشرق الاوسط».
ولم يعد سراً انه عندما طرح موضوع نقل النازحين السوريين في بلدة عرسال ومحيطها الى منطقة القلمون السورية، كان هناك رفض كامل من القيمين على هؤلاء النازحين الذين اصروا على البقاء في لبنان لحين زوال نظام الرئيس بشار الاسد...
المتحاورون اليوم امام امواج متلاطمة، بري لم يعد متمسكاً باجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، قال بـ«المحاكاة مع الدوحة»، وعلى الفور كان هناك من يلفت الى ان مؤتمر الدوحة لم ينعقد الا بعد جراحة عسكرية بالغة الدقة في 7 ايار 2008، اي ان المحاكات تحتاج ايضا الى ارض ساخنة.
ـ الصواعق تكفي ـ
اما رأي مصادر بري، تكفي السخونة السياسية، وتكفي السخونة الاقتصادية، بل وتكفي الصواعق التي تضرب المنطقة لتجعل اللبنانيين يشعرون او يستشعرون انهم في دائرة الخطر، وان الخيار الوحيد امامهم لكي لا تنتقل الحرائق الى مقر دارهم هو «المناعة الداخلية» التي تتمثل بالانتظام السياسي كما بالانتظام الدستوري».
هل تقرع الاجراس لاهل الحوار مساء الخميس اي بعد انتهاء الثلاثية ام تقرع الطبول ايذاناً بأن الازمة، بكل اثقالها، في اتجاه التصاعد والتصعيد؟
النائب وليد جنبلاط زار الحريري الذي يتردد انه ينتظر شيئاً في المنطقة عشية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ويمكن ان تكون له تداعياته على الساحة اللبنانية.
وبحسب مصادر سياسية فان جنبلاط لا يشاطره هذا الرهان ويعتبر انه كلما تسارعت الخطى باتجاه تبني ترشيح عون كلما كان ذلك افضل لرئيس تيار المستقبل كما للبلد.
الدكتور سمير جعجع قال ان «الدنيا خربانة والاسوأ، والاخطر، من الخراب الا افق للحل، ولا ندري ما الذي ينتظرنا في طاولة الحوار».
واشار الى ان الحريري «سألني في لقائنا الاخير هل تضمن عون اذا انتخب رئيساً، فكان جوابي ان النظام والدستور هما الضمانة لا سيما ان صلاحيات رئيس الجمهورية معروفة ومحددة».
اضاف «اتفهم موقف الحريري، وهو يدرك ان فتح ثغرة في جدار الازمة الرئاسية ليس مطلوباً منه بحضوره كل جلسات انتخاب الرئيس بل من «حزب الله» حليف الجنرال الذي عليه ان يقوم بمعركة هذا الاخير».
ووصف جعجع بري بأنه «ذكي وحكيم ولا يقدم على خطوات عشوائية، واعتراضه على عون يعكس الموقف الحقيقي لـحزب الله» معتبراً ان بري يلعب في هذه الايام دور الـBaby sitter.
ولاحظ النائب علي فياض «ان هناك مؤشرات ايجابية في ملف الرئاسة، وتأمل اكتمال الصورة في المرحلة المقبلة».
ولفت نائب رئيس المجلس فريد مكاري الى «ان المعلومات التي تتحدث عن انتخاب عون في جلسة 8 آب ليست جدية حتى الساعة».
ورأى «ان «حزب الله» ليس مستعداً لبيع ورقة الرئاسة بسعر لبناني فقط الا اذا تم الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية او الحكومة ضد جلسات الحوار، وسيكون ذلك خروجاً على الاصول الدستورية، مستبعداً امكانية التوصل الى سلة متكاملة.
ورأى حزب الكتائب «ان المطلوب من الحوار ابقاء لبنان بمنأى عن الانهيار السياسي والاقتصادي والامني، وعودة الانتظام الى المؤسسات الدستورية والديموقراطية.
ـ ضرب «حزب الله» ـ
الى حد بعيد تبدو الاجواء عائمة عشية الحوار، في حين ترد الى بيروت معلومات تفيد بان جهات اقليمية تنشط من اجل ضرب «حزب الله» في سوريا قبل تنظيم «داعش» او بالتزامن معه.
تضيف المعلومات ان هناك اتصالات، ومشاورات، للضغط على واشنطن من اجل رفع مستوى المواجهة مع الحزب الى حدود الضربة العسكرية، او على اساس انه سيزداد قوة اذا ما تم القضاء على «داعش» في سوريا.
ولوحظ ان البروفسور دانييل سروير، والاستاذ في جامعة جون هوبكنز والباحث في معهد الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية رأى في مقال نشرته «الواشنطن بوست» امس، ان «قصف ومواقع واهداف» «حزب الله» يمثل اولوية الامن القومي الاميركي».
وسروير شديد التأثير والتأثر باللوبي اليهودي في الولايات المتحدة «ايباك» وهو على علاقة وطيدة مع مسؤولين عرب رفيعي المستوى، ولطالما اعتبرت مقالاته بالمؤشر على احداث او احتمالات محددة.
واعتبر ان عمليات القصف «ستكون امراً صائباً يعود بفوائد كبيرة على واشنطن، وسيجدد التزامها محاربة الارهاب، كما يؤكد اعتزامها محاسبة الحزب، ويعجل، في نهاية المطاف بنهاية الحرب الاهلية في سوريا، كما يجعل التوصل الى اتفاق سياسي امراً ممكنا».
واشار سروير ان باستطاعة الولايات المتحدة ابلاغ موسكو وطهران بأن «حزب الله» يجب ان ينسحب من سوريا قبل موعد محدد، والا استهداف قواته لدى مهاجمتها قوات المعارضة السورية المدعومة من اميركا».
اما اذا لم ينسحب الحزب فـ«على اميركا ان تستعد لمهاجمة «حزب الله» فور انتهاء مدة الانذار».
كلام من هذا القبيل يتردد داخل قوى لبنانية معينة، في حين يبلغ مستشار للحريري قطباً سياسيا «الجنرال في القصر بشروطنا»!!
الجمهورية :
على وقعِ عودة التصعيد بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، على خلفية الكلام الأخير للأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله الذي سيتحدّث مجدّداً في 13 الجاري في «يوم الانتصار» من بنت جبيل، ينطلق الحوار الوطني بين قادة الكتل النيابية اليوم، على مدى ثلاثة أيام في عين التينة، والنتائج المتوقّعة منه، حسبما يقول راعيه ومديره رئيس مجلس النواب نبيه برّي، «تُراوح بين صفر في المئة ومئة في المئة». لكنّ برّي لا يَعتبر هذا الحوار فرصةً أخيرة، بل فرصة مهمّة ينبغي اقتناصها إذا تَحمّلَ أطراف الحوار مسؤوليّاتهم الكاملة للوصول إلى الحلول الشاملة المرجوّة على طريقة مؤتمر الدوحة عام 2008.
يترقّب الجميع ما ستؤول إليه جلسات الحوار الثلاثية اليوم وغداً وبعد غد، والتي ستناقش «السلّة الشاملة» أو ما اصطُلح على تسميته «الدوحة اللبنانية» والمتضمّنة: انتخاب رئيس جمهورية والاتفاق على الحكومة رئيساً وتركيبةً وبياناً وزارياً وإقرار قانون انتخاب جديد وإجراء الانتخابات النيابية مبكرةً أو في موعدها، على أن تُجرى على اساس قانون الستّين إذا أخفقت محاولات الاتفاق على قانون جديد.
مصادر عين التينة
وقالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» إنّ مسار النقاشات على طاولة الحوار غير واضح، مشيرةً الى انّ بري سيفتتح النقاش في كلّ الاتجاهات، في محاولة منه لتحقيق اختراق انطلاقاً من قانون الانتخاب، في اعتبار انّه يمكن ان يشكّل مدخلاً للحلّ.
ولفتَت الى ان «لا برنامج محدداً للخلوة الحوارية، وإلى انّ اليوم الاوّل سيحدّد مصير الجلسات التالية، علماً انّ برّي أراد من الثلاثية الحوارية المكثّفة ان تعطي فرصة محلية في التوصل الى حل، وإلّا سيكون الافرقاء السياسيون قد ذهبوا بأنفسهم الى تسليم مصيرهم للرياح الخارجية».
مصادر متابعة
وقالت مصادر متابعة للاتصالات التي سَبقت جلسات الحوار لـ»الجمهورية» إنّ بري اكّد في كل اللقاءات الاخيرة التي عَقدها إصرارَه على إحداث اختراق، وأبلغَ الى المعنيين ان لعلّ ما يقوم به هو محاولة اخيرة لإنجاز تسوية محلية، وقد أراد مِن خلال اللقاءات المعلنة وغير المعلنة والاتصالات تصويبَ الاهداف للدخول الى الجلسة الاولى أقلّه برؤية واضحة، على اساسها يتمّ النقاش حتى لو لم يصل الى توحيد الاهداف، وسيَضع المتحاورين أمام خيارين: إمّا ان يكون الحلّ من الأسفل الى الأعلى أو من الأعلى الى الأسفل، اي إمّا السلة الكاملة أو قانون انتخاب».
وعلمت «الجمهورية» انّ بري سيَرصد أجواء الجلسة الاولى لتحديد مصير الجلسات الاخرى، فإذا لم يتلمّس نيّات صادقة وجدّية في التوصل الى حل للأزمة أو أقلّه الاتفاق على نقطة من النقاط الخلافية، فسيتّجه إلى تقليص عدد الجلسات الحوارية، لأنّ فتح طاولة الحوار امام العراضات والمواقف المعروفة سيؤدي الى تضييع الوقت والهدف.
برّي
ورأى بري أنّ أمام المتحاورين بما يمثّلون من قوى سياسية أساسية فرصة للتوصّل الى الحل الشامل، لأنّ الوضع البيئي والمالي والاقتصادي والسياسي وحتى الأمني بات لا يتحمّل استمرار التعطيل القائم في مؤسسات الدولة، فلا رئيس جمهورية موجود، ولا الحكومة تستطيع ان تعيّن حاجباً وليس موظفاً في أيّ إدارة، واللجان النيابية بدأت تتعطّل جلساتها، خصوصاً مع دخول البلاد في حوار الانتخابات النيابية».
وأضاف: «أمّا الوضع الاقليمي فينتظر ان تكون له تداعياته الكبيرة على لبنان والمنطقة بعدما حصَل في تركيا وما يجري الآن من تحضير لمعركة حلب، ناهيك بالأزمات الاخرى في العراق واليمن والبحرين وغيره، وكلّ هذه المعطيات يصادف انّها تطرح نفسَها بقوة قبل انتخابات الرئاسة الاميركية مطلعَ تشرين الثاني المقبل، فإذا لم نتّفق على حلّ ونبدأ تنفيذه بانتخاب رئيس جمهورية فإنّه سيكون علينا الانتظار ستّة أشهر بدءاً من انتخاب الرئيس الاميركي الجديد وانصرافه الى تكوين إدارته، ما سيستغرق إنجازه حتى صيف 2017». (راجع صفحة 4)
سلام
وقالت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام، العائد من زيارة عائلية في الخارج، لـ«الجمهورية» إنّه سيشارك الى جانب جميع المدعوّين الى طاولة الحوار في اجتماعاتها المفتوحة اليوم، بروح منفتحة، مع الاستعداد لمناقشة كلّ ما هو مطروح»، ونَقلت عن سلام تشديدَه على أهمية «أن تُجري هذه الجلسات مقاربة جديدة تنتهي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فتقفل نصفَ المشكلات التي نعاني منها اليوم».
الحريري
وعشية انعقاد جلسات الحوار الوطني، ترَأس الرئيس سعد الحريري عصر أمس في «بيت الوسط» اجتماعاً لكتلة «المستقبل» النيابية، في حضور الرئيس فؤاد السنيورة وأعضاء الكتلة، وتناوَل البحث الأوضاع العامة.
ولاحقاً التقى الحريري رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه وزير الصحة وائل أبو فاعور، في حضور النائب السابق غطاس خوري، وجرى عرض للأوضاع العامة وآخَر التطورات، وذلك في ضوء زيارة الحريري لبرّي أمس الأوّل.
اللواء :
عشية انطلاق ثلاثية الحوار اليوم تراجعت التوقعات حول إمكانية تحقيق تقدّم جدي في مسار الأزمة، نتيجة النقاشات التي ستشهدها الطاولة على مدى ثلاثة أيام، وذلك بسبب عدم حصول أي تقارب في المواقف بين الأطراف المعنية من الاستحقاق الرئاسي، حيث بقي كل طرف على موقفه منذ آخر جلسة لهيئة الحوار في حزيران الماضي، خاصة بالنسبة لتيار «المستقبل» وحلفائه الذين يؤيدون ترشيح النائب سليمان فرنجية، وكذلك الأمر بالنسبة لـ«حزب الله» وحلفائه الذين يعلنون تمسكهم بترشيح العماد ميشال عون، دون اتخاذ أي موقف على الأرض لتأمين انتخابه، كما يقول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ولم تستبعد بعض الأوساط المطلعة على الأجواء المرافقة لانعقاد طاولة الحوار اليوم ان يُبادر الرئيس نبيه برّي إلى اختصار جلسات الأيام الثلاثة، في حال لم تفلح مساعيه في التوصّل إلى صيغة مقبولة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، أو على الأقل تنظيم الخلافات حول الملفات الرئيسية الأخرى، وفي مقدمها التعيينات الأمنية وأزمة النفايات وملف النفط والغاز.
وفي تقدير مصادر سياسية ان أولى جلسات الحوار اليوم من شأنها ان تقدّم صورة اولية عن أجواء حوار اليومين المقبلين، في اتجاه الاستمرار أو الاختصار، مشيرة إلى ان المواقف التي سبقت فرملت الرغبات في إخفاء صيغة للتفاهم على بنود جدول الأعمال، مع العلم ان الاتفاق يوصل إلى حوار جدي، وعدم الاتفاق سيؤدي حتماً إلى اللاحوار.
وتوقعت المصادر نفسها ان تكون هناك مداخلات أبرزها للرئيس برّي حول ما يمكن ان يبحث، والهدف من ثلاثية الحوار، مؤكدة ان معظم الأفرقاء متجاوبون مع دعوة برّي للتلاقي، لكن أي إشارة بتطبيق ذلك من خلال اتفاق أو تفاهم من المستبعد ان يحصل، خصوصاً مع احتدام التوتر الإقليمي، مصحوباً بتوتر داخلي عكسته المواقف الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الذي ضخ في خطابه الأخير كمية من القنابل رماها في وجه الجميع، على حدّ تعبير مصدر مستقبلي.
ولم تستبعد المصادر السياسية ان تطرح أفكار حول ماهية البنود التي يمكن الاتفاق عليها، مع العلم ان أياً من المتحاورين ليس في جو ما يمكن ان يتم تداوله حول ما يعرف «بالسلة»، خصوصاً وأن هناك من يعتبر ان بنود جدول أعمال الحوار هي السلة، لكن ما طبيعة هذه السلة وإلى ماذا ترمي لا أحد يعرف، بحسب أحد نواب كتلة «المستقبل» الذي أوضح لـ«اللواء» ان موضوع السلة لم يتم مقاربتها في اجتماع الكتلة الاستثنائي، أمس، والذي انعقد برئاسة الرئيس سعد الحريري، من دون ان يخرج ببيان.
وفي السياق نفسه، اشارت هذه المصادر إلى ان هناك ترقباً أيضاً لحضور القيادات لجهة من يُشارك ومن يغيب، وايضاً لجهة التمني على الأقطاب المشاركة في جلسات الحوار، بحسب ما جاء في بيان حزب الكتائب، علماً ان معلومات تمّ تداولها أمس، تحدثت بأن الرئيس برّي تمنى على الرئيس الحريري خلال لقائهما مساء أمس الأوّل حضور الحوار اليوم، فأجابه بأنه يحضر إذا حضر السيّد نصر الله.
ورفضت المصادر الجزم بحضور رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد عون جلسة الحوار اليوم، رغم ان مصادر مقربة منه كانت اوحت بذلك قبل التصريح الأخير للنائب فرنجية، والذي وصف بأنه قضى على آمال عون بالوصول إلى الرئاسة.
جنبلاط في «بيت الوسط»
مهما كان من أمر، فقد سجل عشية التئام طاولة الحوار، حدثان استأثرا بالاهتمام، تمثل الأوّل بزيارة رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ«بيت الوسط» حيث استقبله الرئيس الحريري في حضور النائب السابق غطاس خوري.
ومع ان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري اكتفى بأنه جرى في اللقاء عرض للأوضاع العامة وآخر التطورات، فإن مصادر معنية في الحزب التقدمي الاشتراكي لفتت إلى ان اللقاء هدف إلى تنقية الأجواء بين الزعيمين من الغيوم الباردة التي صاحبت العلاقة بينهما نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة وأزمة النفايات في إقليم الخروب، بالإضافة إلى البحث في الاستحقاق الرئاسي في ضوء المواقف الأخيرة لجنبلاط التي احدثت نوعاً من الانعطافة باتجاه احتمال تأييد النائب عون، مع ان أوساط الأخير حرصت على التأكيد بأن ما يهمه هو الرئاسة وليس شخص الرئيس.
وفي معلومات «اللواء» ان جنبلاط حضر إلى «بيت الوسط» فيما كان الرئيس الحريري مجتمعاً إلى نواب الكتلة، والذين حضروا جميعهم باستثناء النائب سيبوه كلبكيان بسبب وجوده في استراليا.
على ان اللافت لهذا الاجتماع الاستثنائي للكتلة والذي حضره الرئيس فؤاد السنيورة، هو ابقاء مداولاته بعيداً عن الإعلام، حيث لم يصدر عنه أي بيان يشي بطبيعة المداولات ال&